الأدلة
النبوية الدالة على ظهور الإسلام وسيادته
فلتعلم أخي المسلم أن بين يديَّ أحاديث نبوية كثيرة دالة بدلالة قاطعة على ظهور هذا الدين على سائر الأديان مجدداً، ومن ثم سيادته وهيمنته عليها، وفيما يأتي أذكر بعضها
مما فتح الله عز وجل عليَّ، معتمداً على شروحات العلماء قديماً وحديثاً لأجل أن أُقَرِّبُ الصورة لليائسين والمثبطين من انتصار الإسلام وعودته وظهوره:
1- فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ((بَدَأَ الإسْلامْ غَرِيبَاً، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبَاً، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ))[1]، وفي رواية أخرى: قيل:وَمَنْ الْغُرَبَاءُ؟، قَالَ: ((النُّزَّاعُ مِنْ الْقَبَائِلِ))[2]، وفي رواية الطبراني: ((الَّذِين يُصْلِحُونَ عِنْدَ فَسَادِ النَّاسِ))[3]. وفي رواية: عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ الإسْلامْ َبَدَأَ غَرِيبَاً، وَسَيَعُودُ غَرِيبَاً كَمَا بَدَأَ، وَهُوَ يَأْرِزُ بَينَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَةُ فِي جُحْرِهَا))[4].
قال المباركفوري: (أي كما بدأ يعني أهل الدين في الأول كانوا غرباء ينكرهم الناس ولا يخالطونهم هكذا في الآخر (فطوبى للغرباء) أي أولاً وآخراً (الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي) أي يعلمون بها ويظهرونها بقدر طاقتهم)[5].
يقول الدكتور القرضاوي: (فالحديث ينبئ أن ضعف الإسلام في فترة من الفترات، ودورة من الدورات، ولكن سرعان ما ينهض من عثرته ويقوم من كبوته، ويخرج عن غربته كما فعل حين بدأ، فقد بدأ غريباً، ولكنه لم يستمر غريباً، لقد كان ضعيفاً ثم قوي مستخفياً ثم ظهر، محدوداً ثم انتشر مضطهداً ثم انتصر، وسيعود غريباً كما بدأ، ضعيفاً ليقوى، مطارداً ليظهر ثم يظهر على الدين كله، ملاحقاً مضطهداً لينتشر وينتشر ثم ينتصر وينتصر)[6].
إذن دلالة الحديث - كما يُستنبط من كلام العلماء - أن الإسلام له عودة شاملة ليس على مستوى العبادة والشعائر فحسب، إنما على مستوى تحكيمه وقيادته وولايته على العالم كما بدأ وترعرع في بدايته إلى أن أصبحت الشمس لا تغيب عن سمائه.
ويستفاد أيضاً من قوله صلى الله عليه وسلم: ((سيعود غريباً كما بدأ)) أي سيعود بنفس الإخلاص وبنفس العنفوان وبنفس القوة الإيمانية لرجاله - أي من طراز الجيل الأول بالصلابة وقوة الشكيمة - فهذا هو وعد الله، ووعده لن يتخلف إنما هو متحقق لا محالة بإذنه تعالى.
2- عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ))[7].
وعن جابر بن عبدالله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إلى يَوْمِ الْقِيامَةِ))، قالَ: ((فَيَنْزِلُ عِيسَى بنُ مَرْيمَ عليه السلام، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أمرَاءُ، تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الأُمَّةَ))[8].
وفي رواية أبي داود عمران بن حصين رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ، ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ، حَتَّى يُقَاتِلَ آخِرُهُمْ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ))[9] ، وفي رواية أحمد: ((حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَيَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيه السَّلامَ))[10]. ورواية مسلم: ((لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ، ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ إلى يَومِ الْقِيَامَةِ))[11].
وعند ابن ماجة بلفظ: ((لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ))[12]، وفي أوَّله عند الترمذي: ((إذا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ فَلا خَيْرَ فِيكُمْ، لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ))، قال محمد بن إسماعيل: (قال: علي بن المديني: هم أصحاب الحديث)[13].
وفي رواية البخاري عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يَزَالُ مِنْ أُمَّتي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمِرِ اللهِ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ الله وَهُمْ عَلَى ذلِكَ))، فقال مالك بن يخامر: قال معاذ: وهم بالشأم، فقال معاوية: هذا مالك يزعم أنه سمع معاذاً يقول: وهم بالشأم، وفي رواية ((مَا يَضُرُّهُمْ مَنْ كَذَّبَهُمْ))[14].
وروى مسلم وأحمد عن جابر بن سمرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لَنْ يَبْرَحَ هَذَا الدِّينَ قَائِماً يُقَاتِلُ عَلَيهِ عِصَابَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ))[15].
وروى مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بلفظ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ))[17].
أهل الغَرْب: قال علي بن المديني: (المراد بأهل الغَرْب: العرب، والمراد بالغرب: الدلو الكبير)[18].