بعد أشهر من الانتصارات المتتالية لقوات الجيش السوري النظامي، أثبتت فصائل المعارضة المسلحة، بما فيها الجهادية، قدرتها على "ضرب النظام بعقر داره" في ريف اللاذقية. وسيطر الجهاديون على معبر كسب الحدودي مع تركيا ووصلوا لأول مرة إلى شاطئ البحر المتوسط. فما هي تفاصيل المعركة وما هي انعكاسات تقدم المعارضة في ريف اللاذقية؟
أبرز الفصائل المشاركة في "معركة الأنفال" وسير المعارك
أبرز الفصائل التي شاركت في المعركة هي "جبهة النصرة - تنظيم القاعدة في بلاد الشام"، "أنصار الإسلام" التابعة "للجبهة الإسلامية"، و"شام الإسلام". وبدأت العملية العسكرية صباح السبت 22 مارس/آذار بدك المباني المحيطة بمعبر كسب بالقواذف وبقذائف الهاون ثم تسلل عناصر إليها ليشتبكوا مع القوات النظامية بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
وتزامنا مع ذلك تم اقتحام ثلاثة مخافر حدودية أخرى وهي الصخرة ونبع المر وكسب. ثم استمرت القوات المهاجمة في التقدم نحو بلدة كسب وتم الاشتباك مع قوات الدفاع الوطني والجيش النظامي داخلها لعدة أيام. ذلك فضلا عن سيطرة المهاجمين على تلة النسر الإستراتيجية. واستمر القتال على تخوم البلدة بينما حاول مقاتلو "شام الإسلام" للمرة الثانية اقتحام برج45، وبحسب المعلومات الأولية التي تمكنا من جمعها فقد تمت السيطرة على البرج في بضع ساعات وقد جرت خمس عمليات كر وفر في بلدة السمرا. وفصيل "شام الإسلام" قوامه من الجهاديين المغربيين وهو يعمل بين منطقتي ريف إدلب وريف اللاذقية منذ أكثر من سنة.
وبحسب مصدر في قلب بلدة كسب، فإن الذي أدار عملية الاقتحام هو أبو موسى الشيشاني المنتمي لـ "أنصار الشام" وأن "عدد المهاجمين تجاوز 2000"، كما أن خطة الهجوم "موضوعة منذ عدة أشهر لكن التنفيذ تأخر لضمان نجاح العملية واستمرارية السيطرة على المناطق المستهدفة". وبحسب المصدر ذاته، فأن فصيل "جنود الشام"، وعماده من المقاتلين القوقازيين بقيادة مسلم الشيشاني المقرب من "جبهة النصرة" شارك أيضا في العمليات. أبو موسى الشيشاني كان جنديا لدى مسلم الشيشاني في القوقاز وقد حاربا سويا الجيش الروسي في وقت مضى.
من ناحية أخرى قال أحد المقربين من القيادة العسكرية للعمليات إن "المخابرات التركية دعمت بشكل فعال "أنصار الشام"، إن كان بالإحداثيات أوبالتنصت على القوات السورية النظامية والدفاع الوطني ورصد تحركاتها أو عبر الدعم بالسلاح النوعي والذخيرة، حتى أن الجيش التركي رد ولأكثر من مرة بقصف مدفعي على القوات السورية". وأكد لنا مصدر آخر أن "أحد قادة الفصائل المشاركة له علاقة وثيقة بالأجهزة التركية منذ ما قبل اندلاع الحرب في سوريا وهو على تنسيق دائم معها وهذا ما يظهر جليا في عتاد وحتى ألبسة الفصيل المعني" إلا أنه طلب منا عدم البوح باسم هذا القائد الميداني.
فهذه "ضربة عسكرية ومعنوية" قاسمة للمنظومة الموالية في ريف اللاذقية، خصوصا بعد مقتل هلال الأسد الذي كان على رأس الدفاع الوطني، ذلك مع "وقوعه في كمين محكم على بعد 8 كلم من كسب، علما أن الجيش السوري لم يدرك توغل المعارضة المسلحة لهذه الدرجة" بحسب مصدرنا. لكن العملية لا تدر بفائدة إستراتيجية تذكر للمعارضة المسلحة، فالحدود التركية مشرعة على مصراعيها أمام الدعم العسكري واللوجستي منذ بدايات الحراك السوري، ويعتبر جبل التركمان نقطة مرور هذا الدعم الأساسية إلى كل مناطق ريف اللاذقية وريف إدلب. فالسيطرة على معبر كسب لا تغير في توازن القوى القائم في مناطق الساحل. إلا أن إبقاء السيطرة على كسب وجوارها وعلى تلة النسر وبرج 45 سيكون في غاية الصعوبة إن لم تحظ القوات المعارضة بدعم داخلي وخارجي.
يشار في الأخير إلى أن الجهاديين أطلقوا تسمية على معركة كسب وهي "معركة الأنفال" التي تعني الغنائم أو الأسلاب نسبة إلى "سورة الأنفال" الواردة في القرآن والتي تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد "معركة بدر" في العام الثاني من الهجرة.