تبذل الولايات المتحدة وروسيا جهوداً من اجل انقاذ الهدنة الهشة المعمول بها في سورية منذ نهاية فبراير غداة تفجيرات دموية وغير مسبوقة قتل فيها 154 شخصاً في مدينتين ساحلتين من اهم معاقل النظام في البلاد.
وفي اطار الضغط المستمر من أجل الحفاظ على الهدنة، دعت موسكو الى وقف مؤقت لاطلاق النار في الغوطة الشرقية ومدينة داريا المحاصرة قرب دمشق، بعد تهديد فصائل مقاتلة باعتبار الهدنة منهارة في حال لم توقف قوات النظام هجماتها في تلك المنطقة.
وفي اتصال هاتفي الثلاثاء، طلب وزير الخارجية الأميركي جون كيري من نظيره الروسي سيرغي لافروف "حض النظام على الوقف الفوري لضرباته الجوية ضد قوات المعارضة والمدنيين الأبرياء في حلب وفي محيط دمشق".
وحذرت وزارة الخارجية الأميركية من أنه "في حال استمر هذا (عنف النظام)، سنشهد انهيارا كاملا" لوقف الأعمال القتالية.
ودعت واشنطن كذلك الفصائل المقاتلة في سورية الى عدم التخلي عن الهدنة. وتوجه المبعوث الاميركي الخاص الى سورية مايكل راتني الى الفصائل المقاتلة بالقول "التخلي عنها (الهدنة) سيكون خطأ استراتيجيا"، داعيا الفصائل الى التأكيد على التزامها بها.
وهدد 39 فصيلاً مقاتلاً، بينهم جيش الإسلام الاقوى في الغوطة الشرقية، في 22 مايو باعتبار اتفاق وقف الاعمال القتالية "بحكم المنهار تماماً" ومنح موسكو وواشنطن الراعيتين للاتفاق مهلة 48 ساعة يفترض ان تنتهي مساء الثلاثاء لالزام قوات النظام وقف هجماتها قرب دمشق وخصوصا داريا المحاصرة.
ويتعرض اتفاق وقف الاعمال القتالية حالياً الى خروقات كثيرة وخصوصا في المناطق الواقعة قرب دمشق، وكان انهار قبل ذلك في مدينة حلب التي قتل فيها 330 مدنياً منذ 22 ابريل.
ومن اجل ضمان استمرار الهدنة فرضت الولايات المتحدة وروسيا اتفاقات تهدئة مؤقتة في الغوطة الشرقية وحلب. وانتهى نظام التهدئة في الغوطة الشرقية في الرابع من مايو، وبعد حوالي عشرة ايام شنت قوات النظام هجوما واسعا جنوب الغوطة، ونجحت في استعادة مناطق عدة.
اما في داريا، فتدور اشتباكات متقطعة يرافقها قصف لقوات النظام منذ منتصف مايو. وتحدث موقع "المصدر" الاخباري المقرب من النظام السوري عن "عملية عسكرية ضخمة" لاستعادتها خلال الايام المقبلة.
وتحاصر قوات النظام مدينة دارياً منذ العام 2012 وهي تقع جنوب دمشق وبمحاذاة مطار المزة العسكري.
ودعت روسيا بدورها الثلاثاء الى فرض تهدئة لمدة 72 ساعة اعتباراً من الخميس في دارياً والغوطة الشرقية، بحسب ما اعلن رئيس المركز الروسي للمصالحة بين الاطراف السوريين سيرغي كورالينكو، والذي يتخذ من قاعدة حميميم في اللاذقية مقرا له.
وقال كورالينكو ان الفصائل المقاتلة في الغوطة الشرقية رصت صفوفها واعادت التسلح وتستعد لشن هجوم، مضيفا ان "هذه الاستنتاجات والتقديرات اكدها القصف المتواصل الذي يتعرض له الجيش السوري في الغوطة الشرقية والأحياء السكنية في دمشق".
وتعتبر روسيا الداعمة الرئيسية لدمشق وتستفيد منذ الحقبة السوفياتية من قاعدة عسكرية في ميناء طرطوس، كما بدأت في سبتمبر الماضي استخدام قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية.
وتأتي هذه التطورات، غداة مقتل 154 شخصاً واصابة اكثر من 300 آخرين في التفجيرات غير المسبوقة التي استهدفت الاثنين مدينتي جبلة وطرطوس الساحليتين في سورية، في حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وكان المرصد افاد مساء الاثنين عن مقتل 148 شخصاً بالتفجيرات، بينهم مئة شخص في جبلة في جنوب اللاذقية و48 في طرطوس، مركز محافظة طرطوس.
وارتفعت حصيلة القتلى الى 106 في جبلة نتيجة وجود جرحى بحالات خطيرة، وفق المرصد.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن "الحصيلة قد ترتفع مجدداً نتيجة وجود اكثر من 300 جريح بعضهم في حالات خطرة".
وضربت صباح الاثنين سبعة تفجيرات متزامنة بينها انتحارية واخرى بالسيارة المفخخة مدينتي جبلة وطرطوس، وهي تعد الاعنف في هذه المنطقة الساحلية منذ الثمانينات.
وبقيت محافظتا اللاذقية وطرطوس الساحليتان ذات الغالبية العلوية بمنأى عن النزاع الدامي الذي تشهده البلاد منذ منتصف مارس 2011، وتسبب بمقتل اكثر من 270 الف شخص.
ويقتصر وجود الفصائل المقاتلة في اللاذقية على ريفها الشمالي.
وتبنى تنظيم داعش الاعتداءات، برغم انه لا تواجد معلن له في المحافظتين.
ودانت الدول الكبرى الهجمات الدولية، ووصفتها الولايات المتحدة بـ"المروعة"، واعتبرت موسكو انها "تظهر مدى هشاشة الوضع في سورية".
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك