الإثبات بالإقرار في عقد الرهن التجاري بين الفقه والقانون
الإثبات بالإقرار في النظام: وتعرف النظم الوضعية الإقرار بأنه ((اعتراف الخصم ـ أو من يمثله ـ بواقعة قانونية مدعى بها عليه)) ( ).
والإقرار لا ينشئ حقاً أو التزاماً ، بل هو مجرد كاشف عنه؛ لأن الحق أو الالتزام المقر به موجود قبل حصول الإقرار، فهو سابق عليه( ).
والإقرار من الأدلة المطلقة ، إذ يجوز به إثبات كافة الحقوق المتنازع عليها، ولو كانت قيمتها تجاوز النصاب الذي يجب فيه الإثبات بالكتابة.
والإقرار له حجية قاطعة، ولذلك يعتبر الإقرار سيد الأدلة، ولكن الإقرار الذي له هذه القوة في الإثبات هو الإقرار الذي يصدر أمام القضاء، أو ما يعرف بالإقرار القضائي.
ويعرف الإقرار القضائي بأنه ((اعتراف الخصم أمام القضاء بحق أو بواقعة قانونية مدعى بها عليه، أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة)) ( ).
فالإقرار قد يرد على الحق المتنازع عليه مباشرة، كأن يقر شخص بدين لشخص آخر، وقد يرد الإقرار على الواقعة القانونية التي أدت إلى نشوء الحق، كأن يعترف بسبق إبرامه لعقد البيع والإجارة ونحوها( ).
ومن خلال تعريف الإقرار القضائي السابق يمكن أن نستشف شروط الإقرار القضائي، فالإقرار القضائي لا تترتب آثاره إلا بوجود أربعة شروط هي:-
1- أن يكون الإقرار صادراً من الخصم نفسه، أو من يمثله من وكيل ونحوه إذا كان مفوضاً بالإقرار.
2- أن يكون الإقرار أمام القضاء.
3- أن يصدر الإقرار أثناء نظر الدعوى.
4- أن يكون الإقرار منصباً على واقعة قانونية، يترتب عليها أثر قانوني، كما يجب أن تكون هذه الواقعة المقر بها معلومة ( ).فلا يصح أن يقر بشيء مبهم أو غير محدد.
كما يشترط في المقر أن يكون أهلاً للالتزام فيما يقر به، بأن يكون بالغاً عاقلاً رشيداً أو مأذوناً له فيما يقر به متى كان مميزاً.
وبما أن الإقرار عمل يتعلق بالإرادة فينبغي أن يكون الإقرار خالياً من عيوبها كالإكراه والغلط ونحو ذلك( ).
حجية الإقرار: فالإقرار متى توفرت شروطه وانتفت موانعه فله الحجية الكاملة والقاطعة بالنسبة للمقر، ويعتبر الإقرار حجة على ثبوت الواقعة المدعاة، ويترتب عليه إعفاء المدعي من إقامة الدليل على دعواه.
وأما بالنسبة للإقرار غير القضائي، وهو الإقرار الذي يصدر خارج مجلس القضاء، أو يصدر أمام القضاء ولكن في خصومة أخرى لا تتعلق بموضوع الإقرار ، فإن حجيته أمر متروك لتقدير القاضي، إن شاء اعتبره دليلاً كاملاً، وإن شاء اعتبره مجرد قرينة، وإن شاء تركه ولم يعتبره( ).
ولا يجوز تجزئة الإقرار على صاحبه، فيؤخذ بعضه ويترك بعضه، إلا في حالات معينة متى أمكن ذلك، وكان الحجة الوحيدة على الخصم ومن أمثلة ذلك:
إذا كانت إحدى الوقائع ثابتة بحجة أخرى غير الإقرار، أو إذا ثبت كذب جزء من الإقرار ، أو كان الإقرار متضمناً وقائع متعددة منفصل بعضها عن بعض. ونحو ذلك( ).
الإثبات بالإقرار في الفقه: وتعريف الإقرار في الفقه هو: ((إخبار الشخص بحق على نفسه لآخر))( ).
فقوله: إخبار: يتناول كل إخبار سواء أكان عن ثبوت حق الغير على الغير كالشهادة أم ثبوت حق نفسه على غيره كالدعوى ، أو ثبوت حق الغير على نفسه.
وقوله: على نفسه: خرج به الشهادة؛ لأنها إخبار بحق الغير على الغير.
وقوله: لآخر: خرج به الدعوى؛ لأنها إخبار عن ثبوت الحق لنفسه( ).
مشروعية الإقرار:
الإقرار حجة مشروعة، وقد ثبتت مشروعيته بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول.
وجه الدلالة: أن الله تعالى أقام الحجة عليهم بإقرارهم بأخذ الميثاق فكان حجة ملزمة في إثبات الحق( ).
ومن السنة حديث العسيف وفيه ((واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها))( ).
وأما الإجماع فقد أجمعت أمة محمد على أن الإقرار حجة على المقر( ).
ومن المعقول: فإن النفس البشرية مجبولة على حب ذاتها، والعمل على جلب المصالح لها، ودفع المضار عنها فإذا أقدم إنسان مع هذا كله على الاعتراف بارتكاب معصية أو انشغال ذمته بدين لآخر، فإن العقل يرجح كونه صادقاً في اعترافه هذا؛ لأنه يترتب عليه تقديم مصالح الآخرين على مصلحته( ).
أركان الإقرار:
1- المقر: وهو الشخص الذي يعترف بحق لغيره على نفسه.
2- المقر له: وهو الشخص الذي يصدر الإقرار لصالحه.
3- المقر به: وهو الحق الذي أخبر عنه المقر واعترف به.
4- الصيغة: وهي اللفظ أو ما يقوم مقامه مما يدل على ثبوت الحق على نفسه.
ولكل ركن شروطه ( ).
شروط الإقرار:- يشترط في الإقرار شروط كثيرة متعددة ، فبعضها يرجع إلى المقر وبعضها يرجع إلى المقر له، وبعضها يرجع إلى المقر به أو إلى الصيغة، وسأذكر باختصار أهم شروط الإقرار:-
أولاً: شروط المقر:
1- أن يكون المقر بالغاً عاقلاً ، فلا يصح إقرار الصبي والمجنون.
2- أن يكون المقر مختاراً ، فلا يصح إقرار المكره.
3- أن لا يكون المقر متهماً في إقراره.
4- أن لا يكون المقر محجوراً عليه بما يمنع من نفاذ التصرفات التي أقر بها.
5- أن يكون المقر جاداً لا هازلاً.
ثانياً: شروط المقر له:
1- أن يكون المقر له معيناً بحيث يمكنه المطالبة أو أن يكون ضمن جماعة محصورة. فإذا أقر شخص بأن قال: علي ألف ريال ، ولم يبين المقر له لم يصح إقراره.
2- أن يكون للمقر له أهلية التملك ولو بالمال ، كالحمل.
3- أن لا يكذب المقر له المقر في إقراره.
ثالثاً: شروط المقر به:-
1- أن يكون المقر به مما يقره الشرع بأن يكون مالاً متمولاً محترماً.
2- أن لا يكون المقر به ملكاً للمقر.
3- أن لا يكون المقر به محالاً عقلاً أو شرعاً.
رابعاً: شروط الصيغة:-
1- أن تكون الصيغة دالة على الجزم واليقين.
أن تكون الصيغة منجزة ( ).
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك