عدد الضغطات : 9,162عدد الضغطات : 6,666عدد الضغطات : 6,385عدد الضغطات : 5,598
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز المراقب المميز المشرف المميز الموضوع المميز القسم المميز
قريبا
قريبا
قريبا

بقلم :
المنتدى الاسلامي العام

العودة   منتديات الحقلة > المنتدى الاسلامي > منتدى القرآن الكريم والتفسير

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ضع بصمتك .. واترك أثراً ..~ (آخر رد :عميد القوم)       :: اللهم ... (آخر رد :السموه)       :: لـ نهتف : (يَآرَبْ )مساحة خاصه لكم لتناجون البارئ بماشئتم (آخر رد :السموه)       :: وقع ولو بكلمه (آخر رد :السموه)       :: ثرثرة الواو (آخر رد :السموه)       :: دعاء اليوم ((متجدد بإذن الله)) (آخر رد :ابو يحيى)       :: تهنئة بحلول عيد الفطر المبارك (آخر رد :ابو يحيى)       :: أبي ... (آخر رد :السموه)       :: لِ .. أَحَدُهُم ‘ ..| (آخر رد :السموه)       :: الوجه الاخر لرجل الأعمال سعد التميمي (آخر رد :محمد الجابر)      


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 14-04-2022   #1


طالبة العلم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1561
 تاريخ التسجيل :  20 - 06 - 2014
 أخر زيارة : 15-06-2023 (11:13 AM)
 المشاركات : 24,997 [ + ]
 التقييم :  17
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
 اوسمتي
وسام العطاء وسام صاحب الحضور الدائم العطاء الذهبي المسابقه الرمضانيه عطاء بلاحدود 
لوني المفضل : Green
من جمال التعبير القرآني الحياة الدنيا كما يصورها القرآن الكريم



من, التعبير, الحياة, الدنيا, القرآن, القرآني, الكريم, خلال, يصورها, كما

من, التعبير, الحياة, الدنيا, القرآن, القرآني, الكريم, خلال, يصورها, كما

من جمال التعبير القرآني

الحياة الدنيا كما يصورها القرآن الكريم


دعا القرآن الكريم إلى توحيد الله، والإيمان بالبعث واليقين بالآخرة، ولكن المشركين أصموا آذانهم عن هذه الدعوة، وصدوا عنها صدودًا شديدًا؛ بسبب انهماكهم في الإقبال على الحياة الزائلة ونعيمها، وبسبب الغرور الذي غر طغاة أهل الشرك، وصرفهم عن إعمال عقولهم في فهم أدلة التوحيد والبعث؛ فقالوا ما حكاه القرآن عنهم: ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [الجاثية: 24]، فكان من المناسب أن يتضمن القرآن من أساليب البيان ما يزهدهم في الدنيا، ويرغبهم في الآخرة، ومن بدائع التشبيه والتمثيل ما يصور لهم قِصَرَ الحياة التي عظموها، ويجسم فناء هذا العالم العامر بالجمال والآمال.

ويمكن إجمال صورة الحياة الدنيا كما وردت في القرآن الكريم في صورتين؛ هما:
الأولى: صورة الزرع يرتوي من الماء، ولكنه لا يلبث أن يذبل ويصفر، ويصبح حطامًا تذروه الرياح.

الثانية: صورة المتاع الزائل، والأعمال الضائعة، التي سرعان ما تضمحل وتبطل من غير ثمرة.

والآن نقف بك أيها القارئ الكريم وقفة تأمل مع الآيات التي تصور لنا الحياة الدنيا في أنصع بيان، وأبلغ تعبير؛ لندرك معًا بعضًا من جمال التعبير القرآني، وشيئًا من أسرار إعجازه البياني.

جاءت الصورة الأولى للحياة الدنيا في ثلاث آيات من القرآن الكريم؛ هي قوله تعالى:
1- ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24].


2- ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾ [الكهف: 45].


3- ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].

والمشبه في الآيات السابقة هو: حال الدنيا في إقبالها، ونضرتها، وغرور الإنسان بها، وإسراع الزوال إليها، والمشبه به: حال النبات، وقد اختلط به الماء فنما وازدهر، وزين الأرض حتى تعلق به أصحابه، وظنوا أنه أصبح بمأمن من الآفات، وبمنجا من المهلكات، إذا هو ييبس ويزول، ويصبح كأن لم يكن، ووجه الشبه: الهيئة الحاصلة من أن كلًّا منهما ينمو ويزهو حتى يكون في حالة تسر وتغر، ثم لا يلبث أن يزول[1].

وإذا وقفنا عند الآيات الكريمة بشيء من التفصيل، نجد أن المولى عز وجل شبه في الآية الأولى حالة الحياة في سرعة انقضائها، وزوال نعيمها بعد البهجة والسرور به، وتزايد نضارتها، بحال نبات الأرض في ذهابه حطامًا، وزواله حصيدًا، وهو تشبيه مركب.

ومن بديع هذا التشبيه أنه تضمن تشبيهات منتزعة من الحالين المتشابهين: (حال الدنيا، وحال النبات)؛ بحيث يصلح كل منها أن يكون تشبيهًا لجزء من الحالين المتشابهين؛ فقوله تعالى: ﴿ كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ ﴾ [يونس: 24]، شبَّه به ابتداء طور الحياة من وقت الصبا؛ إذ في هذه المرحلة يكون الأمل في نعيم العيش ونضارته، فذلك الأمل يشبه حال نزول المطر من السماء في كونه سببَ ما يؤمل منه من زخرف الحياة ونضارتها[2].

وقوله: ﴿ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ ﴾ [يونس: 24]؛ أي: اشتبك بسببه، حتى خالط بعضه بعضًا[3]، شبه به مرحلة ابتداء نضارة العيش، وإقبال زهرة الحياة، فذلك يشبه خروج الزرع عقب المطر فيما يشاهد من بوادر المأمول، ولذلك عطف بفاء التعقيب للإيحاء بسرعة ظهور النبات عقب المطر، مما يوحي بسرعة نماء الحياة في أول أطوارها[4].

وقوله: ﴿ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ ﴾ [يونس: 24]: وصف لنبات الأرض الذي منه أصناف يأكل منها الناس، وأصناف تأكلها الأنعام، وذلك يشبه به رغبات الناس في تناول لذائذ الحياة على حسب اختلاف مراتب الهمم، وذلك يتضمن تشبيه معالي الأمور من نِعَمِ الدنيا التي تسمو إليها الهمم العالية بالنبات الذي يقتاته الناس، وتشبيه سفاسف الأمور بالنبات الذي يأكله الأنعام، ويتضمن تشبيه الذين يتعلقون بتلك السفاسف بالأنعام[5].

وقوله: ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ ﴾ [يونس: 24]، جعلت الأرض آخذة زخرفها على التمثيل بالعروس، أخذت الثياب الفاخرة من كل لون، فاكتستها، وتزينت بغيرها من ألوان الزينة[6]، وهو غاية شبه بها بلوغ الانتفاع بخيرات الدنيا إلى أقصاه، ونضوجه وتمامه، وتكاثر أصنافه، وانهماك الناس في تناولها، ونسيانهم المصير إلى الفناء[7]، ومعنى: ﴿ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا ﴾ [يونس: 24]: متمكنون من منفعتها، محصلون لثمراتها، فأطلق على التمكن من الانتفاع ودوامه لفظ القدرة على وجه الاستعارة[8]، وقد يكون التعبير على الحقيقة، بمعنى أنهم قد ظنوا بما وصلوا إليه من تقدم تقني وعلمي، أنهم ملكوا ناصية الكون، واعتقدوا أنهم قادرون على السيطرة عليه، وتصريفه حسب أهوائهم وإرادتهم، وهذا يؤيده ما نراه اليوم بأعيننا، ونلمسه في واقعنا، وقوله: ﴿ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ﴾ [يونس: 24]، ترديد في الوقت؛ لإفادة توقع زوال نضارة الحياة في جميع الأزمنة؛ لأن الشيء المحدد التوقيت يكون الناس في أمنٍ مِن حلوله في غير ذلك الوقت[9].

ومعنى: ﴿ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ﴾ [يونس: 24]: لم تعمر، والباء في ﴿ بِالْأَمْسِ ﴾ للظرفية، والأمس يُراد به في الآية مطلق الزمن الذي مضى؛ لأن (أمس) يُستعمل بمعنى ما مضى من الزمان، كما يستعمل الغد في معنى المستقبل، واليوم في معنى الحال؛ وقد جمعها قول زهير بن أبي سُلمى:
ولكنني عن علم ما في غدٍ عمِ[10] جمال التعبير القرآني الحياة الدنيا جمال التعبير القرآني الحياة الدنيا
وأعلم علم اليوم والأمس قبله جمال التعبير القرآني الحياة الدنيا جمال التعبير القرآني الحياة الدنيا

جمال التعبير القرآني الحياة الدنيا جمال التعبير القرآني الحياة الدنيا
جمال التعبير القرآني الحياة الدنيا جمال التعبير القرآني الحياة الدنيا

واستخدام ﴿ لَمْ تَغْنَ ﴾ بدل (لم تعمر) فيه إيحاء ببلوغ الحياة في الأرض غاية التقدم والتحضر والرقي، فتكون حياة الناس فيها الرخاء والرفاه، والثروة، حتى يأخذهم الغرور، فيعتقدوا أن بقاءهم فيها دائم وخالد.

وفي الآية الثانية شبهت حالة هذا العالم بما فيه، بحالة الروضة تبقى زمانًا بهجة خضرة، ثم يصير نبتها بعد حين إلى اضمحلال، ووجه الشبه: المصير من حال حسن إلى حال سيئ، وأيضًا شبهت هيئة إقبال نعيم الدنيا في الحياة مع الشباب، والجِدَةِ، وزخرف العيش لأهله، ثم تقلُّص ذلك، وزوال نفعه، ثم انقراضه أشتاتًا، بهيئة إقبال الغيث منبت الزرع ونشأته عنه ونضارته ووفرته، ثم أخْذه في الانتقاص، وانعدام التمتع به، ثم تطايره أشتاتًا في الهواء[11].

أما الآية الثالثة، فتشبه لنا هيئة أهل الدنيا في أحوالهم الغالبة عليهم، والمشار إلى تنويعها بقوله تعالى: ﴿ لَعِبٌ وَلَهْوٌ ﴾ [الحديد: 20] إلى ﴿ وَالْأَوْلَادِ ﴾ [الحديد: 20]، بهيئة غيث أنبت زرعًا، فأينع، ثم اصفرَّ، ثم اضمحل، وتحطم، فضرب مثل الحياة الدنيا لأطوار ما فيها من شباب، وكهولة، وهرم، وفناء، ومن جِدة وتبذل، وبِلًى، ومن إقبال الأمور في زمن إقبالها، ثم إدبارها بعد ذلك، بأطوار الزرع، وكلها أعراض زائلة، وآخرها فناء، وتندرج فيها أطوار المرء في الحياة المذكورة في قوله تعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾ [الحديد: 20]،وهذا التمثيل مع كونه تشبيهَ هيئةِ مركبة بهيئة مثلها، فقد اشتمل على تشبيهات عدة منتزعة من هذا التشبيه المركب، بحيث يقابل كل جزء في المشبه (حال الدنيا) جزءًا في المشبه به (حال النبات)، فقد شبه أول أطوار الحياة وإقبالها بالنبات عقب المطر، وشبَّه الناس المنتفعين بإقبال الدنيا بالزراع، وشبه اكتمال أحوال الحياة وقوة الكهولة بهياج الزرع، وشبه ابتداء الشيخوخة ثم الهرم، وابتداء ضعف عطاء الإنسان باصفرار الزرع وتهيئه للفناء، وشبه زوال ما كان للمرء من قوة ومال بتحطم الزرع[12].

ويُفهم من هذا أن ما كان من أحوال الحياة مقصودًا لوجه الله، فإنه من شؤون الآخرة، فلا يدخل تحت هذا التمثيل إلا ظاهرًا، فأعمال البر ودراسة العلم، ونحو ذلك، لا يعتريها نقص ما دام صاحبها مقبلًا عليها، وبعضها يزداد نماء بطول المدة[13].

والمراد بـ(الكفار) في الآية:
إما الزراع، جمع كافر، وهو الزارع، من كَفَرَ الحبَّ؛ أي: ستره في الأرض، وغطاه بالتربة، وخُصُّوا بالذكر؛ لأنهم أهل الخبرة بالنبات والفلاحة، فلا يعجبهم إلا المعجب حقيقة، وقيل: للتورية من الكفر بالله، لأنهم من أشد الناس تعظيمًا للدنيا، وإعجابًا بمحاسنها[14].

أما الصورة الثانية للحياة الدنيا، فقد وردت في ست آيات؛ هي قوله تعالى:
1- ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].

2- ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 32].

3- ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 64].

4- ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [غافر: 39].

5- ﴿ إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ ﴾ [محمد: 36].

6- ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].

ووصف الحياة الدنيا بأنها "متاع الغرور"، يقصد به لذاتها وشهواتها وزينتها، فالكلام على تقدير مضاف؛ أي: وما أحوال الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، وقد شُبِّهت الحياة الدنيا بذلك المتاع الذي يدلس ويغرر به على المشتري، حتى يشتريه، إشارة إلى رداءتها عند من أمعن النظر فيها، وهذا التشبيه لمن آثرها على الآخرة، وأما من طلب بها الآخرة، فهي له متاع بلاغ[15]، وإضافة "متاع" إلى "الغرور"، على معنى لام العاقبة؛ أي: متاع صائر لأجل الغرور به، يغر الناظرين إليه، فيسرعون إلى التعلق به[16].

أما وصف الحياة الدنيا بأنها "لعب ولهو"، فيراد به أنها أعمال ضائعة، سافلة، سرعان ما يسرع إليها الاضمحلال، فتبطل من غير ثمرة[17]، وتعطينا آية سورة الحديد صورة متكاملة لهذا المضمون، فقد صورت لنا أحوال المجتمع في الحياة، كما صورت لنا أطوار آحاد الناس في تطور حياة كل واحد منهم، (فاللعب): طور سن الطفولة والصِّبا، فهو الغالب على أعمال الأطفال والصبيان، و(اللهو): طور الشباب، وهو يغلب على أحوال الشباب، و(الزينة): طور الفتوة، ويكثر التزين في طور الفتوة؛ لأن الرجل يشعر بابتداء زوال محاسن شبابه، والمرأة التي كانت غانية، تحب أن تكون حالية، و(التفاخر): طور الكهولة، وأغلب التفاخر في هذا الطور؛ لأنه زمن الإقبال على الأفعال التي يقصد منها الفخر، (والتكاثر): طور الشيخوخة، والتكاثر: تَفَاعُل من الكثرة، وصيغة التفاعل هنا للمبالغة في الفعل؛ بحيث ينزل منزلة من يغالب غيره في كثرة شيء، فإنه يكون أحرص على أن يكون الأكثر منه عنده، فكان المرء ينظر في الكثرة من الأمر المحبوب إلى امرئٍ آخر له الكثرة منه، ثم شاع إطلاق صيغة التكاثر؛ فصارت تستعمل في الحرص على تحصيل الكثير من غير مراعاة مغالبة الغير ممن حصل عليه[18].

وأسلوب القصر - المستفاد من استخدام (ما وإلا) و (إنما) في الآيات الكريمات - هو قصر موصوف على صفة؛ أي: لا صفة للدنيا إلا أنها نفع مؤقت، كما أن حصر الدنيا في هذه الأمور التي أشارت إليها الآيات، هو قَصْرُ أحوال الناس في الحياة على هذه الأمور، باعتبار غالب الناس، فهو قصر ادعائي بالنظر إلى ما تنصرف إليه همم غالب الناس من شؤون الحياة الدنيا، التي إن سلم بعضهم من بعضها لا يخلو من ملابسة بعض آخر، إلا الذين عصمهم الله تعالى، فجعل أعمالهم في الحياة كلها لوجه الله، وإلا فإن الحياة قد يكون فيها أعمال التقى والمنافع والإحسان، والتأييد للحق، وتعليم الفضائل، وتشريع القوانين، وهذا القصر الادعائي يقصد به المبالغة؛ لأن الأعمال الحاصلة في الحياة كثيرة؛ منها: اللهو واللعب، ومنها غيرهما، فالحياة تشتمل على أحوال كثيرة، منها الملائم؛ كالأكل واللذات، ومنها المؤلم؛ كالأمراض والأحزان[19].

وبعد؛ فهذا تقييم عام مطلق، ينبغي ألَّا نفهم منه أن نظرة الإسلام إلى الحياة الدنيا ومتاعها هي الإهمال لها، والسلبية والانعزال عنها، إنما تعني هذه النظرة أن على العاقل "مراعاة الآخرة في هذا المتاع، والوقوف فيه عند حدود الله، كما يقصد الاستعلاء عليه، فلا تصبح النفس أسيرة له، يكلفها ما يكلفها فلا تتأبى عليه، والمسألة مسألة قِيَمٍ يزنها بميزانها الصحيح، فهذه قيمة الدنيا وهذه قيمة الآخرة، كما ينبغي أن يستشعرها المؤمن، ثم يسير في متاع الحياة الدنيا على ضوئها، مالكًا لحريته، معتدلًا في نظرته: الدنيا لهو ولعب، والآخرة حياة مليئة بالحياة".

[1] ينظر: البيان في ضوء أساليب القرآن، د. عبدالفتاح لاشين، دار المعارف، مصر، 1977، صـ54.

[2] ينظر: التحرير والتنوير، الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، الدار التونسية للنشر، ج11، صـ141.

[3] ينظر: الكشاف عن حقائق التنزيل، وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، العلامة جار الله الزمخشري، طبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، 1972، ج 2، صـ233.

[4] ينظر: التحرير والتنوير، ج 11، صـ142.

[5] ينظر: السابق، ج11، صـ142.

[6] ينظر: الكشاف، ج2، صـ233.

[7] ينظر: التحرير والتنوير، ج 11، صـ142.

[8] ينظر: الكشاف، ج2، صـ233.

[9] ينظر: التحرير والتنوير، ج 11، صـ143.

[10] ينظر: السابق، ج11، صـ 144.

[11] ينظر: السابق، ج 15، صـ 237.

[12] ينظر: السابق، ج27، صـ 404 وما بعدها.

[13] ينظر: السابق، ج27، صـ406.

[14] ينظر: البحر المحيط، أبو حيان الأندلسي الغرناطي، دار إحياء التراث العربي، لبنان، 1990، ج 6، صـ 223، وينظر أيضًا: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ابن عطية الأندلسي، رئاسة المحاكم الشرعية، قطر، 1991، ج14، صـ 316.

[15] ينظر: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، العلامة محمود شكري الألوسي، دار إحياء التراث العربي، لبنان، ج4، ص: 147.

[16] ينظر: التحرير والتنوير، ج27، صـ 407.

[17] ينظر: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، الإمام البقاعي، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، 1992، ج18، صـ264.

[18] ينظر: التحرير والتنوير، ج27، صـ401 - 403.

[19] ينظر: السابق، ج 6، صـ 193، 194.







الألوكة

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك



منتديات الحقلة

منتديات الحقلة: منتديات عامة اسلامية ثقافية ادبية شعر خواطر اخبارية رياضية ترفيهية صحية اسرية كل مايتعلق بالمرأة والرجل والطفل وتهتم باخبار قرى الحقلة والقرى المجاوره لها





lk [lhg hgjufdv hgrvNkd hgpdhm hg]kdh ;lh dw,vih hgrvNk hg;vdl hgjufdv hgpdhm hg]kdh hgrvNk hgrvNkd hg;vdl oghg dw,vih




lk [lhg hgjufdv hgrvNkd hgpdhm hg]kdh ;lh dw,vih hgrvNk hg;vdl hgjufdv hgpdhm hg]kdh hgrvNk hgrvNkd hg;vdl oghg dw,vih lk [lhg hgjufdv hgrvNkd hgpdhm hg]kdh ;lh dw,vih hgrvNk hg;vdl hgjufdv hgpdhm hg]kdh hgrvNk hgrvNkd hg;vdl oghg dw,vih



 

قديم 17-04-2022   #2
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: من جمال التعبير القرآني الحياة الدنيا كما يصورها القرآن الكريم



جزاك الله خير الجزاء
ونفع بك وبعلمك



 

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, التعبير, الحياة, الدنيا, القرآن, القرآني, الكريم, خلال, يصورها, كما


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خطة لفظ القرآن الكريم خلال شهر رمضان نصر الدين ياسر منتدى القرآن الكريم والتفسير 1 08-05-2020 01:46 PM
بلاغة الكلمة في التعبير القرآني مصراوي المكتبة الثقافية العامة 7 13-11-2016 11:20 AM
روائع من التعبير القرآني لسورة التين ابو يحيى منتدى القرآن الكريم والتفسير 14 16-11-2015 02:07 PM
لماذا شبّه الله الدنيا بالماء فى القرآن الكريم محمد الجابر منتدى القرآن الكريم والتفسير 6 16-04-2013 01:39 AM
جدول لختم القرآن الكريم خلال شهر رمضان ابو يحيى منتدى القرآن الكريم والتفسير 4 14-06-2012 08:20 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 05:50 PM

أقسام المنتدى

الاقسام العامة | المنتدى الاسلامي العام | المنتدى العام | منتدى الترحيب والتهاني | الاقسام الرياضية والترفيهية | العاب ومسابقات | الافلام ومقاطع الفيديو | منتدى الرياضة المتنوعة | الاقسام التقنية | الكمبيوتر وبرامجه | الجوالات والاتصالات | الفلاش والفوتوشوب والتصميم | منتدى التربية والتعليم | قسم خدمات الطالب | تعليم البنين والبنات | ملتقــــى الأعضـــــاء (خاص باعضاء المنتدى) | المرحله المتوسطه | منتدى الحقلة الخاص (حقلاويات) | منتدى الاخبار المحلية والعالمية | اخبار وشـؤون قرى الحقلة | اخبار منطقة جازان | الاقسام الأدبية والثقافية | الخواطر وعذب الكلام | منتدى الشعر | عالم القصة والروايات | اخبار الوظائف | منتديات الصحة والمجتمع | منتدى الصحة | منتدى الأسرة | منتدى السيارات | منتدى اللغة الانجليزية | منتدى الحوار والنقاشات | منتدى التراث والشعبيات والحكم والامثال | منتدى التعليم العام | منتدى السفر والسياحة | الثقافه العامه | منتدى تطوير الذات | كرسي الإعتراف | منتدى عالم المرأة | عالم الطفل | المطبخ الشامل | منتدى التصاميم والديكور المنزلي | المكتبة الثقافية العامة | شعراء وشاعرات المنتدى | مول الحقلة للمنتجات | الخيمة الرمضانية | المـرحلـة الابتدائيـة | استراحة وملتقى الاعضاء | المرحله الثانويه | الصور المتنوعة والغرائب والعجائب | المنتدى الاسلامي | منتدى القرآن الكريم والتفسير | سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية | قصص الرسل والانبياء | قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه | اخبار مركز القفل | منتدى الابحاث والاستشارات التربوية والفكرية | افلام الانمي | صور ومقاطع فيديو حقلاويات | البلاك بيري / الآيفون / الجالكسي | بوح المشاعر وسطوة القلم(يمنع المنقول ) | مناسك الحج والعمرة | منتدى | ارشيف مسابقات المنتدى | منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة | المنتدى الاقتصادي | منتدى عالم الرجل | اعلانات الزواج ومناسبات منتديات الحقلة | تراث منطقـة جــــازان | كرة القدم السعوديه | منتدى الرياضة | كرة القدم العربيه والعالمية | ديـوان الشـاعـر عمـرين محمـد عريشي | ديـــوان الشــاعـر عـبدة حكمـي | يوميات اعضاء منتديات الحقلة | تصاميم الاعضاء | دروس الفوتوشوب | ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة | منتدى الاخبار | نبض اقلام المنتدى | ديـــوان الشــاعـر علـي الـدحيمــي | الاستشارات الطبية | الترحيب بالاعضاء الجدد | قسم الاشغال الايدويه | قسم الاشغال اليدويه | مجلة الحقله الالكترونيه | حصريات مطبخ الحقله | ديوان الشاعر ابوطراد |



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant