اليوم
اليوم
لقد تعمدت .. عدم ذكر التواريخ .. بالأرقام .. في كل القصص السابقة تقريباً
كما تعمدت .. عدم ذكر تفاصيل الحروب ..
لأن المواضيع أقرب ماتكون تعريفية
ولم أرد أن تكون مملة
ليقرأ القارء القصة كاملة .. على فترة معينة من الزمن .. دون االشعور بالملل ..... أو هذا ما آمله
والآن سنذكر جزء من قصة أسد الدين وصلاح الدين ............ دخول مصر
وقد حدثت في مثل هذا اليوم
كانت مصر هي الهدف المنشود عند كل من أمير الشام المجاهد نور الدين محمود، وعموري ملك بيت المقدس الصليبـي.
نور الدين يريد توحيد الشام ومصر تحت راية واحدة لا يبقى للصليبيين الفرنجة بعدها مقام في بلاد المسلمين، وعموري يريد توسيع أملاك الدولة الصليبية ببلاد الإسلام ويقوي جبهته الشامية، وكان وجود الدولة الفاطمية العبيدية بمصر عائقًا لكل من الفريقين.
جاءت الفرصة إلى نور الدين محمود عندما استنجد الوزير «شاور»
به لإعانته على القائد «ضرغام» الذي استولى منه على وزارة مصر.
فوافق نور الدين على ذلك وأرسل الحملة الأولى بقيادة أسد الدين شيركوه ومعه صلاح الدين يوسف.
فلما علم ضرغام بذلك أرسل يستنجد بعموري الصليبـي فاستغل الفرصة وأرسل هو الآخر جيشًا، ولكن أسد الدين كان أسرع في الوصول إلى مصر واستطاع أن ينتصر على ضرغام ويعيد شاور للوزارة، ولكن شاور كان رجلاً غادرًا خائنًا أبى أن يدفع ما تعهد بدفعه للجيش الشامي وطلب منه الرحيل، فرفض أسد الدين ذلك وعسكر بمدينة بلبيس، وهنا فعل شاور ما فعله ضرغام ولجأ إلى عموري الصليبـي الذي أسرع بجيوشه وحاصر أسد الدين في بلبيس شهورًا ثلاثة فتحرك نور الدين وضغط على أملاك الصليبيين في الشام فهاجم بانياس، فاضطر عموري للانسحاب من مصر هو وأسد الدين شيركوه في وقت واحد.
شعر أسد الدين بمدى أهمية مصر في القتال ضد الصليبيين ومدى خيانة حكامها واستعانتهم بالعدو الصليبـي وألح على نور الدين في معاودة الهجوم، فوافق نور الدين وأمده بجيش أكبر من سابقه، وانطلق أسد الدين حتى وصل إلى الجيزة، وعاد شاور لأفعاله الدنيئة الشريرة وراسل عموري الصليبـي وطلب منه القدوم، وحاول أسد الدين إقناع شاور بالوحدة ضد العدو الصليبـي وإنقاذ العالم الإسلامي، ولكن شاور كما هو حال الكثيرين الآن لم يكن يهمه سوى منصبه وكرسيه، واستعد أسد الدين وعموري للقتال، وفي معركة «البابين» بصعيد مصر انتصر أسد الدين على عموري وشاور، وقسَّم أسد الدين جيشه نصفين؛ نصف بالإسكندرية تحت قيادة صلاح الدين يوسف، ونصف بالصعيد تحت قيادته هو، واتجه عموري وشاور إلى الإسكندرية وحاصروا صلاح الدين ومن معه عدة شهور، حتى استطاع أسد الدين أن يفك الحصار عنهم، ثم جلا الفريقان مرة أخرى عن مصر.
اتفق عموري الصليبـي مع الإمبراطور مانويل كومنين البيزنطي على الاشتراك في حملة كبيرة ضد مصر وذلك بعد أن تمت المصاهرة بين الرجلين، فلقد تزوج عموري ابنة أخي مانويل، ولكن خوف قادة الفرنجة من استئثار البيزنطيين بالغنيمة دفعهم للضغط على عموري من أجل الانفراد بالهجوم على مصر، ووصل بجيشه إلى مدينة بلبيس، فقاومه أهلها مقاومة باسلة عنيفة، ولكنه تمكن من الاستيلاء عليها وصب جام غضبه على أهلها فذبحهم جميعًا في واحدة من المجازر البشرية المروعة، وواصل سيره حتى أصبح على مقربة من القاهرة.
أصيب شاور بالهلع والفزع، فإنه لم يستدع الصليبيين هذه المرة إنما جاءوا طامعين في احتلال مصر، وبالتالي ضاعت وزارته ومناصبه ودنياه كلها، فأقدم على خطوة في غاية الحماقة، إذ أشعل النار في الفسطاط والقاهرة حتى لا يدخلها الصليبيون، وأدرك الحاكم الفاطمي العاضد بالله خطورة الموقف فأرسل يستغيث بنور الدين وبعث إليه طي رسائله شعور نساء قصره، وبعزة وكرامة المؤمن الغيور.
استجاب نور الدين فورًا وأرسل جيشًا أكبر من سابقيه يقوده الأسد أسد الدين شيركوه الذي انطلق يهدد ويرعد ويبرق وهو في غاية الغيظ والتربص بأعداء الإسلام من شاور والصليبيين، وكان دخوله مصر دون قتال بعد أن خرج أهلها لاستقباله وفتحوا له الأبواب مهللين وفرحين بقدومه، ولما سمع عموري الصليبـي بقدوم أسد الدين أدركه اليأس من تحقيق مراده وانشمر راجعًا إلى بلاده ملومًا محسورًا، ودخل أسد الدين القاهرة في 7 ربيع الآخر سنة 564هـ، وكان هذا الفتح الأعظم الذي سقطت بعده الدولة الفاطمية الرافضية واتحد الشام ومصر في جبهة واحدة حررت بيت المقدس بعدها.....................