عدد الضغطات : 9,162عدد الضغطات : 6,666عدد الضغطات : 6,385عدد الضغطات : 5,598
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز المراقب المميز المشرف المميز الموضوع المميز القسم المميز
قريبا
قريبا
قريبا

بقلم :
المنتدى الاسلامي العام

العودة   منتديات الحقلة > المنتدى الاسلامي > منتدى القرآن الكريم والتفسير

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ضع بصمتك .. واترك أثراً ..~ (آخر رد :عميد القوم)       :: اللهم ... (آخر رد :السموه)       :: لـ نهتف : (يَآرَبْ )مساحة خاصه لكم لتناجون البارئ بماشئتم (آخر رد :السموه)       :: وقع ولو بكلمه (آخر رد :السموه)       :: ثرثرة الواو (آخر رد :السموه)       :: دعاء اليوم ((متجدد بإذن الله)) (آخر رد :ابو يحيى)       :: تهنئة بحلول عيد الفطر المبارك (آخر رد :ابو يحيى)       :: أبي ... (آخر رد :السموه)       :: لِ .. أَحَدُهُم ‘ ..| (آخر رد :السموه)       :: الوجه الاخر لرجل الأعمال سعد التميمي (آخر رد :محمد الجابر)      


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 15-10-2017   #61
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم




أمره بشيء : كلّفه به وحثـّه عليه .
ونهاه عن الشيء : حرّمه عليه ، ومنعه أن يعمل به .
قال تعالى : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)}(آل عمران) .
وقال أيضاً : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ . . . (71)}(التوبة) .
وقال سبحانه : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) }(النحل) .
هذه الآيات الثلاث مفتاح هذا الباب ، ونظرة متفحصة لها تجد أن الأمر جاء أولاً والنهي ثانياً وهذا يعني :

أ ـ أن الأمر هو الأصل لأنَّ فيه دفعاً إلى العمل ، ولا حياة بلا عمل ، هذا العمل الذي ينشئ حياة تسعد الإنسان .

ب ـ أن النهيَ ينقي الخير من شوائب الحياة التي تعترض سبيله .
فإذا الأمر والنهي طريق معبَّدٌ لمن يبغي الوصول بسلامة إلى حياة طيّبة في الدارين .
وسنلقي الضوء إن شاء الله في هذا الأسلوب على :

أ ـ الأمر والنهي معاً ، فقد جاءا في القرآن على الغالب متلازمين .
ب ـ الأمر حين جاء وحده وهو وافر .
جـ ـ النهي حين جاء وحده ، وهو قليل .
د ـ الامر بـ (( قل )) .

أ ـ الأمر والنهي معاً :
ففي سورة المدثر نجد الأمر بالدعوة ، وتوحيد الله وتعظيمه ، وتطهير الثوب، فلا صلاة بغير طهارة ، والابتعاد عن المنكرات ففي ذلك تهذيب النفس وتطهير لها ، وإعطاء الناس من خير ما أعطاك الله دون منٍّ ، والصبر على طاعة الله فهي زاد في هذه الحياة ، والصبر على أذى المعاندين المستكبرين ، قال تعالى :
{ يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) }(المدثر) .
وفي سورة الإسراء نجد وصاية رائعة يتشابك الأمر والنهي فيها ، فإذا هما لحمة متماسكة ذات بناء عقدي إيماني موحد ، يجمع إليه الإحسان إلى الوالدين ، والأهل وذوي الرحم ، والمساكين ، دون تبذير ولا إسفاف ، ولا تقتير ولا إجحاف ، وينهى عن قتل الأولاد خوف الفقر ، فالله هو الرزاق ، وعن الزنا فهو مدمر للمجتمع والأسرة ، وعن قتل النفس التي حرّم الله قتلها ، وعن أكل مال اليتيم ، وعن التدخل فيما لا يعني ، وعن التكبّر ، ويأمر بالعدل في إيفاء الكيل والوزن الصحيح ، ليصل الناس إلى حقوقهم . . قال تعالى :
{ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)
وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)
رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)
وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26)
إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)
وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28)
وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30)
وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)
وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)
وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)
وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34)
وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35)
وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)
وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37)
كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38)
ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (39) }(الإسراء) .
ففي هذه الآيات الثماني عشرة نجد أحد عشر أمراً ، وثمانية عشر نهياً ، تشكل لنا تلك المجموعة الرائعة من التشريعات التي تنشئ مجتمعاً إسلامياً متماسكاً .

ـ وهذه لقمان عليه السلام يوصي ابنه وصايا سامية ، ترفع من مستوى الإنسان وتجعله مثالاً يُحتذى فيقول :
{ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ
وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ و
َانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ
إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
(17)
وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ
وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
(18)
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ
وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
(19) }(لقمان) .
أ ـ أمره بالصلاة لتكون صلته مع الله تعالى قوية تساعده على التصدي للدعوة .
ب ـ ثم أمره بجماع الخير ، وهو الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر .
جـ ـ ولكي يكون قدوة للناس نهاه عن التكبر والتجبر ، وأمره بالاعتدال في سيره وغضّ صوته .

ـ ولكي يكون المسلم من أهل الإحسان ـ وهي درجة عظيمة ـ قريباً إلى الله تعالى فلْيَنْتَهِ عن الفساد وليدعُ الله خائفاً طامعاً في رحمته ، قال تعالى :
{ َلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا
وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا
إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
(56) }(الأعراف).

ـ وينهى الله تعالى نبيّه أن ينظر إلى ما متّع به بعض الكفار ، فإنه أعطاه أعظم منها وأشرف وأكرم ـ وإنزال القرآن عليه أعظم منة وكرماً ـ ينهاه أن يحزن لعدم إيمان الناس به ويأمره أن يتواضع للمؤمنين وضعفائهم . . قال تعالى :
{ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ
وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ
(88)}(الحجر) .
وحين جاء الأمر بإغراق الكافرين من قوم نوح قال تعالى له :
{ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)}(هود) .
ولكنَّ نوحاً حسب أن ابنه من أهله فصحح الله تعالى له الانتماء قائلاً :
{ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ
فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
(46)}(هود) .

ـ والمسلمون أهل عهد وذمّة يلتزمون بعهودهم ولا ينقضونها . .
{ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا . . .(91) }(النحل) .
ـ والله يعلمنا أن نكون دعاةً نستعمل الحكمة في دعوتنا ، فإن من الحكمة اللطف واللين في المحاجّة ، فإذا كان المجادل من أهل الكتاب غليظاً ظالماً فالتعامل معه بطريقته نفسها من الحكمة كذلك ، قال سبحانه: { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) }(العنكبوت) .
فإذا نبهناهم إلى أننا نؤمن بما أنزل إلى موسى وعيسى ـ وكانوا منصفين ـ آمنوا بمحمّد
ـ صلى الله عليه وسلم ـ رسولاً ، خاصة أن الإله الذي ندعو إلى توحيده هو إلههم ، سبحانه أن يكون هناك إله غيره .

ب ـ الأمر وحده :
ونجده في هذه الآية يأمرنا بأمرين بالغَيْ الخطورة ، قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
(278) }(البقرة) .

ـ والجهاد ذروة سنام الإسلام ، فالالتزام به فرض يبدأ به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بنفسه أولاً ، ويدفع إليه المسلمين ثانياً ، وعلى كلّ قائد أياً كان حين يَسُنّ تشريعاً أن يطبقه على نفسه ، فتعرف الرعية أنّه صادق فينفذوه مرتاحين مطيعين ، وبالجهاد يصل المسلمون إلى العزّة ، ودفع الأذى ليس هناك سواه طريق . قال تعالى :
{ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ
وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا
وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا
(84)}(النساء).

ـ ويؤكد هذه الفكرة في الآية الكريمة التالية :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ
وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
(123) }(التوبة) .
إذاً لا بدَّ من قتال الكفار دون هوادة ، فهم لا يكفّون أذاهم عنّا إلا إذا وجدوا فينا شدةً . . لكنَّ النصر منعقد لواؤه بالتقوى فهل نحن متقون ؟! .

ـ وإذا لم يستجب أهل الفساد والعناد للدعوة إلى الله ، ونأوا بأنفسهم عنها فما على الرسول وتلاميذه من أهل الدعوة إلا البلاغ ، فلا إكراه في الدين ، ولا حاجة إلى أن يبخع نفسه ألا يكونوا مؤمنين ، قال جل شأنه : { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)
وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) }(الذاريات) .

ـ وانظر معي إلى هذا النداء الحبيب من الله تعالى ، فيه من الدرر والجواهر أوامر خمسٌ هنُّ ركيزة التعامل مع الله ورسوله الكريم والحياة من حولنا قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
1 ـ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ
2 ـ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)
3 ـ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً
4 ـ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)
5 ـ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)}(الأنفال) .

ـ والمسلم يصدعُ بالحق فإن قُبِلَ منه الحقُّ كان له خيراً من حمر النعم ، وإن جُوبِهَ بالرفض والإنكار ، فله من الله الثواب في رفضهم لما دعاهم إليه وتحمُّل أذاهم ، أما الرسول
عليه الصلاة والسلام ، فقد عصمه الله منهم { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) }(الحجر) .
فإذا شعر بالضيق مما يحوكه المشركون ، والحزن مما يقولون ، فليلجأ إلى الله تعالى فهو نعم الملاذ ، فسبحان الله تملأ الميزان، وفي السجود يكون العبد قريباً إلى ربه ، والعبادة والدعاء سلاح المؤمن إلى أن يلقى ربه القائل: { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97)
أ ـ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
ب ـ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98)
جـ ـ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) }(الحجر) .

وأخيراً يقول الله تعالى :
أ ـ { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
ب ـ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ . . . (19)}(محمد) .
وكيف يعلم أنه لا إله إلا الله ؟ . . . إنّه يعرف ذلك بالتفكير والتدبّر واتباع المصطفى عليه الصلاة والسلام ، والعمل بما أمر الله ، والانتهاء عما نهى عنه .
كما أن الاستغفار اعتراف بالتقصير والعجز ، وإقرار بالضعف ولجوءٌ إلى الله تعالى الذي يغفر الذنوب ، ولو كانت كموج البحر تدافعاً وتلاطماً .

جـ ـ النهي وحده :
يركز القرآن الكريم على علاقة المسلم بأهل الكتاب ، من يهود ونصارى ، فهم وإن كانوا يعيشون في كوكبنا هذا وبين ظهرانينا ، فليسوا منا ولسنا منهم .
نحن موحدون لله تعالى ـ وهم مشركون .
نحن نحتكم إلى شريعته ـ وهم يتبعون أهواءهم .
ولا بدَّ من العلاقة الماديّة ، أما أن نحبّهم ونسكن إليهم ونتخذهم أولياء أوفياء ، فهذا من الوهم والخيال . . تاريخهم القديم الأسود ، والجديد القاتم أكبر دليل على كرههم وكيدهم
للمؤمنين. والقرآن الكريم فضحهم فقال : { لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10)}(التوبة) .
وقال : { إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}(الممتحنة) .
وفي هذه الآية الكريمة التي نحن بصددها نجد النهيَ الواضح أن نتخذهم أهل ودِّ ومحبّة ، وإلا كنا مثلهم ـ فالطيور على أشكالها تقع ـ وظلمنا أنفسنا !! قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
(51)}(المائدة) .
وهؤلاء ـ أهل الكتاب النصارى ـ غَلَوا في نبيهم عيسى ، فجعلوه ابن الإله وبعضهم جعله الإله نفسه ، وغلا اليهود في أمر عيسى فجعلوه ابن ضلال وغي !! وكلا الفريقين يتبع في عقائده أسلافه الذين ضلوا فأضلوا من بعدهم ، وابتعدوا عن الطريق المستقيم :
{ قل يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ(77) }(المائدة) .

ـ وهذه صيحة مدويّة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، تنبّه الناس أن عدوهم الأول الشيطان الذي أخرج آدم وحواء من الجنة
{ يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)}(الأعراف) .

ـ وانظر معي إلى هذا التحذير المتناهي : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23)}(التوبة) .
فالبراءة َ البراءة َ من الأهل مهما كانوا قريبين إن لم يكونوا مؤمنين ، وأين الجامع إذا كان فريق في الجنة وفريق في السعير ؟! وهل يكون محبباً إلينا مَنْ فضّل الكفر على الإيمان ؟ لا والله فمن فعل ذلك فقد ظلم نفسه ، والظلم ظلمات يوم القيامة .

ـ وينهى القرآن عن تصرفات لئيمة تهدم المجتمع وتنقضه من أساسه ، والإسلام دين البناء والأخلاق الحميدة ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ
وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ
وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ
وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
(11)}(الحجرات) .

ـ هل يكذب إلا مفسد أفّاك ؟ وهل يسيء إلا كل مداهن كثير الحلف ذو نفس وضيعة ؟ وهل يسعى بالنميمة إلا كل معتد عتلّ متكبّر . . ؟ فابتعد أيها المسلم عنهم ، قال تعالى :
{ فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)
وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)}(القلم) .

د ـ الأمر بـ ((قل)) :
جاء في القرآن الكريم وافراً مطرداً لأغراض بلاغية كثيرة منها :

1 ـ التحدي : كقوله تعالى { قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94)
وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95)}(البقرة) .
وقوله تعالى :
{ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) }(آل عمران) .
وقوله تعالى : { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)}(التوبة) .

2 ـ التوبيخ والسخرية : كقوله تعالى :
{ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53)}(التوبة) .
وقوله سبحانه : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ
قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ
(65) }(التوبة) .
وقوله تعالى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ
وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا
(63) }(النساء) .

3 ـ التقبيح والتبكيت : كقوله تعالى : { قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97)}(البقرة) .
وقوله سبحانه : { وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ
قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
(111)}(البقرة) .
وقال عزّ من قائل : { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ
قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
(32) }(الأعراف) .

4 ـ توحيد الله : كقوله تعالى : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}(الإخلاص) .
وكقوله تعالى : { . . . وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ
أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى
قُلْ لَا أَشْهَدُ
قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ
(19)}(الأنعام) .

5 ـ اللجوء إلى الله تعالى : كقوله سبحانه :
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) }(الفلق) .
وقوله عزّ وجلّ : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) }(الناس) .
وكقوله تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ
كُنْتُمْ صَادِقِينَ
(40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا
تُشْرِكُونَ
(41) }(الأنعام) .

6 ـ دحض الافتراء : كقوله تعالى :
{ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) }(البقرة) .
وقوله سبحانه : { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ
قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ
قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ
(91)}(الأنعام) .
وقوله عزّ وجل : { كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ
قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
(93) فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94) }(آل عمران) .

7 ـ جواب سؤال : كقوله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ
وَالْحَجِّ
...(89) }(البقرة) .
وقوله سبحانه : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
أ ـ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ
ب ـ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا
جـ ـ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ
د ـ قُلِ الْعَفْوَ . . . (219) }(البقرة) .
وقوله عزّ وجل : { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ . . (127) }(النساء) .
وقوله تعالى : { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ . . .(176) }(النساء) .

8 ـ ردّ الأمر إلى الله تعالى : ومثاله قول الله سبحانه : { قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ ...(50)}(الأنعام) .
وقوله تعالى : { قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُؤْمِنُونَ
(51)}(التوبة) .
وقوله عزّ وجل : { وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25)
قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26)}(الملك) .

وهناك أغراض كثيرة فتدبّر كتاب الله فيها ، إن كنوزه غالية تتبدّى لمن يخلص له سبحانه جعلنا الله منهم .

يتبع




 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #62
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم



هو من الطرق الأصيلة في تحصيل العلم ، فقد تجد معلماً ينصحك ، ويفيدك علماً ، ويوضح لك أموراً ، وقد يشكل عليك أمر فتسأله ، وتستفسره ، فيجيبك ، ويزيل الإبهام من نفسك ، وللسؤال فوائد مهمة منها :

1 ـ اكتساب معرفة ، وازدياد علم ، قال تعالى : { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
} ( النحل 43 و الأنبياء 7 ) .

2 ـ إزالة شك ، ودفع ريبة ، قال تعالى : { فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ
(94)}(يونس).

3 ـ استشهاد على موقف وتعزيزٌ له ، قال تعالى : { وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا
(101)}(الإسراء) .
وسؤال الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ليهود المدينة ، لعلمهم بالحادثة مما لديهم في التوراة ، ليَظهَر لعامة اليهود وعلمائهم صدقُ ما ذكره الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

4 ـ التعظيم والإجلال ، قال تعالى : { الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْئَلْ بِهِ خَبِيرًا
(59)}(الفرقان) .
وهل يُسألُ عن عظمة الله سوى الله سبحانه ؟!!.

5 ـ التبكيت والتوبيخ ، فقد أنسى العذابُ الشديدُ في جهنّم الكفارَ والمشركين المدة التي لبثوها في الدنيا { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ
(113)}(المؤمنون) .

6 ـ التذكير والاعتبار ، قال تعالى : { وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
(163)}(الأعراف) .
7 ـ التحدي . ومثاله ما حدث لإبراهيم عليه السلام ، من تحدٍّ لقومه حين كسَّر أصنامهم ، فسألوه عن الفاعل ، فنببهم إلى أن هذه الآلهة المزعومة لا تستطيع دفع مضرة عن نفسها .
فكيف تنفع الآخرين . . إنها لا تتكلم ولا تسمع . . قال تعالى : { فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ
(63)}(الأنبياء). .
8 ـ تنبيه الغافل كي لا يقع في الخطأ ، فقد نبه الله سبحانه المؤمنين أن لا يكونوا كاليهود
الذين سألوا موسى عليه السلام أن يريهم الله جهرة فضلّوا ، قال تعالى : { أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ
(108)}(البقرة) .

9 ـ السخرية والتهكم . ومثاله قول الله تعالى : { سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ
(40)}(القلم) ، يسخر من الذين يسوّون المطيع بالعاصي ، والمؤمن بالكافر ، ويتقوَّلون على الله تعالى ما لا يعلمون ، فيطلب الله تعالى إلى رسوله الكريم ، أن يسأل هؤلاء المكابرين : أيهم كفيل وضامن بهذا الذي يزعمون .
والذي نريده في هذا العنوان " السؤال " الفائدة الأولى اكتساب معرفة وازدياد علم .

ـ فمن أمثلة ذلك قوله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ
..(215) }(البقرة) فنبهمم بأسلوبه الحكيم ، إلى صلة الأرحام ، وعلى رأسهم الوالدان ، ثم مساعدة الآخرين المستحقين .

ـ وقوله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ
. . .(217) }(البقرة) ، وصحيح أن القتال في الأشهر الحرام كبيرةٌ لا يرضاها الله تعالى ، لكنَّ هناك ما هو أشدُّ وأنكى ، منها :
أ ـ اتخاذ كل الأساليب الخبيثة لصد الناس عن دين الله .
ب ـ وما تبعه من فتنة المسلم ليرتدَّ عن دين الله إلى الكفر .
جـ ـ وصدُّ من آمن من العرب عن بيت الله .
د ـ وإخراج المسلمين من أهل مكة عنها . . كلُّ هذا أشدُّ وأعظم وزراً من القتال في الأشهر الحرم . .

ـ وقوله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا
. . . (219)}(البقرة) إن في الخمر والميسر منافعَ ماديّة ضئيلة ، ولكنَّ ضياع العقل ، وذهاب المال ، وتعريض البدن للمرض في الخمر ، وما يجره القمار من خراب البيوت ، ودمار الأسر ، وحدوث العداوة والبغضاء بين اللاعبين ، . . كل ذلك محسوس مشاهد إذا قيس الضرر الفادح بالنفع التافه لهذين المنكرين الخبيثين .

ـ وقوله تعالى : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ
. . . . (220)}(البقرة) ، ماذا يفعلون بأموال اليتامى ؟ فكان الأمر أن يخلطوا أموالهم بأموال السائلين ، وينمّوها بالتجارة ، لأنهم إخوانهم في الدين ، وهذه الإخوَّة أقوى من رابطة النسب وحذّرهم الله تعالى من الخيانة وإفساد أموال اليتامى ، أوأكلها ، فهو مطّلِعٌ يعلم المفسد من المصلح .

ـ وقوله سبحانه : {
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ
قُلْ هُوَ أَذًى

أ ـ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ

ب ـ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ

جـ ـ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ

د ـ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ
(222)}(البقرة) ،
فبيّن الله تعالى حقيقة المحيض ، وأمَرَ المسلمين اعتزال نسائهم في حيضهنّ ، والمقصود عدم المعاشرة الجنسية ، لا عدم التقرب منهنّ ومؤاكلتهن ومجالستهن ، كما يفعل اليهود إذا حاضت نساؤهم ، فإذا تطهّرْن فالمعاشرة في المكان الذي أحلّه الله ، وهو القُبُل مكان الولد والنسل ، فالله يحب التائبين المتنزهين عن الفواحش والأقذار . .

ـ وقوله عزّ وجلّ : { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
(4)}(المائدة) فالله تعالى أحلَّ المستلذّات وما ليس منها بخبيث ، وحرَّم كلَّ مستقذر ، وأحلَّ لنا ما تصطاده الجوارح من كلاب وطيور نُعَلِّمها كيف تصطاد . فإن أكلتْ منها فلا نأكل منها ، وإذا اصطادت هذه الجوارح كما علَّمناها ذكرنا اسم الله تعالى عليها وأكلناها. . .

ـ وقوله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ
..(187)}(الأعراف) فلا يعلم أحدٌ متى تكون الساعة إلا خالقها ، وهو سبحانه الذي يأمر بها في الوقت الذي حدده لها ، إنها الغيب الذي استأثر به سبحانه نفسه .
ـ ويقول سبحانه وتعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ

قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ

أ ـ فَاتَّقُوا اللَّهَ

ب ـ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ

جـ ـ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
(1)}(الأنفال) حين اختلف المسلمون في غزوة بدر على الأنفال ، فجمع بعضهم الغنائم من أرض المعركة ، وتابع بعضهم فلول المنهزمين من المشركين ، وكانت العادة أن مَنْ جمع الغنائم فهي له ، فاختصم المسلمون فيها ، وأراد الله سبحانه وتعالى أن يعلّمهم أن همّهم يجب أن يكون منحصراً في الجهاد فقط ، فجعل الأنفال كلها لله ورسوله ، وليس للمسلمين شيء ، فلما أذعنوا لأمر الله ورسوله قسّمها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين المسلمين على السواء ، فكان في ذلك تقوى الله ، وطاعة رسوله ، وإصلاح ذات البين .

ـ وقوله عزّ وجل : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا
(85)}(الإسراء) سأل المشركون رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أهل الكهف وذي القرنين ، فأجاب عنهم حين نزل جبريل بآيات توضح حالهم ، وسألوه عن ماهية الروح وحقيقتها ، فكان الجواب أنها من الأسرار الخفيّة التي لا يعلمها إلا رب البريّة سبحانه وتعالى ، وما عِلْمُ الناس إلا ذلك العلم الضئيل الذي يناسب عقولهم وقدراتهم .

ـ وقوله تعالى : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا
(83)}(الكهف) ، فوضح لهم في الآيات 84 ـ 98 من سورة الكهف أنّه رجل صالح ملك المشرق والمغرب فسمّيَ ذا القرنين . وقد وضّحتْ كتب التفسير قصّته وأظهرت العبرة فيها .

ـ ومنها قوله تعالى : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا
(107)}(طه) فالجبال يوم القيامة غير الجبال في الحياة الدنيا ، فهي الآن شاهقة ، ذراها تناطح السحاب ، وصخورها صماء ، وجذورها ذاهبة في الأرض . أما يوم القيامة فإن الله تعالى يفتتها كالرمل ، ثم يرسل عليها الرياح فيطيّرها فيذرها أرضاً ملساء مستوية لا نبات فيها ولا بناء ، ولا انخفاضاً ولا ارتفاعاً . . سبحان الله ما أعظمه . . قادر على كل شيء .

وفي القرآن الكريم أربعة عشر موضعاً يبدأ بقوله تعالى " يسألونك
" وأرى فيها بعض الأمور التربوية أجملها بما يلي :
1- لا بد من السؤال ، فالسؤال باب العلم . ويجب السؤال عمّا ينفع . وترك ما لا يُفيد.
2- ومجيء الفعل بصيغة المضارع تنبيه إلى أن على المسلم أن يسأل ويتحرّى ، ويستفهم عما يفيده ، ولا يكِلّ عن السؤال .
3- والكاف في قوله " يسألونك
" تنبيه إلى أنه علينا أن نسأل العالم فقط ، فهو الذي يدلنا على الجواب الصحيح ، أما الجاهل فيَضِل ويُضِلّ .
4- لا بد من توضيح السؤال ليتضح الجواب " يسألونك ماذا ينفقون " يسألونك عن الأنفال " يسألونك عن المحيض
".. فالسؤال محدد وواضح ليعرف المسؤول ماهيته، فيجيب عنه لا عن غيره .
5- ويجب على المسؤول أن يجيب بوضوح يؤدي إلى تشبع السائل فلا يحتاج أن يسأله عن الأمر نفسه مرة ثانية ، أو أن يسأل غيره لأن المسؤول الأول لم يُفهمْه ، أو لم يشفِه الجواب .
6- أن ينبه العالم المسؤول بعد الجواب إلى المغزى من الفهم والعمل كقوله تعالى في سورة الأنفال : { فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله لعلكم تفلحون } فالمرادُ التقوى والإصلاح والطاعة . .. وهذا مثال ينطبق على جميع ما أردناه من السؤال " يسألونك
" فلتعُد إلى أسئلة القرآن التي ذكرناها .. والله ولي التوفيق .
7- وأنبه إلى أن سؤالاً واحداً من أربعة عشر سؤالاً لم تجئ الإجابة عنه لأنه عن موعد الساعة
( يوم القيامة ) وهو قوله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا غ– قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي غ– لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ غڑ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ غڑ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً غ— يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا غ– قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَظ°كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
(187)} (الأعراف ) ، فهو من علم الغيب الذي لم يطلع الله تعالى أحداً عليه .

يتبع


 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #63
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم




روعة تأخذ الإنسان عند استعظام الشيء . . . وقد يكون إنكارَ الأمر لقلّة اعتياده إياه .
وهو ردة فعل محمودة العواقب إن كانت إيجابية عن تفكير وتدبر .
ومذمومة العواقب إن كانت سلبية عن رفض للحقيقة ناتجة عن المعاندة والاستكبار . . .
وفي القرآن الكريم أنواع من التعجب تدلُّ على كلتا الحالتين .

ـ فمن أمثلة الحالة الأولى :

ما صوّره القرآن الكريم لحالة التعجب عند السيدة سارة ، زوجة إبراهيم الخليل عليه السلام ، حين بشرتها الملائكة بولدها إسحاق ، وهي امرأة عجوز عقيم
، قال جل شأنه: { فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29)}(الذاريات)
فأجابتها الملائكة أنه لا رادَّ لقضاء الله وكرمه :
{ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30)}(الذاريات) .
وتتوضح الصورة أكثر في الآية التالية :
{ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71)
قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72)
قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73)}(هود) .

ـ ومن أمثلته قوله تعالى على لسان فتى موسى عليهما السلام فقد انطلق الحوت المشوي سابحاً في الماء بعد أن رد الله تعالى له الحياة :
{ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) }(الكهف) .
ولكن موسى لم يتعجب ، لأنه يعلم ان الرجل الصالح سيلاقيه في المكان الذي يختفي فيه الحوت ، فعادَ وفتاه ادراجهما إلى الصخرة فلقياه .
قال سبحانه: { ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا (64)
فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65)}(الكهف) .

- ومن أمثلته ما قال زكريا عليه السلام حين بشره جبريل بيحيى عليه السلام ، قال عز وجل
{ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ( 8 )
قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)}(مريم) .
وما قالته مريم عليها السلام حين فوجئت بالملك ، فتعوذت بالله أن يضرّها، قال سبحانه :ـ
{ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)
قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)
قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21)}(مريم) .

ـ ومن أمثلته قصة قارون الذي رزقه الله أموالاً طائلة ، فكفر بأنعم الله وادعى أن ذكاءه وعبقريته كانا السبب في هذا الثراء الفاحش ، وأنكر فضل الله عليه ، وكان ضعفاء الإيمان يتمنّون أن يكون لهم مثل ماله ، والعلماء الواعون منهم ينبهونهم إلى أن ثواب الله وفضله ورضاه خير لهم .
وحين خسف الله به الأرض على حين غَرّةٍ من صلفه وتكبّره انتبه أولئك متعجبين من قدرة الله العجيبة التي ذهبت بالمتكبر المغرور ، ومتعجبين كذلك من هوان قارون على الله ، ومتعجبين ثالثاً من غفلتهم عن الحقيقة التي كان عليهم أن يدركوها سابقاً ، وهي فضل الله عليهم أنْ حفظ لهم إيمانهم وحسن عاقبتهم .قال جل شأنه:
{ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82)}(القصص) .

ـ ومن أمثلته تعجب الناس من مريم وهي تحمل طفلها ، ولمّا تتزوّج ، وحسبوا أنها زنت قال تعالى :
{ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)}(مريم) ،
وحُقَّ لهم أن يقولوا ذلك لما يعلمونه من عبادتها وتقواها
{ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)}(مريم) .
فتكلم الرضيع الكريم بلسان مبين يسمعه الجميع ، وهو يدافع عن أمه التهمة الباطلة ، ويبرئها مما ظنوه بها ، قال سبحانه:
{ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)
وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31)
وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32)
وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) }(مريم) .

ـ ومن أمثلته أسلوب التعجب في مدح ذاته سبحانه " أفعِلْ به " في قوله تعالى :
{ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)}(الكهف) .
وقوله سبحانه يصوّر كآبة منظر الكفار يوم القيامة .
{ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا . . .(38)}(مريم) .

ـ ومن أمثلة الحالة الثانية : تعجب الكافرين من أمرين اثنين :

الأول : أن يكون النذير رجلاً منهم وهم يظنون أنّه ينبغي إن جاءهم أن يكون ملكاً ، أو يأتي بملك معه ، قال عز وجل: { بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2)}(ق) .
وقال عز من قائل : { وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4)}(ص) .
{ أكان لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ . . . (2)}(يونس) .
{ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ
لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا
(7)
أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ
أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا
وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا
( 8 )}(الفرقان) .

الثاني :

أ ـ يتعجبون من الإيمان بالنشور ويوم البعث :
قال تعالى : { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)}(يس) .
وقال سبحانه : {أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)}(ق) .
وقال سبحانه : { وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (5)}(الرعد). فهم يسخرون من الحياة بعد الموت ، ويظهرون التعجب ، والأَوْلى أن نتعجب نحن من تعجبهم ، فلو أنهم فكروا قليلاً لسألوا أنفسهم مَنْ خلقنا ؟ من جعلنا على هذه الصورة ؟ أوُجـِدْنا عبثاً ؟
وإذا عرفوا أن هناك مَنْ أوجدهم من عدم أيقنوا أنه سبحانه قادر على أن يبعثهم من وجود ، وهذا أسهل عليه وكلُّ شيء عليه سهل ـ سبحانه ـ وأن الناس خلق بسيط إذا ما قورنوا بخلق السموات والأرض ، قال عز وجل:
{ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)}(غافر) .

ب ـ يتعجبون من توحيد الله سبحانه :
فهم يعتقدون أن مع الله آلهة أخرى فهم يستنكرون وحدانيته ، وعقولُهم القاصرة ترى أن الكون الضخم يحتاج إلى آلهة كثيرة تديره وتدبر أمره . . !!
{ أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) }(ص) .
وفي سورة النجم من الآية الثالثة والثلاثين ، حتى الآية الثامنة والخمسين ، يؤكد القرآن الكريم على وحدانيّة الله .
أ ـ فهو القادر على كل شيء .
ب ـ وإليه المنتهى .
جـ ـ وكل شيء من صنع يديه .
د ـ وأن الآلهة التي يعبدونها من مخلوقاته .
هـ ـ وقد أهلك الله الكفار لكفرهم وأن يوم القيامة قادم لا محالة .
ومع ذلك فهم يتعجبون من هذا الكلام ، ويسخرون ، والله يعنفهم ويوبخهم بقوله سبحانه :
{ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59)
وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60)
وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)}(النجم).
ومن العجب أن تتقبّل العقول عبادة ما صنعوه بأيديهم ، وينسوا عبادة من صنعهم بيديه !!
{ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)}(الصافات) .
{ أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) }(الصافات) .

والإنسان العاقل يعبد ما ينفعه ليكسب منه ، ومَنْ يخافه ليحذر عقابه ، ومَنْ بيده مقاليد الأمور . .
أما عبادة ما لا ينفع ، ولا يضر ، ولا يعي ، ولا يعقل ، فانحطاط ، ما بعده انحطاط . .
قال تعالى : { قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا
وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(76)}(المائدة) .
والله سبحانه وتعالى ينبه الإنسان إلى خطئه بلطف مشوب بالتحذير
{ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)
الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7)
فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ( 8 )}(الإنفطار) .
ويُعلِمُه أنه قادر ليس على إعادة خلقه فقط ، بل إنه سبحانه قادر على أن يعيد خطوط بصماته التي لا يشابهه فيها بصمات الناس الآخرين ، وهذه قمّة في الدقة والعظمة :
{ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)}(القيامة) .
أما الكافر المشرك فقد حجب عن قلبه نور الإيمان ، ورضي بقلب الحقائق ليرضي نزواته ، ويرضي مَنْ حوله ليبقى مهيباً في أعينهم . لكنَّ الله سبحانه له بالمرصاد . . ولئن تركه في الدنيا لَـَعذاب الآخرة أشدُّ وأبقى . ومِنْ أمثلة هؤلاء الوليد بن المغيرة ، الذي رزقه الله مالاً وبنين فلم يعرف نعمة الله عليه ، واختلق الأكاذيب ليشوّه مقام النبوّة ، ويصمه بالسحر والكذب ، ويدّعي أنه أولى من الرسول الكريم بالرسالة . . إنَّ أمره عجيب ، وتفكيره غريب . . فالله أعلم حيث يجعل رسالته :
{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)
وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12)
وَبَنِينَ شُهُودًا (13)
وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14)
ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15)
كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآَيَاتِنَا عَنِيدًا (16)
سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17)
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18)
فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19)
ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20)
ثُمَّ نَظَرَ (21)
ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22)
ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23)
فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24)
إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)
سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26)}(المدثر) .

وهكذا كان التعجب أسلوباً يحث السامع أو المخاطب ليعيد التفكير ، ويمحص القول ، ويروزُ الأمر ليصل إلى الحقيقة ، وما أقل من يفعل ذلك .

يتبع




 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #64
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم



يكون التنبيه إلى أمر ما لأسباب عدّة منها :

أ ـ جذب الاهتمام به لشرفه ورفعة شأنه وتعظيمه .
ب ـ الاستعداد لفهمه ومعرفته ، والتأهب له ومقارنته بضده .
جـ ـ أن لا يضيع شيء مما يكون منه ، فلا يُضطر قائله إلى الإعادة .
د ـ تفطين الغافلين للشيء ، ووقفهم عليه ، والتفكير فيه .

والقرآن الكريم أنزله الله تعالى على نبيّه الكريم ليقرأه على الناس ، مبشراً ونذيراً فهو
ـ القرآن الكريم ـ رسالة إلى الخلق من ربهم ليتفكروا فيه ، ويعملوا به ، فلا بدَّ أن يكون التنبيه متواتراً متلاحقاً بأساليب وطرق متعددة ، منها :

1 ـ الاستفهام بـ { هل أتاك } :

كقوله تعالى : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)}(الغاشية) وليس الرسول الكريم عارفاً بهذا الحديث ، ولا السامعون ، فلِمَ كان هذا الاستفهام ؟! إنه لتعظيم خطره والتنويه إلى أهميته ، فيُصاخ السمعُ ، وتتأهبُ النفسُ مستعدّة لتلقّيه .
ومثاله كذلك : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24)}(الذاريات) والرسول الكريم لا يعرف قصّة الملائكة الثلاثة الكرام : جبريل وميكال وإسرافيل مع سيدنا ابراهيم عليه السلام ، فهذا الاستفهام ليس للتذكير إنما لجلب الانتباه والتركيز فيما يأتي من خبر .
وعلى هذا المنوال نفهم قوله تعالى :
أ ـ { هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15)(النازعات) .
ب ـ وقوله سبحانه : { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21)}(ص) ،
جـ ـ وقوله عز وجل : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18)}(البروج) .

2 ـ الاستفهام بـ { أرأيتَ ، أرأيتم } :

وذلك للتفكير والتدبر والمقارنة دون الحاجة إلى الإجابة اللفظيّة ،
كقوله تعالى : { أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً (3)}(الفرقان) .
وكقوله تعالى : { أفرأيت الذي تولّى (33) وأعطى قليلاً وأكدى (34)}(النجم) .
وكقوله تعالى { أرأيت الذي يكذّب بالدين (1) فذلك الذي يدع اليتيم (2)} (الماعون) .
وكقوله تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ . . .(46) }(الأنعام) .
وكقوله جل وشأنه : { قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47) }(الأنعام) .
وكقوله تعالى : { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) }(الواقعة) .
وقوله سبحانه : { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) }(الواقعة) .
وقوله جل شأنه : { أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69)}(الواقعة) .
وقوله جل شأنه : { أفرأيتم النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72)}(الواقعة) .
وكقوله تعالى : { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)}(النجم) .
وقوله سبحانه : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا . . .(28)}(الملك) .
والأمثلة كثيرة في هذا الباب .

3 ـ اذكر :

فعل الأمر الذي خرج عما وضع له إلى التنبيه ، لأمر نبيهٍ شريف يستحق أن يُقلَّدَ أو يُتخذَ مثالاً يحتذى .
كقوله تعالى : { وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45)}(ص) .
وقوله سبحانه : { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41)}(ص) .
وكقوله جل شأنه : { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)}(طه) .
وقوله سبحانه : { وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ..(21)}(الأحقاف) ،
وقوله تعالى : { وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ ...(86)}(الأعراف) .
والأمثلة في هذا الباب كثيرة .

4 ـ التكرار :

وهو سمة ظاهرة في القرآن الكريم ، أفردنا له عنواناً خاصاً . ولأنَّ مِنْ أغراضه التنبيه ننوّه إليه ـ هنا ـ باختصار :

أ ـ تكرار جملة بعينها من أول السورة إلى آخرها :

كقوله تعالى في سورة الرحمن : { فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)}(الرحمن) . (تكررت إحدى وثلاثون مرة في السورة)
وكقوله تعالى : { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)}(الشرح) .
وكقوله تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68) }(الشعراء) وذكرت سبع مرّات في سورة الشعراء بعد كلِّ قصة للأنبياء الكرام ، عليهم صلوات الله وسلامه ، مع أقوامهم .

ب ـ تكرار تعبير بعينه للتنبيه إلى خطره :

كقوله تعالى : { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27)}(المدثر) .
وقوله سبحانه : { الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3)}(الحاقة) .
وقوله سبحانه : { الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3)}(القارعة) .

جـ ـ تكرار ألفاظ بعينها :
مثال ذلك : " كلّا " في سورتي المدثر والمطففين ، و " يوم الفصل " في سورة المرسلات ، و " ليلة القدر " في سورة القدر .

5 ـ النداء :

وهو من أهم الأساليب في التنبيه الوارد كثيراً في القرآن الكريم ،من أمثلة ذلك:
قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ..(21)}(البقرة).
وقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا . . .(15)}(الأنفال) .
وقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ..(28)}(التوبة) .
ولا بدّ من جواب للنداء نلحظه من الأمثلة السابقة : { اعبدوا ربكم } ، { إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار } ، { إنما المشركون نجس } .

6 ـ حروف القرآن الكريم :

والمقصود بها الحروف التي تصدَّرت كثيراً من سور القرآن الكريم ليتُنَبِّه إلى أمور منها :
أ ـ أن القرآن كلام الله المعجز ، وهو مؤلف من هذه الحروف التي تقرأونها في أول السور ، فمَنْ شك أنه من عند الله فليأت بمثله ! . .
ب ـ أن هذه الحروف فواتح السور ، لها أسرارها العظيمة الجليلة .
ـ وقد تبدأ بعض هذه السور بحرف تسمى به ، كسورة " ق " وسورة " ص " .
ـ وقد تبدأ بحرفين وتسمى بهما كسورتي " يس " و " طه " وقد لا تسمّى بهما ، كسورة النمل فقد بدأت بالحرفين { طس } وسورتي غافر وفصّلت ، وأخواتهما الشورى ، والزخرف ، والدخان ، والجاثية ، والأحقاف فقد بدأت بالحرفين { حم } .
ـ قد تبدأ بثلاثة أحرف ، كسورة البقرة وأخواتها آل عمران والعنكبوت ، والروم ، ولقمان والسجدة ، فقد بدأت بـ { ألم } .
وسورتي الشعراء والقصص اللتين بدأتا بـ { طسم } .
وسورة هود وأخواتها يوسف ، ويونس ، وإبراهيم ، والحجر ، التي بدأتا بالحروف { آلر}.
ـ وقد تبدأ السورة بأربعة أحرف ، كسورة الرعد التي بدأت بـ { آلمر} .
ـ وقد تبدأ السورة بخمسة أحرف كسورة مريم التي بدأت بـ { كهيعص } .

ولعلَّ المتفحص لآيات القرآن الكريم يجد كثيراً من أدوات التنبيه التي تحرك الوجدان والمشاعر ، وتشحذ القلب والعقل ، وتدفع إلى التفكر والتدبّر ، وترقق الأحاسيس ، وتذكر بالله ـ سبحانه ـ وعظمته .

يتبع




 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #65
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم



أسلوب شديد في التأكيد يدل على :

1 ـ ثبات في التصور ، وقوة التوجّه .
2 ـ إصرار على الاستمرار في تحقيق الهدف .
3 ـ التحدي في إنقاذ ما يراد . . .

وإذا وجد مؤمنون بقضية ما فيهم هذه الصفات فهذه قضيّة نافذة بإذن الله ، وأصحابها واصلون إلى ما يصبون إليه ، فما بعد العزيمة والإصرار من تراجع أو انحسار ، وهكذا أصحاب المبادئ ، وهكذا يجب أن يكونوا .
والأمثلة في القرآن الكريم على هذا الأسلوب وافرة جداً ، نقتطف من رياضه طاقة وافية إن شاء الله :

ـ فالكفار يوم القيامة حين يرون العذاب يتمنّون الخلاص منه ـ وأنّى لهم ذلك ـ وعلى الرغم من أنهم بخلاء ، كانوا يسلبون الناس أموالهم وأراضيهم ، ويقتلون من يقف أمام رغباتهم المتوحشة في امتلاك كل شيء ، . . ولو أنهم امتلكوا المال الكثير ، والذهب الوفير ، لقدموهما وأضعافَ ذلك بكثير كي ينجوا من النار ، لكنّ إرادة الله تعالى كتبت على هؤلاء الشقاء ، ولا بدّ من العقاب الدائم الأبدي ، لكل من طغى وتجبّر واستكبر ، قال تعالى:
{ فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39)}(النازعات).

ـ وتأمل الإصرار في إظهار دين الإسلام ، دين الحق على كل الأديان المحرّفة ، والشرائع الممسوخة ، على الرغم من تآمر المتآمرين ، ومكر الماكرين :
{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ( 8 )
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)}(الصف)
وليس بعد هذا الإصرار من إصرار ، والنصر حليف المسلمين إن شاء الله.

ـ وحين أصرّ الكفار من قوم نوح على الإشراك بالله ، وعبادة الأصنام ، وكان أحدهم يمسك بيد ابنه ، ويأخذه إلى نوح فيقول له : يا بني ! إن جدك أخذ بيدي إلى هذا الرجل الكاذب !! وحذرني منه ، والآن انا أحذرك منه فلا تؤمن به ، وحين أصرّوا على اتخاذ الأوثان آلهة ،قال سبحانه :
{ وقالوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24)}(نوح).
أمر الله سبحانه وتعالى نوحاً عليه الصلاة والسلام أن يصنع سفينة ، ليحمل فيها أهله المؤمنين ومن آمن معه ، فقد كتب الله على الكافرين الغرق . . ونهاه أن يحدثه في نجاة الذين ظلموا . .
{ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)}(هود) .

ـ إن ديننا دين البرّ ، ودين الاعتراف بأولي الفضل والإحسان إليهم ، والوالدان صاحبا المنّة والفضل على أبنائهما بعد الله سبحانه وتعالى ، وقد أمرنا الله عزّ وجلّ في أماكن عدة في كتابه الكريم ، بعد الأمر بتوحيده وعبادته ، أن نحسن إلى آبائنا ولو كانوا كافرين ، وأن نطيعهم فيما يأمروننا به ، ونرفق بهم مع الإصرار على الإيمان بالله ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، قال سبحانه:
{ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 8 )
وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9)}(العنكبوت) .
وقال عز وجل:
{ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ..(15)}(لقمان) .
فالإحسان إلى الوالدين أمر مشروع ، لكنّ الطاعةَ في العقيدة لله فقط سبحانه .

ـ وهذا سيدنا إبراهيم عليه السلام يقسم أنْ يحطم الأصنام ، في أول فرصة تسنح له ، قال تعالى:
{ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57)}(الأنبياء) .
وأصرَّ قبل إلقائه في النار ، وبعد إنقاذه منها أن يلجأ إلى الله ، فهو غوث المستغيثين
{ فَرَاغَ إِلَى آَلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (92)
فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94) قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99)}(الصافات) .
وباهتمامه عليه الصلاة والسلام وإصراره على نشر الحق كان أمةً وحده وصار خليل الله وصاحب الملّة السمحاء . . .

ـ وهذا سيدنا موسى عليه السلام ، أحد الانبياء الخمسة أولي العزم ، يصرّ على مرافقة الرجل الصالح ليتعلم منه ، فهو ينطلق مسرعاً إلى مكان اللقاء مزمعاً على ذلك ، ولو سار الدهر كله ، قال عز وجل: { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) }(الكهف) .
ولما لقيه عرّفه بنفسه ، وسأله أن يسمح له بمرافقته للتعلم منه فاعتذر الرجل الصالح ، فلن يستطيع أحد أن يرضى بما لا يعرف لحدوثه سبباً ، ولا يسأل عن السبب ، فأصرّ موسى على التعلم منه ، ووعده أن يصبر فلا يسأل ، ثم لا يعصي له أمراً يريده ، فنزل الرجل الصالح على إصراره على أن يختبره في الأمور الثلاث الأولى :
{ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)}(الكهف) .

ـ ثم إننا نرى الإصرار الذي ينبع من الإيمان العظيم لسيدنا موسى ، بدينه وقضيته حتى يقف أمام فرعون ذلك الجبار المتكبر غير هيّاب ولا وجل ، يجادله ويحاجّه فكرةً بفكرة .
{ فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17) قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) قال فرعون وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قال رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قال لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قال رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قال إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قال رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قال لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قال أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قال فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قال للملأ حوله إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34)}(الشعراء) .
فالقارئ يرى ويسمع ذلك الحوار الساخن بين نبي الله المؤمن بدعوته المتحمس لها ، المعتمد على الله سبحانه وتعالى ، وبين ذلك المتأله المتغطرس الذي يأنف أن تنزع الألوهية منه وتعود إلى صاحبها ـ الله سبحانه ـ إنّه إصرار رائع على وضع الحق في نصابه .

ـ ونرى أحد إخوة يوسف يقف محتاراً ، فقد وعدوا أباهم أن يعودوا بأخيهم بنيامين إلى فلسطين ، وها هو يَسرِقُ ويُستَعبَدُ حين انكشف ، ولن يصدق أبوهم هذه القصة فهو ـ الأب ـ يعرف أنّ ابنه رجل صالح لا يسرق . . .
فكيف يعود هذا الأخ دون أخيه ، فيصرّ على أن يبقى في مصر ، ولا يخلف وعده ، إلا إذا سمح له أبوه بالعودة ،قال جل شأنه:
{ فَلنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80)}(يوسف).

ـ أما مؤمن ( يس ) ، فقد علم بتكذيب أهل المدينة الأنبياءَ الثلاثة ، فانطلق من مسكنه البعيد في الطرف الآخر من المدينة يسعى لنصرة أنبياء الله ، ويعلن إيمانه على الرغم من هياج الكفار وتهديدهم الرسلَ وغضبهم منهم ، ويصل الرجل المؤمن ، ويصدح بكلمة الحق ، ويصرّ عليها ، فيقتلونه في سورة هياجهم ، ويدخل الجنّة ، وهذا ما كان يصبو إليه ، قال عز من قائل:
{ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)}(يس) .

ـ وهؤلاء المسلمون في المدينة ، تحيط بهم الأحزاب من كل جهة . . . أخافوا واستسلموا أم ازداد إيمانهم وثبتوا ؟.
قالوا : هذا ما وعدنا الله ورسوله من المحنة والابتلاء ، ثم النصر على الأعداء ، والله صادق الوعد ، ورسوله صادق البشرى . . وأصروا على الجهاد والثبات فنالوا ثمرة ذلك الصبر والإصرار والنصر ، ولله المنّة والفضل ، قال تعالى:
{ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)}(الأحزاب) .

فبالثبات والإصرار يبلغ المجتهد مأربه وينال رغبته .

يتبع




 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #66
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم





أهناك فائدة من الحديث إن كان مبهماً ، أو ملخَّصاً لا يفي بالغرض ؟
وهل ينفَّذ الأمر إن لم يكن واضحاً مفهوماً ؟
وإن نفّذ دون توضيح وتفصيل أيصلُ إلى الغاية المنشودة والهدف المقصود؟ .
كلما كان الأمر واضحاً مفصّلاً ، دقيقاً منظَّماً ، كان التعامل معه مريحاً بيّناً . ومثاله في القرآن الكريم كثير كثير ، بل إن القرآن الكريم يقوم عليه ويدعو إليه فهو يقول : { وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12)}(الإسراء) ، { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)}(يونس) ،
{ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ( 8 )}(الرعد) .
وهذا يدعونا إلى السير على هداه لنبلّغ الرسالة للناس كما يريد ربنا سبحانه .

فمن هذه الأمثلة قوله تعالى في آية الدَّين :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
1 ـ إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ
2 ـ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ
3 ـ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا
4 ـ فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ
5 ـ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا
6 ـ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا
7 ـ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا
8 ـ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ
9 ـ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)
10 ـ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ
11 ـ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ
12 ـ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283)}(البقرة) .
أرأيت إلى هذا التفصيل الذي لم يترك شاردة ولا واردة ؟ ، هكذا يكون التعامل شاملاً ، دقيقاً ، واضحاً لا لبس فيه ولا ثغرة ، فتحفظ الحقوق ، وترتاح النفوس، ويَسْلم الدين .

ـ ومثاله كذلك هذا الشمول في تفصيل الشهوات ، والإشارة إليها :
{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ
أ ـ مِنَ النِّسَاءِ
ب ـ وَالْبَنِينَ
جـ ـ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
د ـ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ
هـ ـ وَالْأَنْعَامِ
و ـ وَالْحَرْثِ ..(14)}(آل عمران) .

ـ ومثاله قول الله سبحانه في وصف المنافقين المفسدين ، وفضحهم الساخر :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
1 ـ لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ
2 ـ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا
3 ـ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ
4 ـ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)
5 ـ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ
6 ـ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119)
7 ـ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا
8 ـ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)}(آل عمران).

ـ ومثاله في التعامل مع اليتامى وأموالهم ، والسفهاء ، والتعامل مع النساء قوله تعالى :
1 ـ {. . . وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)
2 ـ وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ
3 ـ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)
4 ـ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ
5 ـ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)
6 ـ وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)
7 ـ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)
8 ـ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا
9 ـ وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)}(النساء).

ـ ومن الأمثلة الدقيقة الشاملة المفصّلة في سورة النساء :
1 ـ آيات المواريث من الآية السابعة وحتى الآية الرابعة عشرة .
2 ـ آيات التوبة [ 16 ـ 18 ] في أن المشركين لا يعمرون مساجد الله ، إنما المؤمنون فقط مع ذكر سمات المؤمنين .
3 ـ أصناف النساء المحرّمات الآيتان [ 23 ـ 24 ] .
4 ـ صنفا المنافقين الآيات [ 88 ـ 91 ] .

ـ ومن الأمثلة في السورة نفسها قوله تعالى في القتل الخطأ :
1 ـ { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً
2 ـ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً
أ ـ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا
ب ـ فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ
جـ ـ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ
3 ـ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92)
4 ـ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)}(النساء) .

ـ ومثاله كذلك قوله سبحانه يبين فضله وكرمه ، ويوضح سمات دينه العظيم ، وألوهيته ، وربوبيته :
1 ـ { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا
2 ـ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160)
3 ـ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)
4 ـ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)
5 ـ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)}(الأنعام) .

ـ ومن الأمثلة البيّنة توضيحُ ما حرّمه الله تعالى :
{ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ
1 ـ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
2 ـ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ
3 ـ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا
4 ـ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)}(الأعراف) .

ـ ومن أمثلة التفصيل قولهُ تعالى يصف رسوله الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
{ . . . وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا
1 ـ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
2 ـ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)
3 ـ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ
أ ـ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ
ب ـ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ
جـ ـ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ
د ـ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ
هـ ـ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ
4 ـ فَالَّذِينَ
أ ـ آَمَنُوا بِهِ
ب ـ وَعَزَّرُوهُ
جـ ـ وَنَصَرُوهُ
د ـ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ
أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157){(الأعراف) .
إنه تفصيل ما بعده تفصيل.

ـ وانظر إلى صفات المؤمنين وجزائهم ، قال تعالى :
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ
1 ـ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
2 ـ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا
3 ـ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)
4 ـ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ
5 ـ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)
أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ
1 ـ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
2 ـ وَمَغْفِرَةٌ
3 ـ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4){(الأنفال).

ـ وتعرَّف إلى عوامل النصر التي فرضها الله ، هل هي محققة فينا جميعها أو بعضها ، أو هي بعيدة عنا بعد السماء عن الأرض ؟. قال تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً
1 ـ فَاثْبُتُوا
2 ـ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)
3 ـ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ
4 ـ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ
5 ـ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)
6 ـ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47)}(الأنفال) .

ـ وتابع تصوير المنافقين في سورة التوبة ، بدءاً من الآية الشامنة والثلاثين إلى آخر
السورة ، لتكتشف فساد عقيدتهم ، سوء تصرفهم ، وكرههم للمسلمين ، وحبهم للمشركين ، وأثرهم الهدّام في المجتمع الإسلامي ، وضعة نفوسهم بشكل مفصل واضح شامل دقيق . .
ـ وكذلك نجد التفصيل في سورة الكهف حين قتل الرجل الصالح الغلام ، وخرق السفينة ، وأقام الجدار ، وعلل بعد ذلك ما فعله مفصّلاً ، شارحاً ، معتذراً عن متابعة صحبته لموسى عليه السلام .

ـ وفي سورة الحج لم يقل الله تعالى للرسول الكريم : إن تكن قد كُذِّبْتَ فقد كُذِّب الأنبياء من قبلك بل فصل القرآن ذاكراً المكذّبين حين أضافهم إلى أسماء أنبيائهم ليُعرَفوا قائلاً :

{ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44)}(الحج) .

ـ ومن الأمثلة على التفصيل وصف المؤمنين في سورة (المؤمنون) ، قال تعالى :
{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)
1 ـ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)
2 ـ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)
3 ـ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)
4 ـ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى
أ ـ أَزْوَاجِهِمْ
ب ـ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)
فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)
5 ـ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ( 8 )
6 ـ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9)
7 ـ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)}(المؤمنون) .

ـ وتعال معي كذلك نقف على صورة من صور المنافقين البائسين . . قال تعالى :
{ أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
1 ـ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا
2 ـ وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)
3 ـ لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ
4 ـ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ
5 ـ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12)
6 ـ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13)}(الحشر) .

ـ وحين يوبخ الله تعالى المطففين يوضح السبب فيقول :
{ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
(1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ
(2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ
(3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ
(4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ
(5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)}(المطففين) .

ـ نَقَضَ اليهودُ الميثاق ، وظلموا وكفروا وكذبوا . . . فكان عذابهم أليماً قال تعالى :
1 ـ { يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ
2 ـ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا
مُبِينًا
(153)
3 ـ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ
4 ـ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا
5 ـ وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154)
6 ـ فَبِمَا
أ ـ نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ
ب ـ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ
جـ ـ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ
د ـ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155)
و ـ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)
ز ـ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ
ح ـ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160)
ط ـ وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ
ي ـ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ . .(161)}(النساء) .

ـ إن عودةَ إلى القرآن الكريم بنباهة ويقظة توقفك على تفاصيل تدلُّ على عظمة قائله سبحانه وتعالى وعزّ من قائل .

وأن على الإنسان أن يفصّل ويوضِّح ويزيل اللبس والغموض .

يتبع




 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #67
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم




استقصى فلانَ المسألة : بلغ الغاية في البحث عنها .
وأقصدُ كذلك بالاستقصاء : ذكرَ الاحتمالات وما قد يخطر على البال منها ، وإيرادَها لمعرفتها أولاً ، وللردِّ عليها ، أو إلقاء الضوء عليها ثانياً .
وعلى هذا فالاستقصاء غير التفصيل (راجع أسلوب التفصيل) وإن كان يلتقي معه في سدّ الثغرات والإحاطة بالمسألة (الأمر) ، وبينهما خيط دقيق ، يتوضح إن شاء الله من سرد الأمثلة المناسبة .

ـ قال الله سبحانه وتعالى مستقصياً ما يجري حين تقوم الساعة ، فيعرف الإنسان حينئذ ما قدَّم من خير أو شرٍّ كانا غائبين عن فكره وعينه :
{ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2)
وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4)
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6)
وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ( 8 ) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)}(التكوير) .
فهلّا فكّر الإنسان ، وتدبّر وعمل لذلك اليوم ، فقدم على ربه كما يقدم الضيفُ الكريم ، راجياً كريم المثوى ، وسعادة المأوى .

ـ وانظر إلى الاستقصاء الدقيق الذي لم يترك شاردة ولا واردة ، في الدفاع عن سيّد المرسلين ، ونفيِ التهم الباطلة التي أرادها له الكافرون ، المبطلون ، ودحض افتراءاتهم ، في التقوّل على الله ورسوله ، قال تعالى :
{ فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)
أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31)
أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا
أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32)
أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34)
أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ
أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)
أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ (36)
أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ
أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ (37)
أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38)
أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39)
أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40)
أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41)
أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42)
أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43)}(الطور) .
أرأيت معي إلى "أمْ" المعادلة ، هذه التي تكررت تستقصي ما قد يجول في نفوس المشركين من كذب وادعاء ، فتسخر منهم وتردُّ بهتانهم ، وتفضح أسرارهم . . هل تركَتْ شاردة أو واردة من احتملات إلا أوردتها ؟ . . .

ـ والقرآن جاء واضعاً النقاط على الحروف ، موضحاً للمؤمنين ما يجب أن يفعلوه ، منبهاً إلى تكذيب الكفار واستكبارهم ، لكنَّ عاقبتهم خزي وندامة ، لأنهم سيعرفون ـ في وقت لا تنفع فيه المعرفة ـ أن كلَّ ما جاء به حقٌّ لا تشوبه شائبة .
قال تعالى : { وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48)
وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49)
وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50)
وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51)}(الحاقة).

ـ والقرآن حين ذكر السابقين إلى الخيرات استقصاهم عدداً ومكانةً وهيئة وتكريماً فقال :
{ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14)
عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16)
يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19)
وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21)
وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)
لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)}(الواقعة) .
واستقصى أصحاب اليمين كذلك ، هيئة ومكانة وتكريماً ، فقال :
{ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27)
فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)
إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37)
لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (40)}(الواقعة) .

ـ والإنسان بطبعه ناقص ضعيف ، يظهر نقصه وضعفه في شدة حرصه ، وواسع طمعه ، يخاف خوفاً شديداً إن مسّه الشرُّ ، يمنع رفده إن اغتنى وكثر ماله .
ولكنَّ هذا لا ينطبق على المؤمن الذي استقصى الله تعالى صفاته فقال فيه :
{ إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)
وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)
وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26)
وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31)
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32)
وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33)
وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34)
أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35)}(المعارج) .
فما مكاننا من هؤلاء الذين مدحهم الله تعالى ؟ وأين أعمالنا من أعمالهم ؟ فإن قارنّا حالنا بحالهم فوجدنا خيراً فلنحمد الله ، وإلا فلا نلومنّ إلا أنفسنا .

ـ وتأمل معي هذه :

[أ] الاحتمالات في قوله تعالى :
{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46)
قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47)}(الأنعام) .
ثم تأمل :
[ب] النفي المتبوع بأسلوب الاستثناء المؤكد والنفيَ بالاستفهام والدعوة للتفكر
{ قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ
وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ،
وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ،
إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى
وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ
(50)}(الأنعام) .
ثم تأمل معي :
[جـ] الإصرار على عبادة الله وحده ، والتبرؤ من الكافرين ، والإصرار على متابعة الحق ، وما على الرسول إلا البلاغ .
{ قل إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
قل لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
(56)
قل إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57)
قل لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58) }(الأنعام).
وإسناد كل شيء إلى الله تعالى :
{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا
وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ
وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ
(59) }(الأنعام) .
نعم ؛ تأمل ذلك تجدْ دقة في عرض الاحتمالات والإجابات والمناقشات والإقرار بربوبيّة الله وحده . . أليس هذا استقصاءً رائعاً للأفكار ، وشفاءً للنفس الطيبة في الاستقرار إلى كنف الله سبحانه وتعالى ؟!!.

ـ والمشركون لا يفتأون يعاجزون ويعاندون ويستكبرون عن الإيمان بالله ، ذلك الإيمان النقيّ من كل شائبة وضلال فهم ، يريدون معجزات كثيرة ، ليفكروا بعد ذلك أيؤمنون أم لا ؟! وفي الآيات التالية فضح لموقفهم المتعنت :
{ وَقَالُوا
1 ـ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90)
2 ـ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91)
3 ـ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا
4 ـ أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92)
5 ـ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ
6 ـ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ
قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا
(93) }(الإسراء) .
فاستقصى القرآن ستاً من أحابيل المشركين ثم دحض افتراءاتهم كلها حين أمر رسوله الكريم أن يعلن رسالته وبشريته ، فمن أبصر فلنفسه ومن عميَ فعليها .

ـ ثم انظر إلى أنواع العذاب الذي أصاب الله به من كفر
{ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ
1 ـ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا
2 ـ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ
3 ـ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ
4 ـ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) }(العنكبوت) .

ـ ولما جاءت وافدة النساء إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ تسأله حقَّ النساء وواجبهن نزل القرآن يجعلهن والرجال في الطاعات والعبادات والمسؤوليات سواء بسواء ، فقال :
{ إِنَّ
1- الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ
2- وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
3- وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ
4- وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ
5- وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ
6- وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
7- وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ
8- وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ
9- وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ
10- وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)}(الأحزاب) .
فكانت هذه الصفات العشر للرجال والنساء مجتمعين .

ـ وأخيراً ، اقرأ معي دعاء سيدنا نوح في سورته :
{ رَبِّ
أ ـ اغْفِرْ لِي
ب ـ وَلِوَالِدَيَّ
جـ ـ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا
د ـ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ . . . }(نوح).
فقد استفاد نوح عليه السلام لنفسه في هذه الدعاء ثلاث مرات :
1 ـ اغفر لي .
2 ـ ولمن دخل بيتي مؤمناً فهو مؤمن .
3 ـ وللمؤمنين وهو منهم .
واستفاد والداه ثلاث مرات كذلك :
1 ـ لوالديَّ .
2 ـ ولمن دخل بيتي مؤمناً ووالداه مؤمنان .
3 ـ وللمؤمنين فوالده منهم ، والمؤمنات فأمه منهنّ .

استقصاء رائع . . . والأمثلة في القرآن كثيرة محكمة رائعة .

يتبع




 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #68
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم




لغتنا العربية ـ لغة القرآن ـ تمتاز بالبلاغة والبيان ولن تجد لغة تضاهيها فصاحة وجمالاً . . فالله سبحانه وتعالى وفّاها حقها حينما أنزل القرآن الكريم بها { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا..(2)}(يوسف) وحين وصفها : { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)}(الشعراء ) .
ومن عوامل بيانها وجمالها ذلك الإيجازُ بالحذف ، الدالُّ على الإيحاءات البلاغيّة التي تعطيك زخماً من المعاني الكثيرة بالجمل القليلة ، فلا تحتاج إلى الإسهاب والإطناب في صياغة الفكرة والمعنى ، وإن كانا من عوامل جمالها أيضاً .
والإيجاز بالحذف متعدد ، فقد نُسقط كلمة ، أو جملة ، أو جُملاً دون الإخلال بالمعنى بل يزيد هذا الحذفُ المعنى وضوحاً .

ومن فوائد الإيجاز هذا :

1 ـ إيراد المعنى الواسع بلفظ قليل .
2 ـ التنسيق الموسيقي .
3 ـ التخلّص من التكرار المملّ .
4 ـ تعويد العقل على استجلاء المعنى ، واستنباطه ، والتمتع فيه .

أ ـ حذف الكلمة أو الكلمتين
ومثال ذلك قوله تعالى : { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ..(7)}(الفاتحة) فحذف كلمة صراط قبل { غير } للعلم به وكأنه يقول غير صراط المغضوب عليهم .
وقوله تعالى : { وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا..(135)}(البقرة) وكأنه يقول : وقال اليهود كونوا هوداً تهتدوا ، وقالت النصارى كونوا نصارى تهتدوا .
أرأيت إلى هذا الإيجاز بالحذف الذي زاد المعنى روعة ؟.
وقوله تعالى : { فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ(137)}(البقرة) أي يكفيك شرّهم .
وقوله سبحانه : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.. (184)}(البقرة) والمحذوف " فأفطر" كأنه يقول : فمن كان مريضاً فأفطر أو على سفر فأفطر . . فهل ترى خللاً في المعنى أم قوّةً وحَسْن سَبْك ؟ . .
ومثال ذلك أيضاً قوله تعالى : { الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ..(194)}(البقرة) .
والمعنى : هتك الشهر الحرام تُقابل بهتك الشهر الحرام فأنت تجزم أن الجملة في الآية الكريمة أكثر وضوحاً وأكثر متانةً وإيحاءً .
وقوله سبحانه : { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ..(213)}(البقرة) والمقصود : كان الناس أمةً واحدة على الإيمان متمسكين بالحقِّ فاختلفوا فبعث الله . . .
ومثاله قوله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ..(219) }(البقرة) فهم يسألونك عن شرب الخمر وتعاطي الميسر .
وقوله تعالى : { لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ..(75)}(آل عمران) والمعنى : ليس علينا في أكل أموال الأميين سبيل . .
وقوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)}(الأعراف) والمعنى : تذكروا ثواب الله وعقابه . .
وقوله سبحانه مخاطباً فرعون الغريق الذي قال وهو يلفظ أنفاسه : { آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)}(يونس) والمقصود : آلآن تقرُّ بوحدانيّة الله وقد عصيت . . .
والأمثلة على هذا كثير ، وأنت ترى معي أن المعنى مفهوم من السياق وأن الحذف لم يضيّعه بل زاده إشراقاً ، وترك الفكر يحدده ويلتذّه .

ب ـ حذف كلمات عدة أو جملة
مثاله قول تعالى : { فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (102) }(يونس) والمعنى : فانتظروا عاقبة البغي والتكذيب وإنا من المنتظرين هلاككم ودماركم . .
وقوله سبحانه : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ..(228)}(البقرة) والمعنى : ولهن من الحقوق على الرجال مثل الذي للرجال عليهن من الحقوق .
ومثاله أيضاً قول الله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ (1)}(الأنفال) والمقصود : يسألونك عن الأنفال التي غنمتها في غزوة بدر لمن هي ؟ قل . . .
وقوله تعالى : { رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (75) }(هود) والمعنى : أن ابني من أهلي وأنت وعدتني بنجاحهم ، وإن وعدك الحق . . .
وقوله تعالى : { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا...(50)}(هود) والمعنى : وأرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً وأوحينا إليه .
وقوله تعالى : { وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ..(23)}(الروم) والمقصود : ومن آياته منامكم بالليل وقيلولة النهار وابتغاؤكم في النهار من فضله .
وقوله سبحانه : { . . . وَالَّذِينَ ءاَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ..(72)}(الأنفال) والمعنى : والذين أوَوْا رسول الله والمهاجرين إليهم ونصروهم أولئك . . .
والأمثلة كثيرة جداً ، إن عدتَ إليها في القرآن الكريم وجدت من الكنوز ما تقرُّ بها عينك .

جـ ـ حذف جمل عدة
كقوله تعالى : { فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15)}(يوسف) حذفت هنا عدة جمل ، والمعنى : وحين ألقوه في الجب ، واصابه الهمّ والحزن ، وتملكه الخوف أوحينا إليه . . .
وقوله تعالى : { أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ
بَقَرَاتٍ
..(45)}(يوسف) والمحذوف : فأرسلوني إلى السجن لآتيكم بالتأويل الصحيح ، فأرسلوه ، فدخل على يوسف وقال له : يوسف أيها الصديق .
وقوله تعالى : { وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ . . . (50)}(يوسف) والمقصود : وقال الملك : ائتوني به فانطلق الرسول إلى السجن ليخرجه منه ويحمله إلى الملك ، فأبى أن يخرج إلا بريئاً فقال للرسول : ارجع إلى ربك فاسأله . . .
إنها معانٍ يستشفّها القارئ من خلال السطور ، فيعجب لوضوح المعنى دون أن يشعر أن هناك شيئاً محذوفاً . .
وهذه الجمل المحذوفة ليست من أركان الجمل الأصلية ، بل هي إطناب يمكن الاستغناء عنه وتبقى الجمل مكتملة المعنى .

د ـ حذف أصل من الجملة يفهم من السياق
وقد يكون خبراً أو جواب شرط ، وما شابه ذلك ، كقوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا . . (31) }(الرعد) والمحذوف هنا جواب الشرط ((لو)) ولو أن قرآناً سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأرض أو كلّم به الموتى (لكان هذا القرآن) بل لله الأمر جميعاً .
وكقوله سبحانه : { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ . .(33)}(الرعد) والمحذوف : الخبر ( كمن ليس بهذه الصفة من الأصنام التي لا تنفع ولا تملك من الأمر شيئاً ) . . .
وقوله سبحانه : { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ . .( 8 )}(فاطر) والمحذوف : أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً (كمن استقبحه وتجنّبه واختار طريق الإيمان) .
وقوله سبحانه : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)}(يس) والمحذوف : (أعرضوا واستكبروا) .
وقوله سبحانه : { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ..(19)}(الزمر) والمحذوف : (هل تقدر على هدايته لا) .
وقوله سبحانه: { أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ (22)}(الزمر)
والمحذوف : (كمن هو أعمى القلب معرض عن الإسلام ؟).
وقوله سبحانه : { أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...(24)}(الزمر) والمحذوف : (كمن هو آمِنٌ من العذاب؟).
وقوله جلّ شأنه : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ...(41)}(فصلت) والمحذوف : (سيجازون بكفرهم جزاءً لا يوصف) .
وقوله سبحانه: { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)}(النجم)
والمحذوف: (هل لها من القدرة والعظمة التي وصف بها رب العزّة شيء حتى زعمتم أنها آلهة؟!!).
والأمثلة على الإيجاز بالحذف إشراق في التعبير ، يدلُّ على أن هذا القرآن تنزيل من حكيم حميد سبحانه وتعالى .
كما أنه يحرّك العقول فتقتنص فرائد المعنى ، وتستمتع بجمال العبارة ، وتذكرنا بالقاعدة الذهبية ((خير الكلام ما قلَّ ودلَّ)) .

يتبع




 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #69
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم




خلق اللهُ سبحانه الإنسانَ ، وكرّمه على بقيّة المخلوقات بما حباه من عقل يفكر به ، فينقد ما يراه ويسمعه ، ويصل إلى الاختيار الصحيح والقرار الصائب .
وفي القرآن الكريم عشرات الآيات ، تضع بين يدي الإنسان طرقاً مختلفة ، ونتائج كلٍّ منها ليختار ما يريد بعد المقارنة بينها ودراستها ـ على بيّنة وليتحمل نتائج هذا الاختيار ، إن خيراً فخير ، وإن شرّاً فشرّ .
ولعلنا في هذا العرض نقف على عوامل عدة لهذا الأسلوب منها :

1 ـ التنبيه إلى العمل الصحيح :

فقد ظنّ المشركون في مكة أنهم حين يسقون الحجيج ويضيفونهم ويخدمونهم فقد أدّوا حق الله تعالى . فينبههم القرآن الكريم إلى خطأ هذا الاعتقاد وأن العمل الصحيح الذي يرضاه الله منهم الإيمانُ الحقُّ به ، وتوحيدُه ، والإيمانُ باليوم الآخر ، ونشرُ الدين بالجهاد في سبيل الله . وشتّان بين قوم يعملون دون أساس العقيدة وقوم وضعوا نصب أعينهم الإيمان بالله وحده ، قال تعالى :
{ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19)}(التوبة) .

ـ ضرب الله مثلاً للمؤمن والكافر ، فالكافر كالأعمى الماشي على غير هدى وبصيرة منكساً رأسه لا يرى طريقه ، يخبط خبط عشواء يتعثر كل ساعة فيخر على وجهه .
-والمؤمن سويٌّ صحيح البعد يمشي منتصب القامة ، يرى طريقه ولا يتعثر في خطواته .
والكافر يحشر ماشياً على وجهه إلى دركات الجحيم .
-والمؤمن يمشي إلى الجنّة سوياً على الصراط المستقيم ،قال سبحانه: { أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)}(الملك) حقاً إن الإيمان نور وثقة يوصل إلى الهدف المنشود ، ويرشد إلى الطريق السوي والسبيل الرشيد .

2 ـ التحفيز إلى اختيار الكمال :

قال تعالى : { فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)}(البقرة).
فمن كانت الدنيا همّه رغب أن تكون منحته في الدنيا خاصة ، وليس له في الآخرة نصيب ومن طلب خيرَي الدنيا والآخرة ـ وهو المؤمن العاقل ـ فقد فاز بسعادة الدارين ، وله حظ وافر مما عمل من الخيرات .
ومثلها قوله سبحانه وتعالى :
أ ـ { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ
ب ـ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)
جـ ـ وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ
د ـ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)}(الإسراء) .
فالذي يريد بعمله الدنيا فقط ، ولها يسعى ويعمل ،ليس له همٌّ سواها أعطيناه ما نريد ، لا ما يريد ، وليس له في الآخرة سوى جهنّم يدخلها حقيراً مطروداً من رحمة الله .
أما الذي يسعى إلى النعيم المقيم ، وعمل له بما يليق من الطاعات ، وهو مؤمن صادق الإيمان فقد جمع الخصال الحميدة من الإخلاص ، والعمل الصالح ، والإيمان فكان عند الله تعالى مقبولاً .

3 ـ التحذير والترغيب :

تعال معي أيها الأخ الحبيب نلقي نظرة على مشهد من مشاهد يوم القيامة ، فترى المؤمنين يأخذون كتب أعمالهم بأيمانهم ، فإذا هم من السعداء . وترى المجرمين يأخذون كتب أعمالهم بشمالهم فإذا هم من الأشقياء ، واسمع ما يقوله المؤمن السعيد ، وما يقوله الكافر الشقي واختر ما تراه مناسباً للإنسان العاقل :
أ ـ { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ
ـ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)
ـ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20)
ـ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21)
ـ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22)
ـ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23)
ـ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)
ب ـ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ
ـ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25)
ـ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26)
ـ يَا ‎لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27)
ـ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28)
ـ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)
ـ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31)}(الحاقة) .

ـ وهذا مشهد آخر شبيه بما سبقه ، فالأشقياء في جهنّم مستقرون هناك لهم من شدة كربهم زفير وشهيق يترددان بشدّة ، أصواتهم في النار كصوت الحمار ، أوَّله زفير وآخره شهيق ، ماكثون فيها على الدوام .
أما السعداء ففي الجنّة مستقرون فيها لا يخرجون منها أبداً تنهال عليهم الخيرات والعطاء دون انقطاع ، قال تعالى : { يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106)
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ
إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ
(107)
وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ
إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ
(108)}(هود) .

4 ـ تحديد العاقبة :

قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ..(40)}(فصلت) بل يا رب من يأتي آمناً يوم القيامة ، ونعوذ بك أن نكون وقودَ النار.
ـ وانظر معي إلى المصير الرائع للسابقين إلى الإيمان ، الراغبين رضا الرحمن .
فأولهم السابقون :
{ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)}(الواقعة) .
وثانيهم في الفضل أصحاب اليمين
{ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33)}(الواقعة) .
أما الكفار فانظر إلى نهايتهم المأساوية :
{ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44)}(الواقعة) .
وفي آخر هذه السورة ((الواقعة)) يجمل القرآن الكريم عاقبة أمر هذه الفئات الثلاثة :
أ ـ { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89)
ب ـ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91)
جـ ـ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) }(الواقعة).
فمع مَنْ تريد أن تكون . . . يا أخي العزيز ؟

5 ـ تقسيم الناس :

ـ مرَّ قبل قليل في سورة الواقعة أنَّ الناس ثلاثة أقسام :
السابقون : هم المقرَّبون من الله في أرفع منازل الجنّة .
أصحاب اليمين : أهل الجنة في مقام أقلّ من السابقين .
أصحاب الشمال : أهل النار المشركون والكفار والمنافقون .
ـ وفي سورة فاطر نجد تصنيفاً لأمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام :
{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا
أ ـ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ
ب ـ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ
جـ ـ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ
ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)}(فاطر) .

الظالم لنفسه : العاصي من رجحت سيئاته على حسناته .
المقتصد : من استوت سيئاته وحسناته .
السابق : من رجحت حسناته على سيئاته .
ـ ولا شك أنك تريد أن تكون من السابقين .
ـ وفي سورة الجنّ نجد نوعين من الناس ، قال تعالى :
أ ـ { وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ
ب ـ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ
أ ـ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14)
ب ـ وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15)}(الجن) .
القاسطون : الكافرون الجائرون عن الحق

6 ـ المشاكلة :

يقول سبحانه وتعالى في سورة النور مؤكداً أن الكلمة الخبيثة تخرج من النفس الخبيثة ، وأن الكلمة الطيبة تخرج من النفس الطيبة ، وأن الرجل الصالح يرزقه الله الزوجة الصالحة ، وأن الخبيث منهم له الخبيثات منهنّ :
{ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ
وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ
..(26)}(النور).
والله سبحانه وتعالى يجعل نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أفضل النساء وأمهات المؤمنين لأنهن في كنف المصطفى عليه الصلاة والسلام أفضل الرجال ، قال تعالى :
{ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ..(32)}(الأحزاب) .

7 ـ حصر العلاقات :

فقد حدد الله سبحانه وتعالى التعامل بين الزوجين في قضية الطلاق ، فقد كان للرجل أن يطلق ما شاء دون أن تبين زوجته منه ، وهذا طلم لها ، فقال موضحاً :
{ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ..(229)}(البقرة) .
أما مصارف الزكاة فهي طرق لا يمكن تجاوزها وهي ثمانية ، قال تعالى :
{ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ..(60)}(التوبة) .

8 ـ العطف إلى قدرة الله تعالى :

من قدرنه سبحانه وتعالى أن يجعل البحار متلاصقة ، متجاورة بحيث لا يتمازجان على الرغم من تلاقيهما ، فلكل بحر ماء تختلف خصائصه عن ماء البحر الآخر . وكذلك فهو يخرج المياه العذبة في المياه المالحة ، فلا يغلب أحدهما على الآخر:
{ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ
وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا
(53)}(الفرقان) .
والله تعالى المالك لكل شيئ لا رادَّ لقضائه ، ولا معقب لحكمه :
{ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ
أ ـ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49)
ب ـ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا
ج ـ وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا
إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ
(50)}(الشورى) .

وفي غزوة بدر أغرى المشركين بالمسلمين حين صوّرهم أكَلَةَ جزور والجمل يكفي مئة نفر فقط ، فكأنما استقل المشركون المسلمين فهاجموهم معتقدين سهولة القضاء عليهم .
وبالمقابل صور المشركين قلائل في أعين المسلمين فهاجموهم معتقدين سهولة القضاء عليهم .
وبالمقابل صور المشركين قلائل في أعين المسلمين كي لا يهابوا كثرتهم ، فيصمدوا أمامهم ثم تنقلب الدائرة على المشركين قال تعالى : { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (44)}(الأنفال) .

9 ـ ضرب المثل :
كلمة الإيمان ((لا إله إلا الله)) كالشجرة الطيبة أصلها راسخ في الأرض ، وأغصانها ممتدة نحو السماء ، تعطي ثمارها بإذن الله وتيسيره دائماً ، وهذه الثمار العملُ الصالح يصعد إلى السماء ، فينال بركته وثوابه في كل وقت . وكلمة الكفر الخبيثة كشجرة الحنظل الخبيثة الخبيثة ، اسؤصلت من جذورها واقتلعت من الأرض لعدم ثبات أصلها ، لا خير فيها ، فلا يقبل عمل الكافر مهما عمل ، لأن عمله ليس له أساس ، قال تعالى:
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26){(إبراهيم) .
والمسلم مع هذا يفكّر ويتدبّر ويحسب لكل أمرٍ حسابه ، ولا يعمل إلا ما يدخله الجنّة ويبعده عن النار . . ويختار آخرته لأن فيها رضى الله تعالى .

نسأل الله حسن الختام والبعد عن الزلل . . إنه سميع مجيب الدعاء .

يتبع




 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2017   #70
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم





يبدأ الدين في العقيدة والعبادات بالأهم ثم الأقلّ أهميّة ، وكلها مهمّة . فينطق بالشهادتين : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
ثم يبدأ الصلاة ، والصلاة صلة بين العبد وربّه وأكبر دليل على تعلقه به سبحانه .
ثم يؤدي الزكاة العبادة المالية ، وقد قرنت بالصلاة كثيراً سواء في النص القرآني أم في السنة النبوية . . .
ثم يأتي الصوم .
وأخيراً يحج من استطاع إلى الحج سبيلاً .

ـ ذلك أن الإنسان حين يبدأ بالأهمِّ الأوجب يسهل عليه ما بعده ، فيفعله دون حرج ، بل يستسيغه ويلتذ به لأنه ترجمة لما هو أعظم منه . ولا يُقبل في غالب الأمور فعلُ ما هو أقل أهميّة لأنه بناء قائم على ذلك الأساس فإن لم يكن الأساس موجوداً فعلامَ يقوم البناء .
أما في الأمور المعيشية كتعلم الحرفة ، أو الكتابة أو التربية البدنية فالارتفاع فيها درجة إثر أخرى يوصل إلى الإتقان والإبداع .

ـ ومن الأمثلة على ذكر الأهم فالأقل أهمية قوله تعالى : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَئَابِ (14)}(آل عمران)
أ ـ بدأ النساء بالنسبة لأن الفتنة بهنّ أشد ، والالتذاذ بهنّ أكثر ، وفي الحديث : ((ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء)) (أخرجه البخاري) .
ب ـ ثم ذكر ما يتولد منهنّ فقال { والبنين } وإنما ثنّى بالبنين لأنهم ثمرات القلوب وقرّة الأعين ، كما قال الشاعر حطان بن المعلّلا :
وإنــمــا أولادنــا بــيــنــنـــا * أكبـادنا تمشي على الأرض
لو هبت الريح على بعضهم * لامتنعت عيني عن الغمض
وقُدِّموا على الأموال لأن حب الإنسان لولده أكثر من حبه لماله ، والمال في خدمة المرأة والولد.
جـ ـ ثم بدأ بالقناطير المقنطرة من الذهب والفضّة ، وإنما كان المال محبوباً لحصول غالب الشهوات به ، { وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)}(الفجر) .
ثم قدّم الذهب على الفضة لأنه أهم منها ، والاثنان أصل التعامل .
د ـ ثم قدّم الخيل الأصيلة الحسان ، ففي ركوبها الزُهوُّ وقتال العدو وسرعة الجري .
هـ ـ ثم جاءت الأنعام من إبل وبقر وغنم فمنها المركب والمطعم والزينة .
و ـ ثم جاء الزرع والغراس لأن فيهما تحصيل الأقوات .
لكنَّ هذه الشهوات متاع الحياة الزائل ، وما عند الله خير وأبقى ، فليكن هم الإنسان كسب ما عند الله سبحانه .

ـ ومن الأمثلة على ذلك أيضاً قوله تعالى :
أ ـ { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ
ب ـ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ
جـ ـ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23)
د ـ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً
..(24)}(النساء) .
1 ـ هناك حرمة بالنسب وهي الأقوى .
2 ـ وهناك حرمة بالرضاع ثانية .
3 ـ وهناك حرمة المصاهرة ثالثاً .
4 ـ وهناك حرمة المتزوجات رابعاً .
أما حرمة النسب فقد بدأ بالأصل ، ومَن الجنةُ تحت قدميها ، الأمُّ ثم البنت ، فأنت أصلها وهي فرعك ، ثم الأخوات المساويات لك عند والديك ، ثم العمات ونسبهن أقرب من نسب الخالات ، ثم تأتي بنات الأخ وهنَّ أقرب من بنات الأخت ، أما الجدة فكالأم والحفيدة مثل البنت ، ولذلك لم تذكرا .
وأما حرمة الرضاع فبدأ بالأمهات المرضعات ولم تذكر البنت في الرضاع ، وهي بعد الأم من الرضاعة تجنباً للتكرار ، وذكر الأخت من الرضاعة ولم يذكر العمة والخالة وبنات الأخ وبنات الأخت من الرضاعة تجنباً للتكرار كذلك ، وقد ذكرت السنة النبوية أنه ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب))( متفق عليه) .
وأما حرمة المصاهرة فتحرِّم أم الزوجة حرمة أبديّة لأن مجرّد العقد على البنت يحرِّم الأم ، ولا تحرم البنت إلا بالدخول على الأم ، وكذلك تَحرُم ابنةُ الزوجة الربيبةُ بعد الفراق ، أما أخوات الزوجة فتحرمن حرمة مؤقتة ، وكذلك عماتها وخالاتها وبنات إخوتها وبنات أخواتها .
ويحرم من المصاهرة زوجة الأب وزوجة الابن .
كذلك يحرم أن يتزوج الإنسان امرأة متزوجة ، فلا يجوز إلا عقد واحد ، وهؤلاء يسمين المحصنات ، إلا ما ملكت من النساء بالسبي فيحل وطؤهن بعد الاستبراء لانقطاع عصمة الكافر، أما غير ذلك من النساء فيجوز للمسلم أن يعقد على أربع نساء إن أراد .
وهكذا نجد القرآن يشرّع حرمة النساء الأهم فالأقلّ أهمية ، وكلهن مهمات .
ـ ويقول الله تعالى : { وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ ..(38)}(المائدة) .
ويقول سبحانه : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ (2)}(النور) .
فلماذا قدّم السارق على السارقة في الآية الأولى ، وقدم الزانية على الزاني في الآية الثانية؟
الجواب : أن الرجل على السرقة أجرأ ، لأنه يرى نفسه مكلفاً بالإنفاق فَقُدِّم في الآية الأولى.
والمرأة هي الشهوة ، ومنها الإغراء ، فهي السبب الأول الداعي إلى الزنى ، فقدِّمت في الآية الثانية .
ـ وقال الله تعالى في توزيع الزكاة : { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ ..(60)}(التوبة) فحصر الله تعالى الصدقات في ثمانية أصناف .
وقدَّمت الأصناف الأربعة الأولى للتمليك ، فكل منهم يأخذ نصيبه بيده ، وأخَّرت الأصناف الأربعة الثانية لأن الدفع يكون عنهم لغيرهم .
أما الأصناف الأربعة الأولى فأولهم الفقير الذي لا شيء له ، وثانيهم المسكين الذي له بُلغةٌ من العيش قليلة ، أما الموظف الذي يجبي الزكاة فله منها أجر ، والقسم الرابع لا يعمل في الزكاة، ولا يحتاج إليها ، لكنَّ الحاكم يعطيه منها لأنه شريف في قومه ، يتألف قلبه للإسلام ، فيؤمن ويؤمن مَنْ معه وراءه كما فعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع صفوان بن أمية وغيره .
أما الأصناف الأربعة الثانية فهم : العبيد تدفع لأسيادهم فيعتقونهم ، والغارمون الذين ثقل عليهم الدين ،وفي تجهيز المجاهدين والمرابطين في سبيل الله ، وتجهيز المنقطع بدابة تحمله ، وزاد يتبلغ فيه في سفره وعدّة السفر .

ـ ومن الأمثلة على ذكر الأهم فالأقل أهمية قول الله تعالى : { وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)}(الحج) .
والترتيب كما يلي :
أ ـ أن لا تشرك بي شيئاً : واجعل بيتي العتيق خالصاً لوجهي .
ب ـ طهَّره من الأوثان والأقذار لمن يتعبد فيه بالصلاة .
جـ ـ ذكرَ من أركان الصلاة أهمها : الركوع والسجود ، والركوع يكون قبل السجود .
وحين يصبح البيت الحرام جاهزاً للعبادة :
أ ـ يؤذن إبراهيم عليه السلام ، ويبلّغ الله تعالى صوت نبيه إلى أصلاب الرجال ، وأرحام النساء فيجيبون : لبيك اللهم لبّيك .
ب ـ يأتي الرجال على أقدامهم وراكبين على نوقهم ، ولأن الحاجِّين على أقدامهم أكثر قدّموا على الراكبين .

ـ ومن الأمثلة على ذلك قول الله تعالى : { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ . . . (31)}(النور).
فالزوج يرى كل ما يريده من امرأته لأنها حلال له .
والأب : يصون عرض ابنته ، فهي شرفه وعفّته .
والعم أبو الزوج ، يحفظ على ابنه ما يسوءه ، ويحرص على حفظ شرفه .
والأبناء يعتزون بشرف أمهاتهم ، فهم من لحمهن ودمائهن .
وأبناء الأزواج يعتبرون زوجات آبائهم كأمهاتهم ، ويحفظون آباءهم في زوجاتهم .
والإخوان هم الذين كانوا يحرصون على أخواتهم قبل زواجهن وما يزالون كذلك .
وأبناء الأخوة لا يرون في العمات إلا صنو الأمهات وأخوات الآباء .
وأبناء الأخوات لا يرون في خالاتهم إلا شرف أمهاتهم .
ثم تأتي نساء المسلمات الشريفات العفيفات اللواتي يحفظن شرفهن ، وشرف أخواتهن المسلمات أين كنّ وأيان كَنَّ .
أما الإماء المشركات فيجوز لسيدتهن أن تظهر زينتها أمامهنّ لأنهن ملك اليمين . وكذلك العبيد فمكانتهم الدونية تمنعهم من التطاول إلى التفكير في المرأة الحرّة التي تملكهم وتتصرف فيهم كما تشاء .
أما نساء غير المسلمين فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تظهر زينتها أمامهنّ لفسادهن ، ولأنهن يصفن المسلمات لأزواجهن غير مباليات بدين ، ولا حرمة ولا شرف .
ثم يأتي الجواز للنساء أن يظهرن أمام العنّين ، الذي لا يشتهي النساء أو الأبله والمغفل الذي لا يهمه إلا بطنه .
وأخيراً يجوز للمرأة أن تظهر زينتها أمام الطفل الغريب الذي لا يميّز ولا يعرف حاجة الرجال إلى النساء .
كما أن على المرأة أن تمشي بأدب ، دون أن تتلوى أو تظهر زينتها بشكل عفوي مقصود ..!! .

ـ ومن الأمثلة على ذكر الأهم فالأقل أهمية الآية الحادية والستون من سورة النور ، التي تبيح الدخول إلى بيوت الأقارب دون حرج .

ـ ومن الأمثلة على ذكر الأهم فالأقل أهميّة قوله تعالى :
{ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ
أ ـ اعْبُدُوا اللَّهَ
ب ـ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ
جـ ـ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36)}(العنكبوت) .
فإذا عرف العبد ربه عبده ، وخاف الحساب يوم القيامة أحسَنَ وعاف الفساد . . .

ـ ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى :
{ وَمِنْ آَيَاتِهِ
أ ـ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ
ب ـ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ
جـ ـ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ
د ـ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ
هـ ـ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46)}(الروم) .
ويتضح الترتيب :
أ ـ يرسل الرياح فتسوق السحاب مبشرة بنزول المطر والإنبات والرزق .
ب ـ ثم ينزل الغيث الذي يحيي البلاد والعباد .
جـ ـ وتحرك الرياح السفن فتسير إلى المكان الذي يريده المسافرون .
د ـ ويتاجر التجار طالبين الرزق من الله تعالى .
هـ ـ فيرزقهم فيشكرون الله تعالى على فضله ومنّه وكرمه .
ـ ومن الامثلة على ذلك قوله تعالى : { لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)}(الفتح) .
ذكر سبحانه التحليق قبل التقصير لأنه أفضل ثواباً .

ـ ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى : { إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}(الممتحنة) .
يوضح الله تعالى خبيئة أعدائنا فهم حين يضعفون يتظاهرون بالودِّ والصداقة ، وإن يظفروا بنا ويتمكنوا منا .
أ ـ يظهروا عداوتهم لنا .
ب ـ يقتلوا ويدمروا ويسبوا ويشتموا .
جـ ـ ويتمنّوا من كل قلوبهم أن يؤدي بنا فعلهم هذا وبطشهم إلى أن نرتدَّ عن ديننا .

ـ ومن الأمثلة على ذكر الأهم فالأقل أهمية قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)
أ ـ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
ب ـ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
جـ ـ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
د ـ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
هـ ـ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)}(الصف) .
عُدْ إلى الآيات مرة أخرى لترى الترتيب كما ذكرناه مسلسلاً ، وتدبّر ذلك .

ـ والمثال الأخير في هذا العرض ، قوله تعالى :
{ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ
أ ـ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ
ب ـ وَجِبْرِيلُ
جـ ـ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ
د ـ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)}(التحريم) .
تدبّر هذه الآية مرة أخرى لترى ذلك الترتيب اللطيف.

يتبع




 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أساليب, من, التربية, القرآن, الكريم, في, كتاب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أساليب وطرق تدريس التربية الإسلامية آسيل منتدى التعليم العام 9 21-04-2016 04:11 PM
اسباب نزول القرآن الكريم ، فضل سور القرآن الكريم ، سبب تسمية كل سورة من سور القرآن ا مصراوي منتدى القرآن الكريم والتفسير 71 22-12-2015 03:03 PM
من أساليب التربية النبوية ابو يحيى سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية 14 06-12-2015 08:27 PM
القرآن الكريم كتاب الله المنـزل نجود منتدى القرآن الكريم والتفسير 3 09-09-2015 12:16 PM
من أساليب التربية النبوية ابو يحيى سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية 2 23-05-2013 02:07 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 12:12 PM

أقسام المنتدى

الاقسام العامة | المنتدى الاسلامي العام | المنتدى العام | منتدى الترحيب والتهاني | الاقسام الرياضية والترفيهية | العاب ومسابقات | الافلام ومقاطع الفيديو | منتدى الرياضة المتنوعة | الاقسام التقنية | الكمبيوتر وبرامجه | الجوالات والاتصالات | الفلاش والفوتوشوب والتصميم | منتدى التربية والتعليم | قسم خدمات الطالب | تعليم البنين والبنات | ملتقــــى الأعضـــــاء (خاص باعضاء المنتدى) | المرحله المتوسطه | منتدى الحقلة الخاص (حقلاويات) | منتدى الاخبار المحلية والعالمية | اخبار وشـؤون قرى الحقلة | اخبار منطقة جازان | الاقسام الأدبية والثقافية | الخواطر وعذب الكلام | منتدى الشعر | عالم القصة والروايات | اخبار الوظائف | منتديات الصحة والمجتمع | منتدى الصحة | منتدى الأسرة | منتدى السيارات | منتدى اللغة الانجليزية | منتدى الحوار والنقاشات | منتدى التراث والشعبيات والحكم والامثال | منتدى التعليم العام | منتدى السفر والسياحة | الثقافه العامه | منتدى تطوير الذات | كرسي الإعتراف | منتدى عالم المرأة | عالم الطفل | المطبخ الشامل | منتدى التصاميم والديكور المنزلي | المكتبة الثقافية العامة | شعراء وشاعرات المنتدى | مول الحقلة للمنتجات | الخيمة الرمضانية | المـرحلـة الابتدائيـة | استراحة وملتقى الاعضاء | المرحله الثانويه | الصور المتنوعة والغرائب والعجائب | المنتدى الاسلامي | منتدى القرآن الكريم والتفسير | سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية | قصص الرسل والانبياء | قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه | اخبار مركز القفل | منتدى الابحاث والاستشارات التربوية والفكرية | افلام الانمي | صور ومقاطع فيديو حقلاويات | البلاك بيري / الآيفون / الجالكسي | بوح المشاعر وسطوة القلم(يمنع المنقول ) | مناسك الحج والعمرة | منتدى | ارشيف مسابقات المنتدى | منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة | المنتدى الاقتصادي | منتدى عالم الرجل | اعلانات الزواج ومناسبات منتديات الحقلة | تراث منطقـة جــــازان | كرة القدم السعوديه | منتدى الرياضة | كرة القدم العربيه والعالمية | ديـوان الشـاعـر عمـرين محمـد عريشي | ديـــوان الشــاعـر عـبدة حكمـي | يوميات اعضاء منتديات الحقلة | تصاميم الاعضاء | دروس الفوتوشوب | ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة | منتدى الاخبار | نبض اقلام المنتدى | ديـــوان الشــاعـر علـي الـدحيمــي | الاستشارات الطبية | الترحيب بالاعضاء الجدد | قسم الاشغال الايدويه | قسم الاشغال اليدويه | مجلة الحقله الالكترونيه | حصريات مطبخ الحقله | ديوان الشاعر ابوطراد |



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant