عدد الضغطات : 9,099عدد الضغطات : 6,597عدد الضغطات : 6,318عدد الضغطات : 5,539
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز المراقب المميز المشرف المميز الموضوع المميز القسم المميز
قريبا
قريبا
قريبا

بقلم :
المنتدى الاسلامي العام

العودة   منتديات الحقلة > المنتدى الاسلامي > المنتدى الاسلامي العام

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الوجه الاخر لرجل الأعمال سعد التميمي (آخر رد :عميد القوم)       :: احذروا سوء الظن (آخر رد :ابو طراد)       :: من فوائد وفضائل الذكر (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: هل تريد نخلة في الجنة (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: وانت في مفترق الطرق تذكر... (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: غلط يقع فيه بعض المصلين (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: علماء الأزهر (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: رائعة جداً (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: ايمانيات (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: رحله العمر (آخر رد :فاطمة صلاح)      


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 20-07-2015   #11
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب صيد الخاطر



فصل الندم على ما فات

تأملت أحوال الفضلاء فوجدتهم - في الأغلب - قد بخسوا من حظوظ الدنيا ورأيت الدنيا - غالباً - في أيدي أهل النقائص‏.‏

فنظرت في الفضلاء فإذا هم يتأسفون على ما فاتهم مما ناله أولو النقص وربما تقطع بعضهم أسفاً على ذلك‏.‏

فخاطبت بعض المتأسفين فقلت له‏:‏ ويحك تدبر أمرك فإنك غالط من وجوه‏.‏

أحدها‏:‏ أنه إن كانت لك همة في طلب الدنيا فاجتهد في طلبها تربح التأسف على فوتها فإن والثاني‏:‏ أن الدنيا إنما تراد لتعبر لا لتعمر وهذا هو الذي يدلك عليه علمك ويبلغه فهمك‏.‏

وما يناله أهل النقص من فضولها يؤذي أبدانهم وأديانهم‏.‏

فإذا عرفت ذلك ثم تأسفت على فقد ما فقده أصلح لك وكان تأسفك عقوبة لتأسفك على ما تعلم المصلحة في بعده فاقنع بذلك عذاباً عاجلاً إن سلمت من العذاب الآجل‏.‏

والثالث‏:‏ أنك قد علمت بخس حظ الآدمي في الجملة من مطاعم الدنيا ولذاتها بالإضافة إلى الحيوان البهيم‏.‏

لأنه ينال ذلك أكثر مقداراً مع أمن وأنت تناله مع خوف وقلة مقدار‏.‏

فإذا ضوعف حظك من ذلك كان ذلك لاحقاً بالحيوان البهيم من جهة أنه يشغله ذلك عن تحصيل الفضائل‏.‏

وتخفيف المؤن يحث صاحبه على نيل المراتب‏.‏

فإذا آثرت - مع قلة الفضول - الفضول عدت على ما علمت بالإزراء فشنت علمك ودللت على اختلاط رأيك‏.‏


 

قديم 20-07-2015   #12
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب صيد الخاطر



فصل أسباب الخطأ

تأملت إقدام العلماء على شهوات النفس المنهي عنها فرأيتها مرتبة تزاحم الكفر لولا تلوح فمنهم‏:‏
جاهل بالمحظور أنه محظور فهذا له نوع عذر‏.‏

ومنهم‏:‏ من يظن المحظور مكروهاً لا محرماً فهذا قريب من الأول‏.‏

وربما دخل في هذا القسم آدم صلى الله عليه وسلم‏.‏

ومنهم‏:‏ من يتأول فيغلط كما يقال‏:‏ إن آدم عليه الصلاة والسلام‏.‏

نهي عن شجرة بعينها فأكل من جنسها لا من عينها‏.‏

ومنهم‏:‏ من يعلم التحريم غير أن غلبات الشهوة أنسته تذكر ذاك فشغله ما رأى عما يعلم‏.‏

ولهذا لا يذكر السارق القطع بل يغيب بكليته في نيل الحظ‏.‏

ولا يذكر راكب الفاحشة الفضيحة ولا الحد لأن ما يرى يذهله عما يعلم‏.‏

ومنهم‏:‏ من يعلم الخطر ويذكره‏.‏

غير أن بالحزم أولى بالعاقل كيف وقد علم أن هذا الملك الحكيم قطع اليد في ربع دينار وهدم بناء الجسم المحكم بالرجم بالحجارة لالتذاذ ساعة‏.‏

وخسف ومسخ وأغرق‏.‏


 

قديم 20-07-2015   #13
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب صيد الخاطر



فصل ضرورة الجزاء

من تأمل أفعال البارىء سبحانه رآها على قانون العدل وشاهد الجزاء مرصداً ولو بعد حين‏.‏

فلا ينبغي أن يغتر مسامح فالجزاء قد يتأخر‏.‏

ومن أقبح الذنوب التي قد أعد لها الجزاء العظيم الإصرار على الذنب ثم يصانع صاحب باستغفار وصلاة وتعبد وعنده أن المصانعة تنفع‏.‏

وأعظم الخلق اغتراراً من أتى ما يكرهه الله‏.‏

وطلب منه ما يحبه هو كما روي في الحديث‏:‏ ‏"‏ والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ‏"‏‏.‏

ومما ينبغي للعاقل أن يترصد وقوع الجزاء فإن ابن سيرين قال‏:‏ عيرت رجلاً فقلت‏:‏ يا مفلس فأفلست بعد أربعين سنة‏.‏

وقال ابن الجلا‏:‏ رآني شيخ لي وأنا أنظر إلى أمرد فقال‏:‏ ما هذا لتجدن غبها فنسيت القرآن بعد أربعين سنة‏.‏

وبالضد من هذا كل من عمل خيراً أو صحح نية فلينتظر جزاءها الحسن وإن امتدت المدة‏.‏

قال الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ إِنَّه مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ‏"‏‏.‏

وقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ من غض بصره عن محاسن امرأة أثابه الله إيماناً يجد حلاوته في فليعلم العاقل أن ميزان العدل لا يحابى‏.‏


 

قديم 20-07-2015   #14
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب صيد الخاطر



فصل حقائق الحياة بين العلم والجهل

تأملت أحوال الصوفية والزهاد فرأيت أكثرها منحرفاً عن الشريعة بين جهل بالشرع وابتداع بالرأي‏.‏

يستدلون بآيات لا يفهمون معناها وبأحاديث لها أسباب وجمهورها لا يثبت‏.‏

فمن ذلك أنهم سمعوا في القرآن العزيز‏:‏ ‏"‏ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ ‏"‏ ‏"‏ اعلَمْوا أنَّما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ ‏"‏ ثم سمعوا في الحديث‏:‏ ‏"‏ للدنيا أهون على الله من شاة ميتة على أهلها ‏"‏ فبالغوا في هجرها من غير بحث عن حقيقتها‏.‏

وذلك أنه ما لم يعرف حقيقة الشيء فلا يجوز أن يمدح ولا أن يذم‏.‏

فإذا بحثنا عن الدنيا رأينا هذه الأرض البسيطة التي جعلت قراراً للخلق تخرج منها أقواتهم ويدفن فيها أمواتهم‏.‏

ومثل هذا لا يذم لموضع المصلحة فيه‏.‏

ورأينا ما عليها من ماء وزرع وحيوان كله لمصالح الآدمي وفيه حفظ لسبب بقائه‏.‏

وما كان سبباً لبقاء العارف العابد يمدح ولا يذم‏.‏

فبان لنا أن الذم إنما هو لأفعال الجاهل أو العاصي في الدنيا‏.‏

فإنه إذا اقتنى المال المباح وأدى زكاته لم يلم‏.‏

فقد علم ما خلف الزبير وابن عوف وغيرهما وبلغت صدقة علي - رضي الله عنه - أربعين ألفاً‏.‏

وخلف ابن مسعود‏:‏ تسعين ألفاً وكان الليث بن سعد يستغل كل سنة عشرين ألفاً وكان سفيان يتجر بمال وكان ابن مهدي يستغل كل سنة ألفي دينار‏.‏

وإن أكثر من النكاح والسراري كان ممدوحاً لا مذموماً فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم زوجات وسراري وجمهور الصحابة كانوا على الإكثار من ذلك‏.‏

وكان لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أربع حرائر وسبع عشرة أمة‏.‏

وتزوج ولده الحسن نحواً من أربعمائة‏.‏

فإن طلب التزوج للأولاد فهو الغاية في التعبد وإن أراد التلذذ فمباح يندرج فيه من التعبد ما لا يحصى من إعفاف نفسه والمرأة إلى غير ذلك‏.‏

وقد أنفق موسى - عليه السلام - من عمره الشريف عشر سنين في مهر ابنة شعيب‏.‏

فلولا أن النكاح من أفضل الأشياء لما ذهب كثير من زمان الأنبياء فيه وقد قال ابن عباس وكان يطأ جارية له وينزل في أخرى‏.‏

وقالت سرية الربيع بن خيثم‏:‏ كان الربيع يعزل‏.‏

وأما المطعم فالمراد منه تقوية هذا البدن لخدمة الله عز وجل وحق على ذي الناقة أن يكرمها لتحمله‏.‏

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

يأكل ما وجد فإن وجد اللحم أكله ويأكل لحم الدجاج وأحب الأشياء إليه الحلوى والعسل وما نقل عنه أنه امتنع من مباح‏.‏

وجيء علي رضي الله عنه بفالوذج فأكل منه وقال‏:‏ ما هذا قالوا‏:‏ يوم النوروز فقال‏:‏ نوروزنا كل يوم‏.‏

وإنما يكره الأكل فوق الشبع واللبس على وجه الاختيال والبطر‏.‏

وقد اقتنع أقوام بالدون من ذلك لأن الحلال الصافي لا يكاد يمكن فيه تحصيل المراد وإلا فقد لبس النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ حلة اشتريت له بسبعة وعشرين بعيراً‏.‏

وكان لتميم الداري‏:‏ حلة اشتريت بألف درهم يصلي فيها بالليل‏.‏

فجاء أقوام فأظهروا التزهد وابتكروا طريقة زينها لهم الهوى ثم تطلبوا لها الدليل‏.‏

وإنما ينبغي للإنسان أن يتبع طريقاً ويتطلب دليلها‏.‏

يتناول في خلواته الشهوات وينعكف على اللذات‏.‏

ويري الناس بزيه أنه متصوف متزهد وما تزهد إلا القميص وإذا نظر إلى أحواله فعنده كبر فرعون‏.‏

ومنهم‏:‏ سليم الباطن إلا أنه في الشرع جاهل‏.‏

ومنهم‏:‏ من تصدر وصنف فاقتدى به الجاهلون في هذه الطريقة وكانوا كعمي اتبعوا أعمى‏.‏

ولو أنهم تلمحوا للأمر الأول الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم لما ذلوا‏.‏

ولقد كان جماعة من المحققين لا يبالون بمعظم في النفوس إذا حاد عن الشريعة بل يوسعونه لوماً‏.‏

فنقل عن أحمد أنه قال له المروزي‏:‏ ما تقول في النكاح فقال‏:‏ سنة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

فقال‏:‏ فقد قال إبراهيم‏.‏

قال‏:‏ فصاح بي وقال‏:‏ جئتنا ببنيات الطريق وقيل له‏:‏ إن سريا السقطي قال‏:‏ لما خلق الله تعالى الحروف وقف الألف وسجدت الباء فقال‏:‏ نفروا الناس عنه‏.‏

واعلم أن المحقق لا يهوله اسم معظم كما قال رجل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه‏:‏ أتظن أنا نظن أن طلحة والزبير كانا على الباطل فقال له‏:‏ إن الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق ولعمري إنه قد وقر في النفوس تعظيم أقوام فإذا نقل عنهم شيء فسمعه جاهل بالشرع قبله لتعظيمهم في نفسه‏.‏

كما ينقل عن أبي يزيد رضي الله عنه أنه قال‏:‏ تراعنت علي نفسي فحلفت لا أشرب الماء سنة‏.‏

وهذا إذا صح عنه كان خطأ قبيحاً وزلة فاحشة لأن الماء ينفذ الأغذية إلى البدن ولا يقوم مقامه شيء‏.‏

فإذا لم يشرب فقد سعى في أذى بدنه‏.‏

وقد كان يستعذب الماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

أفترى هذا فعل من يعلم أن نفسه ليست له وأنه لا يجوز التصرف فيها إلا عن إذن مالكها‏.‏

وكذلك ينقلون عن بعض الصوفية أنه قال‏:‏ سرت إلى مكة على طريق التوكل حافياً فكانت الشوكة تدخل في رجلي فأحكها بالأرض ولا أرفعها وكان علي مسح فكانت عيني إذا المتنبي أدلكها بالمسح فذهبت إحدى عيني‏.‏

وأمثال هذا كثير وربما حملها القصاص على الكرامات وعظموها عند العوام فيخايل لهم أن فاعل هذا أعلى مرتبة من الشافعي وأحمد‏.‏

ولعمري إن هذا من أعظم الذنوب وأقبح العيوب لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏"‏ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ‏"‏‏.‏

وقد طلب أبو بكر رضي الله عنه في طريق الهجرة للنبي صلى الله عليه وسلم ظلاً حتى رأى صخرة ففرش له في ظلها‏.‏

وقد نقل عن قدماء هذه الأمة بدايات هذا التفريط وكان سببه من وجهين‏.‏

أحدهما‏:‏ الجهل بالعلم والثاني‏:‏ قرب العهد بالرهبانية‏.‏

وقد كان الحسن يعيب فرقد السنجي ومالك بن دينار في زهدهما فرئي عنده طعام فيه لحم فقال‏:‏ لا رغيفي مالك ولا صحنا فرقد‏.‏

ورأى على فرقد كساء فقال‏:‏ يا فرقد إن أكثر أهل النار أصحاب الأكسية‏.‏

وكم قد زوق قاص مجلسه بذكر أقوام خرجوا إلى السياحة بلا زاد ولا ماء وهو لا يعلم أن هذا من أقبح الأفعال وأن الله تعالى لا يجرب عليه‏.‏

فربما سمعه جاهل من التائبين فخرج فمات في الطريق فصار للقائل نصيب من إثمه‏.‏

وكم يروون عن ذي النون‏:‏ أنه لقي امرأة في السياحة فكلمها وكلمته وينسون الأحاديث الصحاح‏:‏ لا يحل لامرأة أن تسافر يوماً وليلة إلا بمحرم‏.‏

وكم ينقلون‏:‏ أن أقواماً مشوا على الماء قد قال إبراهيم الحربي‏:‏ لا يصح أن أحداً مشى على الماء قط‏.‏

فنقول‏:‏ لسنا من المنكرين لها بل نتبع ما صح والصالحون هم الذين يتبعون الشرع ولا يتعبدون بآرائهم‏.‏

وفي الحديث‏:‏ إن بني إسرائيل شددوا فشدد الله عليهم‏.‏

وكم يحثون على الفقر حتى حملوا خلقاً على إخراج أموالهم ثم آل بهم الأمر إما إلى التسخط عند الحاجة وإما إلى التعرض بسؤال الناس‏.‏

وكم تأذى مسلم بأمرهم الناس بالتقلل‏!‏ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ثلث طعام وثلث شراب وثلث نفس فما قنعوا حتى أمروا بالمبالغة في التقلل‏.‏

فحكى أبو طالب المكي في ‏"‏ قوت القلوب ‏"‏‏:‏ أن فيهم من كان يزن قوته بكربة رطبة ففي كل ليلة يذهب من رطوبتها قليل وكنت أنا ممن اقتدى بقوله في الصبا فضاق المعي وأوجب ذلك مرض سنين‏.‏

أفترى هذا شيئاً تقتضيه الحكمة أو ندب إليه الشرع‏.‏

وإنما مطية الآدمي قواه فإذا سعى في تقليلها ضعف عن العبادة‏.‏

ولا تقولن‏:‏ الحصول على الحلال المحض مستحيل لذلك وجب الزهد تجنباً للشبهات فإن المؤمن حسبه أن يتحرى في كسبه هو الحلال ولا عليه من الأصول التي نبتت من هذه الأموال‏.‏

أفتريد حلالاً على معنى أن الحبة من الذهب لم تنتقل - مذ خرجت من المعدن على وجه لا يجوز‏.‏

فهذا شيء لم ينظر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

أوليس قد سمعت أن الصدقة عليه حرام فلما تصدق على بريرة بلحم فأهدته جاز له أكل تلك العين لتغير الوصف‏.‏

وقد قال أحمد بن حنبل‏:‏ أكره التقلل من الطعام فإن أقواماً فعلوه فعجزوا عن الفرائض‏.‏

وهذا صحيح فإن المتقلل لا يزال يتقلل إلى أن يعجز عن النوافل ثم الفرائض ثم يعجز عن مباشرة أهله وإعفافهم وعن بذل القوى في الكسب لهم وعن فعل خير قد كان يفعله‏.‏

ولا يهولنك ما تسمعه من الأحاديث التي تحث على الجوع فإن المراد بها إما الحث على الصوم وإما النهي عن مقاومة الشبع‏.‏

فأما تنقيص المطعم على الدوام فمؤثر في القوى فلا يجوز‏.‏

ثم في هؤلاء المذمومين من يرى هجر اللحم والنبي صلى الله عليه وسلم كان يود أن يأكله كل يوم‏.‏

واسمع مني بلا محاباة‏.‏

لا تحتجن علي بأسماء الرجال فتقول‏:‏ قال بشر وقال إبراهيم بن أدهم فإن من احتج بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه - رضوان الله عليهم - أقوى أن لأفعال أولئك وجوهاً نحملها عليهم بحسن الظن‏.‏

ولقد ذاكرت بعض مشايخنا ما يروى عن جماعة من السادات أنهم دفنوا كتبهم فقلت له‏:‏ ما وجه هذا‏.‏

فقال‏:‏ أحسن ما نقول أن نسكت يشير إلى أن هذا جهل من فاعله‏.‏

وتأولت أنا لهم‏:‏ فقلت‏:‏ ما دفنوا من كتبهم فيه شيء من الرأي فما رأوا أن يعمل الناس به‏.‏

ولقد روينا في الحديث عن أحمد بن أبي الحواري‏:‏ أنه أخذ كتبه فرمى بها في البحر‏:‏ وقال نعم الدليل كنت‏!‏ ولا حاجة لنا إلى الدليل بعد الوصول إلى المدلول‏.‏

وهذا - إذا أحسنا به الظن - قلنا‏:‏ كان فيها من كلامهم ما لا يرتضيه‏.‏

فأما إذا كانت علوماً صحيحة كان هذا من أفحش الإضاعة وأنا وإن تأولت لهم هذا فهو تأويل صحيح في حق العلماء منهم لأنا قد روينا عن سفيان الثوري‏:‏ أنه قد أوصى بدفن كتبه وكان ندم على أشياء كتبها عن قوم وقال‏:‏ حملني شهوة الحديث - وهذا لأنه كان يكتب عن الضعفاء والمتروكين فكأنه لما عسر عليه التمييز أوصى بدفن الكل‏.‏

وكذلك من كان له رأي من كلامه ثم رجع عنه جاز أن يدفن الكتب التي فيها ذلك فهذا وجه التأويل للعلماء‏.‏

فأما المتزهدون الذين رأوا صورة فعل العلماء ودفنوا كتباً صالحة لئلا تشغلهم عن التعبد فإنه جهل منهم‏.‏

لأنهم شرعوا في إطفاء مصباح يضيء لهم مع الإقدام على تضييع مال لا يحل تضييعه‏.‏

ومن جملة من عمل بواقعة دفن كتب العلم يوسف بن أسباط ثم لم يصبر عن التحديث فخلط فعد في الضعفاء‏.‏

أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال‏:‏ أخبرنا محمد بن المظفر الشامي قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال‏:‏ حدثنا يوسف بن أحمد قال‏:‏ حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال‏:‏ حدثنا محمد بن عيسى قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن خالد الخلال‏.‏

قال‏:‏ سمعت شعيب بن حرب يقول‏:‏ قلت ليوسف بن أسباط‏:‏ كيف صنعت بكتبك قال‏:‏ جئت إلى الجزيرة فلما نضب الماء دفنتها حتى جاء الماء عليها فذهبت‏.‏

قلت‏:‏ ما حملك على ذلك قال‏:‏ أردت أن يكون الهم هماً واحداً‏.‏

قال العقيلي‏:‏ وحدثني آدم قال‏:‏ سمعت البخاري قال‏:‏ قال صدقة‏:‏ دفن يوسف بن أسباط قال المؤلف قلت‏:‏ الظاهر أن هذه كتب علم ينفع ولكن قلة العلم أوجبت هذا التفريط الذي قصده به الخير وهو شر‏.‏

فلو كانت كتبه من جنس كتب الثوري فإن فيها‏.‏

عن ضعفاء ولم يصح له التمييز قرب الحال‏.‏

إنما تعليله بجمع الهم هو الدليل على أنها ليست كذلك فانظر إلى قلة العلم ماذا تؤثر مع أهل الخير‏.‏

ولقد بلغنا في الحديث عن بعض من نعظمه ونزوره أنه كان على شاطىء دجلة فبال ثم تيمم فقيل له الماء قريب منك فقال‏:‏ خفت أن لا أبلغه‏!‏‏!‏‏.‏

وهذا وإن كان يدل على قصر الأمل إلا أن الفقهاء إذا سمعوا عنه مثل هذا الحديث تلاعبوا به من جهة أن التيمم إنما يصح عند عدم الماء‏.‏

فإذا كان الماء موجوداً كان تحريك اليدين بالتيمم عبثاً‏.‏

وليس من الضروري وجود الماء أن يكون إلى جانب المحدث بل لو كان على أذرع كثيرة كان موجوداً فلا فعل للتيمم ولا أثر حينئذ‏.‏

ومن تأمل هذه الأشياء علم أن فقيهاً واحداً - وإن قل أتباعه وخفت إذا مات أشياعه - أفضل من ألوف تتمسح العوام بهم تبركاً ويشيع جنائزهم ما لا يحصى‏.‏

نعوذ بالله من الجهل وتعظيم الأسلاف تقليداً لهم بغير دليل‏!‏‏.‏

فإن من ورد المشرب الأول رأى سائر المشارب كدرة‏.‏

والمحنة العظمى مدائح العوام فكم غرت‏.‏

كما قال علي رضي الله عنه‏:‏ ما أبقى خفق النعال وراء الحمقى من عقولهم شيئاً‏.‏

ولقد رأينا وسمعنا من العوام أنهم يمدحون الشخص فيقولون‏:‏ لا ينام الليل ولا يفطر النهار ولا يعرف زوجة ولا يذوق من شهوات الدنيا شيئاً قد نحل جسمه ودق عظمه حتى إنه يصلي قاعداً فهو خير من العلماء الذي يأكلون ويتمتعون‏.‏

ذلك مبلغهم من العلم ولو فقهوا علموا أن الدنيا لو اجتمعت في لقمة فتناولها عالم يفتي عن الله ويخبر بشريعته كانت فتوى واحدة منه يرشد بها إلى الله تعالى خيراً وأفضل من عبادة ذلك العابد باقي عمره‏.‏

وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ فقيه واحد أشد على إبليس من ألف عابد‏.‏

ومن سمع هذا الكلام فلا يظنن أنني أمدح من لا يعمل بعلمه‏.‏

وإنما أمدح العالمين بالعلم وهم أعلم بمصالح أنفسهم‏.‏

فقد كان فيهم من يصلح على خشن العيش كأحمد بن حنبل‏.‏

وكان فيهم من يستعمل رقيق العيش كسفيان الثوري مع ورعه ومالك مع تدينه والشافعي مع قوة فقهه‏.‏

ولا ينبغي أن يطالب الإنسان بما يقوى عليه غيره فيضعف هو عنه‏.‏

فإن الإنسان أعرف بصلاح نفسه‏.‏

وقد قالت رابعة‏:‏ إن كان صلاح قلبك في الفالوذج فكله‏.‏

ولا تكونن أيها السامع ممن يرى صور الزهد‏.‏

فرب متنعم لا يريد التنعم وإنما يقصد المصلحة‏.‏

وليس كل بدن يقوى على الخشونة خصوصاً من قد لاقى الكد وأجهده الفكر أو أمضه الفقر فإنه إن لم يرفق بنفسه ترك واجباً عليه من الرفق بها‏.‏

فهذه جملة لو شرحتها بذكر الأخبار والمنقولات لطالت غير أني سطرتها على عجل حين جالت في خاطري والله ولي النفع برحمته‏.‏


 

قديم 20-07-2015   #15
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب صيد الخاطر



فصل حياة البرزخ

قد أشكل على الناس أمر النفس وماهيتها مع إجماعهم على وجودها ولا يضر الجهل بذاتها
ثم أشكل عليهم مصيرها بعد الموت ومذهب أهل الحق أن لها وجوداً بعد موتها وأنها تنعم وتعذب‏.‏

قال أحمد بن حنبل أرواح المؤمنين في الجنة وأرواح الكفار في النار‏.‏

وقد جاء في أحاديث الشهداء‏:‏ أنها في حواصل طير خضر تعلق من شجر الجنة‏.‏

وقد أخذ بعض الجهلة بظواهر أحاديث النعيم فقال‏:‏ إن الموتى يأكلون في القبور وينكحون‏.‏

والصواب من ذلك أن النفس تخرج بعد الموت إلى نعيم أو عذاب وأنها تجد ذلك إلى يوم القيامة‏.‏

فإذا كانت القيامة أعيدت إلى الجسد ليتكامل لها التنعم بالوسائط وقوله -
في حواصل طير خضر - دليل على أن النفوس لا تنال لذة إلا بواسطة‏.‏

إلا أن تلك اللذة لذة مطعم أو مشرب فأما لذات المعارف والعلوم فيجوز أن تنالها بذاتها مع عدم الوسائط‏.‏

والمقصود من هذا المذكور أني رأيت بعض الانزعاج من الموت وملاحظة النفس بعين العدم عنده فقلت لها‏:‏
إن كنت مصدقة للشريعة فقد أخبرت بما تعرفين ولا وجه للإنكار‏.‏

وإن كانت هناك ريب في أخبار الشريعة صار الكلام في بيان صحة الشريعة‏.‏

فقالت‏:‏ لا ريب عندي قلت‏:‏ فاجتهدي في تصحيح الإيمان وتحقيق التقوى وأبشري حينئذ بالراحة من ساعة الموت‏.‏

فإني لا أخاف عليك إلا من التقصير في العمل‏.‏

واعلمي أن تفاوت النعيم بمقدار درجات الفضائل فارتفعي بأجنحة
الجد إلى أعلى أبراجها واحذري من قانص هوى أو شرك غرة والله الموفق‏.‏


 

قديم 20-07-2015   #16
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب صيد الخاطر



فصل حيرة عالم

قلت يوماً في مجلسي‏:‏ لو أن الجبال حملت ما حملت لعجزت‏.‏

فلما عدت إلى منزلي قالت لي النفس‏:‏ كيف قلت هذا وربما أوهم الناس أن بك بلاء وأنت في عافية في نفسك وأهلك‏!‏‏!‏‏.‏

وهل الذي حمل إلا التكليف الذي يحمله الخلق كلهم فما وجه هذه الشكوى‏.‏

فأجبتها‏:‏ إني لما عجزت عما حملت قلت هذه الكلمة لا على سبيل الشكوى‏.‏

ولكن للاسترواح‏.‏

وقد قال كثير من الصحابة والتابعين قبلي‏:‏ ليتنا لم نخلق‏!‏‏.‏

ثم من ظن أن التكاليف سهلة فما عرفها‏.‏

أترى يظن الظان أن التكاليف غسل الأعضاء برطل من الماء أو الوقوف في محراب لأداء ركعتين هيهات‏!‏ هذا أسهل التكليف‏.‏

وإن التكليف هو الذي عجزت عنه الجبال ومن جملته‏:‏ أنني إذا رأيت القدر يجري بما لا يفهمه العقل ألزمت العقل الإذعان للمقدر فكان من أصعب التكليف‏.‏

وخصوصاً فيما لا يعلم العقل معناه كإيلام الأطفال وذبح الحيوان مع الاعتقاد بأن المقدر لذلك والآمر به أرحم الراحمين‏.‏

فهذا مما يتحير العقل فيه فيكون تكليفه التسليم وترك الاعتراض‏.‏

فكم بين تكليف البدن وتكليف العقل‏.‏

ولو شرحت هذا لطال غير أني أعتذر عما قلته فأقول عن نفسي وما يلزمني حال غيري‏.‏

إني رجل حبب إلي العلم من زمن الطفولة فتشاغلت به ثم لم يحبب إلي فن واحد منه بل فنونه كلها‏.‏

ثم لا تقتصر همتي في فن على بعضه بل أروم استقصاءه‏.‏

والزمان لا يسع والعمر أضيق والشوق يقوى والعجز يظهر فيبقى وقوف بعض المطلوبات ثم إن العلم دلني على معرفة المعبود وحثني على خدمته‏.‏

ثم صاحت بي الأدلة عليه إليه فوقفت بين يديه فرأيته في نعته وعرفته بصفاته‏.‏

وعاينت بصيرتي من ألطافه ما دعاني إلى الهيمان في محبته وحركني إلى التخلي لخدمته‏.‏

وصار يملكني أمر كالوجد كلما ذكرته فعادت خلوتي في خدمتي له أحلى عندي من كل حلاوة‏.‏

فكلما ملت إلى الانقطاع عن الشواغل إلى الخلوة صاح بي العلم أين تمضي‏.‏

أتعرض عني وأنا سبب معرفتك به‏.‏

فأقول له‏:‏ إنما كنت دليلاً وبعد الوصول يستغنى عن الدليل‏.‏

قال‏:‏ هيهات‏!‏ كلما زدت زادت معرفتك بمحبوبك وفهمت كيف القرب منه‏.‏

ودليل هذا أنك تعلم غداً أنك اليوم في نقصان‏.‏

أو ما تسمعه يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ‏"‏‏.‏

ثم ألست تبغي القرب منه فاشتغل بدلالة عباده عليه فهي حالات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام‏.‏

أما علمت أنهم آثروا تعليم الخلق على خلوات التعبد لعلمهم أن ذلك آثر عند حبيبهم‏.‏

أما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه‏:‏ لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم‏.‏

فلما فهمت صدق هذه المقالة تهوست على تلك الحالة وكلما تشاغلت بجمع الناس تفرق همي‏.‏

وإذا وجدت مرادي من نفعهم ضعفت أنا فأبقى في حيز التحير متردداً لا أدري على أي القدمين أعتمد‏.‏

فإذا وقفت متحيراً صاح العلم‏:‏ قم لكسب العيال وادأب في تحصيل ولد بذكر الله فإذا شرعت في ذلك قلص ضرع الدنيا وقت الحلب ورأيت باب المعاش مسدوداً في وجهي‏.‏

لأن صناعة العلم شغلتني عن تعلم صناعة‏.‏

فإذا التفت إلى أبناء الدنيا رأيتهم لا يبيعون شيئاً من سلعها إلا بدين المشتري‏.‏

وليت من نافقهم أو راءاهم نال من ديناهم بل ربما ذهب دينه ولم يحصل مراده‏.‏

فإن قال الضجر‏:‏ اهرب‏.‏

قال الشرع‏:‏ كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت‏.‏

وإن قال العزم‏:‏ انفرد قال‏:‏ فكيف بمن تعول‏.‏

فغاية الأمر أنني أشرع في التقلل من الدنيا وقد ربيت في نعيمها وغذيت بلبانها ولطف فإذا غيرت لباسي وخشنت مطعمي لأن القوت لا يحتمل الانبساط نفر الطبع لفراق العادة فحل المرض فقطع عن واجبات وأوقع في آنات‏.‏

ومعلوم أن لين اللقمة بعد التحصيل من الوجوه المستطابة ثم تخشينها لمن لم يألف سعي في تلف النفس‏.‏

فأقول‏:‏ كيف أصنع وما الذي أفعل‏.‏

وأخلو بنفسي في خلواتي وأتزيد من البكاء على نقص حالاتي‏.‏

وأقول‏:‏ أصف حال العلماء وجسمي يضعف عن إعادة العلم‏.‏

وحال الزهاد وبدني لا يقوى على الزهد‏.‏

وحال المحبين ومخالطة الخلق تشتت همي وتنقش صور المحبوبات من الهوى في نفسي فتصدأ مرآة قلبي‏.‏

وشجرة المحبة تحتاج إلى تربية في تربة طيبة لتسقى ماء الخلوة من دولاب الفكرة‏.‏

وإن آثرت التكسب لم أطق‏.‏

وإن تعرضت لأبناء الدنيا - مع أن طبعي الأنفة من الذل وتديني يمنعني - فلا يبقى للميل مع هذين الجاذبين أثر‏.‏

ومخالطة الخلق تؤذي النفس مع الأنفاس‏!‏‏!‏‏!‏‏.‏

ولا تحقيق التوبة أقدر عليه ولا نيل مرتبة من علم أو عمل أو محبة يصح لي‏.‏

فإذاً رأيتني كما قال القائل‏:‏ ألقاه في اليمّ مكتوفاً وقال له إيّاك إيّاك أن تبتلّ بالماء تحيرت في أمري وبكيت على عمري وأنادي في فلوات خلواتي بما سمعته من بعض العوام وكأنه وصف حالي‏:‏ واحسرتي كم أداري فيك تعثيري مثل الأسير بلا حبل ولا سيري ما حيلتي في الهوى قد ضاع تدبيري لما شكلت جناحي قلت لي طيري فصل طريق الفلاح تأملت أمر الدنيا والآخرة فوجدت حوادث الدنيا حسية طبعية وحوادث الآخرة إيمانية يقينية‏.‏

والحسيات أقوى جذباً لمن لم يقو علمه ويقينه‏.‏

والحوادث إنما تبقى بكثرة أسبابها فمخالطة الناس ورؤية المستحسنات والتعرض بالملذوذات يقوي حوادث الحس‏.‏

والعزلة والفكر والنظر في العلم يقوي حوادث الآخرة‏.‏

ويبين هذا بأن الإنسان إذا خرج يمشي في الأسواق ويبصر زينة الدنيا ثم دخل إلى المقابر فتفكر ورق قلبه فإنه يحس بين الحالتين فرقاً بيناً‏.‏

وسبب ذلك التعرض بأسباب الحوادث‏.‏

فعليك بالعزلة والذكر والنظر في العلم فإن العزلة حمية والفكر والعلم أدوية‏.‏

والدواء مع التخليط لا ينفع‏.‏

وقد تمكنت منك أخلاط المخالطة للخلق والتخليط في الأفعال فليس لك دواء إلا ما وصفت لك‏.‏

فأما إذا خالطت الخلق وتعرضت للشهوات ثم رمت صلاح القلب رمت الممتنع‏.‏

فصل أسباب الحرص تأملت حرص النفس على ما منعت منه فرأيت حرصها يزيد على قدر قوة المنع‏.‏

ورأيت في الشرب الأول أن آدم عليه السلام لما نهي عن الشجرة حرص عليها مع كثرة الأشجار المغنية عنها‏.‏

وفي الأمثال‏:‏ المرء حريص على ما منع وتواق إلى ما لم ينل‏.‏

وقالوا‏:‏ ما نهينا عنه إلا لشيء‏.‏

وقد قيل‏:‏ أحب شيء إلى الإنسان ما منعا فلما بحثت عن سبب ذلك وجدت سببين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن النفس لا تصبر على الحصر فإنه يكفي حصرها في صورة البدن فإذا حصرت في المعنى بمنع زاد طيشها‏.‏

ولهذا لو قعد الإنسان في بيته شهراً لم يصعب عليه‏.‏

ولو قيل له‏:‏ لا تخرج من بيتك يوماً طال عليه‏.‏

والثاني‏:‏ أنها يشق عليها الدخول تحت حكم ولهذا تستلذ الحرام ولا تكاد تستطيب المباح‏.‏

ولذلك يسهل عليها التعبد على ما ترى وتؤثره لا على ما يؤثر‏.‏


 

قديم 20-07-2015   #17
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب صيد الخاطر



فصل حقيقة العمل ودوافعه

ما زالت نفسي تنازعني بما يوجبه مجلس الوعظ وتوبة التائبين ورؤية الزاهدين‏.‏

إلى الزهد والانقطاع عن الخلق والانفراد بالآخرة‏.‏

فتأملت ذلك فوجدت عمومه من الشيطان فإن الشيطان يرى أنه لا يخلو لي مجلس من خلق لا يحصون يبكون ويندبون على ذنوبهم ويقوم في الغالب جماعة يتوبون ويقطعون شعور الصبا‏.‏

وربما اتفق خمسون ومائة‏.‏

ولقد تاب عندي في بعض الأيام أكثر من مائة‏.‏

وعمومهم صبيان قد نشأوا على اللعب والانهماك في المعاصي‏.‏

فكأن الشيطان لبعد غوره في الشر رآني أجتذب إلي من أجتذب منه فأراد أن يشغلني عن ذلك بما يزخرفه ليخلو هو بمن أجتذبهم من يده‏.‏

ولقد حسن إلي الانقطاع عن المجالس وقال‏:‏ لا يخلو من تصنع للخلق‏.‏

فقلت‏:‏ أما زخرفة الألفاظ وتزويقها وإخراج المعنى من مستحسن العبارة ففضيلة لا رذيلة‏.‏

وأما أن أقصد الناس بما لا يجوز في الشرع فمعاذ الله‏.‏

ثم رأيته يربني في التزهد قطع أسباب ظاهرة الإباحة - من الاكتساب‏.‏

فقلت له‏:‏ فإن طاب لي الزهد وتمكنت من العزلة فنفذ ما بيدي أو احتاج بعض عائلتي ألست أعود القهقرى‏.‏

فدعني أجمع ما يسد خلتي ويصونني عن مسألة الناس فإن مد عمري كان نعم السبب وإلا كان للعائلة‏.‏

ولا أكون كراكب أراق ماءه لرؤية سراب فلما ندم وقت الفوات لم ينتفع وإنما الصواب توطئة المضجع قبل النوم وجمع المال الساد للخلة الكبر أخذاً بالحزم‏.‏

وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ لأن تترك ورثتك أغنياء خير لك من أن تتركهم عالة يتكففون الناس وقال‏:‏ نعم المال الصاح للرجل الصالح‏.‏

وأما الانقطاع فينبغي أن تكون العزلة عن الشر لا عن الخير والعزلة عن الشر واجبة على كل حال‏.‏

وأما تعليم الطالبين وهداية المريدين فإنه عبادة العالم‏.‏

وإن من تفضيل بعض العلماء إيثاره التنفل بالصلاة والصوم عن تصنيف كتاب أو تعليم علم ينفع لأن ذلك بذر يكثر ريعه ويمتد زمان نفعه‏.‏

وإنما تميل النفس إلى ما يزخرفه الشيطان من ذلك لمعنيين‏.‏

أحدهما‏:‏ حب البطالة لأن الانقطاع عندها أسهل‏.‏

والثاني‏:‏ حب المدحة فإنها إذا توسمت بالزهد كان ميل العوام إليها أكثر‏.‏

فعليك بالنظر في الشرب الأول فكن مع الشرب المقدم‏.‏

وهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله تعالى عنهم‏.‏

فهل نقل عن أحد منهم ما ابتدعه جهلة المتزهدين والمتصوفة من الانقطاع عن العلم والانفراد عن الخلق‏.‏

إلا أن ينقطع من ليس بعالم بقصد الكف عن الشر فذاك في مرتبة المحتمي يخاف شر التخليط

فأما الطيب العالم بما يتناول فإنه ينتفع بما يناله‏.‏


 

قديم 20-07-2015   #18
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب صيد الخاطر



فصل بين العلم والعمل

تأملت المراد من الخلق فإذا هو الذل واعتقاد التقصير والعجز‏.‏

ومثلت العلماء والزهاد العاملين صنفين فأقمت في صف العلماء مالكاً وسفيان وأبا حنيفة والشافعي وأحمد وفي صف العباد مالك بن دينار ورابعة ومعروف الكرخي وبشر بن الحارث‏.‏

فكلما جد العباد في العبادة وصاح بهم لسان الحال‏.‏

عباداتكم لا يتعداكم نفعها وإنما يتعدى نفع العلماء وهم ورثة الأنبياء وخلفاء الله في الأرض هم الذين عليهم المعول ولهم الفضل إذا أطرقوا وانكسروا وعلموا صدق تلك الحال وجاء مالك بن دينار إلى الحسن يتعلم منه ويقول‏:‏ الحسن أستاذنا‏.‏

وإذا رأى العلماء أن لهم بالعلم فضلاً صاح لسان الحال بالعلماء‏:‏ وهل المراد من العلم إلا العمل وقال أحمد بن حنبل‏:‏ وهل يراد بالعلم إلا ما وصل إليه معروف وصح عن سفيان الثوري قال‏:‏ وددت أن يدي قطعت ولم أكتب الحديث‏.‏

وقالت أم الدرداء لرجل‏:‏ هل عملت بما علمت قال‏:‏ لا‏.‏

قالت‏:‏ فلم تستكثر من حجة الله عليك‏.‏

وقال أبو الدرداء‏:‏ ويل لمن يعلم ولم يعمل مرة وويل لمن علم ولم يعمل سبعين مرة‏.‏

وقال الفضيل‏:‏ يغفر للجاهل سبعون ذنباً‏.‏

قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد‏.‏

فما يبلغ من الكل قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِيْنَ يَعْلَمُون والَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ‏"‏‏.‏

وجاء سفيان إلى رابعة‏:‏ فجلس بين يديها ينتفع بكلامها فدل العلماء العلم على أن المقصود منه العمل به وأنه آلة فانكسروا واعترفوا بالتقصير‏.‏

فحصل الكل على الاعتراف والذل فاستخرجت المعرفة منهم حقيقة العبودية باعترافهم فذلك هو المقصود من التكليف‏.‏


 

قديم 20-07-2015   #19
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب صيد الخاطر



فصل التفكر في الله ومحبته

تأملت قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ يُحِبُّهُم وَيُحبُّونهُ ‏"‏‏.‏

فإذا النفس تأبى إثبات محبة للخالق توجب قلقاً وبيان هذا‏:‏ أن محبة الحس لا تتعدى الصور الذاتية ومحبة العلم والعمل ترى الصور المعنوية فتحبها‏.‏

فإنا نرى خلقاً يحبون أبا بكر رضي الله عنه وخلقاً يحبون علياً بن أبي طالب رضي الله عنه وقوماً يتعصبون لأحمد بن حنبل وقوماً للأشعري فيقتتلون ويبذلون النفوس في ذلك‏.‏

وليسوا ممن رأى صور القوم ولا صور القوم توجب المحبة‏.‏

ولكن لما تصورت لهم المعاني فدلتهم على كمال القوم في العلوم وقع الحب لتلك الصور التي شوهدت بأعين البصائر‏.‏

فكيف بمن صنع تلك الصور المعنوية وبذلها وكيف لا أحب من وهب لي ملذوذات حسي وعرفني ملذوذات علمي فإن التذاذي بالعلم وإدراك العلوم أولى من جميع اللذات الحسية فهو الذي علمني وخلق لي إدراكاً وهداني إلى ما أدركته‏.‏

ثم إنه يتجلى لي في كل لحظة في مخلوق جديد أراه فيه بإتقان ذلك الصنع وحسن ذلك المصنوع‏.‏

فكل محبوباتي منه وعنه وبه الحسية والمعنوية وتسهيل سبل الإدراك به والمدركات منه وكيف لا أحب من أنا به وبقائي منه وتدبيري بيده ورجوعي إليه وكل مستحسن محبوب هو صنعه وحسنه وزينه وعطف النفوس إليه‏.‏

فكذلك الكامل القدرة أحسن من المقدور والعجيب الصنعة أكمل من المصنوع ومعنى الإدراك أحلى عرفاناً من المدرك‏.‏

ولو أننا رأينا نقشاً عجيباً لاستغرقنا تعظيم النقاش وتهويل شأنه وظريف حكمته عن حب المنقوش‏.‏

وهذا مما تترقى إليه الأفكار الصافية إذا خرق نظرها الحسيات ونفذ إلى ما وراءها فحينئذ تقع محبة الخالق ضرورة‏.‏

وعلى قدر رؤية الصانع في المصنوع يقع الحب له‏.‏

فإن قوي أوجب قلقاً وشوقاً‏.‏

وإن مال بالعارف إلى مقام الهيبة أوجب خوفاً‏.‏

وإن انحرف به إلى تلمح الكرم أوجب رجاء قوياً ‏"‏ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ ‏"‏‏.‏


 

قديم 20-07-2015   #20
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب صيد الخاطر



فصل التسليم للحكمة العليا

تأملت حالاً عجيبة وهي أن الله سبحانه وتعالى قد بنى هذه الأجسام متقنة على قانون فدل بذلك المصنوع على كمال قدرته ولطيف حكمته‏.‏

ثم عاد فنقضها فتحيرت العقول بعد إذعانها له بالحكمة في سر ذلك الفعل‏.‏

فأعلمت أنها ستعاد للمعاد وأن هذه البنية لم تخلق إلا لتجوز في مجاز المعرفة وتتجر في موسم المعاملة فسكنت العقول لذلك‏.‏

ثم رأت أشياء من هذا الجنس أظرف منه مثل اخترام شاب ما بلغ بعض المقصود بنيانه‏.‏

وأعجب من ذلك أخذ طفل من أكف أبويه يتململان‏.‏

ولا يظهر سر سلبه والله الغني عن أخذه وهما أشد الخلق فقراً إلى بقائه‏.‏

وأظرف منه إبقاء هرم لا يدري معنى البقاء وليس له فيه إلا مجرد أذى‏.‏

ومن هذا الجنس تقتير الرزق على المؤمن الحكيم وتوسعته على الكافر الأحمق‏.‏

وفي نظائر لهذه المذكورات يتحير العقل في تعليلها فيبقى مبهوتاً‏.‏

فلم أزل أتلمح جملة التكاليف فإذا عجزت قوي العقل عن الاطلاع على حكمة ذلك وقد ثبت لها حكمة الفاعل علمت قصورها عن درك جميع المطلوب فأذعنت مقرة بالعجز‏.‏

وبذلك تؤدي مفروض تكليفها‏.‏

فلو قيل للعقل‏:‏ قد ثبت عندك حكمة الخالق بما بني أفيجوز أن ينقدح في حكمته أنه نقض لقال‏.‏

لأني عرفت بالبرهان أنه حكيم وأنا أعجز عن إدراك علله فأسلم على رغمي مقراً بعجزي‏.‏


 

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الخاطر, صدى, كتاب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رجب 1435هـ.. مجلة طاب الخاطر .. الوصايا العشر .. منوعات ..!! ابو يحيى قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه 4 21-05-2014 06:24 PM
خلاص عافك الخاطر الجوهره الخواطر وعذب الكلام 2 07-06-2013 07:49 AM
ياكسرة الخاطر انا كيف بانام حقلاوي وافتخر منتدى الشعر 3 06-07-2012 05:58 PM
ياضايق الصدر...بالله وسع الخاطر Tender Heart الفكاهة والمرح 2 26-03-2012 10:38 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 08:15 PM

أقسام المنتدى

الاقسام العامة | المنتدى الاسلامي العام | المنتدى العام | منتدى الترحيب والتهاني | الاقسام الرياضية والترفيهية | العاب ومسابقات | الافلام ومقاطع الفيديو | منتدى الرياضة المتنوعة | الاقسام التقنية | الكمبيوتر وبرامجه | الجوالات والاتصالات | الفلاش والفوتوشوب والتصميم | منتدى التربية والتعليم | قسم خدمات الطالب | تعليم البنين والبنات | ملتقــــى الأعضـــــاء (خاص باعضاء المنتدى) | المرحله المتوسطه | منتدى الحقلة الخاص (حقلاويات) | منتدى الاخبار المحلية والعالمية | اخبار وشـؤون قرى الحقلة | اخبار منطقة جازان | الاقسام الأدبية والثقافية | الخواطر وعذب الكلام | منتدى الشعر | عالم القصة والروايات | اخبار الوظائف | منتديات الصحة والمجتمع | منتدى الصحة | منتدى الأسرة | منتدى السيارات | منتدى اللغة الانجليزية | منتدى الحوار والنقاشات | منتدى التراث والشعبيات والحكم والامثال | منتدى التعليم العام | منتدى السفر والسياحة | الثقافه العامه | منتدى تطوير الذات | كرسي الإعتراف | منتدى عالم المرأة | عالم الطفل | المطبخ الشامل | منتدى التصاميم والديكور المنزلي | المكتبة الثقافية العامة | شعراء وشاعرات المنتدى | مول الحقلة للمنتجات | الخيمة الرمضانية | المـرحلـة الابتدائيـة | استراحة وملتقى الاعضاء | المرحله الثانويه | الصور المتنوعة والغرائب والعجائب | المنتدى الاسلامي | منتدى القرآن الكريم والتفسير | سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية | قصص الرسل والانبياء | قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه | اخبار مركز القفل | منتدى الابحاث والاستشارات التربوية والفكرية | افلام الانمي | صور ومقاطع فيديو حقلاويات | البلاك بيري / الآيفون / الجالكسي | بوح المشاعر وسطوة القلم(يمنع المنقول ) | مناسك الحج والعمرة | منتدى | ارشيف مسابقات المنتدى | منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة | المنتدى الاقتصادي | منتدى عالم الرجل | اعلانات الزواج ومناسبات منتديات الحقلة | تراث منطقـة جــــازان | كرة القدم السعوديه | منتدى الرياضة | كرة القدم العربيه والعالمية | ديـوان الشـاعـر عمـرين محمـد عريشي | ديـــوان الشــاعـر عـبدة حكمـي | يوميات اعضاء منتديات الحقلة | تصاميم الاعضاء | دروس الفوتوشوب | ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة | منتدى الاخبار | نبض اقلام المنتدى | ديـــوان الشــاعـر علـي الـدحيمــي | الاستشارات الطبية | الترحيب بالاعضاء الجدد | قسم الاشغال الايدويه | قسم الاشغال اليدويه | مجلة الحقله الالكترونيه | حصريات مطبخ الحقله | ديوان الشاعر ابوطراد |



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant