في لحظة تاريخية فارقة، والنبي صلى الله عليه وسلّم، وصاحبه أبوبكر الصديق رضي الله عنه، على مشارف غار ثور، يتوقّف ويلتفت بوجهه الشريف وقلبه الطاهر إلى مكَّة المكرّمة ليخاطبها، حيث يروي لنا ذلك ابن عباس رضي الله عنهما: لما خرج رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم ، من مكَّة إلى الغار (ثور) التفت إلى مكَّة وقال: "أنت أحب بلاد اللَّه إلى اللَّه، وأحب بلاد اللَّه إليَّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت"، بينما وقفت الأرقام بدورها لتوثِّق لنا هذه اللّحظة التاريخية الحاسمة المشحونة بالشجن.
سوف أنتقل بك الآن إلى هناك.. إلى جبال مكَّة المكرمة.
ونحن الآن على مشارف غار ثور.. فتأمّل معي هذه الآية من سورة مُحمَّد:
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) محمد
نزلت هذه الآية والنبي صلى الله عليه وسلّم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه على مشارف غار ثور في طريق هجرتهما من مكَّة إلى المدينة، وكان ذلك في العام 13 من بداية نزول الوحي!
تأمّل رقم الآية جيِّدًا إنه العدد 13 نفسه أليس كذلك؟!
مدة نزول الوحي 23 عامًا انقسمت إلى فترتين 13 عامًا في مكة، و10 أعوام في المدينة.
وبذلك انقسمت سور القرآن بدورها إلى مجموعتين 86 سورة مكِّيَّة، و28 سورة مدنية!
حقيقة في غاية الأهميّة..
انتبه جيّدًا! سوف أعرض عليك بعد قليل حقيقة في غاية الأهميّة!
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) محمد
هذه الآية من آخر ما نزل من الآيات المكيَّة، ولذلك جاء رقمها 13 بعدد أعوام الوحي في مكَّة!
الآن سوف نتأمّل معا ترتيب هذه الآية نفسها من بداية المصحف فماذا تتوقع؟!
هذه الآية ترتيبها من بداية المصحف رقم 4558، وهذا العدد = 86 × 53
86 هو عدد السور المكيَّة!
53 هو عدد أعوام عمر النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو في طريقه إلى المدينة حينما نزلت عليه هذه الآية!
انظر إلى العدد 86 نظرة أخرى فهو يساوي 23 + 63
عدد أعوام الوحي + عدد أعوام عمر النبي صلّى الله عليه وسلّم!
مشهد رقمي رائع..
تأمّل كيف تصوِّر الأرقام هذا المشهد الرائع!
وتأمّل كيف جاء رقم الآية من بداية السورة ليشير إلى عدد أعوام الوحي في مكَّة!
وكيف جاء ترتيب الآية من بداية المصحف ليشير إلى عدد السور المكيَّة والعمر الذي قضاه صلّى الله عليه وسلّم في مكَّة!
وتأمّل كيف جاء عدد السور المكِّيَّة، ليشير إلى عدد أعوام الوحي وعدد أعوام عمر النبي صلّى الله عليه وسلّم!
وتأمّل والنبي -صلى الله عليه وسلّم- يقف على مشارف غار ثور وفي تلك اللحظة تنزل هذه الآية وهي من آخر آيات القرآن المكِّي!
وفي تلك اللحظة يكون عدد السور المكِّيَّة قد اكتمل 86 سورة!
وفي تلك اللحظة تكون فترة الدعوة في مكَّة قد اكتملت 13 عامًا!
وفي تلك اللحظة يكون عمر النبي صلى اللَّه عليه وسلم 53 عامًا!
كل هذه المعطيات تستوعبها الآية مجتمعة!
فيأتي رقمها 13 وترتيبها من بداية المصحف 4558، وهذا العدد = 86 × 53
لو تقدّمت هذه الآية أو تأخّرت خطوة واحدة عن موقعها الذي هي عليه لانهار كل هذا النّظم العجيب الذي رأينا جانبًا من ملامحه!
إن كل آية من آيات القرآن وكل سورة من سوره موضوعة بميزان وفي موقع محدّد لا تتقدّم عنه ولا تتأخر؟!
الآن ما هو رأي الذين يتوهّمون بأن ترتيب سور القرآن تمّ باجتهاد من الصحابة -رضوان اللَّه عليهم-؟
هل ما زالوا متمسّكين برأيهم هذا؟!
وهل ما زالوا يأخذون بهذا الرأي الذي قال به بعضهم في زمن لم يكن فيه ممكنًا التعرّف إلى دقة هذا النظام الرقمي المحكم؟!
وأي اجتهاد بشري مع عجائب هذا النظم الرقمي؟!
هذا النظم الذي يثبت بالحجَّة الدامغة والدليل القاطع بأن كل حرف، وكل كلمة وآية في القرآن إنما هي بميزان الوحي وليس باجتهاد أحد!
بل الأمر أعجب من ذلك!
تأمّلوا الغار..
حرف الألف ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 1
حرف اللّام ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 23
حرف الغين ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 19
حرف الألف ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 1
حرف الراء ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 10
هذه هي أحرف لفظ (الغار) ومجموع ترتيبها الهجائي = 54
54 هو عدد حروف الآية نفسها..
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) محمد
نعم.. هناك حرف مكرّر في لفظ (الغار) وهو حرف الألف..
فماذا يحدث إذا أسقطنا هذا الحرف؟
مجموع الترتيب الهجائي لأحرف لفظ (الغار) من دون تكرار = 53
53 هو عمر النبي صلى الله عليه وسلّم عندما لجأ إلى الغار!
سبحان الله.. تأمّل كيف تنطق الأرقام!
مزيد من التأكيد..
تأمّل أين جاء لفظ (الغار) في القرآن..
هذه الآية من سورة التوبة هي الآية الوحيدة التي ورد فيها لفظ (الغار) في القرآن..
إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) التوبة
من بداية الآية حتى لفظ (الغار) هناك 53 حرفًا..
وهذا يعني أن أوّل أحرف لفظ (الغار) هو الحرف رقم 54 من بداية الآية!
وأنت تعلم أن مجموع الترتيب الهجائي لأحرف (الغار) مع تكرار حرف الألف يساوي 54
ومجموع الترتيب الهجائي لأحرف (الغار) من دون تكرار حرف الألف يساوي 53
تأمّل كيف يأتي النظم القرآني منضبطًا على مستوى الحرف وموقعه داخل الآية والكلمة، وترتيبه في قائمة الحروف الهجائية!
اختلاف الرسم..
إن النظم الرقمي القرآني معجز من أي زاوية تنظر منها إليه..
فالذين يتّبعون الرسم العثماني في عدّ حروف الآيات سيلاحظون أن عدد حروف هذه الآية ينقص حرفًا واحدًا وتحديدًا في كلمة (أَهْلَكْنَاهُمْ – أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ)، وبذلك يكون عدد حروف الآية 53 حرفًا!
كل حرف من حروف الآية يعادل عامًا من أعوام عمر النبي صلّى الله عليه وسلّم التي قضاها في مكَّة!
وتذكر دائمًا أن هذه الآية من آخر ما نزل من الآيات المكِّيَّة!
وقد نزلت هذه الآية، والنبي صلّى الله عليه وسلّم لا يزال في ضواحي مكَّة خارجًا منها!
أرقام مرنة..
عدد حروف الآية 54 حرفًا بحسب قواعد الإملاء الحديثة!
وترتيب الآية من بداية المصحف 4558، وهذا العدد = 86 × 54 – 86
عدد السور المكِّيَّة × عدد حروف الآية بحسب قواعد الإملاء الحديثة – عدد السور المكِّيَّة!
تأمّل مرونة الأرقام القرآنية!
إنها تستوعب كل الوجوه في آن واحد!
كل مشهد من المشاهد أروع من الآخر!
وعلامة السالب في النمط الثاني (- 86) لها مدلول مهم جدًّا في هذا الموقف تحديدًا!
والنبي صلّى الله عليه وسلّم وصاحبه على مشارف غار ثور، وكأن الأرقام تقول: لقد انقضى من نزول سور القرآن 86 سورة، وبهذه الآية سوف يُسدل الستار على السور المكِّيَّة، ولذلك جاءت علامة السالب لتصوّر هذا المشهد!
إن كل آية من آيات القرآن، وكل سورة من سوره موضوعة بميزان، وفي موقع محدد لا تتقدّم عنه ولا تتأخّر!
الآن ما هو رأي الذين يتوهّمون أن ترتيب سور القرآن تمّ باجتهاد من الصحابة -رضوان اللَّه عليهم-؟
هل ما زالوا متمسّكين برأيهم؟!
تابع معنا لمزيد من الأدلة والبراهين القطعية!
من "الفاتحة" إلى "الناس"..
سورة الفاتحة من السور المكِّيَّة وعدد آياتها 7 آيات، وهي أوّل سورة في ترتيب المصحف.
سورة الناس من السور المكِّيَّة أيضًا، وعدد آياتها 6 آيات، وهي آخر سورة في ترتيب المصحف.
مجموع آيات السورتين = 13 آية، ومدة الوحي في مكة 13 عامًا!
تأمّل..
سورة الفاتحة هي أوّل سورة في ترتيب المصحف، وعدد حروفها 143 حرفًا.
وسورة الناس هي آخر سورة في ترتيب المصحف، وعدد حروفها 80 حرفًا.
الفرق بين عدد حروف السورتين = 63، وهذا هو عدد أعوام عمر النبي صلّى الله عليه وسلّم!
سبحانك ربي! أم يقولون افتراه!
ولكن هل كان مُحمَّد صلّى الله عليه وسلّم يعلم أجله؟!
وهل يقدرون على أن يأتوا بآية واحدة من مثله؟! بل ساء ما يفترون.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك