يربط الناس، عادة،مفهوم القوة بمفهوم السلطة ، وتعتقد غالبيتهم أنهم إذا امتلكوا المزيد من السلطة، فإن بإمكانهم إنجاز ما يرغبون في القيام به.
ويناقش هذا الفصل الحاجة إلى القوة ، وأنماطها ومصادرها، وكيفية التفاوض على القوة المطلوبة.
الحاجة إلى القوة
في أحين كثيرة، قد لا يمتلك مديرو المشاريع السلطة المباشرة على أعضاء الفريق الذين يعتمدون عليهم لتنفيذ ما هو مطلوب. وعلاوة على ذلك، فإن الأساليب الأوتوقراطية التقليدية لم تعد صالحة للاستخدام في بيئة العمل التي أخذت تستند على فرق العمل ، حيث أن علاقة الرئيس- المرؤوس آخذه بالتلاشي ، مفسحة المجال أمام علاقة تتصف بالمزيد من الرشد والمساواة.
ومن أجل تنفيذ المهام المطلوبة، والقيام بالعمل على أكمل وجه ، يجب على مديري المشاريع العمل على إيجاد أسس وقواعد مفيدة لاستخدام القوة.
مصادر القوة
هناك عدد من المصادر التي يستمد القائد منها قوته، إذ يسمدها من مصدر أو أكثر . ويحتاج مديرو المشاريع إلى مصدرين أو ثلاثة من المصادر التالية من أجل النجاح في تنفيذ المشاريع التي يديرونها:
1- الخبرة Expert
يقصد بقوة الخبرة القدرة على الحصول على دعم الأفراد، لأنهم يدركون أن مدير المشروع يمتلك معرفة أو خبره خاصة يعتبرونها مهمة. وحتى لو لم يكن المدير يمتلك فعلا مثل هذه الخبرة أو المعرفة ، فإنه قد يمتلكها إذا اعتقدا لآخرون أنه يمتلك ذلك.
2- العلاقة Relationship
يقصد بقوة العلاقة القدرة على الحصول على دعم الأفراد ، لأنهم يشعروا بوجود علاقات عمل حميمة تربطهم مع مدير المشروع، إذ يشعر أعضاء الفريق بالقرب من المدير وبالرغبة في دعنه بسبب علاقة الصداقة التي وجدت وربطتهم به. وبالتالي، وبسبب شعورهم باهتمامه بهم ، فإنهم يرغبون في إتباعه وتلبية ما يطلبه منهم.
3- المرجعيةReferent
يقصد بقوة المرجعية القدرة على دعم الأفراد ، بسبب رغبتهم في أن يصبح المشروع، أو مدير المشروع ، بمثابة هوية مرجعية لهم. وفي هذه الحالة ، يقدم أعضاء الفريق الدعم لمدير المشروع لأنه، بنظرهم، قائد، ويرغبون في الاستفادة من المصداقية الضمنية التي سيحصلون عليها نتيجة عملهم معه. وعلى نحو مماثل، قد يكون أعضاء الفريق يرغبون في المشاركة في مشروع ناجح ذي سمعة عالية، بهدف تحقيق فائدة لهم، أو الحصول على مكانة مرموقة داخل مؤسستهم. وتجب هنا ملاحظة أن قوة الخبرة، وقوة العلاقة، وقوة المرجعية، هي جميعها مصادر للقوة الشخصية، الناتجة عن الصفات الشخصية للقائد/مدير المشروع، وتنبثق من شخصية الفرد واتجاهاته وميوله، لا من موقعه أو مسماه الوظيفي. ومصادر القوة الثلاثة هذه هي مصادر فاعلة، وكلما زاد استخدامها زاد مدى القوة.
4- السلطة Authority
يقصد بقوة السلطة القدرة على الحصول على دعم الأفراد، لأنهم يدركون تماما أن مدير المشروع بتلك قوة إصدار الأوامر . ويسمى مصدر القوة هذه بــــــ «قوة المنصب/ المركز » لأن هذه القوة تنبثق من الموقع الوظيفي الذي يشغله هذه الشخص.
5- المكافأة Reward
وقوة المكافأة هي القدرة على الحصول على دعم الأفراد، لأنهم يدركوا أن مدير المشروع قادر، بشكل مباشر أو غير مباشر ، على توزيع المكافآت القيمة، مثل: زيادة الأجور، والعلاوات الإضافية، والترقيات، والمساحات المكتبية الأوسع، والأثاث، والمعدات، وواجبات ومهام العمل المستقبلية، والمخصصات المالية.
6- العقوبةPenalty
ويقصد بقوة العقوبة القدرة على الحصول على دعم الأفراد، لأنهم يدركوا أن مدير المشروع قادر ، بشكل مباشر أو غير مباشر، على فرض عقوبات، مثل الحرمان من : زيادة الأجور، والعلاوات الإضافية، والترقيات، والمساحات المكنية الأوسع،والأثاث ، والمعدات، وواجبات ومهام العمل المستقبلية، والمخصصات المالية.
وتجب هنا ملاحظة أن قوة السلطة ، وقوة المكافأة، وقوة العقوبة يُشار إليها جميعها بـــ « قوة المنصب/ المركز » وأنها لا تُكتسب ( غير مكتسبة) وإنما تُفَوّض إلى المدير بسبب موقعه أو مسماه الوظيفي. ومع أن هذه القوة مشروعة الاستخدام، فإنه يجب عدم الإفراط في استخدامها، خاصة وأنها ليست أكثر الطرق فاعلية من أجل تعزيز الدافعية والتحفيز.
أنماط القوة
تتمثل القوة، عادة، في ثلاثة أشكال، هي : التأثير، والتفاوض، والإكراه.
1- التأثير Influence
يُعرّف التأثير بأنه قوة التشارك ، والوصول ، والوصول بالآخرين إلى مرحلة التعاون من أجل تحقيق أهداف مشتركة. وهو من أكثر الاستراتيجيات العملية استخداما، خاصة وأنها إستراتيجية منخفضة التكلفة، وفاعلة، بغض النظر عن مستوى السلطة الرسمية التي يشغلها القائد.
2- التفاوض Negotiation
يُعرّف التفاوض بأنه عملية مقايضة مقابل القوة. وتعتبر إستراتيجية فائز_ فائز هذه إستراتيجية ناجحة، وسياسية ، وجيدة لكلا الطرفين لأن لا أحد منهما يشعر بأنه خسر بعض مكاسبه. ويُستخدم التفاوض عادة بين أفراد من مستويات مختلفة في السلطة ، وحيث لا يكون التأثير بمفرده فاعلا. علاوة على ذلك ، فإن التفاوض إستراتيجية مفيدة، حينما يكون هناك شعور لدى أحد الأطراف بوجود مخاطر عالية حول إمكانية عدم حصوله على ما يريد.
3- الإكراه Coercion
والإكراه هو فرض القوة من خلال الخطوط التنظيمية الرسمية. وبشكل عام ، تعتبر هذه الإستراتيجية الأقل عملية والأقل سياسية، والأكثر كلفة، وبالتالي، الأقل استخداما. وتستخدم فقط عندما تكون هي الحل الأخير، أو كما يقال: آخر الدواء الكّي .
من الشائع ، أن بعض مديري المشاريع يبدءون محاولة تحقيق أهداف المشروع من خلال التأثير في الآخرين، ليصلوا إلى مرحلة من الخلط بين احتياجات المشروع بين رغباتهم العاطفية لممارسة الضبط والرقابة ، ولينتهي بهم الأمر إلى اللجوء إلى الإكراه. والأمر نفسه ينطبق على أفراد المشروع الذين يصلون أيضا إلى مرحلة الخلط بين القضايا نفسها. ويطلق على هذا الأمر عند حدوثه مصطلح «صراع قوى».
استراتيجيات القوة
للناس احتياجات عاطفية، يسعون من أجل أن يتحكموا بها ويسيطروا عليها، أو يتجنبوا أن يسيطروا عليها ويتحكم بها الآخرون. والناس جميعهم، كذلك، يرغبون في أن يعترف الآخرون بهم، ويقدرون جهودهم، ويحترمونهم. وعادة ، تثور هذه الاحتياجات العاطفي عندما يحاول شخص ما دفع شخص آخر للقيام تعمل ما . وفي البيئة التي يوجد فيها فريق عمل ، يتشارك الأفراد مع بعضهم البعض في القوة .
وتعتبر الثقة والنية الحسنة مفتاح بناء العلاقات عند التشارك في القوة . ومثل هذه العلاقات يمكن بناؤها بسهولة في البيئة التي يركز الناس فيها على الحقائق والمحتوى لا على العواطف.
وتعتبر قضية فهم وإدراك الفرد لاحتياجاته ورغباته، وكذلك فهم احتياجات الآخرين ورغباتهم ، وبكل وضوح،الخطوة الأولى على طريق تحديد كيفية التفاوض أو التشارك في القوة. وبكل وضوح، الخطوة الأولى على طريق تحديد كيفية التفاوض أو من أجل الحصول على ما يريد، ومن ثم محاولة تحديد ما يمكن للفريق الآخر التخلي عنه. ويمكن استخدام الشكل رقم ( 30 ) لتحديد ما يمكن التفاوض عليه، وبحيث يمكن تلبية احتياجات ورغبات الطرفين:
قدرة الطرف الآخر على العطاء احتياجاتي الاحتياجات:
الرغبات: قدرتي على العطاء احتياجات الطرف الآخر الاحتياجات:
الرغبات:
فعلى سبيل المثال، إذا كان مدير المشروع يريد مواجهة عضو من أعضاء الفريق، وقد عُرف عنه أنه لا يقوم بتنفيذ الواجبات الموكولة إليه على النحو المطلوب ، فإنه يجب على المدير ، وقبل التعامل مع هذا العضو، أن يحدد الإستراتيجية الأفضل، من أجل أن تعمل تلك المواجهة على بناء العلاقة لا تدميرها, وفي مثل هذه الحالات ، فإن التركيز على الأهداف بعيدة المدى ، سيساعد على تحقيق ذلك.
وعند التفاوض، أو التشارك في القوة مع شخص آخر، يجب على مدير المشروع أن يتذكر دائما الأمور التالية:
ضرورة أن يقوم بإيضاح هدف المنظمة والمشروع، والتذكر بأن «الجميع في قارب واحد».
ضرورة أن يوضح ما الذي يريده من الطرف الآخر كي يتحقق النجاح ( يجب أن يحدِّد مصادر قوة الطرف الآخر )
ضرورة أن يسأل الطرفَ الآخر ما الذي يريده منه كي يتحقق النجاح ( يجب أن يعرض على الفريق الآخر أن يشاركوه في قوته )
ضرورة أن يعمل على حل الخلاف بين موقعه وبين موقع الطرف الآخر
ضرورة الوصول إلى اتفاق
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك