لا ينفصل التاريخ عن أحداثه وتبقي مواقف الرجال في ذاكرة الأوفياء ولأننا في مصر نحفظ المعروف لأهله،لا يمكن أن يمر أي حديث عن نصر أكتوبر دون الاشارة لرجل كان لاعبا أساسيا في المعركة وقاد بحكمة التحرك العربي المساند لمصر في المعركة،والرجل المقصود هنا هو،العاهل السعودي الملك فيصل رحمه الله صاحب الأيادي البيضاء وأحد عشاق مصر وأهلها.
فعندما قامت حرب اكتوبر 1973 بين مصر وإسرائيل قررت الدول العربية قطع إمدادت البترول عن الدول الصديقة والمتعاونة مع إسرائيل بغية الضغط عليها ومنع الدعم الحربى واللوجيستى عن العدو الإسرائيلى, وفى هذه الأثناء أرسل الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون وزير خارجيته إلى الملك فيصل بغية إثناءه عن قراره بقطع البترول عن دول الغرب، وصف هنرى الحوار الذى دار مع الملك فيصل فى مذكراته قائلا أنه عندما إلتقى الملك فيصل في جدّة عــــام 1973 م في محاولة لإثنائه عن وقف ضخّ البترول، رآه متجهما ً, فأراد أن يستفتح الحديث معه بمداعبة فقال : " إن طائرتي تقف هامدةً في المطار بسبب نفاد الوقود، فهل تأمرون جلالتكم بتموينها، و أنا مستعدٌ للدفع بالأسعار الحرة؟!
" يقول كيسنجر : فلم يبتسمْ الملك ، بل رفع رأسه نحوي، وقال : " وأنا رجل طاعن في السن، وأمنيتي أن أصلي ركعتين في المسجد الأقصى قبل أن أموت، فهل تساعدني على تحقيق هذه الأمنية ؟!
رد لا يخرج الا من رجل في قامة وقيمة الملك فيصل الذي قاد التحرك العربي عندما بدأ الإعداد لحرب أكتوبر 73 حيث قامت الدول العربية بمساندة الجبهتين المصرية والسورية .
فالعراق قدمت كافة المساعدات للجبهة السورية من مدرعات وغيرها ، كما قدمت مساعدات لمصر من خلال قوات جوية والكويت كان لها دور مساهم اثناء الحرب بكتيبة لواء اليرموك و كتيبة من السودان ، إلى جانب وجود قوات جزائرية بفضل الرئيس بومدين الذى ذهب الى الاتحاد السوفيتى حيث طلب تقديم كافة الإحتياجات لمصر من الأسلحة والذخائر وقطع الغيار ، بالإضافة إلى فتح البنك المركزى الجزائرى اعتماد للإتحاد السوفيتى لتغطية كافة طلبات مصر من الأسلحة.
وكانت المملكة العربية السعودية قائدة العرب أثناء الحرب ونسقت مع دول الخليج فى حرب البترول بقطع المواد البترولية عن الدول المؤيدة لإسرائيل وعلى رأسهم هولندا وخفضت سقف الإنتاج وكان هذا عامل مؤثر على الدول الغربية لأن أوروبا وأمريكا لن تتأثر بالطيران والمدفعية ولكن الذى يؤثر عليها هو أن يقطع البترول عنها وهذا كان له أثر كبير على صناعتهم القائمة على البترول وهوما أدى إلى توقف الشركات.
ولم يكن الموقف السعودي خلال الحرب سوي استكمال لمواقفها أيام حرب الاستنزاف،وهنا نشير لواقعة حدثت عقب نكسة 67 حيث تم عقد مؤتمر الخرطوم بعد أيام معدودة من نهاية الحرب ، و قال الملك " فيصل " خلال المؤتمر للرئيس الراحل جمال عبد الناصر " يا جمال مصر لاتطلب وإنما تأمر " .
وبهذه الروح وتلك المحبة لم يكن الموقف السعودي تجاه ثورة 30 يونيو أقل من موقفهم فى حرب اكتوبر 73 من خلال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي واجه الغرب صراحة ونجح في تغيير مسار الموقفين الأوربي والأمريكي من الأحداث في مصر لتثبت المملكة مجددا أنها علي الموعد تماما مع مصر الشعب والتاريخ وأن الصغائر لا تعكر صفو المحبة بين الشعبين الشقيقين فشكرا للسعودية ،وتحية لرجال القوات المسلحة البواسل الذين صنعوا نصرا وقهروا قوة صهيونية كانت تظن أنها عصية علي الهزيمة لكن أسود مصر كانوا أكبر من أي تصور وأعظم من أي تقدير.