هناك فرق بين الإعجاب والإعتقاد، إذ أن الإعجاب لا يخضع لتفسير أو تأويل، وأيضا لا يخضع للمساءلة، لأنه يتعلق بالجماليات وعالم الفنون والآداب، فهو عالم الجمال بامتياز، وعالم الإبداع الذى لاتحده حدود، ولا تأسره قيود، بالرغم من محاولات التنظير والتقعيد التى بذلت وتبذل في شأنه، وهى ضرورية على مستوى التحليل والنقد والتقييم، فما شأن هذا الكلام بالأساطير والخرافات؟
أولا : على المرء ألا يعتقد بأن الأساطير والخرافات لها صلة بالحقيقة مهما قلت أوصغرت، بل إن الأساطير والخرافات نبعت كلها من بوثقة الظلم والجهل" إنه كان ظلوما جهولا" ثانيا : لأنها استعانت تارة بالسحر، وتارة أخرى بالخيال، لتأخذ بلب البسطاء من الناس. وبترك مجال الخرافات جانبا، فإن الأساطير تصنف حسب الأهداف التى يراد تحقيقها، وهى على الشكل التالي:
التاريخ أسطـــــــــورة
أسطورة البطل الإلـــه
أسطورة التكويــــــــن
الأسطورة الطقوسية
الأسطورة التعليليــة
الأسطورة الرمزيـــة
كل هذه الأصناف لايجوز شرعا أن تؤخذ على محمل الجد، لأنها من وحى الأوهام المؤسسة لمعتقدات وثنية، وكيانات باطلة، والأمثلة عبر التاريخ البشري لا تحصى ولا تعد، بل قد نجزم بأن معظم الدول التى تعاقبت على هذه البسيطة، قد أسست نظمها وقوانينها على الأساطير والخرافات، والغاية منها أن تستقر فى وعي الناس وضمائرهم، لتصبح بعد ذلك معتقدات تتلى في المعابد وتقام لها الطقوس وتذبح لها القرابين.
وكل هذا، ليسهل التحكم فى عقول البشر، فالتجارب برهنت على أن الإنسان يكون طيعا للأوامر التى تصدر عن عقيدة ما يؤمن بها، ولا ينقاد إلى الأوامر التى تتخذ من السياط والهراوات وسيلة تنفيذية إخضاعية. ويمكن على سبيل الإستئناس، أن ندرج بعض الأساطير التى أسست لوجود كيانين، سجلا مرورهما عبر التاريخ ببحور من الدماء، وتركا على وجه الأرض أطلالا تشهد على جبروتهما واستعبادهما للشعوب، ثم طوتهما بعد ذلك سنة التداول التى ليس لها تبديل ولا تحويل " وتلك الأيام نداولها بين الناس"
الأساطير الإغريقية التى أسست كيان اليونان القديمة، وفصلتها عن الشرق ومعتقداته.
روما وأسطورة الشقيقين روميوس وروميليوس المجهولي الأبوين واللذين تبنتهما ذئبة فى الغاب، وأرضعتهما، فترعرعا في كنفها، حتى اشتد عودهما، فأسسا كيان روما، وهذا لقطع الصلة مع الإغريق والإتروسك وتأسيس كيان مستقل وجودا وعقيدة وتوجها.
إن الإستثناء الوحيد لتأسيس دولة سليمة من الخرافات والأساطير هو الإرتكاز على عقيدة التوحيد. وإذا أردنا اجتناب الخلط بين التوحيد والشرك يجب حصر الأسطورة فى حيز ضيق، وهو المجال الأدبي الذى يوظف الخيال، ويستأنس بأسلوب نسج الأسطورة، مثل أسلوب الحدوثة، حيث غالبا ما يدخل هذا الفن فى دائرة أدب الطفل ليساهم فى تشويقه وإمتاعه، بل ربما يهدف إلى زرع بعض القيم والأخلاق فى قلبه، والإحتراز الأهم هو تجنيب الطفل الإعتقاد بأن الأسطورة لها علاقة بالحقيقة
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك