عدد الضغطات : 9,176عدد الضغطات : 6,682عدد الضغطات : 6,399عدد الضغطات : 5,610
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز المراقب المميز المشرف المميز الموضوع المميز القسم المميز
قريبا
قريبا
قريبا

بقلم :
المنتدى الاسلامي العام

العودة   منتديات الحقلة > المنتدى الاسلامي > منتدى القرآن الكريم والتفسير

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ذات مساء مساحه خاصه لكم (آخر رد :محمد الجابر)       :: مؤلم ... (آخر رد :محمد الجابر)       :: ...بم‘ـــآآآذآ تفــكــــر الآن ... (آخر رد :محمد الجابر)       :: لِ .. أَحَدُهُم ‘ ..| (آخر رد :محمد الجابر)       :: ضع بصمتك .. واترك أثراً ..~ (آخر رد :السموه)       :: وقع ولو بكلمه (آخر رد :السموه)       :: اللهم ... (آخر رد :السموه)       :: لـ نهتف : (يَآرَبْ )مساحة خاصه لكم لتناجون البارئ بماشئتم (آخر رد :السموه)       :: ثرثرة الواو (آخر رد :السموه)       :: دعاء اليوم ((متجدد بإذن الله)) (آخر رد :ابو يحيى)      


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 11-06-2023   #1


طالبة العلم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1561
 تاريخ التسجيل :  20 - 06 - 2014
 أخر زيارة : 15-06-2023 (11:13 AM)
 المشاركات : 24,997 [ + ]
 التقييم :  17
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
 اوسمتي
وسام العطاء وسام صاحب الحضور الدائم العطاء الذهبي المسابقه الرمضانيه عطاء بلاحدود 
لوني المفضل : Green
سياسة السِّلم والحرب والعهود وفاءً أو نقضًا أو نبذًا



من, السِّلم, خاصة, والدرب, والعهود, نبذًا, وفاءً, نقضًا

من, السِّلم, خاصة, والدرب, والعهود, نبذًا, وفاءً, نقضًا

تفسير سورة الأنفال (الحلقة الثامنة)

سياسة السِّلم والحرب والعهود

وفاءً أو نقضًا أو نبذًا



قال الله تعالى:﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ * فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ * وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ * وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال: 53- 63].


قاعدة التلازم بين الحال والمآل في حياة الأفراد والجماعات والأمم، سنة كونية وميزان عدل أزلي، بُنِيَ عليهما الاجتماع البشري منذ أن أهبط الله عز وجل الإنسان إلى الأرض، تكريمًا واختبارًا، بقوله تعالى: ﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 38]، ووفَّر له فيها حاجاته مشترطًا شكرها، وجعل شكرها عبادة قلبية وعملية بقوله عز وجل: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة: 172]، ثم تجلت هذه القاعدة في حياة الناس تجليًا ملزمًا ومسؤولًا بقوله عز وجل: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه: 123، 124]، كما تجلت تطبيقًا بيِّنًا واضحًا؛ إذ أنزل تعالى أول منهج رشيد للإنسان عاش به فترة من الأمن والسلم والسداد والرشاد، فلما حاد عنه تغيَّر حاله إلى السوء، وبقي بفضل الله ورحمته مفعول هذه القاعدة ساريًا، كلما غير المرء ما بنفسه من الفطرة السوية التي خلق عليها غوى وفسد وأفسد، وكلما أصلح ما بنفسه فآمن واتقى صلح حاله وأفلح ورشد، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [الأعراف: 96]، وقال عز وجل: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان: 70].


ولئن تجلت هذه القاعدة في حياة أمم سابقة تمتعت دهرًا ثم آل حالها إلى خراب ويَباب وعذاب، فقد كان من تمام تربية أمة النبوة الخاتمة وقد خرجت من تجربة نصر أثمر فرحًا ويسرًا وخبرة وحنكة وتمكينًا، أن تحذر في حالها الجديد هذا من تبدُّله إلى سوء وفساد، لا سيما وقد أخذ النفاق يتسلل إليه على استخفاء، لَمْزًا للمجاهدين أو تشكيكًا في صدقهم أو في شجاعتهم، كما أخبر بذلك القرآن بقوله تعالى: ﴿ إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ [الأنفال: 49] فذكرهم عز وجل بحال أمم غوت وطغت بعد عز وتمكين، فأخذها بسوء العاقبة وضربها مثلًا لغيرها بقوله عز وجل: ﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ [الأنفال: 52]، في إشارة واضحة إلى قاعدة التلازم بين الحال والمآل، وأن لكل فعل ثمرته، وأن لِتَغيُّرِ حال المرء نقمة أو نعمة، شرًّا أو خيرًا، آلية لا تخطئ، إن شكر النعمة دامت ونمت واستمرت، وإن كفرها سلبها في الدنيا وحُوسِب عليها في الآخرة، ذلك ما خاطب به الحق تعالى عباده المهاجرين والأنصار عقب انتصارهم ببدر؛ كي يحفظوا دينهم ويستديموا ما أفاضه الله عليهم من عز وتمكين، وما حذر به مشركي قريش؛ إذ كفروا نِعَمَه فلم يشكروها ﴿ وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [القصص: 57]، وذلك ما قرَّرَه سبحانه في قاعدة العدل الإلهي المطلق وسياسة الخلق والتدبير، وتنزيلها على حال الأمم قبلهم وبعدهم إلى قيام الساعة بقوله عز وجل: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الأنفال: 53]؛ أي: إن ذلك الذي نزل بمشركي قريش من القتل والأسْر ومصادرة الأموال وذلة الهزيمة، مآلٌ عادلٌ لكل من كفر نعم الله التي سخرت له فلم يشكرها، وسنة مطردة في كل من جحدها أو بدلها، ثم زاد الحق تعالى هذه المعاني تأكيدًا وتحذيرًا وعطفًا عليها بقوله: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأنفال: 53]، يسمع من غَيَّر بلسانه، ويعلم من غير بجنانه أو فعله، يسمع كل قول يكفر نعمة الله ولا يشكرها، أو ينكرها أو يغيرها أو يغمطها، ويعلم كل عمل يبدل الحق أو يجحده أو يخفيه أو يموه عليه، والآية في نفس الوقت رسالة للأنصار والمهاجرين الذين انتصروا ببدر، تحذرهم من مغبة التغيير والكفران بعد أن أنقذهم الله من الشرك وذلة المأوى تحت حكم المشركين من قريش، وأنعم عليهم برسول منهم يتلو عليهم الكتاب ويُعلِّمهم الحكمة، ويقودهم إلى النصر والغنى والأمن، وما دوام هذا الحال فيهم إلا بشكره تعالى، وشكره الثبات على الإيمان والسعي لتثبيت أمر الإسلام عقيدةً وشريعةً ودولةً، وما تغيُّره للسوء وسلبه إلا بكفره تعالى وعدم شكره.


هذه المعاني كلها صيغت بأسلوب محكم وبناء متين لا لبس فيه ولا غموض، فاسم الإشارة "ذلك" في قوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا [الأنفال: 53] مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع؛ أي: ذلك الذي أصاب مشركي قريش في بدر..، وخبره: الجملة الاسمية من "أن واسمها وخبرها": ﴿ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا...، والفعل "يَكُ" مضارع "كان" الناقصة، محذوف النون للتخفيف، مجزوم بالسكون المقدر على النون المحذوفة، واسمها: الضمير المستتر، وخبرها: "مُغَيِّرًا"، وصيغة المضارع الدال على المداومة والاستمرار في "يكن" إشارة إلى أن تغيُّر النعم ملازم لتغيُّر النفوس سلبًا وإيجابًا؛ كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد: 11].


ثم ضرب الله سبحانه وتعالى لهم المثل في تغيُّر النعم بالنقم بما آل إليه حال قوم فرعون والأقوام الذين ساروا سيرتهم قبلهم، فقال عز وجل: ﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ [الأنفال: 54]، والآية بذلك زيادة بيان وتوضيح وتأكيد للآية قبلها؛ وهي قوله تعالى: ﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ [الأنفال: 52]، بأن جعلت التكذيب أيضًا بأي آية من آيات الله كفرًا مخرجًا من المِلَّة؛ أي: إن ما أصاب قريشًا على يد الفئة المؤمنة في بدر لكفرهم بآيات الله من القرآن الكريم، وتكذيبهم لرسوله صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به من المعجزات الدالة على نبوَّتِه، شبيه بما أصاب قوم فرعون لما دأبوا عليه من التكذيب بآيات الله والكفر بها، وقد أتاهم بها موسى عليه السلام، وقال عنهم تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ * كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ [الدخان: 24 - 29] وبما سبقهم إليه أقوام قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات والنذر فأعرضوا عنها وجحدوها ﴿ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ [الأنفال: 54]، أهلكهم الله بما ارتكبوه من آثام إهلاكَ ذلة ومحق واستئصالٍ، بعضهم بالطوفان، وبعضهم بالرجفة، وبعضهم بالخسف، وبعضهم بالريح، وبعضهم بالمسخ، وبعضهم بالرجم ﴿ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ [الأنفال: 54]، أغرقوا في اليَمِّ كما أخبر بذلك القرآن الكريم بقوله تعالى:﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ [الأعراف: 136]، وذلك عند مطاردتهم موسى ومن معه ﴿ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ [الأنفال: 54]، وجميع هذه الأقوام كانوا ظالمين لأنفسهم بالكفر وحجود النعم، فانتقم الله منهم كما في قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا [الحاقة: 5 - 7]، وقوله سبحانه:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ * وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ [إبراهيم: 28 - 30].


إنه المصير الحتمي لمن سار سيرتهم، وإنها سنة الله المطردة في تداول النعم والنقم، يبعث الرسل مبشرين ومنذرين، حتى إذا قامت الحجة على المجرمين، وأصرُّوا على ما هم عليه، واستأسدوا على دعاة الحق، واستهانوا بعقاب ربهم، وعموا وصموا فلم تردهم عن غيهم بشارة أو نذارة، كانت خاتمة أمرهم بالاستئصال في الدنيا والإحالة على جهنم في الآخرة؛ لذلك عقب الحق تعالى على حالهم إذ غلبت عليهم نوازع الشر والعدوان والحقد، بما أفقدهم حاسَّة الحدس البشري والحس الحيواني الفطري، وافتقدوا خاصية التمييز بين الحق والباطل والنافع والضار، بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [الأنفال: 55]، والدواب هي كل ما يدب على الأرض من الكائنات الحية بشرًا وحيوانًا وطيرًا وحشرًا وكائنات حية غير ذلك، كلها ألهمت رشدها المناسب لها، تغذية، وتكاثرًا وتناسلًا وعبادةً وتسبيحًا وانضباطًا وطاعةً، إلا أولئك الكفرة من بني آدم، ألهموا رشدهم فنسوه وفرطوا فيه، وجاءهم الرسل بالهدى ودين الحق فأعرضوا عنهم، وأُنذِروا سوءَ العاقبة فلم يرتدعوا ولم يبالوا وتحدوا، وظهر فيهم من قال: ﴿ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [الأنفال: 32] ومن قال تحديًا وعجرفةً: "نحن صمٌّ بكم عمي عمَّا جاء به محمَّد"[1]؛ فقتلوا جميعًا بأحدٍ وكانوا أصحاب لِواء المشركين، ولم يسلم منهم إلَّا مصعب بن عمير، وسويد بن حرملة.


ثم انتقل الوحي الكريم من تقرير هذه القاعدة العامة المطلقة في التمييز بين شر دواب الأرض وخيرها إلى تعيين أخطرها على الدعوة الإسلامية الناشئة تحذيرًا منها وإرشادًا لما ينبغي معاملتها به، فقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ [الأنفال: 56]؛ أي: إن شر من دبَّ على الأرض وأخطرها هم الذين عاهدوك على ألا يحاربوك أو يعينوا عليك، والآية بجملتها بدل من قوله تعالى قبلها: ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ... [الأنفال: 55]؛ أي: إن شر من دبَّ على الأرض عند الله هم الذين أخذت منهم عهدًا على الوفاء وعدم الغدر والخيانة، وهم طائفة لجؤوا إلى المدينة من اليهود، جدهم قريظة من ذرية هارون بن عمران، مع يهود بني النضير وبني قينقاع عقب حروب لهم مع الروم، واشتغلوا بالزراعة والتجارة فتحسنت أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، ودخلوا في تحالفات وصراعات بعضهم مع بعض ومع مختلف القبائل العربية الأصلية، من الأوس والخزرج، وكانت قريش تستشيرهم في حربها على الإسلام فيشيرون عليها، عاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم على ألا يعينوا عليه أحدًا؛ ولكنهم في غزوة بدر أمَدُّوا الكفار بالسلاح، واعتذروا بنسيان العهد، ثم في غزوة الخندق في شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة، تحالفوا مع مشركي قريش، وسمحوا لهم باتخاذ أرضهم التي يقيمون فيها ممرًّا لمهاجمة المسلمين من خلف ظهورهم، وساهموا معهم في حصار المدينة ثلاثة أسابيع تعرض فيها المسلمون للمشقَّة والجوع والأذى، وكان للصحابي الجليل نعيم بن مسعود بتكليف من الرسول صلى الله عليه وسلم دور كبير في تخذيلهم، وفك تحالفهم وتراجعهم، بعد أن سلَّط الله عليهم الرياح والعواصف وكادوا يهلكون بها.


وكان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما استتبَّ الأمر له في المدينة ضمن لهم في وثيقته المشهورة حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحريتهم الدينية بصفتهم مواطنين كاملي المواطنة، لهم دينهم وللمسلمين دينهم، ولكنهم ظلوا محتفظين بحقدهم على الإسلام، وتورطوا في تدبير مؤامرات فاشلة كثيرة لاغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم، وكلما انكشفت مؤامرة لهم اعتذروا فقوبلوا بالعفو والصفح وجددوا العهد على الوفاء، ثم نقضوا وغدروا وخانوا، فتحولوا بما عوملوا به من اللين والمداراة والنصح الجميل إلى ورم سرطاني في جسم الأمة الناشئة لا يُعالَج إلا بالبتر؛ ولذلك بيَّن الحق تعالى أصل الشر فيهم تحذيرًا من خياناتهم في المستقبل، فقال: ﴿ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ [الأنفال: 56] والتعبير بصيغة المضارع التي تعني المداومة على الفعل: ﴿ يَنْقُضُونَ، يفيد إدمانهم على نقض العهود ومداومتهم عليه بما صار طبعًا فيهم لا يسمح بأي وفاء، ثم بيَّن الحق تعالى علة آفة نقض العهود فيهم، فقال عز وجل: ﴿ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ [الأنفال: 56]: لا يحسبون حسابًا لنتائج خياناتهم وتبعات غدرهم، ولا يخافون عاقبتها في الدنيا بما قد يصيبهم على يد المسلمين، ولا عاقبتها في الآخرة بين يدي رب العالمين.


لقد نزلت سورة الأنفال في السابع عشر من رمضانفي العام الثاني للهجرة فغطَّت أحداث غزوة بَدْر، واستنبطت منها العبرة، ورسمت خطط المستقبل من تجربتها؛ لذلك تطرَّقت إلى أخطر ما قد يواجه المسلمين في المستقبل، وهو الغدر وخيانة العهود ونقضها، وكانت استراتيجية الرسول صلى الله عليه وسلم تحاول استيعاب يهود المدينة والفصل بينهم وبين المشركين؛ لتعارض المعتقدات الدينية بينهم، فعقد معهم عهدًا ضمن لهم فيه جميع حقوق المواطنة الآمنة في الدولة الإسلامية التي أقامها بالمدينة، ووثَّق ذلك في "صحيفة المدينة" التي كتبها الرسول صلى الله عليه وسلم لجميع ساكنيها من المسلمين وغيرهم، فرضوها وفرحوا بها وعاهدوه عليها، وكان من أشدها وضوحًا وعدلًا وإنسانية قوله فيها عنهم: (وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم...وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة... وأن البر دون الإثم، لا يكسب كاسب إلا على نفسه، وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم)، إلا أنهم مالؤوا قريشًا في كل خططها لضرب المسلمين سرًّا وعلانيةً، مرة يعتذرون، ومرة يتحدَّون ويُهدِّدون، والرسول صلى الله عليه وسلم يُبيِّن لهم ويهدئ من روعهم ويستدرجهم للسلم والوفاء حينًا، ويذكرهم بما أصاب غيرهم حينًا آخر، من ذلك ما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قريش يوم بدر وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع، فقال: ((يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشًا))، فقالوا:"يا محمد، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرًا من قريش كانوا أغمارًا لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا"، فأنزل الله عز وجل في ذلك قوله: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ [آل عمران: 12، 13].


لذلك نزل تشديد التحذير منهم والتنبيه إلى شرِّهم، والتوجيه إلى الأسلوب الحاسم في التعامل مع خياناتهم ومناوراتهم ومؤامراتهم، في حال تكرارها منهم وإدمانهم عليها، فقال عز وجل: ﴿ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ [الأنفال: 57].


ولكون كلمة "إما" في قوله تعالى: ﴿ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ مركبة من "إنْ" الشرطية و"ما" المؤكدة والمدغمة فيها، فقد ورد فعل الشرط بعدها مؤكدًا بقوله تعالى: ﴿ تَثْقَفَنَّهُمْ، لتقوى الصلة بين الشرط وجوابه الذي هو قوله تعالى: ﴿ فَشَرِّدْ بِهِمْ..، ولتكون المقدمة التي هي "الثَّقَف" ضرورية لفعل التشريد وجودًا وعدمًا، والفعل "ثقِف" من باب "تعب"، يقال: ثقف الشيءَ أو الأمر أو الحديث ثَقَفًا وثِقافًا وثُقُوفةً؛ أي: حَذَقَه أو أدركه وفهمه، أو ظفر به، وثقفت الرجل في الحرب إذا أدركته وتمكنت منه، وقوله تعالى: ﴿ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ؛ أي: فإما تظفرن بهم متلبسين بمحاربتك ﴿ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ، والتشريد لغة تفريق على اضطراب، ونتيجة حتمية للمنهزمين في أي حرب، قتلًا وأسرًا وشتات أمر؛ أي: فافعل بهم ما يرعب أنصارهم وأتباعهم ومخلَّفيهم، ويُبلبل صفَّ من وراءهم من الأنصار، قتلًا أو أسرًا، أو ما ترونه أبلغ في تأديبهم وتخويفهم وردعهم عن خيانة العهود، قال أبو إسحاق: "المعنى: افعل بهم فعلًا من القتل تُفرِّق به من خلفهم"، وقال ابن عبَّاس: "فنكِّل بهم من وراءهم"، وقال سعيد بن جبير: "أنذر بهم من خلفهم".


﴿ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ: لعل من علم بما حاق بهم أو سمع يتَّعِظ بما ارتكب من الخيانة وما حاق بأهلها من القتل والتشريد وذلة المأوى والمهانة، فلا يسلك طريقهم ولا يفعل فعلهم.


لقد بيَّن الحق تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم في هذه الآيات الحكيمة كيف يعامل الذين نقضوا عهده وخانوه خفيةً وسِرارًا، فيناجزهم الحرب والتأديب، ويُشرِّد بهم من خلفهم، إلا أن في أعدائه المحيطين به من لم ينقضوا له عهدًا ولم يخونوا له ذمةً على رغم عداوتهم الخفية وتنمُّرهم المكتوم، ولا ينبغي أن يستنيم لهم، كما لا يجوز أن يعاملوا بما عومل به نَقَضة العهود وخونتها؛ ولذلك خاطب الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم في شأنهم مرشدًا ومعلمًا بقوله: ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً [الأنفال: 58]؛ أي: وإن توقعت من الذين عاهدتهم غدرًا ونقضًا للعهد بما توفر لك من الدلائل والقرائن فلا تنتظر حتى يفاجئوك بالحرب وأنت غير مستعد لها، ولا تأخذهم على غِرَّة فتخون عهدك معهم، ولكن ﴿ فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ [الأنفال: 58] أعلمهم بفسخ عهدك معهم، عدلًا منك في معاملتهم، وترفُّعًا عن خيانة العهود التي يبغضها الله ويأباها لعباده، وتوفيرًا لظروف متساوية في الدفاع والمدافعة بينك وبينهم، وعبَّر تعالى عن فسخ العهد بنبذه؛ أي: برميه، كما ترمى نواة التمرة بعد أكلها، أو يزهد في متلاشي الأدوات ومزق الأثواب، ازدراء بناقضي العهود وخونتها، واحتقارًا لقدرهم ومقامِهم، واستعلاء بأخلاق الإسلام التي تحضُّ على الوفاء في كل الأحوال، ولا تبيح الغدر والخيانة أو ترضى أن يُوصَم المؤمن بهما في أي حال، وعملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: ((من كان بينه وبين قوم عهد، فلا يحُلَّنَّ عقدة ولا يشدها حتى يمضي أمدها، أو ينبذ إليهم على سواء))، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تَخُنْ مَنْ خانك))، وما كرسته سورة براءة شرعًا عامًّا وقانونًا ملزمًا عندما خرج رسول الله إلى تبوك، وجعل المنافقون يُشيعون الأراجيف، والمشركون يتسارعون في الخيانة، فأمر تعالى بنبذ جميع عهودهم إليهم، وجعل لهم أجلًا أربعة أشهر بعدها لا يكون بينهم وبين المسلمين عهد أو ميثاق، وقال عز وجل: ﴿ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ [التوبة: 1، 2]، وما سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نقضت قريش عهدها معه، واعتدت على حلفائه من خزاعة، فأرسلوا عنهم عمرو بن سالم الخزاعي يصرخ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة قائلًا: "إن قريشًا أخلفتك الوعد، ونقضت ميثاقك"، ولما جاء أبو سفيان إلى المدينة يُبرِّر نقض العهد رفض رسول الله مقابلته، وأعَدَّ لغزوهم في مكة وفتحها عنوة، واستئصال شر المشركين بها.


لقد بيَّن الله تعالى لرسوله الكريم في هذه الآيات البيِّنات كيف يعامل المشركين في ساحة المواجهة الحربية بقوله تعالى: ﴿ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ [الأنفال: 57]، وكيف يعامل أهل العهد والمواثيق فقال: ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ [الأنفال: 58]، وبقيت طائفة أخرى من المشركين في مكة عليها رأس الكفر والعداوة للإسلام، أبو سفيان بن حرب بن أمية الذي فَرَّ من بدر بعِير المشركين فلم يشهد مقاتل نظرائه من جبابرة قريش، وكان صلى الله عليه وسلم يتمنَّى حضوره معركتها لينال فيها ما نال عتاة أصحابه؛ لذلك جاءه الوحي الكريم في هذه الطائفة يتوعَّدها، ويُهدِّئ من روعه، ويُوجِّهه في أمرها بقوله عز وجل: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا [الأنفال: 59]، والذين كفروا هم مشركو قريش يجيشون في مكة لحرب المسلمين؛ أي: لا يظنَّنَّ الكفار الذين سبقوا للنجاة وهربوا بعِير قريش[2]، والذين تخلفوا عن بدر فلم يحضروها؛ كأبي لهب ومن بقي في مكة فلم يقاتل، أنهم بمنجاة من القتل والأسر والهزيمة ﴿ إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ [الأنفال: 59]، إنهم لا يستطيعون منعنا من إدراكهم وإهلاكهم في الدنيا، والانتقام منهم في الآخرة، قال عز وجل: ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [العنكبوت: 4].


ثم عقب تعالى على هذا التوضيح فأمر بالاستعداد الفوري لمناجزتهم بقوله تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال: 60]؛ أي: هيئوا لحربهم كل ما تستطيعون من القوة، وبيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر طبيعة هذه القوة وصنفها بقوله ثلاثًا: ((ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي))، وهي قبل الرمي بالنِّبَال والرماح ومعها، قوة في القلوب إيمانًا واحتسابًا وصبرًا ومصابرة وتوكلًا وثباتًا، وفي العزيمة صلابةً ورشدًا، وفي الخبرة عمق فهم وتدبير وتخطيط، وفي الأدوات ما يدحر العدو ويكسر شوكته، ثم أضاف عز وجل أدوات أخرى للحرب بقوله: ﴿ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ [الأنفال: 60]؛ أي: ومن الخيل تربطونها للجهاد في سبيل الله مجهزة بكامل أدوات الحرب، قال صلى الله عليه وسلم: ((الخيل ثلاثة: ففرس للرحمن، وفرس للشيطان، وفرس للإنسان، فأمَّا فرس الرحمن فالذي يرتبط في سبيل الله فعلفه وروثه وبوله في ميزانه، وأما فرس الشيطان فالذي يقامر أو يراهن عليه، وأما فرس الإنسان فالفرس يرتبطها الإنسان يلتمس بطنها فهي ستر من الفقر))، ويدخل في حكم هذا الرباط في كل عصر ما يقوم مقامه من المراكب الحربية المختلفة المناسبة لعصرها وظروفها ﴿ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ [الأنفال: 60]، تخيفون به أعداء الله الذين يصُرُّون على الكفر والخيانة والغدر ﴿ وَعَدُوَّكُمْ، كفار قريش وحلفاءهم من اليهود ومختلف القبائل العربية المتحالفة لحربكم، ﴿ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ، وغيرهم ممن يعلمهم الله ولا تعلمونهم، سمعوا بقوتكم وانتصاركم فتوجَّسوا خيفةً منكم، ولم يتجرؤوا على مهاجمتكم، في إشارة إلى القبائل العربية البعيدة في أطراف الجزيرة وإمبراطوريتي الفرس شرقها والروم شمالها.


ومن عجيب الإعجاز القرآني في هذا الإعداد الحربي الذي أرشد إليه القرآن أنه بدأ بإعداد القوة وهي الرمي؛ أي: تكثيف الرمي بالسهام في بداية الحرب التقليدية لتحطيم معنويات العدو أولًا، ثم يتبعه الهجوم البري بالخيل والمشاة مباشرةً؛ لكسر شوكته واحتلال أرضه، وكذلك الحروب الحديثة لا يفيد سلاح الطيران وحده عند إرادة السيطرة على الهدف موقعًا في أرض أو مؤسسة إلا في إنهاك العدو وإرباكه، ثم يتدخل السلاح البري مشاة ودبابات للسيطرة والتمكين.


إن هذا الإعداد التام الشامل أمر من الله تعالى، والأمر للوجوب، وما لا يدرك الواجب إلا به فهو واجب، إلا أنه لا يكون أي إعداد للجهاد دفعًا أو طلبًا إلا بتوفير نفقاته؛ ولذلك خاطبهم الله تعالى مُحرِّضًا على الإنفاق في سبيله واعدًا بالإخلاف عليهم بخير مما أنفقوا، فقال: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ، في الجهاد سواء أكان مالًا أو ركوبة أو أسلحة أو إطعامًا للمجاهدين أو غير ذلك من حاجات الحرب وضروريات القتال ﴿ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خالصًا لله لا يراد به سمعة أو رياء أو مصالح دنيوية ﴿ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ، يعطاكم أجره في الدنيا والآخرة كاملًا غير منقوص ﴿ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ، لا تبخسون حقًّا أو ثوابًا، قال الله تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 261]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أنفقَ نفقةً في سبيل الله كتبت له سبعمائة ضعف))؛ لذلك كان الجيل القرآني الأول أغنياء وفقراء يساهمون في تجهيز غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، كل حسب طاقته، تبرع عثمان رضي الله عنه في تبوك بتسعمائة بعير بأحلاسها وأقتابها ومائة فرس وألف دينار، وتبرَّع أبو بكر رضي الله عنه بأربعمائة درهم هي كل ماله.


لقد صنفت هذه الآيات الكريمة أعداء الإسلام في العهد النبوي أصنافًا وبينت ما ينبغي في حقهم، صُنِّف خونة يعاهدون ويخونون جهارًا، وصُنِّف معاهدون لا تستقر عهودهم، كوَرِكٍ على ضِلْع، يترقبون غفلة ليخونوا، وصُنِّف مجاهرون بالعداوة محاربون، علاج أمرهم قوله تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ [الأنفال: 60].


إلا أن من هذا الصنف المجاهر بالعداوة والمحاربة من قد يختارون مسالمة المسلمين، حكمة منهم وحسن تقدير، ولكون الإسلام دينًا للسلم في جوهره وطبيعته ومَبْناه وأهدافه، ينبغي قبول السلم منهم إن عرضوه؛ لذلك قال تعالى في حقهم: ﴿ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا [الأنفال: 61] والواو في قوله تعالى: ﴿ جَنَحُوا، لجماعة المحاربين من الأعداء، وفعل الأمر ﴿ فاجْنَحْ، موجه للرسول صلى الله عليه وسلم في قيادته لجيش المؤمنين، والآية بذلك تشريع إسلامي ملزم لنشر الأمن والسلام في ظل العدالة والكرامة والحرية، وهو ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم قبيل وفاته للإمام علي كرَّم الله وجهه بقوله له: ((إنه سَيَكُونُ بِعْدِي اخْتِلَافٌ - أَوْ: أَمْرٌ -فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَكُونَ السِّلْمُ، فَافْعَل))، وما وجه إليه القرآن في معاملة غير المسلمين مطلقًا بقوله تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة: 8]، وحروف الجيم والنون والحاء في الفعل "جنح" من قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ جَنَحُوا، أصل ثابت يدل على الميل، فيقال: جنح عن الشيء إذا مال عنه، وجنح إليه: إذا مال إليه، ومنه سمي الجناح جناحًا لميله عند الطيران، وسمي الميل عن الصواب نحو الإثم جُناح بضم الجيم، كما في قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ [البقرة: 158]، والسَّلم لفظ مؤنث كلفظ الحرب، يعني: السلام والمسالمة والأمن، ضد الحرب والمحاربة والخوف، قرأها نافع وأبو جعفر وابن كثير والكسائي بفتح السين: ﴿ للسَّلْم، وقرأها شعبة عن عاصم بكسرها، وهو ما أمر الله به عباده المؤمنين بقوله عز وجل: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً [البقرة: 208]؛ أي: آثروا الأمن والسلام والمسالمة ما آثرها عدوكم وأمنتم مكره وغدره وظلمه، وما بيَّنه قوله تعالى في هذه الآية الكريمة ﴿ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا؛ أي: إن مالوا إلى المسالمة والصلح معك يا محمد فاستجب لهم ومِلْ كذلك إليه، ووفِّ لهم بما عاهدتهم عليه، والتعبير بحرف "إنْ" تضعف احتمال جنوح المشركين إلى السلم إلا لخديعة؛ لما جُبِلوا عليه من الخيانة؛ ولذلك ربط قبول السلم منهم بالتوكُّل على الله وتفويض الأمر عليه، فقال عز وجل: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ [الأنفال: 61]: اعتمد على الله يبارك لك جنوحك معهم إلى السلم ويحفظك من شرهم وغدرهم.


﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ: سميع لما يُسِرُّه أعداؤك، عليم بما يمكرون، يسمع أقوالك وأقوالهم، ويعلم نواياك ونواياهم ﴿ وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ [الأنفال: 62]، وإن كان اختيارهم المسالمة خديعة ومكرًا ﴿ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ [الأنفال: 62]، فإن الله حسيبك وكافيك أمرهم، ﴿ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ [الأنفال: 62]، هو الذي نصرك من قبل في بدر؛ إذ أعانك بالملائكة ووفَّقك إلى مقاتل المشركين وألقى الرعب في قلوبهم ﴿ وَبِالْمُؤْمِنِينَ؛ إذ كتب في قلوبهم الإيمان وألهمهم محبتك وطاعتك والثبات في صفك فأيدوك وقاتلوا معك ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ [الأنفال: 63]، وحبَّبَهم بعضهم إلى بعض، وجعلهم كالجسد الواحد إذا اشتكى له عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، إشارةً إلى ما كان بين الأوس والخزرج من العداوة في الجاهلية فوحَّد الإسلام قلوبهم، وأصبحوا بنعمة الله إخوانًا، وتوجيهًا غير مباشر لعامة المسلمين في كل عصر ومصر إلى ما يوحِّد صفوفهم، ويقوِّي شوكتهم من المحبة والمودَّة والتسامح وجمع الكلمة ووحدة الصف، كما في قوله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا [آل عمران: 103]، وتأكيدًا على أهمية وحدة القلوب داخل الأمة الواحدة، والوطن الواحد والأسرة الواحدة، وأثر ذلك في متانة صف الجهاد تأسيسًا وبناءً وطلبًا ودفعًا، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ [الصف: 4]؛ ولذلك امتنَّ تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم تذكيرًا بفضله؛ إذ ألَّف قلوب المؤمنين على محبته وطاعته ونصرته، فقال له: ﴿ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ [الأنفال: 63]، كما امتنَّ من قبل على عيسى بن مريم عليه السلام؛ إذ ألَّف قلوب الحواريين على محبته، وقال له: ﴿ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ [المائدة: 111]؛ وذلك لأن القلوب بيد الله يصرفها محبة أو بغضًا، ولاء أو براءً، ميلًا أو نفورًا، قال صلى الله عليه وسلم: ((إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث شاء))؛ أي: يصرف حبه وبغضه، ولاءه وبراءه، نصرته وخذلانه حيث يشاء ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ [الأنفال: 63]، ألف بين قلوبهم على محبتك ونصرتك والجهاد تحت رايتك، لما صدقوا الله الإيمان وصدقوك الطاعة ﴿ إِنَّهُ عَزِيزٌ، له العزة جميعًا والقدرة البالغة والغلبة المطلقة، لا يرضى لعباده إن صدقوه الإيمان إلا العِزَّة نصرًا وغلبةً؛ لأن عِزَّتَهم من عِزَّتِه وغلبتهم من غلبته، قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون: 8]، وقال: ﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ [محمد: 35]، وهو تعالى مع عِزَّته كذلك ﴿ حَكِيمٌ في تصريفه للقلوب وتصرُّفِه فيها، مطلق المشيئة والإرادة.


نسأله تعالى العفو والعافية في تدبيره لنا وللمؤمنين، بحكمته البالغة يقلب القلوب من النفرة إلى الأُلْفة، ومن المحبة إلى البغضاء، لعلم يعلمه وتقدير يقدره، وحكمة بالغة لا يعرفها غيره، وليس للمرء إلا أن يدعو بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتداء به وتسليمًا فيما رواه شهر بن حوشب قال: قلت لأم سلمة رضي اللّه عنها: يا أم المؤمنين، ما أكثر دعاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا كان عندك؟ قالت: كان أكثر دعائه: ((يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قلبي على دينك)).

[1] هم كما في رواية لابن عباس نفرٌ من عبد الدار بن قصي قتلوا في بدر.

[2] كان على رأسهم أبو سفيان.







الألوكة

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك



منتديات الحقلة

منتديات الحقلة: منتديات عامة اسلامية ثقافية ادبية شعر خواطر اخبارية رياضية ترفيهية صحية اسرية كل مايتعلق بالمرأة والرجل والطفل وتهتم باخبار قرى الحقلة والقرى المجاوره لها





sdhsm hgs~Agl ,hgpvf ,hgui,] ,thxW H, krqWh kf`Wh lk hgs~Agl ohwm ,hg]vf ,hgui,] kf`Wh ,thxW




sdhsm hgs~Agl ,hgpvf ,hgui,] ,thxW H, krqWh kf`Wh lk hgs~Agl ohwm ,hg]vf ,hgui,] kf`Wh ,thxW sdhsm hgs~Agl ,hgpvf ,hgui,] ,thxW H, krqWh kf`Wh lk hgs~Agl ohwm ,hg]vf ,hgui,] kf`Wh ,thxW



 
التعديل الأخير تم بواسطة طالبة العلم ; 11-06-2023 الساعة 11:38 AM

قديم 11-06-2023   #2
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 2 أسابيع (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: سياسة السِّلم والحرب والعهود وفاءً أو نقضًا أو نبذًا



جهود رائعة
الله يعطيك العافية
وبارك الله فيك



 

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, السِّلم, خاصة, والدرب, والعهود, نبذًا, وفاءً, نقضًا


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصة سعودي جثا وفاءً.. وقبّل قبر زوجته مصراوي منتدى الاخبار المحلية والعالمية 8 11-11-2016 12:29 AM
نتنياهو يتعهد بمواصلة "الجرف الصامد" والحرب على غزة ابو عمر منتدى الاخبار المحلية والعالمية 1 05-08-2014 02:57 AM
كيري للأسد : إيران وحزب الله سبب صمودك والحرب لن تتوقف إلا برحيلك ابو عمر منتدى الاخبار المحلية والعالمية 1 24-10-2013 07:00 PM
مدير تعليم صبيا يلتقي بالقيادات التربوية بمكتبي بيش والدرب ابوجابر اخبار منطقة جازان 1 10-09-2013 04:31 PM
رسالة خاصة لإخوتي اعضاء المنتدى والاسلامي خاصة ابوبدر المنتدى الاسلامي العام 3 24-09-2011 11:56 AM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 02:32 PM

أقسام المنتدى

الاقسام العامة | المنتدى الاسلامي العام | المنتدى العام | منتدى الترحيب والتهاني | الاقسام الرياضية والترفيهية | العاب ومسابقات | الافلام ومقاطع الفيديو | منتدى الرياضة المتنوعة | الاقسام التقنية | الكمبيوتر وبرامجه | الجوالات والاتصالات | الفلاش والفوتوشوب والتصميم | منتدى التربية والتعليم | قسم خدمات الطالب | تعليم البنين والبنات | ملتقــــى الأعضـــــاء (خاص باعضاء المنتدى) | المرحله المتوسطه | منتدى الحقلة الخاص (حقلاويات) | منتدى الاخبار المحلية والعالمية | اخبار وشـؤون قرى الحقلة | اخبار منطقة جازان | الاقسام الأدبية والثقافية | الخواطر وعذب الكلام | منتدى الشعر | عالم القصة والروايات | اخبار الوظائف | منتديات الصحة والمجتمع | منتدى الصحة | منتدى الأسرة | منتدى السيارات | منتدى اللغة الانجليزية | منتدى الحوار والنقاشات | منتدى التراث والشعبيات والحكم والامثال | منتدى التعليم العام | منتدى السفر والسياحة | الثقافه العامه | منتدى تطوير الذات | كرسي الإعتراف | منتدى عالم المرأة | عالم الطفل | المطبخ الشامل | منتدى التصاميم والديكور المنزلي | المكتبة الثقافية العامة | شعراء وشاعرات المنتدى | مول الحقلة للمنتجات | الخيمة الرمضانية | المـرحلـة الابتدائيـة | استراحة وملتقى الاعضاء | المرحله الثانويه | الصور المتنوعة والغرائب والعجائب | المنتدى الاسلامي | منتدى القرآن الكريم والتفسير | سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية | قصص الرسل والانبياء | قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه | اخبار مركز القفل | منتدى الابحاث والاستشارات التربوية والفكرية | افلام الانمي | صور ومقاطع فيديو حقلاويات | البلاك بيري / الآيفون / الجالكسي | بوح المشاعر وسطوة القلم(يمنع المنقول ) | مناسك الحج والعمرة | منتدى | ارشيف مسابقات المنتدى | منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة | المنتدى الاقتصادي | منتدى عالم الرجل | اعلانات الزواج ومناسبات منتديات الحقلة | تراث منطقـة جــــازان | كرة القدم السعوديه | منتدى الرياضة | كرة القدم العربيه والعالمية | ديـوان الشـاعـر عمـرين محمـد عريشي | ديـــوان الشــاعـر عـبدة حكمـي | يوميات اعضاء منتديات الحقلة | تصاميم الاعضاء | دروس الفوتوشوب | ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة | منتدى الاخبار | نبض اقلام المنتدى | ديـــوان الشــاعـر علـي الـدحيمــي | الاستشارات الطبية | الترحيب بالاعضاء الجدد | قسم الاشغال الايدويه | قسم الاشغال اليدويه | مجلة الحقله الالكترونيه | حصريات مطبخ الحقله | ديوان الشاعر ابوطراد |



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant