الحلقة السابعة والعشرين
كان حسام فى سباق مع الزمن ،اتصل باحد اصدقاءه الذى دله على اقرب مأذون للمنطقه واتصل بامه ليخبرها انه سيعقد قرانه على شيرين الان قبل سفرها و لم تسأله عن التفاصيل لكنها منحته مباركتها و رضاها وسمعها تزغرد فى الهاتف ، ثم انطلق بكل سرعته للمستشفى ،ليجد شيرين قد خرجت لتوها من حجرة الكشف ، و كان هناك مسجد صغير ملحق بالمستشفى ،
دخل الجميع المسجد و صلوا العصر ، ثم بدأ المأذون عمله
ردد هشام خلف الماذون : زوجتك ابنتى
و كانت شيرين خلف اباها تردد بشفتيها : زوجتك نفسى
و قال حسام و عيناه على حبيبته : و انا قبلت زواجها
و دعا لهما المأذون و تبعه الناس فىالمسجد
اللهم بارك لهما ، و بارك عليهما ، و اجمع بينهما فى خير
و كان هذا كل ما يتمناه كلا العروسين ، ان يجمع الله بينهما فى خير
تقدم منها حسام ولم يحس بذرةخجل ، و هو يضمها بينذراعيه ياه ، كم هى رقيقه هذه الانسانه ، كم هى حنونه ، انه يحس انه يحتضن زوجته و ابنته و اخته اللاتى لم يعرفهمن ابدا،ودعا الله ان يحميها و يشفيها
اما هى ، فعندما احتضنها ،كانت فى البدايه خجله من اهلها ، ثم تذكرت انه اصبح اهلها وزوجها وحبيبها و هتفت من اعماقها: اللهم لك الحمدكما ينبعى لجلال وجهك و عظيم سلطانك
لم تكن تتصور انها ستستطيع ان تراه او تلمسه ثانية ، و ها هو الله يجمع بينهما فى حلاله ، بعد البعد و الفراق ، و يبدل حزنهما فرحا
و انطلق بعدها موكب السيارات و معها حسام فى سيارتها للمطار، و طوال الطريق يدها فى يديه ،
و راسها على صدره ، و هى تحس بقلبه ينبض مع قلبها نبضاًواحداً ، انه الان زوجها و حبيبها
شيرين : انا حادعىيا حسام فى الكعبه ان ربنا ما يفرقناش
حسام : ربنا هواللى جمعنا النهارده يا شيرين ، انا صحيح جيت عند البيت كذا مره قبل كده ، لكن انىاجى النهارده فى اللحظه دى بالذات ، هى دى المعجزه
شيرين : كنت عارفه انى لو شفتك حانهار ، و عمرى ما حاعرف اكذب عليك ولا اقولك انى مش عايزاك
حسام : ما تتكلميش فى اللى فاتخلاص و ما تقوليش مش عاوزاك ابدا ابدا
شيرين : حاضر ،انا حاسمع الكلام ، عشان كلام جوزى
حسام : بس كده عشانجوزك ، ماشى يا شيرى يا ريتنى كتبت عليكى من اول يوم شفتك فيه
شيرين : كان نفسى كتب كتابنا يكون فى ظروف مختلفه و تقدر تفرح زى اى ..
قاطعها حسام : افرح ؟ انتى بتهذرى ، النهارده اناارتفعت من قاع الياس لقمة السعاده مره واحده ، انا اتحدى لو حد فى الدنيا فرحبكتب كتابه زيى ، كل ما الحاجه بتكون اصعب ، فرحتها بتزيد و الرغبه فى الحفاظ عليها تتضاعف
شيرين : ربنا يكمل فرحتنا يا حبيبى ، بساوعدنى انك ما تسيبش البعثه تضيع منك
حسام : اوعدك
و كان المنظر فى المطار عاطفيا لدرجة انه اثار دهشة كل منراه، كان هشام بك و عائلته فى قاعة كبار الزوار استعداداًللسفر، و العاشقان يرفضان الفراق ،
حتى عندما جاء ميعاد الطائره ،ظلت ايديهما متشابكه ، و كانتشيرين فى ملابسها البيضاء تبدو مثل العروس فى ليلة زفافها ،هى فعلا كانت عروس يتم زفافها على المجهول
ربط حسام على قلبه فى النهايه ،و احتضنها بحب ،و هو يدعوالله ان يحفظ زوجته و ان يجمع شملهما على خير
وتحركت شيرين محاطه بابويها و اخاها ، و راسها ملتف الى الخلف تتابع حسام بعينيها ، كأنها تملا عينيها قبل الرحيل ، وتتمنى من كل قلبها الا تكون تلك المره الاخيره التى تراه فيها..
بعد سفر شيرين ،اتجه حسام فى البدايه الى منزله وحكى لامه جميع التفاصيل ، و لم يخف عنها شيئا بما فيه احتمالات عدم الانجاب
فحزنت امه لحال الشابه الصغيره و مرضها اكثر من اكتراثها لما قد يحدث قائله :
الخلفه و عدم الخلفه دول بيد الله يا حسام ، ده انت نفسك انا خلفتك بمعجزه بعد ما كنا يئسنا انا و والدك من الخلف ، و بعد ما طفنا على الدكاتره ، ربنا بعتك لينا يا حسام بعد جوازى بعشر سنين و كان سنى وقتها تلاتين سنه، ووالدك الله يرحمه كان سنه اربعين سنه ، و لا كان عندى مرض ولا هو ، لكن ربنا لما شاء حرمنا و لما شاء اعطانا ، ليه نشغل نفسنا بحاجات داخله فى علمه ومشيئته
الهى يشفيكى يا شيرين يا مرات ابنى و يسعدكم انتم الاتنين ببعض ، عالم بى و حاسس بشكوتى يا رب
و كانت الدموع بدات تلمع فى عينى الام حينما جثا حسام على ركبتيه امامها ، واضعاً راسه على حجرها كما اعتاد كلما اهمه شىء ، و اخذت امه تتحسس راسه و تقرا القران و الادعيه كما اعتادت منذ كان طفلاً
حسام : بس انا مش متصور يا ماما انى ما كونش جنبها فى العمليه
الام : طيب ما تروحلها يا حبيبى دى مراتك دلوقتى و محتاجالك
حسام : بس انا وعدتها انى ما اضيعش البعثه و ما اضيعش املكم انتي وبابا فية
الام : دى امريكا فيها جامعات كبيره ، مش جوز اخت شيرين بيحضر دكتوراه هناك ، ما تتصل فيه و تساله كده لو كان ممكن تقدم هناك و تغير البعثه و خلاص
حسام : أغير البعثه؟
الام : مش عارفه يا ابنى انا ما فهمش زيك ، بس اللى اعرفه انك عمرك ما حاتطمن و انت فى لندن وهى فى امريكا ، ده غير ان العمليات دى ممكن تطول و ممكن تحتاج هى متابعه بعدها ، و يمكن يكون صحيح اهلها ناويين انها تكمل دراستها هناك طيب ليه البعد و الفرقه دى
بعد تفكير قصير فى كلام امهاتصل حسام بالمشرف علىرسالته بالكليه و ساله عن امكانية تغيير البعثه الى امريكا بدلا من انجلترا ليس حبا ًفى البعثه او حرصاًعلى مستقبله ، بل لانه وعدشيرين انه لن يترك البعثه و كانيتمنى الا يخلف وعده معها ان استطاع و كل نيته انه ان لم يستطع ،فسيخلف وعده بكل تاكيد و جاءت اجابة المشرف مخيبه لامال حسام ، اذ ابلغه انه من الواجب ان ينفذ السفر الى انجلترا لان الجامعه هناك متعاقده مع جامعة القاهره لشئونالبعثات و لا سبيل لتغيير الوجهه لكنه ترك بصيصا من الامللحسام حين ابلغه انه من الممكن ان يسجل للدكتوراه فى اىجامعه عالميه اخرى ، لكن ستكون الدراسه باكملها علىحسابه الشخصى و ليس على نفقة الجامعه ، ووقتها سيضطر لاخذ اجازه رسميه منمنصبهبالجامعه ، و لن يضمن مكانه بعدالعوده و كذلك لا يضمن اعادةتعيينه من اساسهتوكل حسام على الله و اتصلباشرف زوج اخت شيرينبامريكا ، و كان قد كلمه قبل ذلكمكالمة تعارف بناءً على رغبةشيرين ، و ابلغه بالموقف كاملاو طلب منه المساعده فى ايجادجامعه لاعداد الدكتوراه ، معتكفله بالمصاريف اللازمهطمأنه اشرف بان الموضوع لنيكون صعبا و ابلغه ايضابالاموال التى تتكلفه االدراسههناك ، و انه من الممكن ان يجد عملا فى مركز ابحاث او فىالجامعه نفسها التى سيعد فيهاالدكتوراه ، و طلب منه حسام عدم ابلاغ شيرين عن اى منهذه التفاصيل خشية الا تكللمساعيه بالنجاح و يتسبب ذلك فى احباطها .
و مرت الايام التاليه فىاستعدادت للسفر ، اتت بكل مايتمناه حسام فعلا ، اذ تمكن زوج شاهى من تسجيل حسام فىالدراسات بنفس جامعته ، واسعدذلك حسام اذ سيتمكن من الوفاءبوعده ، و فى نفس الوقت يتواجد معها..
و كانت شيرين فى هذه الاثناءتقضى معظم وقتها فى رحابالكعبه مع والدتها ووالدها و تدعو ربها و قلبها متجه اليه ، وعيناها معلقه ببيته المحرم ان يفرج همها كربها ، و الا يخذلوالديها و حسام و لا يسئهم فيها و تهتف من اعماقها :
، اللهم ان امتنى الان فسأموت سعيده و راضيه ، لكن املى فى كرمك لاينقطع ان تمنحنى فرصة العيش مع من احب ، العيش لمن احب ، و ان اردتنى الى جوارك ،احسن خاتمتى و الحقنى بالصالحين يا رب ، و افرغ عليهم صبرا من بعدى ياكريم
اذ كانت روحها تهون عليها ولكن لا يهون عليها حزن اهلها واحباؤها و قبلهم زوجها و بعد ايام كانت شيرين فى تنزل فى المطار بامريكا ، و ينتظرهاهناك ، اختها شاهى و زوجها ،و ......حسام