المكتبة الثقافية العامةمكتبة منتديات الحقلة / كتب إكترونية – جميع الإختصاصات – كتب أسلاميه – كتب علميه – تاريخيه – كتب ادبية – شعر – كتب عالميه – قصص مترجمة
كيف أشتري الكتاب المناسب ؟ سؤال استمر - بإلحاح - يتوالى من الأحباب والأصدقاء حول الكتاب المميز أيام معرض الكتاب الأخير , وطلب النصائح لاختيار المناسب.يبدو أنّ اقتناءَ الكتاب الجيد مهارة تحتاج لمزيد من الدربة , ولمزيد من الذكاء باختيار عنوان يصطف بجوار آلاف من العناوين.
فالقارئ الحاذق يرى بعيون كالصقر , و آذان كالرادارات كل أخبار الكتب والتأليف طوال السنة , ويحسب أموره وقوائمه منذ فترة مبكرة جداً . لا يعدو الأمر أكثر من تخطيط مبكر , وهو أمر صعب جداً لمَن ابتلي بداء " اللحظة الأخيرة " في كل أموره.
عموماً , الكتاب الممتاز يحتاج إلى متابعة أخباره أولاً بأول , بالضبط كما نفعل تماماً مع آخر أخبار ألبوم فناننا المفضل , مع التأكيد على هدف القارئ منه , ومعرفة بعض التفاصيل عن هدف كاتبهِ , و بعض القضايا التي تهم القارئ عنه.يبدو كلامي تجريدياً , حسناً بالأمثلة تتضح الأمور .
الأمر يعود بنهاية المطاف لهدف القارئ نفسه من القراءة . فالقارئ للاستمتاع والتلذذ بالقراءة والمبتدأ فيها يصاب بالإحباط عند قراءة بحوث محكّمة ( البحوث التي تخضع للتحكيم العلمي من قبل هيئة مختصة ) . والقارئ الجاد
يجد تفاهةً في قراءة خواطر يكتبها صحفي ويقوم بسلقها باردة متكلّفة سمجة تصيب أمعاءه القرائية بالغثيان.
يظن البعض أن الكتاب الجيد هو الأكثر شهرةً و ينتشر بسرعة في قوائم القراء , رغم أني وقعت ضحية مقلب ساخن بهذا الصدد.
تقول القصة المختصرة البسيطة : أنني اشتريت بعام 2010 - إن لم تخني الذاكرة - روايةً بناءً على تواجدها بقائمة أحد أعضاء المنتديات على الشبكة , الحقيقة أن الرواية تحكي عن عادات وتقاليد يابانية , وعن فتاة تمتهن جسدها , وصعودها في بلاط الغواية مع توالي الأحداث.رواية ركنت الرف من أول قراءة ( وبالمناسبة ) فالكتاب المقروء لمرة واحدة هو كتاب فاشل لم تستفد منه فائدة كبرى ؛ بدليل قراءتك له مرة واحدة.
الكتاب الجيد هو الكتاب الأكثر تلبية لشهوة القارئ المعرفية , حسناً المعرفة شهوة كالأكل والشرب والجنس تماماً .من يتوقف أمام المعلومة رافضاً إياها مصاب بداء مسخ العقل الذي لا زالت تمارسه المدرسة والجامعة على عقول التلاميذ , فقد جعلت منهم
مجرد مسجلات تردد كالببغاوات كل ما يقرأونه , كارهون للمعرفة , مبغضون لها , يحقدون على محبي الكتاب , " كأنهم حمرٌ مستنفرة . فرت من قسوة " ؛ ما أدّى لنشوء كائنات عجيبة ملقّنة , مصابة بداء "ضعف الفهم وسرعة القذف بالكلام".
ومن المعيب ألاّ نلبي نداء هذه الشهوة ( شهوة المعرفة ) وإشباعها بكل مفيد نافع . انظر للمطاعم كيف يتفننون بجذب الزبائن.نداء شهوة المعرفة يحتاج لإشباع محترف؛باختيار الكتاب المناسب الذي يحدده رغبة القارئ. مع التأكيد على كلسترول الدهون الثلاثية المنحرفة , ومايونيز الأفكار الضالة مضرة بالصحة والعقل معاً.
و شهوة المعرفة هي الشعور اللذيذ الذي يجده القارئ بعد قراءة كتاب لذيذ أرضى غريزته الفطرية التواقة لقراءة كتاب الكون والتفكر في ما خلق الله و أبدع .
من المفارقات أن الكتاب الجيد قد لا يكون بالضرورة صاحب غلاف مبهرج , بل على العكس تماماً.الكتاب الجيد ما تكاثرت فيه أقلام الطلاب , وتعليقات نقلوها عن أساتذتهم ثم باعوها لدى مكتبات الكتاب المستعمل.
الكتاب المستعمل - في غالب الأحيان - ذو فائدة كبرى لا يعرفها إلا الخبراء في فن القراءة. فمن فوائد زيارة مكتبات الكتاب المستعمل , رخص الأسعار ( فائدة اقتصادية ) , و الحصول على المقررات الدراسية ( فائدة معرفية ) وهي - أي المقررات - الأكثر سهولة ووضوحاً في حقل معين من حقول المعرفة.
من الطرائف التي أتذكرها على ذكر الكتاب المستعمل , ذهبت مرة لمكتبة للكتاب المستعمل , راغباً في كتاب تاريخي. الفضول قادني إلى ركن معين بالمكتبة, وحصلت على مقرر دراسي يدرسه طلاب المستوى الأول قسم العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام.
الكتاب بدون مبالغة كأنه وجه مهرّج , أربعة ألوان من أقلام التوضيح" فسفوري , أزرق , أخضر , زهري " عبثت في سطور الكتاب , حتى يخيل لي
أن الأوراق يمكن أن تضيء غرفةً في ظلام دامس. ذهلت لحالة الكتاب السيئة ( وهنا عيب شرعي للكتب المستعملة ). وقررت اقتناءه لفائدته الكبرى رغم ذلك.
إذن نخلُص من حديثنا أن اختيار الكتاب يتم بمعرفة (( الهدف النهائي )) الذي نرغبه من الكتاب.
لنسأل أنفسنا : لماذا أريد أن أشتري كتاباً ؟؟ لأجل بحث ؟ أو شهوة المعرفة ؟؟ أو لزخرفة البيت ؟؟ ......إلخ
اختيار الهدف يحذف 50 % من الاختيارات الغير مرغوب فيها , ويحقق نسبة عالية من النجاح. حينما نضيّق دائرة القرار ونحذف غير المرغوب قطعنا نصف المسيرة المطلوبة لاختيار كتاب مناسب.
الخمسين بالمئة الأخرى , تكمن في القراءة الفاحصة الاستطلاعية للكتاب , كيف يعني ؟؟يعني ببساطة تطبيق قاعدة العالم الايطالي " باريتو " . ويتم الرمز لها بقاعدة ( 80 / 20 ) .
تقول هذه القاعدة : 80 % من اقتصاد العالم , يتحكم به 20 % من البشر !!! . وهو أمر درسه الإيطالي الاقتصادي باريتو وخلص لهذه النتيجة.انتشر هذا القانون لمجالات أخرى , كالإدارة , وتنظيم الوقت , وغيرها من المجالات .
يتم تطبيق هذا القانون , بمعرفة تكوين أجزاء الكتاب المختار فحصه .فالكتاب يتكون عادةً من مقدمة وخاتمة وفهارس , و فصول تشرح ذلك كله .إذن فقراءة مقدمة الكتاب ( وهي تمهيد وفكرة مبسطة قبل الدخول بالتفاصيل ) , وقراءة الخاتمة ( وهي توكيد لما تم عرضه من تفاصيل وشرح الخلاصة لفكرة الكتاب ) , والفهارس التي توضح ( خطة الكتاب وبياناته التي قسم الكاتب الكتاب على أساسها ).إذن فقراءة المقدمة والخاتمة والفهارس تمثل 80 % , و فصول الكتاب تمثّل 20% وهي حشو لما تم إيجازه والتركيز عليه في ما سبق ذكره .تكمن فائدة القراءة بإستخدام فكرة باريتو (80 /20 ) اختصار الوقت , و أخذ فكرة شاملة موجزة عن كل ما تمت كتابته.
في هذا الصدد أتذكر أن الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله - في كتابه " حياة في الإدارة" حيث تكلم عن الطريقة السلمانية ؛ وهي طريقة ابتكرها صاحب السمو الملكي ولي العهد حفظه الله, حيث يقول - بما معناه - : إنه يتجاهل مقدمة الخطاب لأنه ديباجة مدح لا طائل من ورائها , ويتجاهل خاتمته أيضاً لأنه يكرر مقدمته .ويركز على صلب الخطاب ؛ حفاظاً على الوقت والوصول للفائدة بأسرع وقت ممكن دون الوقوع في شراك الكلمات الزائدة التي لا فائدة منها.( غازي القصيبي _ حياةٌ في الإدارة هامش ص201 ).
وبعد اختيار العنوان الذي يهدف له القارئ , واكتشافه بنظرة سريعة فاحصة , بقي أن يتأكد أكثر برؤية عدد المصادر والمراجع التي يدرجها الكاتب في آخر كتابه , و تتناسب الأهمية طردياً مع زيادة عدد المراجع - بلغة أهل الفيزياء - .كثرة المراجع والمصادر تدل على أن الكتاب قد تعب الكاتب في إعداده وضبطه , وإن كان لا يخلو الكثير منهم من الخطأ والزلل ككل عمل بشري.يبقى الأمر في خاتمته أن الكتاب الجيد هو المنتج الأقل أخطاءً سواءً كانت إملائية أو أسلوبية أو توثيقية .
القارئ المستعد لخوض ميدان القراءة يبدأ بقراءة الكتب الأمهات في كل فن ؛ فلكل حقل من حقول المعرفة كتب شاملة عامة تمثل المصادر الكبرى التي تحتوي هذا الفن وأغلب أفكاره , وهي كتب مكتوبة بأقلام كبار هذا الفن , فللشعر دواوينه المميزة , وللأدب رواده المبدعون , وللقصة سحرتها المهرة , وللإعلام مبدعوه , وللفنون المنوعة أساتذتها , وتأتي الكتب الأخرى لتكون بمثابة أبناء صغار للأمهات , بشروح وتفاصيل صغيرة وقضايا محددة . والقارئ المستعد يسأل عن الأمهات لئلا يخوض بحراً عميقاً قد يغرق في لجّته بدون قوارب نجاة يصل بها لشاطئ الأمان .
إذن , هل هذا كل ما في الأمر لأختار كتاباً جيداً ؟ نعم يا صديقي العزيز هذا كل مافي الأمر .
وتبدو هناك ملاحظةٌ صغيرة ومهمة بنفس الوقت , تخيل أن شخصاً قد قرر دخول المجال الرياضي , اشترى المعدات من ملابس
وأحذية وغيرها , ثم قرر الدخول لوسط الميدان , إنه على الأرجح قد يصاب بضيق التنفس لأنه لم يمارس التمارين اللياقية .
التمرين بشيء بسيط والتذوق مهارة تحتاج لاستمرار ودربة واعتياد حتى تتقوّى عضلاتك القرائية , وتستطيع اللعب في ميدان الفكر والكلمات كـ ليونيل ميسي بمهارة وبصورة مذهلة . وهي أيضاً ستبرز بشيء من التمرين العملي على قيادة العقل والتركيز في ميدان الأدب المذهل وقيادة النفس للتطور في طريق طويل لا يستحقه إلا المبدعون .
وهذا التمرين البسيط , هو ما دفع اختيار كتابة المقال بعد نهاية معرض الكتاب , إنه نشاط لذيذ " متواصل " لا موسم ولا مناسبة له , يشبع المرء ويرتقي بالنفس ويسمو بالمجتمع .
قلت في وقت سابق : إقرأ ما تحب ؛ لتحب ما تقرأ
كل عام و أنتم للكتاب أقرب
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
رد: كيف أقتني الكتاب المناسب خطوات بسيطة لتكوين مكتبتك الخاصة مُميز
مووووضوع أفادني كثير والله
أنا من عشاق القراءه والكتب
وموضوعك نبراس لي
باذن لله
أخر قرائاتي كان كتاب
(بيكاسو وستاربكس )
كان من مواضيعه
لماذا يرحلون إلى مكه ؟
أنا أتألم أذا انا موجود
كتاب قمه في الرووعه
أتمنى تطلعو عليه ..
يعطيك ألف عافيه