أخذ آل البيت زكاة بعضهم .
اختلف العلمــاء في حــكم اخـذ آل البيت زكــاة بعضهم عـلـى قولـيـن:
ـ القول الأول: لا يجوز اخذ آل البيت زكاة بعضهم .
وهذا قول الجمهور وهو ظاهر مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ورجحه الشوكاني في السيل الجرار .
ـ القول الثاني: يجوز أخذ آل البيت زكاة بعضهم .
وهذا القول رواية عن أبي حنيفة وقول أبي يوسف، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقال : (وهو محكي عن طائفة من أهل البيت) .
ـ أدلة القول الأول:
1ـ عموم الأحاديث الدالة على تحريم الصدقة على آل البيت، كقوله صلى الله عليه وسلم:(( إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس)) وقوله صلى الله عليــه وسلم: ((أنــا لا تحــل لنــا الصدقــة)) . فتشمل صدقة الناس وصدقتهم ، ولم يرد ما يخصص صدقاتهم بالتحليل .
2ـ قوله صلى الله عليه وسلم : ((لا يحل لكم أهل البيت من الصدقات شيء، إنما هي غسالة أيدي الناس، وإن لكم في خمس الخمس ما يغنيكم)) .وجه الاستدلال: يستدل بهذا الحديث من وجهين:
الوجه الأول: قوله صلى الله عليه وسلم:((لا يحل لكم أهل البيت من الصدقات شيء)) فكلمة (شيء) نكرة في سياق النفي فتفيد العموم بالنسبة للصدقات المحرمة على آل البيت فتشمل صدقات الناس وصدقاتهم .
الوجه الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: ((وإن لكم في خمس الخمس ما يغنيكم)) فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم ما يعطونه من الخمس علة لتحريم الصدقات عليهم لكونه يغنيهم عنها سواء عن صدقات الناس أو صدقاتهم .
ـ الجواب عن أدلة القول الأول:
إن هذه الأحاديث والأدلة التي استدل بها أصحاب القول الأول لا تنفي جواز أخذ آل البيت زكاة بعضهم ، للقطع بأن المراد من ( الناس ) غيرهم ، لأنهم المخاطبون بالخطاب المذكور ، والتعويض بخمس الخمس عن صدقات الناس لا يستلزم كونه عوضاً عن صدقات أنفسهم .
- أدلة القول الثاني:
1ـ حديث العباس رضي الله عنه الذي فيه: (( قلت يا رسول الله إنك حرمت علينا صدقات الناس، فهل تحل صدقات بعضنا لبعض؟ فقال: نعم ))
ـ الجواب عن هذا الدليل:
قال الشوكاني رحمه الله بعد أن ساق هذا الدليل: ( فهو استدلال مرفوض؛ لأن الحديث قد اتهم به بعض رواته كما ذكر الذهبي في ((الميزان)) وفيهم من لا يعرف، فلا يصلح مخصصاً ) .
2ـ قوله عليه الصلاة والسلام: (( يا بني هاشم، إن الله كره لكم غسالة أيدي الناس وأوساخهم وعوضكم منها بخمس الخمس)) .
وجه الدلالة : ما يقتضيه مفهوم المخالفة من قوله عليه السلام : (( إن الله كره لكم غسالة أيدي الناس وأوساخهم )) من كون غسالة بني هاشم وصدقاتهم ليست مكروهة لهم ولا محرمة عليهم .
ـ التــرجيــــح :
الراجح والله اعلم هو القول الثاني ؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما نهى آل البيت عن أخــذ الزكــاة قــال : (( إنمــا هي أوساخ الناس )) ، (( إنما هي غسالة أيدي الناس )) فقد منعهم أن يأخذوا من الناس ، ولم يمنعهم أن يأخذ بعضهم من بعض ، ثم إن آل البيت تربطهم صلة القربى ، ولا مذلة في أن يأخذ بعضهم من بعض
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك