الحمد الله ربُ العالمين والصلاة والسلام على سيَد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
قال الله تعالى (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ )(50) سورة الشورى
اقتضت إرادة الله سبحانه وتعالى التنويع والتوزيع والتغيير في الألوان والأشكال والأحجام ,
وكذلك في كمية الرزق ونوعيته وعدد الأبناء .
فيهب الله لمن يشاء إناثاً .. ويهب لمن يشاء ذكوراً ويجعل الله سبحانه وتعالى عقيماً ..
لا راد لرزقه ولا معقب لحكمه ولا مغير لإرادته .
وما شاع عند الناس من كره البنات ذمه الشرع :
قال الله تعالى (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) (59) سورة النحل .
قال الله تعالى (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) ) سورة التكوير
ويُفسّر ( قتادة ) هذا فيقول :
( فكان أَحَدُهُم يَغذو كَلْبَه ويَئدُ ابْنَتَهُ ) ويفَسّر السدّي أيضاً فيقول ( كانت العربُ يقتلون ما وُلد لهُم من جارية فيدسُّونها في التراب وهي حية )
ويصف أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه عرب الجاهليّة في أسى واكتئاب فيقول : ( كُنا في الجاهلية لا نعتدُّ بالنساء , ولا نُدخِلُهُنَّ في شيء من أمورنا , بل كُنّا ونحن بمكّة لا يُكلِّم أحدنا امرأَتَهُ , إذا كانت له حاجة سَفَعَ برجليْها ... فقضى منها حاجتَهُ , فلما جاء الله بالإسلام أنزلهُنَّ , وجعل لهُنَّ حقاً )
وكان الوأْد عندهم لأِسْباب :
1-خشية الوقوع في العار , إذا شذّت أخلاقها , وارتكبت السوء !!؟
2-إذا وقعت في السَّبي , وأخذها العدُوٌّ عنْوةً , فأصبحت فريسة بْين يديْه .
3-خشية الفقْر الإملاق .
فنرى أنه قبل ظهور الإسلام كان العرب إذا رُزق أحدهم بأنثى فكأنما حلت به مصيبة ولحقه العار والخزي , فمنهم من كان يقتلها ومنهم من كان يدفنها حية في التراب خشية الذل والعار .
يقول وائلة بن الأسقع :
إن من يُمْن المرأة ( يعني البركة والسعادة ) تبكيرها بالأنثى قبل الذكر , وذلك أن الله عز وجل يقول : (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ ) الشورى فنجد أن الله تعالى قد بدأ في الآية الكريمة بالإناث قبل الذكور وليرد لهن عزتهن وكرامتهن .
ومن الطرائف : أن أميراً عربياً يكنى بأبي الحمزة , تزوج امرأة وتمنى أن تلد له ولداً ( ذكراً ) , فولدت له بنتاً , فهجر منزلها لشدة غيظه من ولادتها للبنت , فصار يأوي إلى بيت غير بيتها , فمر بخبائها بعدم عام , فإذا هي تداعب ابنتها بأبيات من الشعر تقول فيها :
ما لأبي حمزة لا يأتينا ----- يظل بالبيت الذي يلينا
غضبان أن نلد البنينا ----- ليس له من أمرنا ما شينا
وإنما نأخذ ما أُعطينا ----- ونحن كالأرض لزارعينا
ننبت ما قد زرعوه فينا
وما سمع أبو حمزة هذا القول , حتى غلبه حنان الأبوة , فدخل البيت وقبل رأس امرأته وابنتها .
ويقول الصاحب بن عباد : أهلاً وسهلاً بعقلية النساء , وأم الأبناء وجالبة الأصهار , والأولاد الأطهار , والمبشرة بإخوة يتناسقون , ونجباء يتلاحقون :
فلو كان النساء كمن ذكرنا ----- لفُضَّلت النساء على الرجالِ
وما التأنيث لاسم الشمس عيب ----- وما التذكير فخر للهلالِ
ولأن الإناث في حاجة إل من يكفلهن وغالبية من يقوم بهن يستثقلهن فيجب التنبيه إلى فضلهن , ولا ننس أنهن أمهات المستقبل فيجب أن نهتم بتربيتهن تربية صحيحة وإعدادهن إعدادا سليما .. فبقدر ما نزرع , قدر ما نحصد .
ولا شك أن البيئة التي تنشأ فيها البنت والمؤثرات الخارجية تجعل التهذيب وحده غير كاف لتقويم أخلاقها , لأن الله سبحانه وتعالى خلق المرأة ضعيفة وميّالة إلى دواعي الشهوات ( ألا من رحم الله ) وجب أن يحافظ على البنت من كل ما ينشىء في نفسها تأثيراً سيئاً فلا يصح أن تغشى كل ما يفسد الأخلاق ويؤدي إلى ما لا يحمد عقباه .
وكما هو معلوم أن تربية البنت على الأخلاق الفاضلة الكريمة يدعوا إليها شرع الله الحكيم , ومن ألزم الفضائل التي نربي عليها البنات الأمانة والعفة والحياء والستر , ولا شك أن للحياء مكانة رفيعة , فهو خلق سام يجب أن تتحلى به البنت والنساء بشكل عام .
ومن المعلوم أن الحياء نوعان :
[color="blue"]1- نفسي ,
وهو الذي خلقه الله تعالى في جميع النفوس , كحياء إنسان من أن تُرى عورته .
2- والآخر إيماني ,
وهو خصلة تمنع المؤمن من ارتكاب المعاصي خوفاً من الله ,وهذا الحياء الإيماني فضيلة يكتسبها المؤمن ويتحلى بها وهي قمةُ كل الفضائل الأخرى .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الإيمان بضع وسبعون شعبة , أفضلها قول لا إله إلا الله , وأدناها إماطة الأذى عن الطريق , والحياء شعبة من الإيمان ) متفق عليه .
وبناءً على ذلك وجب على المسلمين أن يُرَبُّوا بناتهم على الحياء , لأن عدم الحياء دلالة واضحة على زوال الإيمان , وهذا له عواقب وخيمة .
وإذا خلعت البنت أو المرأة برقع الحياء , أو لم تحافظ على هذه الفضيلة تكون قد انحرفت عن طرق العفاف والصيانة .
الأحاديث الشريفة في فضل البنات :
قالت عائشة رضي الله عنها : دخلت امرأة معها ابنتان لها تَسْأل فلم تَجد عندي شيئاَ غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : ( من ابتلى من هذه البنات بشيء كن له سِتْراً من النار ) أخرجه الأمام أحمد ( 6/171 , 88 , 166 ) والبخاري ( 2/136 ) ومسلم (16/171 ) والترمذي (1980 )
عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( جاءتْني مسكينةُ تحمل ابنتيْن لها , فأَطعمْتُها ثلاث تمراتٍ , فَأعْطَتْ كُلّ واحِدةٍ مِنهما تَمْرةً , ورفعت إلى فيها تمرةً تأْكلها فاسْتَطْعمتْها ابنتاها , فَشَقَّتِ التّمْرة التي كانت تريد أن تأكلها بيْنهما , فأعْجبني شأْنُها , فَذَكرْتُ الذي صَنَعَتْ لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : ( إنّ الله قَدْ أوْجَبَ لها بِهِما الجنّة , أو أَعْتَقها بهما من النّار ) رواه مسلم .
عن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( مَنْ عال جاريتيْن حتى تَبْلُغا , جاء يَوْم القيامة أنا وهُو وضَمَّ أصابعَهٌ ) رواه مسلم
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما مِنْ مُسْلِم له ابْنتان فَيُحْسِن إليْهما ما صَحبتاهُ – أو صَحِبَهُما – إلاّ أَدْخلتاهُ الجنّة ) رواه ابن ماجة بإسناد صحيحه وابن حبان في صحيحه من رواية ( شُرَحبيل ) عنه , والحاكم وقال : صحيح الإسناد .
عن عوْف بن مالكٍ رضي الله عنه –أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما مِنْ مُسْلِم يكونُ له ثلاثُ بناتٍ فيُنْفق عَلَيْهنَّ حتّى يَبنَّ أَوْ يَمُتْنَ إلاّ كُنَّ له حجاباً من النّار ) فقالت له امرأة : أو بنْتان ؟ قال : ( وَبنْتان ) رواه الطبراني
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كانتْ لهُ أنثى فَلَمْ يِئدْها , ولم يُهنْها , ولم يُؤْثر وَلَدَه ( يعني الذكور ) عليْها , أَدْخَلَهُ الله الجنة ) رواه أبو داود والحاكم قال صحيح الإسناد .
عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كُنَّ له ثلاثُ بناتٍ يؤويِهنَّ , ويَرْحَمُهُنَّ , ويكفُلُهُنَّ , وجَبَتْ لهُ الجنّة .) قيل :يا رسول الله فإن كانت اثنتيْن ؟ قال : ( وإن كانت اثنتين ) قال : فرأى بعضُ القوْم أن قال : واحدة ؟ لقال واحدة ... رواه احمد بإسناد جيّد , والبزّار , والطبراني في الأوسط وزاد : ( وَيُزَوِّجهُنَّ )
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( منْ كُنَّ له ثلاثُ بناتٍ فَصَبَرَ على لأوائهِنَّ وضَرّائِهِنَّ وسَرّائِهِنّ أدخَلَهُ الله الجنّة برَحْمتِهِ إيّاهُنَّ ) فقال رَجُل : واثنتانِ يا رسول الله ؟ قال : ( واثنتان ) قال رجُل : يا رسول الله وواحدة ؟ قال : ( وواحدة ) رواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد .
وصلى الله وسلم على الهادي البشير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن سار على نهجه إلى يوم الدين
كتبت وقد أيقنت يوم كتابي -------- بان يدي تفنى ويبقى كتابها
فان كتبت خيراً ستجزى بمثله ---------- وان كتب شراً عليها حسابها
((( منقــــــــــــــــول )))
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
15-11-2013
