عدد الضغطات : 9,073عدد الضغطات : 6,571عدد الضغطات : 6,295عدد الضغطات : 5,513
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز المراقب المميز المشرف المميز الموضوع المميز القسم المميز
قريبا
قريبا
قريبا

بقلم :
المنتدى الاسلامي العام

العودة   منتديات الحقلة > المنتدى الاسلامي > منتدى القرآن الكريم والتفسير

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الوجه الاخر لرجل الأعمال سعد التميمي (آخر رد :السموه)       :: احذروا سوء الظن (آخر رد :ابو طراد)       :: من فوائد وفضائل الذكر (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: هل تريد نخلة في الجنة (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: وانت في مفترق الطرق تذكر... (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: غلط يقع فيه بعض المصلين (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: علماء الأزهر (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: رائعة جداً (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: ايمانيات (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: رحله العمر (آخر رد :فاطمة صلاح)      


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 15-10-2017   #21
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم




يقولون : إذا ذاع السر بين اثنين فقد فشا .
ويقولون : إذا لم تستطع حفظ سرك في صدرك ، فلا تلومنَّ على بثّه أحداً .
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول :
(( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان )) .
ولحفظ السر فوائد عديدة منها :

1ـ أن عدوّك لا يعرف ما نويته أو خططت له ، فهو منك دائماً على حذر .
2ـ أن أمرك يظل في يديك ما دمت تحفظ سرك فإن ذاع انكشفت .
3ـ أن أصدقاءك يأتمنونك على أسرارهم فأنت ثقة عندهم .

وفي القرآن الكريم عدة مواضع فها أمر بالكتمان ليظل الموقف سليماً مستوراً .
فقد رأى يوسف في المنام رؤيا قصها على أبيه يعقوب . . فما هي ؟ { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)}(يوسف) ، فعلم الأب أن يوسف سيكون نبياً ، يبلّغه الله مبلغ الحكمة ، ويجعله ممن اصطفاهم ، ويعلمه تفسير الأحلام ، وأن إخوته حين يعلمون أنه سيكون نبياً من دونهم سيحتالون لإهلاكه حسداً وغيرةً منه فـ { قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) }(يوسف).
وقد دعته امرأة العزيز وراودته عن نفسه فأبى ، فحاولت أن تكيد له فادّعت أنه هو الذي راودها ، فبرّأه من كيدها إن كان قميصه قُدَّ من دبر ، وأنّ واحداً من أهلها شهد ببراءته ، وأن النساء قطَّعْنَ أيديهن دهشة لجماله ، وما عُدْنَ يصبرن عن لقائه ، فقال العزيز : نسجنه كتماناً للقصّة أن تشيع في العامة { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) }(يوسف) .
وتمر الأيام وتنقضي السنون ، ويصير يوسف عليه السلام الوزير المؤتمن على خزائن الأرض ، ويأتيه الناس من أصقاع الأرض للميرة ، ومن بينهم إخوته أولادُ أبيه الذين أرادوا إهلاكه ، فأكرمهم ، لكنّه أخبرهم أنه لن يميرهم في المرة القادمة إلا ومعهم أخوهم بنيامين ، وهو أخوه الشقيق ، واستعجالاً لعودتهم جعل ثمن البضاعة داخلها ، وكأنّه نسيها معهم فاضطروا للعودة ومعهم بنيامين بعد أن أخذ منهم أبوهم العهد أن يحافظوا عليه فلا يغدروا به . . { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70)}(يوسف) فاستكتمه ، ذلك أنه أراد أن يعلّم إخوته أنهم أخطأوا في حقه .
وقد أحسن يوسف إذ وصّى أخاه أن يكتم سرّهما ، فما علموا أن أخاهم سرق حتى افتروا على يوسف قائلين : { إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ.. }(يوسف من الآية 77) فهل أظهر يوسف لهم حقيقته يوبخهم ويعريهم بكذبهم هذا ؟ لا فما تزال القصة في أولها { ...فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ }( يوسف من الآية 77 ) وهذا يدل على فكر سديد وحكمة بالغة وصبر على المكاره .

ـ وهؤلاء أصحاب الكهف الذين فروا بدينهم إلى الله ينامون فيه ثلاث مئة وتسع سنوات ، وحين يأذن الله بيقظتهم يشعرون بالجوع ويقولون بعضهم لبعض : { فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19)}(الكهف) .
إذاً فللسرية والكتمان :
1ـ يرسلون واحداً فقط لشراء الطعام .
2ـ ويتلطف في دخول المدينة .
3ـ ويتصرف بهدوء وحكمة حتى لا يتعرف عليه أحد .
وهكذا نجدهم حذرين ، راغبين أن لا يعرفهم أحد فيوصِل خبَرَهم إلى الملك الكافر المتجبر .

ـ وحين وُلِد موسى خافت عليه أمه أن يقتله فرعون فأوحى الله تعالى إليهما أن ترضعه وتلقيه في اليم ، وهو سبحانه المتكفل بإرجاعه إليها . . فلما وقع بيد فرعون كاد يقتله لولا أن زوجة فرعون أحبته ، ورجته أن يكون قرّة عين لها ، وسمعت أم موسى بوصول الوليد إلى قصر فرعون ، فجزعت خوفاً وشفقة على ابنها وكادت تبوح بأنها أمه ، لكن الله تعالى ثبَّتها وألهمها الصبر ، وهذا نوع من أنواع الكتمان وحفظ السر{ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10)}(القصص) .
وتتبعه أخته على الشاطىء الآخر ، تقص أثره مستخفيةً ، فرأته اتجه إلى قصر فرعون ، وعُرِضَتْ على موسى المراضع فأباهن ، فلما خرج الخدم يبحثون عن مرضع له خارج القصر دلّتهم أخته على أمه ، فجاءت ، فلما وجد ريح أمه أقبل على ثديها فقال فرعون : مَن أنتِ فقد أبى كل ثديٍ إلا ثديك ؟ فكتمت سرّها وقالت : إني امرأة طيّبة الريح ، طيّبة اللبن ، لا أكاد أوتى بصبي إلا قبلني . فدفعه إليها ، فرجعت إلى بيتها ومعها ابنها { وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11)}(القصص) .

ـ أما المنافقون في المدينة فقد كان كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحده يعرفهم بأعيانهم ، أمة بقية الصحابة والمسلمين فكانوا يشعرون بهم غير متأكدين منهم ، يشعرون بهم من تصرفاتهم المريبة ونشرهم للأراجيف ، والأكاذيب لبلبلة الأفكار ، وخلخلة الصفوف ، ونشر أخبار السوء ، وينضم إلى هؤلاء المنافقين ضعافُ الإيمان ، أصحابُ الفجور .
فهل يترك هؤلاء يعيثون فساداً في مدينة الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ لا . . فقد هددّهم الله بكشف خباياهم وفضحهم على الملأ ثم إخراجهم من المدينة ، وقتالهم لأنهم يظهرون الإيمان ، ويبطنون الكفر . . . لم يفضحهم الله عزَّ وجلَّ بل كتم حالتهم عساهم يؤمنون . . . والله بعباده رحيم { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60)}(الأحزاب) .

والكتمان يدل على الإرادة الحازمة لصاحبه ، والقدرة على تحمل المسؤولية ، ومن ثمَّ التصرف السليم في الأحوال العادية والعصيبة .

يتبع



 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #22
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم




لن تكون ظالماً إذا عاملت المسيء بمثل ما عاملك به من سوء ، بل تكون عادلاً،قال تعالى : { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ }(من الآية 194 البقرة) .
فإذا ما كلت له الصاع صاعين دونما حاجة إلى ذلك كنت ظالماً ، أما إذا نويت أن تردعه عن غيّه وفساده ، وزجَره عن إساءته فلا بأس في ذلك .
أما إذا أحسن إليك أحدهم فرددت عليه إحسانه دونما زيادة كنت عادلاً كذلك ، فإن زدته في الخير وأكرمتَه كنت محسناً . . والإسلام يحثنا على ذلك : قال تعالى:
{ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا }(من الآية 86 النساء) ،
وقال سبحانه: { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } (من الآية 26 يونس) .
والقرآن الكريم مليء بكثير من هذه الآيات التي تدعو الإنسان أن يتفكر ويتدبّر ، فلا يقدم على الإساءة إلى نفسه والآخرين كيلا يرى جزاءً وفاقاً لما قدَّمت يداه ، وليقدم على الإيمان وفعل الخير والإحسان لينال الفضل والرضوان .
قال تعالى : { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا }(من الآية 20 المزمل) .
وقال سبحانه : { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)}(المدثر) ، فإن كسبت خيراً لقيت خيراً وإن كسبت شراً لقيت شراً ، وقال سبحانه : { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19)}(الأحقاف) .

وتأمل هاتين الآيتين الكريمتين ، تصف الأولى المنافقين والمنافقات ونسيانهم الحقَّ ، وتصف الثانية المؤمنين والمؤمنات وعملهم الذي يثابون عليه :
1ـ { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ
أ ـ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ
ب ـ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ
جـ ـ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ
د ـ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ
هـ ـ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)}(التوبة) .
إذاً نسي المنافقون الله فنسيهم . . .
ووعدهم النار ولعنهم فهم مقيمون فيها خالدين .
2ـ { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
أ ـ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
ب ـ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
جـ ـ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ
د ـ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
هـ ـ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)}(التوبة) .

إذاً فالمؤمنين أولياء لله سبحانه يطيعونه وهو سبحانه سيرحمهم . . . ووعدهم الجنات الرائعة والمساكن الطيبة بالإضافة إلى ما هو أكبر من ذلك . . رضوان الله سبحانه . وهل هناك أعظم من هذا الفوز ؟ لا والله ، فلكلٍ جزاؤه حسب عمله . . .

وهاتان الآيتان صريحتان في مبدأ المعاملة بالمثل . قال تعالى : { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا
(124)}(النساء)
فلماذا ؟ . . لأن الله تعالى العادل الذي لا يظلم أحداً قرّر ، وأمره نافذ :
أ ـ { أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38)
ب ـ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)
جـ ـ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40)
د ـ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)}(النجم) .

وإليك الأمثلة تترى :
قال تعالى : { مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85)}(النساء) .
وقال سبحانه : { وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (10) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)}(الأنعام) .

إنَّ الذين يمكرون بالمؤمنين ، ويكذبون دين الله ورسله يهددهم الله سبحانه أن يكون عقابهم شديداً ، بل قد يكون متنوعاً على قدر سوء أعمالهم سواءً بسواء .
قال تعالى : { أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ
أ ـ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ
ب ـ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (45)
جـ ـ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (46)
د ـ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (47)}(النحل) .

وهذا ذو القرنين حين خيّره الله سبحانه وتعالى تعذيب من قاتله أو الإحسان إليهم سار على القاعدة نفسها ، قال تعالى:
{ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)}(الكهف) .
فهناك إذاً إكرامان : في الدنيا القول الحسن وما يناسب ، وفي الآخرة الجنة والحسنى . وعذابان : في الدنيا عذابٌ بيد المؤمنين ، وفي الآخرة عذاب الله تعالى .

ـ ماذا حلَّ بمن خالف نبيَّ الله صالحاً عليه السلام ، فكفر به ، وقتل الناقة ، وتآمر على قتل النبي نفسه وأهله . . إنه الجزاء من جنس العمل :
{ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)
قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49)
وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50)
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51)
فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)
وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)} (النمل) .
فقد أصر هؤلاء المجرمون على :
أ ـ قتل النبي وآله .
ب ـ وإنكار فعلتهم الشنيعة .
فماذا كان من أمرهم ؟ . . . هم يدبرون والله تعالى يدبّر وينفّذ ويحمي رسوله الكريم صالحاً وأهله المؤمنين .
أرسل على ثمود صيحة قويّة دمّرتهم جميعاً ، وما تزال بيوتهم خاوية تشهد على ظلمهم أنفسهم ، وعلى قدرة الله فيما يريد . . ولا رادَّ لقضائه .

ويقول سبحانه :
{ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا
وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ (89)
وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ
هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (90)}(النمل) .

فصاحب الحسنة :
1ـ يأخذ أفضل مما عمل .
2ـ لا يخاف العذاب يوم الآخرة حين يخاف الناس .

وصاحب السيئة :
1ـ يلقى في النار على وجهه خائباً خاسراً .
2ـ يوبّخ على سيئته ويقرّعُ عليها .

وقال تعالى :
{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ
وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا
ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)}(الجاثية) .
وقال سبحانه :
{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ
وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)}(الشورى)
فهو الغفور الرحيم .

ـ وحادثة الإفك مشهورة تولّى كبرَها المنافقُ عبد الله بن أبي بن سلول الأب ، كبيرُ المنافقين ، حين قال كلمته الفاسقة عن زوجة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، تلك الزوجة الطاهرة الصديقة بنت الصديق عائشة بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ وعن الصحابي الفاضل صفوان بن المعطل ، وكل مَنْ خاض في هذه الحادثة له نصيب مما فعل . . وقد كانت درساً كبيراً تعلم فيه المسلمون أن يعتقدوا الخير في الرسول وآله ، والخيرَ في المسلمين عامة وأن يمحِّصوا كلَّ ما يسمعون قبل إذاعته . .
قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ
(11)}(النور) .

أما اليهود أخزاهم الله تعالى فقد أكرمهم الله عزّ وجل ، فأرسل إليهم سيدنا موسى عليه السلام وأخرجهم من الذل الذي كانوا فيه عند الفراعنة في مصر ، وهيألهم دخول القدس ، وبذل لهم من نعمائه الشيء الكثير فما كانوا ليؤمنوا ، فعاقبهم بما يستحقون .

وعودة إلى سورة الأعراف الآيات [ 160 ـ 165 ] تجد هذه النعم الكريمة الوافرة التي وهبهم الله تعالى إياها ، فما رعوها حقَّ رعايتها فعاقبهم بما يستحقون ، قال عز وجل:
{ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }(من الآية 160 الأعراف) .
{ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162)}(الأعراف) .
{ . . . . كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } (الأعراف) ، { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165)} (الأعراف) .

وأخيراً يأمرنا الله تعالى إذا عاقبنا أن يكون العقاب مساوياً للجريمة ، وينبهنا إلى أن العفو خير وأجدى ، ولأنّ الله سبحانه يجزي الصابرين الأجر الجزيل ، ويعوض العافين الخير الوفير .
أ ـ { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ
ب ـ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)
جـ ـ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ
د ـ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127)
هـ ـ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)}(النحل) .
فالعفو عند المقدرة شيء رائع فهو :

1ـ استعلاء على تفاهات الحياة .
2ـ تعظيم للمسلم في أعين الناس .
3ـ تشجيع للآخرين أن يكونوا مثله ويتبعوه .

ولكنْ لا تثريب عليك أن تعامل الآخرين بالمثل .

يتبع




 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #23
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم




القرآن الكريم كتاب ربنا سبحانه وتعالى إلينا ، يهدينا بما فيه من حقٍ ووضوح إلى صراط الله المستقيم ، ويفتح لنا بفضله وكرمه آفاق الحياة على نهج مضيء ، وسبيل واضح .
في الإنسان بذرة خير إن تعهدها بالعناية والرعاية زكت ونمت ، فأضفت على صاحبها من حوله الأمن والأمان والسعادة والهناء .
وفيه بذرة شر إن أهملها ، ولم يلق إليها بالاً ، زاحمت بذرة الخير ودافعتها ، فإذا ساعدتها نوازع فاسدة ، كامنة في حنايا الإنسان اشتدت واستفحلت ، وبدا خطرها على صاحبها ومَنْ حوله ، فدبت الفوضى وضربت أطنابها في المجتمع .
ومن طبْع الإنسان أن يعمل الخير ، لأن الله تعالى فطره على الهدى والصلاح ، ودله على طريقه .
ومن طبعه أن يقع في الخطأ والتفلت والتهاون ، لأن الله تعالى خلقه من عجل ، وخلقه ضعيفاً يصيب الذنوب والآثام .
لذلك كانت الجنة للتائبين العائدين إلى ربهم ، والنارُ للعاصين المتنكبين سبيل الهدى والرشاد.
ونرى القرآن العظيم يستعمل أسلوب الترغيب والترهيب بمقدار ما يقوّم سلوك الإنسان ، فيمضي به إلى ما يرضي الله تعالى ، حتى إذا لقيه أجزل له الثواب ، ونجّاه من العقاب .
وليس في القرآن ـ على الأغلب الأعم ـ آية ترغيب إلا تبعها ما فيه ترهيب ، وما من آية فيها ترهيب إلا تبعها ما فيه ترغيب .
فالترغيب والترهيب متلازمان ، والحكمة في ذلك :
1ـ التذكير الدائم بالثواب والعقاب ليظل الإنسان حريصاً على نيل المثوبة والبعد عن العقوبة .
2ـ أن مَنْ لا يؤثر فيه الترغيب وثوابُه ، يؤثر فيه الترهيب وعقابُه .
وإني لأعجب ممن يدعون الباع الطويل في التربية ، والخبرة المديدة في مضمارها أنهم يرفضون الترهيب أسلوباً للتربية ، ويكتفون بالترغيب زاعمين أن الخوف من العقاب يجعل صاحبه يلتزم ما يؤمر به ، وينتهي عما نهى عنه بالإكراه ، فإذا زال سبب الخوف تصلّف وعاد سيرته الأولى ، فهم ـ لذلك ـ يدأبون على نوع واحد من التربية هو الترغيب ، ويقولون إن الترهيب يخلق جيلاً جباناً معقداً . . . والردّ عليهم بسيط لأنه جواب الفطرة :
أولاً : إن الله تعالى أعلم بالإنسان وما يقوّمه ، فهو الذي خلقه فقدّره ، يعلم ما يصلحه ، والقرآن الكريم الذي أنزله مَنْ يعلم السرَّ وأخفى مليء بالترغيب والترهيب .
ثانياً : التربية غير محددة بزمان ولا مكان حتى نقول : إذا زال الخوف تفلّت وعاد سيرته الأولى ، فهما مستمرّان إلى آخر يوم من حياة الإنسان .
كما أن الترغيب والترهيب لا ينبغي أن يكونا طارئين على حياة الإنسان ، إنما يجب أن يكونا من مكوّنات نفسه يصحبانه في حياته ، ويكونان دافعاً ذاتياً إلى الخير ، وكابحاً ضمنيّاً عن الشرّ .
ثالثاً : إن الواقع ليكذَّب ادعاءاتهم ، فالحوافز ذات تأثير كبير في بذل الجهد للوصول إلى الهدف .
لكنَّ الخوف من الوقوع في المحظور أكبر تأثيراً ، فقد تجد أناساً يبذلون الجهد ، ويسعَوْن بخطا حثيثة للوصول إلى الأحسن ، لكنك ترى عامّة الناس يبذلون الجهد ويثابرون على أمرٍ ما خوفَ الانتكاسة والعودة إلى الوراء ، والسقوطِ فيما يحذرونه ويتجنّبونه .
فالترهيب كالترغيب تأثيراً ، والقرآن الكريم يتناولهما بمقدار يناسب المطلوب ، لأنهما كجرعة الدواء ، ينفع إذا استعمل بحكمةٍ ، ويضرُ إن زاد عن الحد .
ـ فمن الأمثلة عليهما ، قوله تعالى مخاطباً الكفار الزاعمين أن القرآن مفترى :
{ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا
أ ـ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ
ب ـ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)
جـ ـ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) }(البقرة) .
فهم لا يستطيعون إيجاد سورة واحدة تشابه صور القرآن الكريم ، ولو استعانوا بكل المخلوقات إنسهم وجنّهم . ولما كانوا ـ هكذا ـ عاجزين فليعلموا أن القرآن منزل من رب العالمين ، أما جزاء الكافرين فنار الله التي تأكل الحجارة لقوتها وشدتها ، فضلاً عن المجرمين الكافرين ، الذين عصوا الله ورسوله . ونعوذ بالله من عصيانه ، نشهد أنه الملك الجبار ، الواحد الأحد ، الفرد الصمد . . . إنها كلمات تهزّ أرباب النهى وأصحاب العقول .
فإذا ما أحسَّ الإنسان تلك الرعدة في قلبه جسمه ، وعلم أنه عاجز ضعيف التجأ إلى القوي العزيز فسمعه يقول :
{ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
أ ـ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
ب ـ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ
جـ ـ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا
د ـ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ
هـ ـ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)}(البقرة) .
فالآية : فيها بشرى للمؤمنين الذين يعملون الصالحات .
وهذه البشرى جنات ، وليست جنَّة واحدة ، فيها الماء الكثيرُ الزلالُ ، ثمارها تشبه في الصورة ثمار الدنيا ، ولكنَّ طعمها ولذّتها لا يعدِلُهما شيء . لهم في هذه الجنات نساء طاهرات زاكيات ، لسن كنساء الدنيا المرهقات بمطالبهن ، الكثيرات في إيذائهن حاشا الصالحات منهنّ.
وليس في الجنة موت ، بل نعيم خالدٌ ، وحياة رغيدة تدوم أبد الآبدين ، وتزداد خيراً وفضلاً . . نسأل الله أن يجعلنا من أهلها .
فحين تعتري الإنسان هزة الخوف ، ويرتعد من عذاب الله إن كفر وضلَّ يجد السكينة والأمان في الإيمان بالله ، والعمل على مرضاته .
ترغيب وترهيب يصوغان فكر الإنسان ، ويدفعانه للصواب والرشاد .
ـ وتأمل معي التمازج الرائع بين الترغيب والترهيب في هذه الآيات الكريمة :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً
وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)
وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131)
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)}(آل عمران) .
فالجملة الأولى تحذير ، الثانية ترغيب والثالثة تحذير والرابعة ترغيب .تتابع الجمل محذرة ومرغّبة ، فتندمج الرغبة والرهبة في نفس المتلقي لتكوّن في ذبذباتها الصاعدة الهابطة انفعالاً في النفس المؤمنة ، فيتولد الحذر من سوء العاقبة ، والأمل في مآل طيّب حميد .
ـ وقارن معي هاتين الآيتين في الوعد والجزاء : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (10)} (المائدة) .
أ ـ فالذين آمنوا يقابلهم الذين كفروا .
ب ـ والذين عملوا الصالحات يقابلهم الذين كذّبوا بآياتنا .
جـ ـ والذين نالوا المغفرة والأجر العظيم يقابلهم أصحاب الجحيم .
فاختر لنفسك ما يناسبك أيها الإنسان .
ـ وانظر معي إلى هذا البيان الإلهي الدويّ : { اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98)} (المائدة) .

هل جاءكم هذا البيـان ؟ * وهل سمـعتُم الأذانْ ؟
إمــا عـــقــاب مـا حـقٌ * مـا بـيـن نـار ودخـانْ
أو رحمة لمـَن أطـاع * الله في روض الجنـان *

ـ ومن الأمثلة في الترغيب والترهيب قوله تعالى :
{ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ
أ ـ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ
ب ـ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا
جـ ـ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)}(الأنعام) .
والبصيرة هنا القلبُ المستنير والعقلُ المدرك تأتيه الآيات البينات من ربه فَمَنْ آمن بها وعمل بتعاليمها أفاد نفسه ونجا ، ومن ضلَّ عنها وأنكرها خاب وخسر . . . وما على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا البلاغ .

ـ ونجد في المعنى نفسه قول الله تعالى : { وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ
أ ـ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( 8 )
ب ـ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)} (الأعراف) .
وهل أشد خسارة من أن يخسر الإنسان نفسه في جهنّم خالداً فيها . . ؟ !!.

ـ وتعال معي أيها الإنسان ـ إن كنت لبيباً ـ إلى هذه الصورة ذات الشقين المختلفين :
الصورة الأولى : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)} (الأعراف) .
هذه صورة النعيم للمؤمنين الذين أطاعوا الله ورسوله ، فما صورة الكافرين ؟! .
الصورة الثانية : { وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ كَافِرُونَ (45)} (الأعراف) .
فمن صد عن سبيل الله لعنه الله ، ومن لعنه الله كان من الخاسرين . . .

ـ ومن الأمثلة الشديدة الوضوح قوله تعالى :
أ ـ { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ
ب ـ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ
جـ ـ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)

أ ـ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا
ب ـ وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا
جـ ـ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)} (يونس) .
فمن أي الفريقين أنت أيها القارىء الذكي ؟ !! .

ـ والأشقياء مأواهم النار لهم من شدة كربهم زفيرٌ لا يخرج من نفوسهم إلا بشدة ، وقال بعض المفسرين : إن صراخ الكافرين في جهنم وأصواتهم صوت الحمير أوّله زفير وآخره شهيق ـ والعياذ بالله ـ قال تعالى :
{ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106)
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ
إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) } (هود) .
والسعداء ـ جعلنا الله منهم ـ خالدون في جنة يأخذون ما آتاهم ربهم من فضل وعطاء يتزايدان . . وعطاء الله لأوليائه يستمر أبد الآبدين .
{ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)} (هود) .

ـ وفي سورة الرعد مقدَّمة ُترهيب وترغيب ثم ذكرُ أسباب دخول الجنّة ، ثم بيانٌ لعذاب أهل النار مما يجعل أهل الألباب يسارعون إلى مرضاة الله . . ولكنْ إذا ضيّع الناس عقولهم ما يصنعون ؟ إنهم يقتدون بكل شيء دون فائدة .
{ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ
لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18)
أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19)
أ ـ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20)
ب ـ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ
جـ ـ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
د ـ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21)
هـ ـ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ
و ـ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ
ز ـ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً
ح ـ وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ
أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) }(الرعد) .

أ ـ { وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ
ب ـ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ
جـ ـ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25)}(الرعد) .

فلينظر أحدنا أيُّ الصفات تنطبق عليه ؟ وليعملْ لما ينجيه من عذاب الله .

ـ ونسمع هنا صوت المولى عزَّ وجلَّ ـ نسمعه بأسماع القلوب الحساسة والأفئدة الصافية ـ يطلب إلى رسوله الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يخبر عباده بقدرته على العفو والمغفرة ـ لمن آمن واتقى ـ والعذاب والويل لمن كفر وطغى : { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49)
وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)}(الحجر) .
جملتان قصيرتان في اللفظ مليئتان في المعنى . .

يــا ربّ فـاغـفــر ذنـبـنـا * أنــت الـكـريـــم الـغـافــر
وارحــم إلــهـي ضـعـفنا * أنــت الـرحــيـــم الســاتر
واهـد القـلـوب الحائرات * فـــأنـــت هـــــادٍ قـــــادر
واكتـب لنا الجنات فضلاً * إن فــــضـــلــــك وافــــر
واغـفـر بـحق المصطفى * ذنــبي فضعفي ظاهر*

ـ يا أيها الإنسان إن كنت تريد الدنيا فقط فربما أعطيناك وربما منعناك ، وكنت من أهل النار تصلاها خاسئاً خائباً ، وإن كنت إنما تريد الآخرة وتعملُ لها بقلب مؤمن شكرنا لك همتك ، وأوصلناك إلى ما تريد ، قال تعالى:
{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)} (الإسراء).

ـ وهذه صورة أخرى توضح خاتمة كلٍّ من الفريقين .
( فاختر لنفسك يا إنسان ما نفعا ) .

{ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ
فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ
إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا
وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ
بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)
أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ
يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ
وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ
مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ
نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)} (الكهف) .

ـ وافتح أيها الأخ الكريم شاشة العرض ، علك ترى فترعوي ، فليس راءٍ كمن سمعا ، وتدبّر فأنت في دار الاختيار ، فاختر ما ينفعك في آخرتك ، وتعرّف على أحوال الكافرين ، وخذ العبرة منهم ، والتصق بالمؤمنين الأتقياء عسى الله أن يُلحِقَك بركبهم فتكون من المقبولين :
{ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99)
وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100) الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101)
أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ
إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)
أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ
فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)
ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا
(106) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)} (الكهف) .

ـ وعاين أيها الأخ الحبيب مآل من كذّب باليوم الآخر ـ والعياذ بالله .
أ ـ { بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ
ب ـ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11)
جـ ـ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12)
د ـ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13)
هـ ـ لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14) }(الفرقان)
فهم حين أنكروا يوم البعث والنشور لم يعملوا له ، وأهملوه فكانت النتيجة :
أ ـ أن جهنّم صارت لهم مآلاً .
ب ـ يسمعون غضبها وغليانها من بعد بعيد وهي تراهم وتتشوق إليهم وتنتظر الأمر بالتقاطهم .
جـ ـ يدخلونها مصفدين ، أيديهم إلى أعناقهم .
د ـ يلقون فيها في مكان ضيّق يخنقهم .
هـ ـ يدعون على أنفسهم بالموت والهلاك دون فائدة .
و ـ يسخر منهم الزبانية قائلين : ادعوا على أنفسكم كثيراً .
{ قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (15) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (16)} (الفرقان) .
فالمؤمنون نجوا من مصير الكفار المرعب ، وربحوا الجنّة وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، فكانوا أهلها ينالون كل ما يتمنّون ، فالله تعالى وعد المؤمنين بها ، وكان حقاً عليه ما وعدهم إياه سبحانه وتعالى .

اللهم اجعلنا من أهل خاصتك في الجنّة يا رب العالمين .

ـ وفي سورة السجدة وصف للمؤمنين يؤهلهم لجنات الله ورضوانه عسانا نكون منهم { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا
أ ـ خَرُّوا سُجَّدًا
ب ـ وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
جـ ـ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15)
د ـ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ
هـ ـ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا
و ـ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16)
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) .

وتعال إلى وصف أهل النار أعاذنا الله من مصيرهم { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ
أ ـ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
ب ـ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)
وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13)
فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14)}(السجدة) .

ـ ولفتة سريعة إلى صورة رائعة للمؤمنين في الجنة { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)}(القيامة) .

ـ ولفتة سريعة أخرى إلى لوحة كئيبة مزرية للكافرين في النار { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25)} (القيامة) .

الأولى : صورة الأبرار من أهل السعادة ، وجوهم مشرقة مضيئة من أثر النعيم ، تنظر إلى جلال ربها ، وتهيم في جماله ، وهذا أعظم نعيم لأهل الجنة ، رؤية المولى جلّ وعلا بلا حجاب . . اللهم اجعلنا منهم ، فأنت ذو الفضل والكرم والعطاء والمنن .
الثانية : صورة الكفرة ذوي الوجوه الكالحة العابسة ، وجوه الأشقياء من أهل الجحيم . يتوقعون أن تنزل بهم داهية عظمى ، تكسر فقار ظهورهم . . نسأل المولى النجاة من هذا المصير المرعب .
وهكذا تتوالى آيات الترغيب والترهيب موضحةً نهاية كل من المؤمنين الصادقين والكافرين الضالين . تنذر وتحذر ، وتبشر وترغّب . . أما أهل البصائر ومَنْ هداهم الله فإلى رحمة الله ، وأما الآخرون ممن حقت عليهم كلمة العذاب ففي خسران :

يــا رب إنـي مؤمـن * أجـوك أن تـغـفـر لـي
أحـب أن تـعـفوَ عن * ما قـد بـدا مــن زلـلـي
وحبُ طه واتباع الحـق * يـــحـــيـــي أمـــلــــي
إنــي إلــيـه أنـتـمــي * فهبني حسن العمل**

الهوامش:

* الأبيات للمؤلف
** من كتاب صور من تأذي الرسول في القرآن الكريم ص 87






 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #24
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم



تقول : مدحتُ فلاناً ، إذاً أثنيتَ عليه بما له من الصفات الحميدة .
والمديح :

أ ـ تعبير عن الرضا بما يصدر من أعمال أو أقوال تسرُّوتُحمدُ .
ب ـ صفات محمودة للعاقلين الواعين ذوي الهمم العالية .
جـ ـ دفع يشجع الممدوح على التزام ما يرفعه في أعين الناس .
د ـ يوحي للآخرين أن يكونوا مثل الممدوحين في هذه الصفات .

وقد مدح الله تعالى أنبياءه الكرام ذوي القدر العلي :

أ ـ مدح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)}(القلم) .
(( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)}(النجم) .
فزكّى لسانه وعقله وجليسه .

ب ـ ومدح إبراهيم عليه السلام :
{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122)}(النحل) .

جـ ـ ومدح نوحاً عليه السلام :
{ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (80) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (81)}(الصافات)
وكذلك مدح إبراهيم وموسى وهارون وإلياس كمدحه نوحاً [سورة الصافات ، الآيات : ( 109 ـ 111 ) ، ( 120 ـ 122 ) ، ( 123 ـ 124 )] .

ـ والقرآن الكريم يسجل للمؤمنين صفات منحتهم رضاه سبحانه وتعالى ، وجعلتهم أهلاً لجنته ورضوانه .
والمنزلة الرفيعة ألوان بديعة ومنازل رفيعة ، منها :

ـ الصبر والتوكل على الله:
{ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42)}(النحل) .

ـ التقوى والإحسان :
{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128) } (النحل) .

ـ التقرب إلى الله تعالى وإخلاص الدعاء له ، ورجاء رحمته ، وخوف عذابه :
{ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ }(من الآية 57 الإسراء) .

ـ العبودية لله تعالى :
{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ }(من الآية 65 الإسراء) .

ـ السجود لله تعالى والبكاء من خشيته والخشوع له :
{ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)} (الإسراء) .

ـ الإيمان بالله ، والهداية ، توحيدهم لله :
{ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) (الكهف) .

ـ عَمَلُ الصالحات :
{ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)}(الكهف) .

ـ أئمة للهدى ، يفعلون الخيرات يقيمون الصلاة ، ويؤتون الزكاة :
{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ . . .}(من الآية 73 الأنبياء) .
ـ الحكمة والعلم :
{ وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا }(من الآية 74 الأنبياء) .

ـ كلامهم طيب ، أهل الصراط المستقيم :
{ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24)}(الحج) .

ـ معرضون عن اللغو ، حافظون لفروجهم ، راعون للأمانة والعهد :
{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) . . . .
{ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)
فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ( 8 )}(المؤمنون) .

ـ ذاكرون لله دائماً ، مسبحون ، خائفون من عذاب يوم القيامة :
{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)}(النور) .

ـ مشيُهم هادىء ليس فيه تكبر ، فيهم حلم وسعة صدر ، يقومون الليل ، يتقون الله ، معتدلون في الإنفاق ، يحفظون حرمات الله تعالى ، ولا يزنون :
{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)
وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64)
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65)
إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66)
وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)}(الفرقان) .

ـ يتوبون إلى الله ، لا يشهدون الزور :
{ وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)
وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)} (الفرقان) .

ـ تصديق كلام الله :
{ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53)} (القصص) .

ـ البراءة من الجاهلين :
{ . . . وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ }(من الآية 55 القصص) .

ـ الإيمان بيوم البعث : { وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56)}(الروم) .

ـ تسبيح الله ، والتواضع ، قيام الليل ، ودفع الصدقات : { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16)}(السجدة) .

ـ باعوا أنفسهم لله : { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } (الفتح) .

ـ أشداء على الكفار ، رحماء بينهم :
{ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } (الفتح) .

واقرأ معي هذا النسيج الرائع من الصفات الراقية من المديح : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)} (الأحزاب) .

يتبع





 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #25
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم



ذمَّ الرجلَ : عابه ولامه وأظهر معايبه ومثالبه .
والذمُّ :
أ ـ تعبير عن السخط وعدم الرضا .
ب ـ نوع من الهجاء لمن لا ترتضي منه تصرفاتٍ وأقوالاً مذمومة .
جـ ـ إظهار المعايب المنبوذة التي تسقط مروءة فاعلها كي :
1ـ يتجنبه الناس .
2ـ يتجنب الناس الوقوع بمثلها .

والقرآن الكريم يسجل للكافرين والمشركين والمنافقين صفات سببت لهم غضب المولى سبحانه نعوذ بالله أن نفعلها أو نكون من أهلها .
منها :

ـ أنهم يزعمون لله سبحانه البنات ، مع أنهم يكرهونهنَّ ويئدوهنَّ وأنهم أهل شهوات :
{ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57)
وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58)
يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)}(النحل) .

ـ أنهم أولياء الشيطان :
{ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)}(النحل) .

ـ يفترون الكذب ، ولا يؤمنون بآيات الله ، ينشرح صدورهم للكفر ، فضَّلوا الدنيا على الآخرة ، وطُبعَ على قلوبهم ، فهم غافلون :
{ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105)
مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107)
أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108)}(الحجر) .

ـ ادّعوا لله سبحانه الولدَ :
{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)}(مريم) .

ـ طاغُون :
{ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)}(طه) .
{ اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ (43)}(طه)
{ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17)}(النازعات).

ـ مترددون ، يعبدون الأوثان ، ويجادلون من غير علم ولا هدى ، متكبرون ، ويضلون الناس :
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ( 8 ) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9)}(الحج) ،
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12)}(الحج) .

- يكذّبون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ظالمون ، يقولون الزور ، يصفون القرآن بالأساطير :
{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)
وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5)}(الفرقان) .

- يدعون أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مسحور :
{ ...وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا ( 8 )}(الفرقان) .

- يستهزئون بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، لا يهتدون كالأنعام ، ولا يؤمنون بالبعث والنشور :
{ وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41)}(الفرقان) .
{ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)}(الفرقان) .

- أعداء الله :
{ ويعبدون مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55)} (الفرقان) .

- فاسقون ، يجعلون القرآن سحراً ، والرسولَ ساحراً ، جاحدون ، ظالمون ، ومستكبرون ، مفسدون ، يشكون بالآخرة ، عميان عن الحقيقة :
{ . . . . إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13)
وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)}(النمل) .
{ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآَخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (66)} (النمل) .

ـ يؤذون الله ورسوله ، ويؤذون المسلمين :
{ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)}(الأحزاب) .

ـ يتبعون الشيطان :
{ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20)}(سبأ) .

ـ يعرضون عن الحق ، بخلاء :
{ وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47)}(يس) .

ـ يمارون في الساعة ، ويستعجلونها :
{ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا... }(من الآية 18 الشورى) .

ـ أفّاكون آثمون ، يصرون على الكفر والاستكبار ، يصمون آذانهم عن الحق :
{ وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ( 8 ) }(الجاثية) .

ـ في قلوبهم مرض ، قاطعون للرحم :
{ . . . فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ(20)}(محمد) ،
{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)}(محمد) .

ـ لا يتدبرون القرآن :
{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)}(محمد) .

ـ فيهم حميّة الجاهلية :
{ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ }(من الآية 26 الفتح) .

ـ هم خراصون ( شديدو الكذب) ، ساهون :
{ قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11)}(الذريات).

ـ مترفون ، يصرون على الذنب العظيم " الشرك " :
{ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46)}(الواقعة) .

ـ والمنافقون لا يعرفون الله ، فهم يخافون المسلمين أكثر من خوفهم من الله ، يؤاخون الكفار :
{ أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)}(الحشر) .
{ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13)}(الحشر) .

ـ يمكرون بالمؤمنين :
{ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22)}(نوح) .

ـ لا يصلّون ، يدفعون المساكين ، يخوضون في الباطل :
{ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46)}(المدثر) .

ـ يأكلون حقوق الناس :
{ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)}(المطففين) .

ـ يضحكون من المؤمنين ، ويتغامزون بهم ، ويسعدون لاستخفافهم بالمسلمين ، ويصفونهم بالضلال :
{ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32)}(المطففين) .

ـ قال تعالى في حقِّ أبي لهب وزوجته :
{ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)}(المسد) .

وأخيراً اقرأ معي سورة القلم لترى عديداً من صفات الكفار ، والعياذ بالله :
{ فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ( 8 )
وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)
وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10)
هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)
مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)
عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)
أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14)
إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15)}(القلم) .

نسأل الله تعالى النجاة من النار ، اللهم آمين .

يتبع





 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #26
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم



الأعداء نوعان :
الأوّل : صريح العداء كاليهود والكفار والنصارى .
والثاني : عدو باطني لكنّه أشد إيذاء ، وهم المنافقون .
وقد تجد من العدو الصريح قدراً من التزام الحدود لأنّه مكشوف تحذر منه ، لكنه لا يفوّت فرصة تجعله ينال منك ويحاول جهده ـ إن كان ضعيفاً ـ إظهار اللباقة والموضوعية في صراعه معك ، وإن أحسَّ من نفسه القوة لم يرعَ عهداً ولا ذمّة . . قال تعالى : { لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10)}(التوبة) .

المنافق:

العدو الباطني ...إنه يظهر لك الودَّ والحبَّ ويختلط بك ، ويشاركك كثيراً من عبادتك وأفكارك ، ويتعرف على أسرارك ودخائلك ، ويختلق الأعذار في التخلي عنك ، ويخذلك في الوقت المناسب ، ويذيع أسرارك ، ويوصلها للآخرين .
فهو جراثيم تفتك بجسمك ، والانتصار عليه أو التخلص منه يحتاج إلى أضعاف كثيرة من الجهد الذي تبذله للعدو الظاهر . .
والقرآن الكريم علمنا كيف يكون الدفاع الحقيقي عن حياض المجتمع الإسلامي ، إنّه الهجوم . . . فالهجوم أفضل وسيلة للدفاع .
ومن سبل الهجوم فضح مواقف الأعداء .
وقد يكون كشف عوراتهم قبل أن يقوموا بعمل عدائي وذلك :
1ـ لتحذير المسلمين منهم .
2ـ لإخافة الأعداء حين يعرفون أن تصرفاتهم وأقوالهم مكشوفة .
وقد يكون ذلك بعد قيامهم بعمل عدائي قولاً وتصرفاً وذلك :
1ـ لعزلهم عن المجتمع الإسلامي فيمايزهم ويفاصلهم .
2ـ حتى لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين .
وقد عرّى القرآن الكريم مواقف " اليهود ، والمنافقين والكفار ، والنصارى " ونذكر أمثلة مناسبة لكل فئة منهم :

اليهود :

فهم يحاولون تشكيك المسلمين بالرسول والرسالة بأسلوب خبيث ، ويوصى بعضهم بعضاً بالحذر من المسلمين ، وأكل أموالهم دون وازع من دين ، قال تعالى : { وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73)}(آل عمران) .
{ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)}(آل عمران) .
كما أنّ اليهود يحرّفون كتبهم عن قصد . قال تعالى : { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)}(آل عمران) .
واليهود إضافة إلى أنهم يحرفون كلام الله ، فيحذفون ، ويزيدون ، يجهرون بالعصيان ، ويدعون على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويشتمونه ويطعنون في الإسلام فهم ملعونون إلا من آمن منهم واتقى ، قال تعالى : { مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ، وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ ، وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46)}(النساء) .
واليهود يهزأون بالإسلام وشعائره ويقلدون المسلمين في صلاتهم ، عابثين ساخرين ، ولا غرو فهم أبناء القردة والخنازير . أهل غدر وعدوان يأكلون المال الخبيث ، ولا يعرفون الحلال من الحرام ، كما أن أحبارهم ورهبانهم مثلهم لا يعرفون لله حقاً . قال تعالى : { وإذا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58)}(المائدة) .فهم يسخرون من المصلين وصلاتهم . فقد غاب عن عقولهم – لو كان لهم عقول – أن الصلاة لقاء بين الله وعباده ن بين المحبين ومحبوبهم .
(( قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)}(المائدة) . فاستحقوا أن يكونوا قردة وخنازير لأنهم عبدوا الطغيان ، فكانوا مثالاً للشر ، وقادة في الضلال .
وقال تعالى : { وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)}(المائدة) . يعتدون ويسارعون في الفتن وأكل المال الحرام دون رادع ، وشاركهم الإثم أحبارهم ورهبانهم ، فكانوا شركاءهم في الجريمة .
بل إن فجورهم وكفرهم وصل بهم إلى الاستكبار ومسِّ الذات الإلهية ، حين افتروا عليه ـ سبحانه ـ فعاقبهم أن عادى بعضهم بعضاً وأبغضهم الناسُ جميعاً لفسادهم ، قال تعالى :
{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ
غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا
بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ
وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا
وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ
وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)}(المائدة) .
أما قصتهم مع نبي الله موسى عليه السلام ، فسورة الأعراف تسجيل دقيق لخبثهم وفسادهم . فهم بعد أن نجاهم الله من فرعون ورأوا قوماً يعكفون على أصنام لهم قالوا فوراً : { اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ }(من الآية 138الأعراف) .
وصنعوا عجلاً من حليِّ نسائهم يعبدونه : { وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148) }(الأعراف) .
وحين أمروا بدخول القدس أباح الله تعالى لهم كلَّ ثمارها ، يأكلون ما شاءوا ، ومتى شاءوا ، وأمرهم نبيهم أن يقولوا : يا الله حُطَّ عنا ذنوبنا . فبدّلوا ذلك ، ودخلوا يزحفون على أستاههم بدل السجود لله والخشوع له ، وبدّلوا من حطة إلى حنطة استهزاء وسخرية ، قال تعالى : { وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162) }(الأعراف) . وكان الرجز الطاعون الذي أباد منهم عشرات الآلاف جزاءً وفاقاً .
وقصتهم في اصطياد السمك يوم السبت ، وقد نهاهم الله عن ذلك اختباراً لهم معروفة ، فلما احتالوا ورمَوا شباكهم في ذلك اليوم عاقبهم الله ، فجعلهم قردة خاسئين . . قال تعالى : { فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) }(الأعراف) .
وحين رفض هؤلاء اليهود الامتثال لأمر الله وتطبيقَ شريعته ، اقتلع الله جبل الطور ورفعه فوق رؤوسهم يهددهم بإسقاطه عليهم فامتثلوا مكرهين لا قانعين ، شأنهم في كل الأمكنة والعصور . . قال تعالى : { وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) }(الأعراف) .
هذا غيض من فيض يدل على قبح مواقف اليهود وعتوّهم وكفرهم ، ليكون المسلمون على دراية بهم وبفسادهم ، فيظلوا منهم على حذر .

الكفار :

هؤلاء الذين آذوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه البررة الكرام لم يألوا جهداً في تجييش الجيوش وبذل المال لمحاربة الرسول الكريم وإطفاء دين الله في الجزيرة ، ولكنَّ الله تعالى كان لهم بالمرصاد فأبطل مكرهم وجعل ما صرفوه حسرة في قلوبهم ، ثم مصيرهم إلى النار .
قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ
وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) }(الأنفال) .
أما الأصنام التي يعبدونها من دون الله فلن تنفعهم ، ضلَّ سعيهم في الدنيا ، ويوم القيامة لهم النار بسبب كفرهم ، واستهزائهم بالمؤمنين ، قال تعالى :
{ أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102)
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)
أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا(105)
ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106)}(الكهف) .
والكفّار يجتمعون ظاهراً على الأصنام ويعظم بعضهم أصنام بعض للحفاظ على المودة الظاهرة في الدنيا ، أما في الآخرة فسيكفر بعضهم ببعض ، ويتلاعنون ومأواهم النار لا يخرجون منها ، قال تعالى : { وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25)}(العنكبوت) .
وبعض هؤلاء الكفار من يخلف الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مجلسه ، يحدث الناس عن رحلاته إلى بلاد فارس والروم ، فيشغلهم بترّهات الأمور عن الإيمان بالله والاستجابة لرسوله ، ويهزأ بآيات الله مستكبراً ، قال تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7)}(لقمان) .

وقال تعالى: { وَقَالُوا
أ ـ قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ
ب ـ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ
جـ ـ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ
د ـ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)}(فصلت) .
إنه إصرار عجيب على الكفر والعناد .
وفي سورة نوح نلحظ ما يلي : { فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6)}(نوح) الزهد الشديد في قبول الدعوة وعدم سماعها ،
{ وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7)}(نوح) ، الإصرار على رفضها ، والتكبر على سماعها .
وقال تعالى: { قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ
أ ـ عَصَوْنِي
ب ـ وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21)
جـ ـ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22)
د ـ وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23)
هـ ـ وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا . . .(24) }(نوح) .

المنافقون :

يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولكنهم يتحاكمون إلى غير شرع الله ، مما يدلُّ فسادهم وكفرهم .
قال تعالى يفضحهم :
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ
أ ـ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ
ب ـ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ
جـ ـ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60)}(النساء) .
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61)}(النساء) .
{ فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ
أ ـ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ
ب ـ وَعِظْهُمْ
جـ ـ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)}(النساء) .
والمنافقون حين ارتدوا إلى الكفر بعد إسلامهم ضلوا وتاهوا ، وتمنّوا لو عاد إلى الكفر كل المسلمين حتى يكونوا مثلهم ، فهؤلاء لا حرمة لهم عند المسلمين ولا كرامة .

قال تعالى يوضح موقفهم : { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا
أ ـ فَخُذُوهُمْ
ب ـ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ
جـ ـ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89)}(النساء) .
{ سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ
أ ـ فَخُذُوهُمْ
ب ـ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ
جـ ـ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)}(النساء) .

ويفضح الله مواقف المنافقين الذين يدَّعون الإيمان بالله وبالرسول ولا يتحاكمون إليه فيشنّع عليهم ، قال تعالى : { وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47)
أ ـ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48)
ب ـ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49)
1ـ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
2ـ أَمِ ارْتَابُوا
3ـ أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ
4ـ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ (50)}(النور) .
ومن صفات المنافقين الكذب والتعلل بغير الحقيقة هرباً من القتال ، لأنهم يظنون أن المسلمين إن قاتلوا هربوا أو قُتلوا ، هكذا ظنهم السيء ، قال تعالى : { سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12)}(الفتح) .
وقد وعد الله سبحانه المسلمين في صلح الحديبية أن غنائم خيبر لمن حضر هذا الصلح ، فمنع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المنافقين أن يذهبوا معهم إلى حرب خيبر ، فأظهروا الغيرة والحسد ، وألصقوهما بالمسلمين كذباً وافتراءً ، قال تعالى : { سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15)}(الفتح) .
ويعرّي الله سبحانه كذبهم حين يدّعون أنهم يؤمنون بالإسلام ، ويشهدون للرسول بالنبوة
{ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ
قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ
وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)
اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2)}(المنافقون) .
والسورة كلها تسلط الضوء على مخازيهم ، قال تعالى :
1ـ { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5)
2ـ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6)
3ـ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7)
4ـ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ( 8 )}(المنافقون) .
وفي سورة التوبة تحليل دقيق للمنافقين ، وكشف لدخائلهم وسرائرهم التي يحاولون إخفاءها ، ولكثرة الآيات في ذلك أذكر بعض المواقف ، وأحيل إلى مكانها في سياق الآيات :
ـ يحلفون بالله كذباً أنهم لا يستطيعون الخروج ، ولو استطاعوا ما قصّروا ، والحقيقة أنهم رأوا تبوك بعيدة فاستنكفوا عن مصاحبة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (1) .
ـ لا يكون التردد والبقاء في المدينة إلا عن كفر بالله واليوم الآخر ، والبخل بالمال والنفس(2).
ـ ولو خرج المنافقون مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمسلمين إلى تبوك لبذروا الفتنة في الناس ، وأسرعوا فيهم إلى الغيبة ، والنميمة ، وحاولوا إلقاء العداوة بينهم ، وفي المسلمين بعض ضعفاء الإيمان قد يستمعون إليهم ، فقد فعلوا ذلك في غزوة أحد وأغووا بني المصطلق (3) .
ـ بعضهم ادعى أنه لا يصبر على الزنا إن رأى نساء بني الأصفر ، فاستأذن (4) .
ـ يفرحون لمصاب المسلمين ويحزنون إن انتصروا ، ويتربصون بهم الدوائر (5) .
ـ ينفقون كارهين للمراءاة فقط ، لذلك لا يقبل الله تعالى نفقاتهم ، لأنها غير خالصة لله ، ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى (6) .
ـ يتجنبون القتال جبناً وخوفاً ، وألسنتهم سليطة ، تقف حين يأخذون من الصدقات ، ويلمزون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إن منعهم (7) .
ـ يعيبون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويقولون ما لا يليق بجنابه (8) .
ـ يخافون المسلمين ، ولا يخافون الله ، فهم لا يعرفون الله (9) .
ـ يحذرون أن ينزل الله آيات تفضحهم ، وتعرّيهم ، ويتحدثون بما لا يليق في حق الإسلام العظيم ، بحجة أنهم يلعبون ويلهون (10) .
ـ المنافقون والمنافقات يأمرون بالمنكر ، وينهون عن المعروف ، ويبخلون فتقصر أيديهم عن فعل الخيرات . نسوا الله فلم يحسبوا حسابه ، وهؤلاء هم الفاسقون أهل النار فيه مع الكفار في لعنة دائمة وعذاب مقيم (11).

النصارى :

هم الذين كان لهم في التاريخ دور مسيء إلى المسلمين في عهد الإسلام الأوّل وحاربوه في مؤتة وتبوك وأجنادين واليرموك . . . وهم الذين جاءوا بقضّهم وقضيضهم في العصور الوسطى ، فاحتلوا البلاد الشامية ، وقتلوا المسلمين وذبحوهم ، وهم الآن يبتزون خيراتهم ويذيقونهم الهوان لماذا ؟ تعالَ معي إلى بعض ما فعلوه .
قال تعالى :{ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)}(المائدة) .
واتخذوا عيسى عليه السلام ولداً لله ـ سبحانه وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ـ قال تعالى : { وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ ..}(من الآية 115 البقرة) .
{ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ..}(من الآية 4 الزمر) .
وبعضهم جعل عيسى عليه السلام هو الله ـ تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً ـ : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ...}(من الآية 17 المائدة) .
فلما جاء وفد نجران من النصارى يدّعون أن لله سبحانه ابناً ، وأصروا على ذلك أمام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأمر الله تعالى رسوله أن يقول : { قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81)}(الزخرف) .
وأمره أن يباهل وفد النصارى هؤلاء ، قال تعالى : { الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)}(آل عمران) .
ولهذا أمرنا الله تعالى أن نتحاشى موالاتهم وموالاة اليهود والكفار ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)}(المائدة) .

فهل نرضى أن نكون من اليهود أو النصارى ؟!! .
وهل نرضى أن نحشر إلى الله تعالى ظالمين ؟!! .
إن في هذا لعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .

الهوامش:
(1) انظر : سورة التوبة ، الآية : 42 .
(2) انظر : سورة التوبة ، الآية : 45 .
(3) انظر : سورة التوبة ، الآيتان : 47 ، 48 .
(4) انظر : سورة التوبة ، الآية : 49 .
(5) انظر : سورة التوبة ، الآيات : 50 ـ 52 .
(6) انظر : سورة التوبة ، الآيتان : 53 ، 54 .
(7) انظر : سورة التوبة ، الآيتان : 57 ، 58 .
( 8 ) انظر : سورة التوبة ، الآية : 61 .
(9) انظر : سورة التوبة ، الآية : 62 .
(10) انظر : سورة التوبة ، الآيتان : 64 ، 65 .
(11) انظر : سورة التوبة ، الآيتان : 67 ، 68 .

يتبع





 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #27
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم



يقولون تحدّاه : نازعه في أمر ، وباراه فيه وغالبه ، ويقولون كذلك : تعمّد الشيء .
ففي التحدي ثقة بالنفس وعلوّ في الهمة ، وإحساس بالاقتدار فوق ما يستطيعه الأخرون .
وفي القرآن الكريم كثير من التحدي للناس على اختلاف أنواعهم ، وللكفار المعاندين بشكل عام ، والمناوئين المعاندين بشكل خاص ، والمتقولين الزاعمين ما لا يستطيعونه بشكل أخص .
وقد يكون التحدي للإعجاز ، وقد يكون للسخرية ، ولفضح الزاعمين . ولهذا الأسلوب إيجابيات كثيرة منها :

1ـ أن يقف المتخرصون عند حدودهم ، فلا يدّعوا ما ليس لهم .
2ـ أن لا يغتروا بأنفسهم فيحسبوا لكل شيء حسابه .
3ـ أن يتنبّه المخدوعون بهم فينفضّوا عنهم وينبذوهم .
4ـ أن يفكر هؤلاء وغيرهم تفكيراً منطقيّاً ينأى بهم عما يسيء إليهم . . .

ومن أمثلة ذلك : أن الكفار من الوثنيين وأهل الكتاب زعموا أن هذا القرآن لم ينزل من عند الله بل " تقوّله " الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وحاشاه فهو الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى ، فيتحدّاهم القرآن الكريم .

1ـ أن يأتوا بمثله : { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)}(الإسراء) .
2ـ فلما عجزوا وهذا دأب الأفاكين تحدّاهم بأقلّ من ذلك فقال تعالى: { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14)}(هود) .
3ـ فلما عجزوا ـ وسيعجزون لأنه كلام الله ـ تحداهم بأن يأتوا بأقل من ذلك فقال : { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)}(البقرة) .
وقال أيضاً : { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ . . . }(يونس) .

لن يستطيع الإنس والجنّ مجتمعين أن يفعلوا ذلك ، وهاقد مرت إحدى وثلاثون عاماً وأربع مائة وألف عام ، وما زال التحدي قائماً فشتان ما بين القدير والضعيف .
وقد حاول الأقزام المتنبئون فكان ما قالوه سخافة ، تدعو إلى السخرية والرثاء .

ـ وينكر الكفار أن يعودوا إلى الحياة بعدما أرمّوا ، فينبههم في الآيات التالية إلى أمرين اثنين :
الأوّل : أن الله خلقهم ولم يكونوا شيئاً وسيعيدهم من شيء ، فأي الأمرين أشدَّ ؟! أليس الخلق أصعب ، وليس هناك مستحيل على الله سبحانه .
الثاني : التنبيه إلى الخسارة المؤكدة لمن كفر .
قال تعالى : { يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11) قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (14)}(النازعات) .
وقال تعالى : { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)}(يس) .
وقال تعالى : { قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (34)}(يونس) .
وقال تعالى : { وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51)}(الإسراء) .
وقال تعالى : { زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7)}(التغابن) .

ـ ويتحدى اليهود أن يتمنّوا الموت حين زعموا أنهم اولياء الله ولا يعذّبهم فقال : { قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)}(الجمعة) .
ـ لن يترك الله تعالى الإنسان يفعل ما يشاء ، ولا بدَّ من الحساب والعقاب ، أو الثواب ، والله قادر على كل شيء ، يعيد الإنسان كما كان حتى بصمات أصابعه ، قال تعالى : { أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4) }(القيامة) .
وقال : { أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)}(القيامة) .

ـ ومما نجد فيه تحدياً ساخراً إنفاق الكفار أموالهم ضدَّ المسلمين ، وخسارتهم في مكرهم هذا : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
أ ـ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
ب ـ فَسَيُنْفِقُونَهَا
جـ ـ ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً
د ـ ثُمَّ يُغْلَبُونَ
هـ ـ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)}(الأنفال) .
أرأيت إلى هذا التعقيب الرائع الذي يصور المكر السيء الذي يحيق بأصحابه ؟ .

ـ وانظر معي إلى الهيمنة الإلهية القادرة الجبارة في قوله سبحانه : { وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59)} (الأنفال) .
وقوله : { أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20)}(هود) .
وقوله سبحانه : { يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (22)} (العنكبوت) .
فإلى أين يهربون وما لهم لا يحكمون ، وكيف يتجرأون على الله سبحانه من عظيم قدير .

ـ أما الإشراك بالله فهي مظاهر عدة يظهر فيه التحدي والغضب بآن وواحد فهم يجعلون لله ولداً ـ سبحانه أن يكون له ولد ـ فيأمر الله تعالى نبيّه أن يباهل نصارى نجران في ذلك فيأبون خوفاً من الحقيقة واعترافاً ضمنياً بها : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)} (آل عمران) .

ونرى الغضب يسح على النصارى الكاذبين سحّاً ، ويسيل سيلاً ، فما ينبغي لله ـ سبحانه ـ الكامل ، المطلق الكمال ـ أن يحتاج إلى ولد :
{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88)
لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89)
تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91)
وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)
لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94)
وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)}(مريم) .
والعجيب أنهم يزعمون أن إشراكهم بالله برضى منه ـ سبحانه ـ ومشيئته !!
{ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149)}(الأنعام) .
إنّه بيَّنَ الحقَّ لكم وسبيله ، والباطل وطرقه الملتوية وودعكم تختارون فتنالون ما تستحقون إما ثواباً ، وإما عقاباً .

ويدعي الكفار أن الجِنّة ـ والعياذ بالله ـ أنسباء الله سبحانه ، وقد نكح منهم ، فولدت له الملائكة فيخزيهم مبكتاً : { وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159)}(الصافات)
وسيحاسب الله تعالى الجنّ يوم القيامة كما يحاسب البشر . وهل يحاسب أحد أنسباءه ؟ نعوذ بالله من الظلم والظلمات . وإذا كان لله شركاء وعندكم بيّنة على ذلك فهاتوها ، ووضحوا ما صنعته هذه الآلهة المزعومة ؟
أ ـ { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ
ب ـ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4)
جـ ـ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5)
د ـ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6)}(الأحقاف) .
ويطلب الله تعالى الدليل مرات ومرات من المشركين كي يثبت الحجة عليهم:
{ هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15)}(الكهف) وليس أظلم من المفتري الكذّاب . . .

ـ ومن التحدي الذي يسرُّ المسلمين وبذهب حزنهم بشرى الله نعالى بنصرهم ونصر دينهم رغم الكافرين المعاندين والمشركين الضالين ، يقول تعالى :
{ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ
وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ
وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)}(التوبة) .
ويقول جلَّ شأنه : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)
إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172)
وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174)
وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175)
أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176)
فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177)
وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178)
وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179)}(الصافات) .

نقف مليّاً في تحدّ عجيب غير التحدي الذي سقناه آنفاً ، فما مرَّ كان تحدياً من الله تعالى للكافرين المشركين ، أما السحرة الذين أعدّهم فرعون تحدياً لموسى عليه السلام فقد سارعوا إلى الحق والإيمان حين علم أن ما يدعوهم إليه نبي الله عين الصواب ، وزبدة الحياة ، فتحدّوا فرعون وثبتوا على إيمانهم على الرغم من ضعفهم أمام جبروته وطغيانه ، فمن ذاق الإيمان عرف ، ولم يرض بغيره ، وبذل روحه في سبيله .
{ وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ
قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113)
قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114)
قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115)
قَالَ أَلْقُوا
فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116)
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ
فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117)
فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118)
فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119)
وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120)
قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)
قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ
إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا
فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123)
لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)
قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125)
وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا
رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)} (الأعراف) .

ـ وهذا سيدنا موسى يقف أمام فرعون ، معه سلاح الإيمان غير هياب ولا وجل ، يعلن كلمة التوحيد تصك أذن الجبار المتكبر ، فنرى ونسمع محاورة قوية بين فرعون الظالم وموسى المؤمن. من أقوى الأساليب الحوارية .
{ قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19)
قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22)
قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23)
قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24)
قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25)
قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26)
قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27)
قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28)
قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29)
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30)
قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31)}(الشعراء) .
{ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108)} (الأعراف) .
تحدّ كالجبال الراسيات يلقم فرعون الحجة تلو الأخرى . . ولا يكون التحدي إلا :
1ـ بالحجة الدامغة والدليل الواضح .
2ـ بالإيمان الصحيح الحقيق بما تحمله .
3ـ بالثقة في الله ، والقوة النفسيّة .

وأخيراً ، فالتحدي قوة يجب أن يتسلح بها الداعية عن وعي وإدراك . إن الإخلاص لله سبحانه أقوى حجة وأبلغ دليل .

يتبع






 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #28
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم



التقريع : التعنيف ، . والتوبيخ : اللوم والتهديد والتعبير.
وهذا الأسلوب دواء لمن أخطأ فأصرَّ على الخطأ ، يستوي فيه من أخطأ في موقف ، وأصرَّ عليه غيرَ عارف بخطئه ، ومن عرف أنه مخطىء فأصرّ عليه معانداً ، وإن كان الثاني أشدَّ زلة ، إذاً فالتوبيخ والتقريع نتيجة لتكرار الخطأ دون الرغبة في تركه إلى الصحيح من القول والفعل .
وقد يكون هذا الأسلوب :
1 ـ للمصرّين على مواقفهم فكرةً وعملاً ـ وأنت تعلم أنهم لا يرعوون ـ لإقامة الحجة عليهم ، كي لا يتنصّلوا فيما بعد من مواقفهم هذه .
2 ـ لتتخذ العقوبة المناسبة في حقهم معتمداً على القاعدة التي تقول : ( قد أعذر من أنذر ) فيكون موقفهم في تذرّعهم ضعيفاً .
3 ـ لتنبّه الآخرين أن لا يقعوا فيما وقع فيه غيرهم من الأخطاء والتصرفات الذميمة .
وهذا الأسلوب ـ عادة ـ يأتي بعد فضح المواقف التي اتسم بها من حاد عن الصواب ، فاستحق العقاب . واستحق الوصف الذي لا يرضاه أولو الألباب .
ولا نقصد هنا بأسلوب التقريع والتوبيخ الأساليب البلاغية التي جاءت إنما نقصد إلى :
أ ـ التعجب مما صدر عنهم من تصرفات .
ب ـ إظهار التصرف الذي كان عليهم أن يلتزموه فخالفوه ، مثال ذلك قوله تعالى : { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)}(البقرة) .
فالتعجب من أمرهم للناس بالبرّ والنأي عنه ، فحريٌّ بالعاقل أن يكون أول الناس في التزام ما يأمر به لأنه قدوة ، ولأنه يدلُّ على صدقه فيما يدعو إليه وصواب ما يفعله .
وقوله تعالى : { وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا
أ ـ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ
ب ـ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)} (البقرة) .
وقوله جلّ شأنه : { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً
1 ـ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ
2 ـ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ
3 ـ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) } (البقرة) .
وحين يظهرون الإيمان أمام المؤمنين خداعاً ، ويتواصون سرّاً أن يخفوا صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ، فلا يظهروها للمسلمين كي لا تكون حجة للمسلمين عليهم ـ معشر اليهود ـ في عدم اتباعه صلى الله عليه وسلم ، يقول الله تعالى كاشفاً سترهم موبخاً إياهم موضحاً حقيقة الأمر : { أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77) }(البقرة) .
ومما استحق عليه اليهود التوبيخ والتعنيف ، ما أخبرنا به الله تعالى في كتابه قائلاً :
{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ
أ ـ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ
ب ـ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84)}(البقرة) .
{ ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ
أ ـ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ
ب ـ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا
أ ـ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
ب ـ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)}(البقرة) .
فهم يفعلون غير ما تأمرهم بهم الديانة اليهودية التي يزعمون أنهم ينتمون إليها .
ومن صفات اليهود الفاضحة التي استحقوا عليها التوبيخ :
أ ـ { أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) }(البقرة) .
ب ـ { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88)}(البقرة) .
جـ ـ {. . . . فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89)}(البقرة) .
الاستكبار على أنبيائهم ، وتكذيبهم وقتل الكثير منهم ، والتشدّق بفسادهم وكفرهم والجرأة على الله ، والكفر به .

وحين دُعُوا إلى الإيمان بالرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ادَّعوْا أنهم يؤمنون فقط بما أنزل عليهم في التوراة ، ويؤمنون برسلهم فقط ، وهم كاذبون في دعواهم ، لأنهم كانوا يقتلون أنبياءهم ، ولو كانوا يؤمنون بهم وبرسالتهم ما قتلوهم ، فيقول سبحانه موبخاً : (( فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91)}(البقرة) .

وانظر معي إلى هذا النداء التوبيخيّ الفاضح ، وهذا الاستفهام الدامغ : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) }(آل عمران) .
{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71)}(آل عمران).

وتأمل معي تفجير الموقف التوبيخي ، والأسباب التي سبقته فأدّت إليه .
قال تعالى :
أ ـ { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49)
ب ـ انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50)
جـ ـ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ
1ـ بِالْجِبْتِ
2ـ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52)}(النساء) .

والمنافقون قال الله تعالى فيهم :
{ ..فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) }(النساء) . أتدري لماذا ؟ إنهم ادّعوا أن اتباعهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصيبهم بالبلاء والجهد ، مع أن الله سبحانه وتعالى جعل الحسنة والسيئة والنعمة والنقمة كلها من عند الله {.. قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ (78)}(النساء).

واقرأ معي هذه الصفات الخسيسة التي اتسم بها اليهود :
{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ
لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ
مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ
وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ
لَمْ يَأْتُوكَ ( يقبلون كلام من لا يحضر مجلسك تكبّراً وعناداً وإفراطاً في العداوة والبغضاء ـ يهود خيبر ـ)
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ
يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ
( إن أمركم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالجلد فاقبلوا)
وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ...}(من الآية 41 المائدة)
(إن أمركم بالرجم فلا تقبلوا)
{ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ...}( من الآية 42 المائدة).
(السحت : الحرام من الرشوة والربا ، وما شابه ذلك )
فهذه الصفات جعلتهم أهل فتنة ، قلوبهم فاسدة ، لهم خزي في الدنيا ، وعذاب في الآخرة .

أما المنافقون الذين يسرعون إلى مرضاة اليهود والنصارى ـ وما أكثرهم هذه الأيام ـ فقد جعلوا أنفسهم منهم إذْ جعلوهم أولياء لهم ، فهؤلاء إذاً نفوسهم مريضة ، ضالّون ، ظالمون ، سيندمون حيث لا ينفع الندم :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)
فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ
فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)}(المائدة) .
وهؤلاء الكفار من اليهود والنصارى يدعون أن لله ولداً ، فيقرعهم سبحانه ، ويصفهم بالكذب : { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)}(التوبة).
(يضاهئون : يشابهون ويماثلون)،
والعبودية اتّباع وتنفيذ ورضا ، فالرهبان والأحبار يحرفون الكلم من بعد مواضعه وأتباعهم ينفذون ما خططوه لهم ،قال تعالى: { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ }(من الآية 31التوبة) .
وهم { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) }(التوبة) .
والله سبحانه { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)}(التوبة) . فأشار الله سبحانه إلى الكفار من أهل الكتاب المناوئين لدينه موبخاً واصفاً إياهم بالشرك والكفر .

وتدّبر معي هذا التوبيخ الشديد لمن نكث عهده فبخل وفسَد وأعرض :
{ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)
فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76)
فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77)}(التوبة) .

ويسخر المنافقون من صدقة قليلة دفعها رجل مؤمنٌ فقير ، فيسخر الله منهم
{ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) }(التوبة) .
وهؤلاء المنافقون لا يغفر الله لهم أبداً أبداً { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ...))
لماذا ؟!
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80) }(التوبة).
إنها روعة في نفي المغفرة لهؤلاء مع بيان سبب شدة النفي ، وتهديد لمن تحدثه نفسه أن يكون مثلهم .
ولما فرح المخلفون عن غزوة تبوك وقالوا لا تنفروا في الحرّ بيّن الله تعالى لهم أن نار جهنم أشد حراً لكنهم لا يفقهون ثم وبخهم وقرَّعهم بقوة قائلاً : { فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) }(التوبة) .

ونرى هنا توبيخاً لمن يذكر الله في الشدّة وينساه في الرخاء بل ينكر فضله متناسياً ما كان ، قال تعالى :
{ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)}(يونس) .
أما فرعون المتأله المستكبر الذي سام بني إسرائيل سوء العذاب فإنه حين يغرقه الله وتغرغر روحه يقول : إنّه أسلم لله . . فكيف كان التوبيخ والتقريع ؟ قال تعالى : { وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)}(يونس) .
اعترف بإله بني إسرائيل وأنكر ألوهيّة نفسه التي أضلَّ بها قومه ورعيّته ، وأقرَّ أنه واحد من المسلمين لا يزيد عنهم ولا ينقص . . وليته قالها قبل هذه اللحظة ، فلن ينفعه هذا الإيمان الذي جاء متأخراً :
أ ـ { آَلْآَنَ
ب ـ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ
جـ ـ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً
وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)}(يونس) .
( أتتوب في وقت لا تقبل فيه التوبة) .

وكفّار مكة لم يقدِّروا فضل الله عليهم إذ جعل حياتهم فيها آمنةً رغداً تحترمهم القبائل ، وتؤمُّ بيتهم الحرام وتحرس قوافلهم ، وجعل لهم رحلة الشتاء إلى اليمن ، ورحلة الصيف إلى الشام ، فجعلوا له شركاء ، وضلوا عن سبيله . . { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)}(إبراهيم) .

ولم أر توبيخاً أشدُّ من توبيخ مَنْ جعل لله سبحانه ولداً ، اقرأ معي هذه الجمل التي تعصف بالقلوب ، وتزلزل البنيان من القواعد ، غضباً ممن اعتدى على كمال الله وجلاله ، ووحدانيّة الله في ألوهيته :
{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88)
أ ـ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89)
ب ـ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90)
جـ ـ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91)
د ـ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92)
هـ ـ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)
ز ـ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94)
ح ـ وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)}(مريم) .
( إدّاً : منكراً فظيعاً)
وتدبّر معي التضَجّر من الإشراك على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام ، وممن يتخذون من دون الله آلهة : { أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67)}(الأنبياء) .
حقاً إنهم لا يعقلون .
لقد اعترفوا حين تحدثت الفطرة بأن هذه الآلهة المزعومة لا تعقل ، ولا تنطق فهم حين عبدوها كانوا أقلَّ منها عقلاً ، فكيف يعبد الإنسان شيئاً صنعه بيده ؟!!
{ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63)
فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64)
ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65)}(الأنبياء) .

ويكون التوبيخ على أشده حين يفتري مَنْ يفتري دون برهان ، ولا دليل ولا مزعة من ظنّ مقبول ، فهم حين يجعلون ملائكة الرحمن إناثاً يسألهم الله موبخاً : { أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) }(الزخرف) .
وحين ادّعوا أن الله تعالى أمرهم أن يعبدوا ملائكته ـ وحاشاه سبحانه ـ أن يأمرهم بذلك أقام عليهم الحجة { مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) }(الزخرف) .

وحين سمّوا أصنامهم بما يحلو لهم وقالوا هي بنات الله سخر ـ سبحانه ـ منهم ووبخهم قائلاً :
{ أ َلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21)
تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22)
إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ
إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)}(النجم) .

وفي سورة الرحمن توبيخ يقرع أسماع أعداء الله ، يستمر من أوّل السورة إلى آخرها قرعاً مدوياً بترتيب متلاحق يخلع الأفئدة إحدى وثلاثين مرة : { فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13) }(الرحمن) . . إنه تعنيف شديد وتهديد رهيب ، ولوم ما بعده لوم .

ولاحظ التوبيخ التصويري في قوله تعالى : { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36)
عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37)
أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (38)
كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (39)
فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40)
عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41) }(المعارج) .
(مهطعين : مسرعين مادي أعناقهم ) ، فهؤلاء الكفار يتجمعون حول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جماعات متفرقة ، يصيخون إليه مائلين رؤوسهم متعجبين مما يقول ، هؤلاء يجيبهم الله تعالى باستفهام إنكاري فيه تقريع وتوبيخ ، فلا يطمع أحدهم أن يدخله الله جنات النعيم بعد أن كذّب خاتم المرسلين ، ثم يردعهم بقوله سبحانه { كَلَّآ } ، ليس الأمر كما يطمعون . لقد خلقهم الله من الأشياء المستقرة ، من نطفة ثمّ من علقة ، ثم من مضغة ، فمِنْ أين يتشرّفون بدخول جنات النعيم على شركهم وكفرهم ؟!! .

وفي أول سورة المطففين توبيخ لمن يأخذ أكثر مما يستحق ، ويعطي أقل مما يجب أن يعيطه ، وهذه دونيّة الفساد ما بعدها دونيّة : { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)
الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2)
وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)
أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4)
لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5)
يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)
كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)}(المطففين) .

والقرآن بأسلوبه العجيب يعطي هؤلاء المعاندين المستكبرين ما يستحقونه من تحقير يناسب نفوسهم وجِبِلَّتَهُمْ الفاسدة ، نسأل الله العفو والعافية .

يتبع





 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #29
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم



هو الشعور بالانتماء إلى الله العزيز العلي ، مما يولّدُ :

أ ـ الإحساس بالترفع عن سفساف الحياة الدنيا .
ب ـ وتحمل الأذى والصبر عليه ابتغاء رضوان الله تعالى .
جـ ـ والعزوف عن بهارج الحياة والرغبة في الآخرة .
د ـ والثبات على المبدأ الصحيح ، والبذل في سبيله كل غال ورخيص .
هـ ـ والنظر إلى طلاب الدنيا برحمة ، ومحاولة انتشالهم من شباكها .
و ـ والتعامل معهم دون الخوض فيما هم فيه ، دون نبذهم والتكبر عليهم .
وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تحمل هذه المفاهيم وتدعو إليها .

ـ فهؤلاء أصحاب الكهف فتية طاهرون ، آمنوا بالله سبحانه وتعالى ، ولجأوا إليه ، فقبلهم ، وزادهم منه هداية وتقوى ، وثبتهم على دين الحق ، فأعلنوا بإصرار وعزم عقيدتهم وتوحيدَهم لربهم ، مستعلين على ظلام الشرك والوثنية : { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14)}(الكهف).

ـ وهذا يوسف عليه السلام راودته التي هو في بيتها ، فاستعصم ، واستعان بالله عليها . . فلما انتشر خبرها بين نساء المدينة استزارتهن لتلقمهنَّ حجرها ، وتضع بين أيديهن سبب رغبتها فيه فلما رأين جماله ـ عليه السلام ـ وقعن فيما وقعت فيه ـ فدعونه إلى مسايرتهنّ جميعاً ، فأبى ، واستعلى ، فهددته بالسجن ـ فكان السجن ـ أحب إليه من الوقوع في الزنا :{ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)}(يوسف) .

ـ وهؤلاء المنافقون يعودون إلى المدينة بعد غزوة بني المصطلق ، ويتشاجر على الماء ساقيان ، أحدهما لأنصاري ، والآخر لعمر بن الخطاب رضي الله عنه من المهاجرين ـ ويرى رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول الفرصة مناسبة لخلخلة الصف المسلم ، فيقول : لا تنفقوا على المهاجرين حتى يتفرّقوا عن محمد ، ونسي أن خزائن السموات والأرض لله وحده . ثم ادّعى أنه العزيز وأن المسلمين أذلاء ، ولئن وصلوا إلى المدينة ليمنعنّ العزيزُ الذليلَ من دخول المدينة ، فسمع ابنه ـ وكان مؤمناً ـ ما قال أبوه ، فوقف على باب المدينة يمنع أباه من دخولها قائلاً : وراءك ، والله لا تدخل المدينة أبداً حتى تقول : إن رسول الله هو الأعز وأنا الأذل ، فقالها ، وسجّلها الله تعالى آية في العالمين : { هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)}(المنافقون) .

ـ وقد ذَكَرْنا أن انتماء المسلم لله سبحانه الذي مجّد نفسه فقال : { فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ }(من الآية 114 طه)/(من الآية 116 المؤمنون) ، وقال أيضاً : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)}(فاطر) ومحققاً : { كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)}(المجادلة) .
فهذا سيدنا سليمان يرسل إلى ملكة سبأ ، يدعوها وقومها إلى عبادة الله وحده ، فكانت عاقلة لبيبة ، ردّت عليه بالحكمة ، فبدأت بإرسال هدية مالية ضخمة ، علّه يسكت عنها إن كان من أهل الدنيا ، فماذا كان ردّه عليه السلام ؟ إنّه أعلن لمن جاءه وللحاضرين جميعاً أنّ المال ليس هدفاً وغاية يرمي إليه الإنسان { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36)}(النمل) .

ـ وتأمّل معي الجواب الواحد لنبيين عظيمين ، استعليا على الدنيا وما فيها . .
أما الأول فخليل الرحمان سيدنا ابراهيم ، الذي ألقاه قومه في النار ، فأنقذه الله منها ، فانطلق معرضاً عن الدنيا ، راغباً في الله سبحانه :
{ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ (99)}(الصافات) .
وأما الثاني ، فكليم الله موسى الذي خرج بقومه من مصر إلى بلاد الشام هرباً ، فلحق به فرعون وجنوده: { فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)}(الشعراء) .
أرأيت إلى المشكاة الواحدة التي قبس منها هذان النبيان العظيمان ، وإخوانهما من الأنبياء الكرام ؟ !! .

ـ وهذا سيدنا شعيب يفعل فعلهما ، فقومه يضيقون عليه وعلى المؤمنين ويقولون له :
أ ـ { لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا
ب ـ قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88)
ـ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا
جـ ـ وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا
ـ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا
د ـ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا
هـ ـ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ
ـ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)}(الأعراف) .

ـ ويجمع فرعون سحرَتَه ويستعين بهم على إرهاب موسى والناس ، ليضلّهم ويفرض سلطانه عليهم دون حقٍ إلا سبيل القوة والخداع ، فألقى السحرة حبالهم وعصيهم ، وسحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحرٍ عظيم ، فخاف موسى مما رأى . . . ولكن الله تعالى كان مع موسى ، ومن كان مع الله أفلح وانتصر . وصار أعداء الأمس أتباع اليوم .
{ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67)
قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68)
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69)
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)}(طه) .

ـ وكما قال الله تعالى لموسى عليه السلام { إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى } قالها للمؤمنين بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد ، حيث أصابهم من المعركة ما أصابهم من قتلى وجرحى ـ وواساهم ورفع من معنوياتهم ، وأنّه سبحانه معهم :{ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)}(آل عمران) .
وقالها أيضاً لهم حين أمرهم أن يطيعوا الله ويطيعوا الرسول ، ولا يبطلوا أعمالهم: { ولا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)(محمد) .

ـ وهذا سيدنا إبراهيم ، ـ وسيدنا إبراهيم أمّةٌ وحده والخير أصلٌ فيه ، ومنه نتعلم بما وهبه المولى سبحانه من كمال وسداد ـ يهدده أبوه المشرك إن لم يترك دينه ويعدْ إلى الضلال أن يرجمه فماذا يقول له ؟ وبم يجيبه ؟ إنّه عليه السلام دعاه إلى الإيمان فأبى ، ونصحه فرفض ، ووضح له فأصمَّ أذنيه ، وأغلق عينيه عن رؤية الحق :
{ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46)
قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47)
وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) } (مريم)
إنه عليه السلام نأى بنفسه عن والده ، وسأل الله السلامة له وسار في ركب الهداية لا يحيد عنه .

ـ وعاد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمسلمون إلى المدينة من حرب المشركين في غزوة أحد ، فسمعوا من المرجفين أنصار المشركين أن أهل مكة عادوا ليستأصلوهم ـ وخوّفهم هؤلاء المنافقون من المشركين ـ فقالوا لهم : عددهم كبير ، وأسلحتهم ماضية ، وهم عازمون على إنهاء وجودكم ، فلم يكن من المسلمين الذين علَّمهم قائدهم الشجاع ـ صلى الله عليه وسلم ـ الاستعلاء بالله والاستعانة به على كل مكروه إلا إن احتسبوا ذلك عند الله سبحانه ، وجعلوه ملجأهم ونصيرهم وتوكلوا عليه فرجعوا بنعمة السلامة ، وفضل الأجر والثواب :
{ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)
فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)} (آل عمران) .

ـ وأخيراً نقف ملياً أمام صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان :
{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) } ،
{ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ }(من الآية 68) ،
{ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73)}
فهم :
1 ـ لا يتكبرون .
2 ـ يتلطّفون مع الناس ولا يردون الإساءة بالإساءة .
3 ـ يوحدون الله قولاً وعمل .
4 ـ وقافون عند حدود الله :
أ ـ لا يقتلون لمجرّد القتل .
ب ـ لا يزنون ولا يرتكبون الفواحش .
جـ ـ يقولون الحق فقط .
د ـ يعرضون عن اللغو وفارغ الكلام .
هـ ـ يسمعون آيات ربهم بوعي وفهم .

اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين .

يتبع



 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #30
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم



هو أن ينال الإنسان حقّه لفعلٍ فَعَله ، أو قولٍ قاله إن خيراً فخيرٌ ، وإن شراً فشرّ ، وأن تقضيَه المِثْلَ المناسب .
وكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا مِنْ خلفه أكّدَ على الجزاء :

1ـ لأنَّ فيه العدل ، ينصف المظلوم ، ويردع الظالم .
2ـ لأنّ الإنسانَ خُلِقَ يتنازعه الخير والشرُّ، فكان الجزاء مساعداً على كبح الشر،وإطلاق الخير .
3ـ لأنّه عنوان القوّة ، والحقّ بغير قوة يضيع فلا بدّ من الجزاء لنصرة الحق .

ـ قال الله سبحانه وتعالى مؤكداً على الحساب المؤدي إلى الجزاء بشقيه الثواب والعقاب
{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}(الزلزلة) .
ونبّه إلى أن العمل يعود على صاحبه بالنفع والضرر ، فقال سبحانه : { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا . . .}(من الآية 46 فصلت) .وقال جلّ جلاله : { وجزاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ...}(من الآية 40 الشورى) ، وقال أيضاً : { هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)}(الرحمن) .

ـ والذي أقصده من الجزاء في هذا الباب الثواب والعقاب في الحياة الدنيا ، أما الآخرة وحسابها ثواباً وعقاباً ، فقد تناولته ضمن أبواب أخرى ، وسوف أتناول هنا :
1ـ جزاء الأقوام الذين كذبوا أنبياءهم أو آمنوا بهم .
2ـ جزاء الأقوام الذين كفروا نعمة الله .
3ـ الجزاء الذي نال بعضَ الأفراد نعمةً ونقمةً ، من الله تعالى أو من البشر .

1ـ قصَّ علينا القرآن الكريم جزاء عديد من الأمم الذين كذبوا أنبياءهم .

ـ فهذا سيدنا نوح لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، يدعوهم إلى الله وحده ، فيأبون ذلك ، ويتواصون بتكذيبه ، فماذا كانت العقوبة ؟ قال تعالى يحددها :
أ ـ { فَكَذَّبُوهُ
ب ـ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ
جـ ـ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ
د ـ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا
هـ ـ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)}(يونس) .

ـ وهذا سيدنا هود أرسل إلى قوم عاد ، يأمرهم بعبادة الله وحده ، واستغفاره والاتكال عليه وحده ، فردوا عليه رداً قبيحاً ، واتهموه بالسَّفه ، فتبرأ منهم ، ولجأ إلى الله سبحانه وتعالى ، فعاقبهم الله تعالى عقاباً شديداً { كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (21)}(القمر) .

ـ أما ثمود قوم صالح عليه السلام فلم يكونوا خيراً من أسلافهم ، فإنهم لما كذّبوه وقتلوا الناقة هددهم بالعذاب بعد ثلاثة أيام ، ثم بدأ عذاب الخزي العظيم . . قال تعالى :
{ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (65)
فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66)
وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ (68) }(هود) .

ـ وقوم لوط كانوا يعملون الفواحش ، وحين جاءته الملائكة أسرع إليه هؤلاء المجرمون ليفعلوا فيهم ما اعتادوا من الفاحشة ، فكانت قاصمةَ الظهر إذ نجّى الله تعالى لوطاً وأهله إلا امرأته ، وكان موعد العذاب الصبح { فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)}(هود) .
ـ وهذا سيدنا شعيب يدعو قومه إلى دعوة الأنبياء كلهم ـ التوحيد ـ وإيفاء المكيال والميزان حقهما ، وعدم أكل حقوق الناس والبغي والفساد ، فاستهزؤوا به ، وسفّهوا رأيه وهدّدوه بالرجم ، فكيف نزل عليهم العذاب ؟ قال تعالى : { وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95)}(هود) .

ـ وفرعون ذلك المتألّه الجبار المتكبّر سام بني إسرائيل سوء العذاب ، ذبح أبناءهم ، واستحيا نساءهم ، وكفر بالله عزّ وجلّ ، ونادى متحدياً ، قال تعالى : { فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)}(النازعات) فكيف أباده الله تعالى ؟! أمر الله تعالى موسى أن ينطلق ليلاً إلى جهة الشرق ، حيث سيناء ، ثم بلاد الشام لينجو بقومه من شرّ فرعون ، فتبعهم هذا الشيطان ليستأصلهم
{ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)
قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)
فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63)
وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ (64)
وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65)
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ (66)}(الشعراء) .

ـ إن الجزاء قد يكون ماحقاً للمدن وأهلها ، وقد تبقى هذه المدن شاهدة على استئصال أهلها ، فتبقى خالية منهم ليعتبر المارّون عليها { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100)}(هود) .
أما الذين آمنوا برسالات أنبيائهم ، وعرفوا الله فأسلموا له ـ سبحانه ـ قيادهم فقد عاشوا في الدنيا حياة رغيدة ـ مثالهم قوم يونس عليه السلام إذ قال الله تعالى يحدثنا عنه : { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148)}(الصافات) .

2ـ إن قوم سبأ لما كفروا نعمة الله خرّب الله ملكهم ، وشتت شملهم ، ومزّقهم شرَّ ممزّق ، وجعلهم عبرةً لمن يعتبر .
فقد كانت قراهم متقاربة ، والأمان بينها وافراً والبساتين تظلل الطرقات ، فيسافر الإنسان من اليمن إلى بلاد الشام لا يحتاج للزاد ، فكفروا بأنعم الله ، فماذا كانت النتيجة ؟ { فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17)} (سبأ) .
إن الذي يُعْرِض عن ذكر الله يعاقبه ، فهؤلاء كما رأينا أرسل الله عليهم الطوفان فغرقت دورهم ، وخربت بساتينهم ، وانقلبت ثمارهم أشواكاً مرّةً وسدراً ، ولم يكتفوا بذلك بل سألوا الله أن تكون الأرض مفاوز وصحارى في سفرهم ، حتى يشعروا بمشاق السفر . . وهذا تفكير سفيه عجيب . . . فعاقبهم الله على كفرهم النعمة بأن :
1 ـ باعد بين مدنهم .
2 ـ جعلهم أخباراً تروى دالة عى جحودهم .
3 ـ فرّقهم في البلاد شذر مذر ، ليكونوا عبرة لمن يعتبر .
قال تعالى : { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)}(سبأ) .

ـ ألم يقل الله سبحانه وتعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)}(الحديد) هكذا كان ذو القرنين ، يمشي على هدى من الله ونور ، جعله هادياً للناس في مشارق الأرض ومغاربها ، ومكّن له فيها ، وسهّل له ما يساعده على نشر الدين في المعمورة ، فكان إذا مرَّ على قوم دعاهم إلى الله ، فإن كفروا عذّبهم بالقتل ، وبعد القتل نار الله الحامية ، وإن آمنوا أحسن إليهم ، فعاشوا في خير الدنيا وبركتها ، ثم يلقون عند الله سبحانه الجنّة ، ونعيمها . . ثوابان . . وعقابان
{ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)}(الكهف) .

3 ـ كان لرجل مسلم من أهل صنعاء بستان فيه أنواع النخيل والزروع والثمار ، فإذا حان وقت جني الثمر أو الحصاد ، دعا الفقراء ، فأعطاهم نصيباً وافراً منه ، وأكرمهم غاية الإكرام ، فلما مات ورثه أبناؤه الثلاثة ، فلم يكونوا مثله ، فعزموا على منع الفقراء ، وجني الثمر خفية في الصباح ، وحلفوا على ذلك فماذا كانت العقوبة ؟ أرسل الله عليها ناراً في الليل أحرقت الأشجار ، وأتلفت الثمار فذهبوا إلى حديقتهم صباحاً فلم يروا فيها شجراً ولا ثمراً ، فظنوا أوّل الأمر أنهم ضلوا الطريق ، ثم تبيّن لهم أن الله سبحانه عاقبهم بنيّتهم السيئة ، فندموا وتابوا على فعلتهم بعد فوات الأوان .
وكان الله تعالى اختبر أهل مكة ، بدعوة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين كلفهم أن يشكروا ربهم فكفروا بنعمته فكان مثلهم كمثل أصحاب البستان
{ إ ِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17)
وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18)
فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19)
فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20)
فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21)
أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22)
فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23)
أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24)
وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25)
فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26)
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27)
قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28)
قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29)
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30)
قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31)
عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32)}(القلم) .
إن عقوبتهم رادعة ، تعلموا منها أن يكونوا كراماً وأن يساعدوا الفقراء ليكون الله في عونهم ، فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .

- وما جزاء من يتهم الشريفات العفيفات بما لا يليق ، فيمتهنهنّ ويقذف أعراضهنّ ؟ إنه الجلد وإسقاط حقهم المدني ، ثم الجزاء الأخرويّ الشديد ، فهم في عداد الفاسقين :
ـ { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ
1 ـ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً
2 ـ وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا
3 ـ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)}(النور) .
والعقوبة في هذه الآية ثلاثة أنواع :
الأولى : عقوبة جسدية (( الجلد )) .
الثانية : عقوبة معنوية لا تقبل لهم شهادة فحقوقهم المدنية ساقطة .
الثالثة : عقوبة في الآخرة . . النار لأنهم فاسقون .

ـ حين دعت امرأة العزيز سيدنا يوسف إلى الزنا وارتكاب الفاحشة عصمه الله تعالى ، وبدل أن يكافئه المجتمع لطهره وعفافه فتكون هذه المكافئة دفعاً لشباب الأمة إلى سلوك مسلكه عوقب بالسجن !!! ليضيع في متاهات أقبيته ، ويضيع الشباب في حمأة الرذيلة !! { قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32)} (يوسف) . وفعلاً سجنوه!!
{ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)}(يوسف) .
والدلائل كلها تشير إلى براءته ، ولكنْ سهلٌ على كبار القوم أن يلفّقوا التهم إلى الشرفاء ، لينجوا بأنفسهم بصرف الأنظار إلى غيرهم . . . !! .

هذا عن العقوبة ، أما أمثلة الجزاء ثواباً .
فإن يوسف عليه السلام حين أوّل منام الملك ، ورفض الخروج من السجن ، إلا أن تظهر براءته ، فاعترفت امرأة العزيز بالحقيقة ، سُرَّ الحاضرون لنزاهته { وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54)} (يوسف) فانتقل من السجن إلى الصدارة والوزارة .

وهذا موسى عليه السلام يصل إلى مدين ويسقي للفتاتين ويأوي إلى ظل شجرة ، فيدعو الله التيسير ، فتأتيه إحداهما قائلة : {... إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ...}(من الآية 25 القصص) . فيزوجه أبوها إياها ، ويعيش آمناً .
والثواب على عمل الخير يدفع إلى الاستمرار فيه .

وليتنا نقف ملياً عند هذه الآيات التي تكررت في سورة الصافات في حقِّ الأنبياء الكرام : نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وهارون ، وآل ياسين { سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (80) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (81)} (الصافات) .
{ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)}(الصافات) .
{ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121) إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122)} (الصافات) .
{ سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132)}(الصافات) .
فَذِكْرُهُمْ إلى آخر الزمان تقدير ، وتبجيل ، وتعظيم . . . أهناك أحسن من هذا الثواب العظيم المستمر إلى أبد الآبدين ؟ ولهم في الآخرة المكان العالي والمكانة الرفيعة .

يتبع



 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أساليب, من, التربية, القرآن, الكريم, في, كتاب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أساليب وطرق تدريس التربية الإسلامية آسيل منتدى التعليم العام 9 21-04-2016 04:11 PM
اسباب نزول القرآن الكريم ، فضل سور القرآن الكريم ، سبب تسمية كل سورة من سور القرآن ا مصراوي منتدى القرآن الكريم والتفسير 71 22-12-2015 03:03 PM
من أساليب التربية النبوية ابو يحيى سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية 14 06-12-2015 08:27 PM
القرآن الكريم كتاب الله المنـزل نجود منتدى القرآن الكريم والتفسير 3 09-09-2015 12:16 PM
من أساليب التربية النبوية ابو يحيى سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية 2 23-05-2013 02:07 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 11:43 AM

أقسام المنتدى

الاقسام العامة | المنتدى الاسلامي العام | المنتدى العام | منتدى الترحيب والتهاني | الاقسام الرياضية والترفيهية | العاب ومسابقات | الافلام ومقاطع الفيديو | منتدى الرياضة المتنوعة | الاقسام التقنية | الكمبيوتر وبرامجه | الجوالات والاتصالات | الفلاش والفوتوشوب والتصميم | منتدى التربية والتعليم | قسم خدمات الطالب | تعليم البنين والبنات | ملتقــــى الأعضـــــاء (خاص باعضاء المنتدى) | المرحله المتوسطه | منتدى الحقلة الخاص (حقلاويات) | منتدى الاخبار المحلية والعالمية | اخبار وشـؤون قرى الحقلة | اخبار منطقة جازان | الاقسام الأدبية والثقافية | الخواطر وعذب الكلام | منتدى الشعر | عالم القصة والروايات | اخبار الوظائف | منتديات الصحة والمجتمع | منتدى الصحة | منتدى الأسرة | منتدى السيارات | منتدى اللغة الانجليزية | منتدى الحوار والنقاشات | منتدى التراث والشعبيات والحكم والامثال | منتدى التعليم العام | منتدى السفر والسياحة | الثقافه العامه | منتدى تطوير الذات | كرسي الإعتراف | منتدى عالم المرأة | عالم الطفل | المطبخ الشامل | منتدى التصاميم والديكور المنزلي | المكتبة الثقافية العامة | شعراء وشاعرات المنتدى | مول الحقلة للمنتجات | الخيمة الرمضانية | المـرحلـة الابتدائيـة | استراحة وملتقى الاعضاء | المرحله الثانويه | الصور المتنوعة والغرائب والعجائب | المنتدى الاسلامي | منتدى القرآن الكريم والتفسير | سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية | قصص الرسل والانبياء | قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه | اخبار مركز القفل | منتدى الابحاث والاستشارات التربوية والفكرية | افلام الانمي | صور ومقاطع فيديو حقلاويات | البلاك بيري / الآيفون / الجالكسي | بوح المشاعر وسطوة القلم(يمنع المنقول ) | مناسك الحج والعمرة | منتدى | ارشيف مسابقات المنتدى | منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة | المنتدى الاقتصادي | منتدى عالم الرجل | اعلانات الزواج ومناسبات منتديات الحقلة | تراث منطقـة جــــازان | كرة القدم السعوديه | منتدى الرياضة | كرة القدم العربيه والعالمية | ديـوان الشـاعـر عمـرين محمـد عريشي | ديـــوان الشــاعـر عـبدة حكمـي | يوميات اعضاء منتديات الحقلة | تصاميم الاعضاء | دروس الفوتوشوب | ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة | منتدى الاخبار | نبض اقلام المنتدى | ديـــوان الشــاعـر علـي الـدحيمــي | الاستشارات الطبية | الترحيب بالاعضاء الجدد | قسم الاشغال الايدويه | قسم الاشغال اليدويه | مجلة الحقله الالكترونيه | حصريات مطبخ الحقله | ديوان الشاعر ابوطراد |



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant