(ما لا يقتلك يجعلك أقوى) قال الفيلسوف فريدريك نيتشه. غالباً ما يكون الأشخاص الأكثر حكمة وحباً واتزاناً من الناس الذين عرفوا المأساة والهزيمة وانفطار القلب بسبب خسارة أمر أو شخص عزيز على قلبهم، ولكنهم يجدون طريقة لتجاوز يأسهم العميق. يختبر هؤلاء الناس تقلبات كثيرة ويتوصلون إلى تقدير أنفسهم وفهم الحياة المليئة بالعواطف والإدراك واكتساب حكمة عميقة عن مفهوم الحب. هذا النوع من الأشخاص لا يولَدون بالفطرة بل إنهم يتطورون ببطء مع مرور الوقت.في الحقيقة، حين تبدأ الأوقات الصعبة وتكون التحديات التي تواجهها هائلة، يمكنك أن تدع وضعك يؤثر عليك فتدعه يدمرك أو يقويك. الخيار لك.هنا بعض الحقائق القوية لكن المنسية لمساعدتكم على الاختيار بحكمة واكتساب القوة رغم الأوقات الصعبة...
1. الألم جزء من الحياة والحب ويساعدك على النضج
يخاف عدد كبير منا من ذواتنا وحقيقتنا ومشاعرنا بشكل أساسي. نتحدث عن عظمة مفهومَي الحياة والحب، لكننا نعود ونختبئ منهما كل يوم. نختبئ من مشاعرنا الصادقة لأن الحياة والحب قد يكونان مؤذيين أحياناً وتكون المشاعر المترتبة عنهما مزعجة.نتعلم منذ سن مبكرة أن الألم شرير وضار. لكن كيف يمكن أن نتعامل يوماً مع الحياة الحقيقية والحب الصادق إذا كنا نخشى أن نشعر بالأحاسيس التي تنتابنا؟ نحتاج إلى الشعور بالألم مثلما نحتاج إلى الشعور بأننا أحياء ومحبوبون. الألم مصمَّم كي يوقظنا. لكننا نحاول إخفاء ألمنا. يجب أن يدرك الجميع ضرورة أن نحمل الألم طوعاً، تماماً مثل حس المنطق، فأنت لن تعرف مدى قوتك إلا إذا كان التحلي بالقوة الخيار الوحيد أمامك.
تتعلق المسألة الأساسية بطريقة تعاملك مع الأحداث التي لا تحصل كما تريد. هذا هو الأهم في نهاية المطاف. الألم نوع من المشاعر، والأخيرة جزء من هويتك وحقيقتك. إذا كنت تخجل من تلك المشاعر وتريد إخفاءها، فأنت تسمح بذلك لكذبة انعدام الأمان بتدمير حقيقتك. يجب أن تدافع عن حقك بمشاعر الألم وأن تتحملها وتتقبل جراحك وتتعامل مع حقائق الحياة والحب، فتتحول بذلك إلى شخص أقوى وأصدق وأكثر حكمة.
2. العقلية نصف المعركة
لا بأس بمواجهة أيام صعبة وأوقات قاسية. يعني توقع عيش حياة مدهشة طوال الوقت السباحة في محيط ترتفع فيه الأمواج من دون أن تهبط مجدداً. لكن حين تدرك أن ارتفاع الأمواج وهبوطها جزء من المحيط نفسه، ستتمكن من الاسترخاء والتصالح مع حقيقة تلك التقلبات. ستفهم حينها أن كل صعود يجب أن يقابله نزول في الحياة.
بعبارة أخرى، الحياة ليست مثالية ولكنها ممتعة طبعاً. يجب ألا نهدف إلى بلوغ حياة مثالية بل من الأفضل أن نعيش حياة غير مثالية باندهاش تام. يجب أن ننهض في كل صباح ونلقي نظرة من حولنا من دون الاستخفاف بشيء. كل شيء استثنائي. كل يوم نعمة بحد ذاتها. لا تستخف يوماً بالحياة. يعني التصرف بطريقة روحانية الشعور بالاندهاش على جميع المستويات.لا تدع الألم الذي تعيشه راهناً يفقدك الأمل. لا تدع السلبية تستنزف طاقتك. لا تدع المرارة تسرق منك مزاجك الجيد. صحيح أن الآخرين قد لا يوافقونك الرأي دوماً، لكن اعلم أن العالم لا يزال مكاناً جميلاً. غيّر أفكارك كي تغير واقعك. تصبح العقلية قوية على نحو خاص عند تقبّل هذه الحقيقة...
3. أكبر مخاوفك غير موجود
في الأوقات الصعبة، قد يصعب أن نتبع قلبنا ونخطو خطوة نحو الأمام، لكن من المأساوي أن ندع أكاذيب الخوف تردعنا. صحيح أن الخوف قد يكون غامراً وأنه قادر على هزم الناس أكثر من أي قوة أخرى في العالم، لكنه ليس قوياً بقدر ما يبدو عليه. يصبح الخوف عميقاً بقدر ما يسمح له العقل. أنت لا تزال قادراً على التحكم بالوضع. افرض سيطرتك إذاً!
تتعلق المسألة الأساسية بالاعتراف بالمخاوف ومعالجتها مباشرةً. يجب أن تحارب بكل قوتك كي تفرض رأيك على تلك المخاوف. إذا لم تفعل ذلك وإذا أصبح خوفك أشبه بظلام غامض وصامت تسعى إلى تجنبه (مع أنك قد تنجح في نسيانه لفترة قصيرة)، ستعرّض نفسك لهجمات مستقبلية من نوبات الخوف حين لا تتوقع ذلك لأنك لم تواجه الخصم الذي هزمك مطلقاً.يمكنك أن تهزم الخوف إذا واجهته. كن شجاعاً! وتذكّر أن الشجاعة لا تعني عدم الشعور بالخوف. بل تعني الشجاعة ألا تدع الخوف يمنعك من المضي قدماً في حياتك.
4. اكتساب النضج عبر التجارب
مع مرور الوقت، ستكتشف أن الحياة لا تكون بالضرورة أسهل أو أصعب مما تتوقّع. لا تكون المواقف السهلة والصعبة بالشكل الذي توقعته، وهي لا تحصل دوماً حين تتوقعها. هذا الأمر ليس سيئاً، بل إنه يجعل الحياة مثيرة للاهتمام. عند اتخاذ موقف إيجابي من كل شيء، ستتفاجأ دوماً بطريقة إيجابية.حين لا تعود الأحداث التي تتوقعها مؤكدة، ستتمكن من تقدير قيمتها الفعلية. في النهاية، ستدرك أن أعظم هبات الحياة نادراً ما تتماشى مع توقعاتك. تستفيد من التجارب حين لا تسير الأحداث وفق الخطط الأصلية، وتُعتبر التجارب أثمن ما تملكه كونها تعزز قوتك.تتمتع بالقوة اللازمة لتحويل جروحك ومخاوفك إلى حكمة. يجب أن تتحرك للتعامل معها بكل بساطة. يجب أن تتقبل ما حصل وأن تستعمل ما تعلّمته للمضي قدماً. كل ما تختبره يمنحك القدرة على التعامل مع كل ما لم تختبره بعد. يجب أن تدرك ذلك وتحرر نفسك.
5. لا يمكن تغيير المواقف التي لا تتحمل مسؤوليتها
قال سيغموند فرويد يوماً: (لا يريد معظم الناس الحرية حقاً، لأن الأخيرة تنطوي عليها مسؤولية، ومعظم الناس خائف من المسؤولية) . لا تطبّق هذه المقولة. حين تلوم الآخرين على ما تمرّ به، تنكر بذلك مسؤوليتك وتستسلم في ذلك الجزء من حياتك.يجب ألا تختلط عليك الأمور: ثمن السعادة هو المسؤولية. حالما تتوقف عن تحميل الجميع مسؤولية سعادتك، ستصبح أكثر سعادة. وإذا لم تكن سعيداً الآن، فلا يمكن لوم أي شخص آخر.
في نهاية المطاف، تتوقف سعادتك على مستوى اتكالك على نفسك وإرادتك الصلبة بتحمّل مسؤولية حياتك بدءاً من هذه اللحظة، بغض النظر عن الأطراف التي أسهمت في بلوغ هذا الوضع. يتعلق الأمر باستعادة السيطرة على ظروفك الراهنة والتفكير بنفسك واتخاذ قرار حاسم بضرورة الاختيار بطريقة مختلفة. يجب أن تكون بطل حياتك وليس الضحية.
6. كل ما يجب أن تتعامل معه هو الحاضر
لا يمكن عيش الحياة عن بُعد وحصر الذات في أرض خيالية حيث تنتظر أن يصبح كل شيء مثالياً في أحد الأيام. بل يجب عيشها في الزمن الحاضر وتقبّل حقيقة الوضع القائم. يمكن أن تحاول بأي طريقة جعل الغد مثالياً. لكن للقيام بذلك، يجب أن تجيد التعامل مع العالم بوضعه الراهن.نتجنب أحياناً اختبار حقيقتنا لأننا نطور قناعاتنا استناداً إلى تجاربنا السابقة، بمعنى أننا ليس في الموقع الذي نريده. لكنّ وضعك راهناً سيمكّنك من تحقيق ما تريده غداً. لذا يجب أن تقدّر قيمة ما وصلت إليه.
أصدقاؤك وأفراد عائلتك هم أجمل من أن تتجاهلهم. توقف للحظة وتذكّر كم أنت محظوظ لمجرد أنك تتنفس. انظر من حولك وافتح عينيك على الاحتمالات المتاحة أمامك. أغلب ما تخشاه غير موجود. أكثر ما تحبه هو أقرب إليك مما تظن. أنت على بُعد فكرة واحدة من فهم نعمة الحياة التي تعيشها.
السعادة هي عقلية لا يمكن اكتسابها إلا في الزمن الحاضر. هي ليست مرحلة من المستقبل أو لحظة من الماضي. لكنّ هذا المفهوم المغلوط يؤذي الناس للأسف. يبدو أن عدداً كبيراً من الشباب يظنون أن السعادة تنتظرهم في السنوات المقبلة بينما يظن عدد كبير من المسنين أن أفضل لحظات حياتهم أصبحت جزءاً من الماضي. لا تتصرف مثل أيٍّ من الفئتين. لا تدع الماضي والمستقبل يسرقانك من حاضرك.
7. ستجد دوماً ما يجعلك ممتناً
الحياة تصبح أفضل حين تبتسم. التصرف بإيجابية في موقف سلبي ليس سلوكاً ساذجاً. بل إنه مؤشر على التمتع بِحسّ القيادة والقوة. قد تشعر أحياناً بالحاجة إلى البكاء والتذمر لكنك تفضل أن تبتسم وتقدّر قيمة الحياة.
ماذا لو استيقظت غداً وفكرت حصراً بالأمور التي تجعلك ممتناً في هذا اليوم؟
فكر بجميع معالم الجمال المتبقية من حولك وتأمّلها وابتسم. اشعر بالامتنان بسبب جميع الأمور الصغيرة في حياتك، لأنك إذا جمعتها كلها ستلحظ مدى أهميتها. في النهاية، السعادة لا تجعلنا نشعر بالامتنان بل إن الامتنان هو الذي يجعلنا سعداء.
8. الإنجازات العظيمة تتطلب الوقت
نادراً ما تكون النتائج الفورية أفضل ما يمكن تحقيقه. مع قليل من الصبر، يمكن أن توسع قدراتك. إذا كانت رغباتك تتحقق فوراً، فلن تتطلع إلى تحقيق الكثير. ستفوّت بذلك متعة الانتظار والتقدم.
تذكر أن الصبر لا يتعلق بالانتظار، بل بالقدرة على اتخاذ موقف إيجابي تزامناً مع بذل الجهود اللازمة لتحقيق ما تؤمن به. إنه الاستعداد للحفاظ على التركيز واتخاذ خطوات صغيرة وواثقة بشكل تدريجي، مع العلم أن تسلق الجبل يبدأ بخطوة واحدة. كل خطوة تخطوها، مهما كانت صغيرة، تسهم في إحراز التقدم.باختصار، أنت تستحق أكثر من مجرد مكافآت فورية وعابرة. المكافأة التي تتلقاها سريعاً تختفي بالسرعة نفسها. أما المكافأة التي تتطلب الوقت والالتزام، فهي تمنح مبتكرها (أي أنت) أفضل النتائج.
9. الآخرون لا يستطيعون التأكيد على صحة مسارك
حين نجد صعوبة في تحقيق أمر مهم، ننظر أحياناً إلى الآخرين للتأكيد على تقدمنا. لكنهم لا يوفرون لنا ذلك...أنت لست موجوداً في هذا العالم كي ترضي تطلعات الآخرين ولا يجب أن تشعر بأن الآخرين يجب أن يرضوا تطلعاتك. اتخذ مسارك الخاص.
معنى النجاح يختلف بين شخص وآخر. في نهاية المطاف، يعني النجاح عيش حياة سعيدة على طريقتك الخاصة.لا داعي لتلفت النظر كي تصبح مبهراً. لا داعي لتكون معروفاً كي تصبح مهماً. لا داعي لتكون شخصية مشهورة كي تنجح. لا داعي كي تحصل على موافقة أحد. قيمتك كبيرة أصلاً. يجب أن تؤمن بنفسك وبما تريد تحقيقه.
يمكن أن تكون متواضعاً وهادئاً مع الحفاظ على فاعليتك. لمجرد أن الناس لا يعبّرون عن أهميتك وينبهرون بك، لا يعني ذلك أنك فاشل. النجاح الهادئ ممتع بقدر النجاح الصاخب والباهر وغالباً ما يكون أكثر واقعية. النجاح هو ما تحدده بنفسك وليس ما يعتبره الناس مناسباً لك.
10. لست وحدك
في ظل الأوقات الصعبة، يسهل أن ننظر من حولنا ونشاهد مجموعة من الناس الذين يبلون حسناً. لكن ليس الوضع كذلك بالضرورة. نحن نناضل جميعاً على طريقتنا الخاصة. وإذا تمكنا من التحلي بشجاعة كافية كي ننفتح على المشكلة ونتحدث في ما بيننا، سندرك أننا لسنا الأشخاص الوحيدين الذين يشعرون بالوحدة.
يخوض عدد كبير منا المعركة نفسها. مهما شعرت بالإحراج أو أشفقت على نفسك، يجب أن تعرف أن الآخرين يختبرون العواطف نفسها. حين تقول لنفسك (أنا وحدي!)، ربما يحاول عقلك القلق الكذب عليك. يمكنك أن تجد دوماً من يفهمك. ربما لا تستطيع أن تتحدث معهم فوراً لكنهم موجودون.
إذا شعرت باليأس الآن، اسمع ما أقوله: غالباً ما أشعر وأفكر وأحارب مثلك. أهتم بأمور كثيرة كتلك التي تهتم بها لكن على طريقتي الخاصة. صحيح أن بعض الناس لا يفهموننا، لكننا نفهم بعضنا البعض. أنت لست وحدك!
أفكار أخيرة
• صعوبة الحياة هي من أعظم مكافآت الحياة. من خلال التعامل مع مصاعب الحياة، نبني قوة قيّمة. هذه القوة تمكّننا من تحقيق أعمق وأهم أهدافنا بنجاح.
• بما أن الحياة صعبة، يمكن أن نجعلها رائعة. وبما أن الحياة صعبة، يمكن أن نتجاوز المصاعب. نستطيع إحداث فرق مهم وإثبات أهميتنا.
لذا تذكّر دوماً...
• حين تشتد مصاعب الحياة، يجب أن تصبح أكثر صرامة. لا تطلب أن تكون حياتك سهلة بل أن تتمتع بالقوة اللازمة لتحمّل حياة قاسية تقودك إلى النجاح والعظمة.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك