حكم حلق الشعر وتقليم الأظفار لمن أراد أن يضحي
اختلف الفقهاء في حكم حلق الشعر وتقليم الأظفار لمن أراد أن يضحي، بعد رؤية هلال ذي الحجة، على أقوال، أقواها قولان:
القول الأول: يكره لمن أراد أن يضحي- إذا رأى هلال ذي الحجة- أن يحلق شعره ويقلم أظفاره حتى يضحي، وهذا مذهب المالكية (1) ، والشافعية (2) وهو قولٌ للحنابلة (3) .
الدليل من السنة
عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان عنده ذبح يريد أن يذبحه فرأى هلال ذي الحجة فلا يمس من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي)) (4) .
وجه الدلالة:
أن النهي محمول على الكراهة جمعًا بين النصوص (5) .
ومن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما أحله الله حتى نحر الهدي)) (6) .
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم عليه شيء يبعثه بهديه، والبعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليفعل ما نهى عنه (7) .
القول الثاني: يحرم على من أراد أن يضحي- إذا رأى هلال ذي الحجة- أن يحلق شعره ويقلم أظفاره حتى يضحي، وهو مذهب الحنابلة (8) ، ووجهٌ للشافعية (9) ، وهو قول طائفة من السلف (10) ، واختاره ابن حزم (11) ، وابن القيم (12) ، وابن باز (13) ، وابن عثيمين (14) .
الدليل من السنة:
عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان عنده ذبح يريد أن يذبحه فرأى هلال ذي الحجة فلا يمس من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي)) (15) .
وجه الدلالة:
أن مقتضى النهي التحريم، وهو خاص يجب تقديمه على عموم غيره (16) .
مطلب: حكم الفدية لمن أراد أن يضحي فأخذ من شعره أو قلم أظفاره
لا فدية على من من أراد أن يضحي وحلق شعره أو قلم أظفاره.
الدليل من الإجماع:
نقل الإجماع على ذلك ابن قدامة (17) ، والمرداوي (18) .
أن يذبح بنفسه إذا استطاع
يستحب أن يذبح بنفسه إذا استطاع.
الأدلة:
أولًا: من السنة:
عن أنس رضي الله عنه، قال: ((ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما)) (19) .
ثانيًا: من الإجماع:
نقل الإجماع على ذلك النووي (20) .
ثالثًا: أنها قربة، وفعل القربة أولى من استنابته فيها (21) .
الأكل والإطعام والإدخار من الأضحية
يجوز للمضحي أن يأكل من أضحيته ويطعم ويدخر، وهذاباتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (22) ، والمالكية (23) ، والشافعية (24) ، والحنابلة (25) .
الأدلة:
أولًا: من الكتاب
قوله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج: 27].
ثانيًا: من السنة:
1- عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، ثم قال بعد: كلوا، وتزودوا، وادخروا)) (26) .
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا ضحى أحدكم فليأكل من أضحيته)) (27) .
الاستنابة في ذبح الأضحية
يجوز للمضحي أن يستنيب في ذبح أضحيته إذا كان النائب مسلمًا، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (28) . والمالكية (29) ، والشافعية (30) . والحنابلة (31) ، وحُكِيَ فيه الإجماع (32) .
الدليل من السنة:
عن جابر رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثًا وستين بدنة ثم أعطى عليًّا فنحر ما غبر منها)) (33) .
أيهما أفضل ذبح الأضحية أو التصدق بثمنها؟
ذبح الأضحية أفضل من التصدق بثمنها، نص على هذا فقهاء الحنفية (34) ، والمالكية (35) ، والحنابلة (36) ، واختاره ابن باز (37) ، وابن عثيمين (38) .
وذلك للآتي:
أولًا:أن إيثار الصدقة على الأضحية يفضي إلى ترك سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم (39) .
ثانيًا:أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى والخلفاء بعده، ولو علموا أن الصدقة أفضل لعدلوا إليها (40) .
ثالثًا: أن الأضاحبي واجبة عند طائفة من الفقهاء، أما التصدق بثمنها فهو تطوع محض (41) .
رابعًا: أن الأضاحي تفوت بفوات وقتها خلاف الصدقة بثمنها فإنه لا يفوت، نظير الطواف للآفاقي فإنه أفضل له من الصلاة لأن الطواف في حقه يفوت بخلاف المكي (42) .
خامسًا: أن فيها جمعًا بين التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدم والتصدق، ولا شك أن الجمع بين القربتين أفضل (43) .
إعطاء الجزار من الأضحية ثمنًا لذبحه
لا يجوز إعطاء الذابح من الأضحية ثمنًا لذبحه، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة:الحنفية (44) ، والمالكية (45) ، والشافعية (46) ، والحنابلة (47) .
الأدلة:
أولًا: من السنة:
عن علي رضي الله عنه قال: ((أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها، وأن لا أعطي الجزار منها، قال: نحن نعطيه من عندنا)) (48) .
ثانيًا: أن ما يدفعه إلى الجزار أجرة عوض عن عمله وجزارته، ولا تجوز المعاوضة بشيء منها (49) .
الأضحية عن الميت استقلالًا
لا تشرع الأضحية عن الميت استقلالًا، وهو مذهب الشافعية (50) ، واختاره ابن عثيمين (51) ، وكرهها المالكية (52) .
الأدلة:
أولًا: من الكتاب
قوله تعالى: وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى [النجم: 39].
ثانيًا: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا عن أحد من السلف أنهم ضحوا عن الأموات استقلالًا (53) .
ثالثًا: أنها عبادة، والأصل أن لا تفعل عن الغير إلا ما خرج بدليل لا سيما مع عدم الإذن (54) .
رابعًا: أن المقصود بذلك غالبًا المباهاة والمفاخرة (55) .
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك