إن القول الراجح في تقدير المؤرّخين الدينيين لميلاد المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام-، أنه متقدّم على السنة الأولى ببضع سنوات، وأنه على أصح التقديرات لم يولد في السنة الأولى للميلاد. ففي إنجيل متى أنه -عليه السلام- قد ولد قبل موت هيرود الكبير، وقد مات هيرود قبل السنة الأولى للميلاد بأربع سنوات! ويقول الدكتور "بيك" في مناقشة "جون ستيوارت" لمدوّنة "من معبد انجورا": وعبارة وردت في مصنف صيني قديم، يتحدث عن رواية وصول الإنجيل للصين سنة 25 – 28 ميلادية، حيث حدد ميلاد المسيح في عام 8 قبل الميلاد، في شهر سبتمبر أو أكتوبر، وحدّد وقت (الصلب) في يوم الأربعاء عام 24 ميلادية".
والقول الراجح في شأن المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام- أنه أوحي إليه وكُلّف بالتبليغ في عمر 30 عامًا، واستمرت دعوته 3 أعوام ورُفع بعدها إلى السماء وعمره 33 عامًا، وسوف ينزل في آخر الزمان ليحكم بشريعة الإسلام 7 أعوام، ويموت بعدها الموتة التي كتبها اللَّه على كل بني البشر. ويهمّنا من هذا السرد أن عيسى -عليه السلام- رُفع إلى السماء في سن 33 عامًا، وأن ذلك يصادف سنة 24 ميلادية.
وقد وُلد نبينا مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- في عام الفيل، الموافق سنة 571 ميلادية، وقد أوحي إليه في عمر 40 عامًا، وبذلك يوافق أوّل نزول الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلّم- سنة 611 ميلادية. والآن تأمّل هذه الآية من سورة المائدة:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُوْلُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُوْلُوْا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيْرٍ وَلَا نَذِيْرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيْرٌ وَنَذِيْرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ (19) المائدة
الفترة في هذه الآية بمعنى الفتور وانقطاع الوحي والرسل.
والفَتْرَةُ في المعاجم اللُّغوية هي المدة الزمنية بين كل نَبِيَّيْنِ.
وفي الصحاح: ما بين كل رسولين من رسل اللَّه عزّ وجلّ، من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة.
تهيأ واستعد!
فأنت على وشك أن ترى مشاهد تاريخية في غاية الأهميّة!
رفع اللَّه عيسى إلى السماء في عام 24 ميلادية، وبذلك انقطع الوحي عن الأرض، وبعد مئات السنين عاود الوحي مرّة أخرى ونزل على النبي مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- في غار حراء، وكان ذلك في عام 611 ميلادية. ومن خلال حسبة بسيطة يمكنك أن تتحقَّق بنفسك من أن فترة انقطاع الوحي وفتوره بين عيسى -عليه السلام- ومُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- هي (611 – 24) أي أنها 587 سنة. احتفظ بهذا العدد وتذكّره جيّدًا!!
احسب وتعجَّب!
إليك آية المائدة مرّة أخرى..
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُوْلُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُوْلُوْا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيْرٍ وَلَا نَذِيْرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيْرٌ وَنَذِيْرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ (19) المائدة
ترتيب كلمة "فترة" من بداية سورة المائدة هي الكلمة رقم 587 على وجه الدقة لا تتقدّم ولا تتأخر كلمة واحدة!
فترة انقطاع الوحي بين عيسى -عليه السلام- ومُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- هي 587 سنة.
والعجيب أن كلمة "فترة" لم ترد في القرآن كلّه، من أوله إلى آخره، إلا مرّة واحدة فقط وتحديدًا في هذه الآية!
قوم خصمون!
الكفر ملَّة واحدة وإن اختلف زمانهم ومكانهم!
فهم في كل زمان وفي كل مكان متشابهون في نهجهم!
كلما عرضت عليهم دليلًا حاسمًا لم يفكروا فيه؛ بل فكروا في كيفية دحضه وتكذيبه!
هم لا يبحثون عن الحق بقدر ما يبحثون عن الحجج الواهية التي يبررون بها باطلهم!
لذلك قال الحق سبحانه وتعالى عنهم في سورة الزخرف: (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ).
نعم.. إنهم قوم خصمون ومبالغون في الخصومة والجدل الباطل!
ولذلك سوف يذهبون إلى سورة المائدة ليتحقَّقوا بأنفسهم!
سوف يجدون أن كلمة (فَتْرَةٍ) ترتيبها بالفعل رقم 587 من بداية السورة!
وسوف يتحقَّقون عن تاريخ مولد عيسى -عليه السلام- ويجدون أن هناك روايات عدّة أصحّها أنه ولد عام 8 قبل الميلاد. وسوف يتحقَّقون عن تاريخ مولد نبينا مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- ويجدون أن هناك ثلاث أو أربع روايات أصحها أنه ولد عام 571 ميلادية. ماذا سيفعلون؟! سوف يحاولون الاحتماء بأضعف الروايات للهروب! ولكن هيهات هيهات! فأيًّا كانت الرواية التي يعتمدونها في مولد عيسى -عليه السلام-، وأيًّا كانت الرواية التي تروق لهم بشأن مولد مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-، وأيًّا كانت المدَّة الزمنية لفتور الوحي وانقطاعه بينهما بحسب رأيهم، وأيًّا كان الرسم الذي يتبنّونه في عدّ الكلمات.. عثماني أو إملائي، فإن فترة انقطاع الوحي بين عيسى -عليه السلام ومُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- لا تقل بأي حال عن 578 سنة ولا تزيد على 595 سنة! وأنَّ أوّل كلمة في الآية رقم 19 من سورة المائدة ترتيبها رقم 578 من بداية السورة وآخر كلمة في الآية ترتيبها رقم 606، وبذلك فإن الآية تحتضن جميع الاحتمالات والروايات الواردة بشأن المدّة الزمنية لفتور الوحي وانقطاعه بين عيسى -عليه السلام- ومُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-، فتأمّل:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُوْلُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُوْلُوْا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيْرٍ وَلَا نَذِيْرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيْرٌ وَنَذِيْرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ (19) المائدة
حوار من القلب
إخواننا في الإنسانية..
أقرب الناس إلينا مودّة من غير المسلمين..
فعلى هامش ما سبق من حقائق علمية بعيدة عن العاطفة.. هل أحصى مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- فترة انقطاع الوحي بينه وبين أخيه عيسى -عليه السلام-، وعلم أنها تعادل 587 سنة، ومن ثم وضع هذه الكلمة الوحيدة في القرآن "فترة" في ترتيب الكلمة رقم 587 من بداية السورة؟!
لماذا لم تأت هذه الكلمة في أي موضع آخر في القرآن، علمًا بأن عدد كلمات القرآن 77800 كلمة؟!
ولماذا لم تأت هذه الكلمة إلا في سورة المائدة؟ علمًا بأن عدد سور القرآن 114 سورة؟!
ولماذا جاء ترتيب هذه الكلمة رقم 587 من بداية سورة المائدة علمًا بأن عدد كلمات هذه السورة 2837 كلمة؟!
اعلم أخي في الإنسانية.. لو لم تكن في القرآن كلّه من أوَّله إلى آخره أي حقيقة يقينية أخرى غير هذه الحقيقة، لكان ذلك كافيًا لإقناع كل من له عقل من النصارى ليعود إلى رشده ويتفكَّر في حقيقة اعتقاده! إلا إن كان من المكابرين الذين يجهدون أنفسهم، ويبذلون الغالي والنفيس في سبيل البحث عن أيِّ حجَّة تبرِّر باطلهم وتدافع عن ضلالهم!
محظور!
لقد تحدَّدت من بداية سورة المائدة فترة انقطاع الوحي بين عيسى -عليه السلام- ومُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-. وقياسًا على ذلك فقد يتوهم بعضهم أنه يمكن من نهاية السورة أن يتحدد عمر أمة الإسلام أو موعد نزول عيسى -عليه السلام-! ولكن الأمور لا تُقاس هكذا وعلى هذا المنوال! إن كل ما تتوقعه من النظام الرقمي القرآني يكون الواقع بخلاف ما توقعت! والأهم من ذلك أن الأمور الغيبية لا يعلمها إلا اللَّه وحده جلّ وعلا، حيث طوى علم الغيب عن الملائكة المقربين، والأنبياء المرسلين، فضلًا عن غيرهم من العالمين. وأما ما أخبر اللَّه به الرسل والأنبياء عن أمور الغيب فهو بإخبار اللَّه لهم، وليس من عند أنفسهم. فالرسل لا يعلمون الغيب، ولا الملائكة المقربون إلا إذا أطلعهم اللَّه تعالى على شيء من ذلك. وكل من ادّعى معرفة الغيب أو استنباط شيء منه من خلال الأرقام أو غيرها فقد كذَّب القرآن العظيم!
فضلًا عن ذلك كلّه، فإن قياس البعد الزمني من كلمة (فترة) حتى نهاية سورة المائدة ينتج منه عدد أوّليّ! وكما أن الغيب لا يعلمه إلا اللَّه وحده، فإن سر هذه الأعداد الأوّليّة أيضًا لا يعلمه أحد غيره سبحانه وتعالى! وفي ذلك رسالة بليغة إلى كل من يتوهَّم أن بإمكانه استنباط الأمور الغيبية من خلال القرآن العظيم!
تأمّل وتعجَّب!
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُوْلُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُوْلُوْا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيْرٍ وَلَا نَذِيْرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيْرٌ وَنَذِيْرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ (19) المائدة
بعد كلمة "فترة" حتى نهاية سورة المائدة ورد اسم اللَّه 114 مرّة بعدد سور القرآن!
كلمة (جَاءَنَا) في الآية هي الكلمة رقم 593 من بداية السورة، وهذا العدد = 114 × 5 + 23
114 عدد سور القرآن!
5 عدد أركان الإسلام!
23 عدد أعوام الوحي!
هناك آية في سورة المائدة نفسها تشبه إلى حد كبير هذه الآية، فتأمّل:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُوْلُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُوْنَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُوْ عَنْ كَثِيْرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُوْرٌ وَكِتَابٌ مُّبِيْنٌ (15) المائدة
هذه الآية ترتيبها من بداية المصحف رقم 684، وهذا العدد = 114 × 6
حوار بين اللَّه ورسوله
أيها النصارى.. إخواننا في الإنسانية..
ننتقل بكم الآن إلى آخر سورة المائدة لنستمع إلى هذا الحوار اللطيف!
حوار بين اللَّه عزّ وجلّ، ورسوله عيسى -عليه السلام- يوم القيامة!
حوار سوف يسمعه كل نصراني.. فانتبهوا جيّدًا:
وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيْسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُوْنِيْ وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُوْنِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُوْنُ لِيْ أَنْ أَقُوْلَ مَا لَيْسَ لِيْ بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِيْ نَفْسِيْ وَلَا أَعْلَمُ مَا فِيْ نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوْبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِيْ بِهِ أَنِ اعْبُدُوْا اللَّهَ رَبِّيْ وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيْدًا مَا دُمْتُ فِيْهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِيْ كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيْبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيْدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيْزُ الْحَكِيْمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِيْنَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِيْ مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِيْنَ فِيْهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوْا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيْمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيْهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ (120)
هل تفاجأتم برد عيسى -عليه السلام-؟! إن عيسى لم يقل إنه إله، ولم يقل إنه ابن اللَّه! بل لو بحثتم ونقّبتم في جميع الأناجيل وكتب النصرانية لديكم لن تجدوا آية واحدة تقول على لسان المسيح -عليه السلام- شخصيًّا إنه قال: (أنا اللَّه، أو أنا ابن اللَّه) فاعبدوني! وإن كل ما قاله عيسى -عليه السلام- لكم أيها النصارى سوف يلخصه لنا هو بنفسه يوم القيامة في 5 كلمات.. (أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ)!
تأمّلوا..
ترتيب سورة المائدة في المصحف رقم 5
هذا المشهد الذي أمامكم يأتي من 5 آيات!
يلخص عيسى -عليه السلام- قوله للنصارى يوم القيامة في 5 كلمات!
نعم.. في 5 كلمات و20 حرفًا، ومجموعهما 25، وهذا هو مجموع تكرار اسم عيسى في القرآن!
عدد كلمات هذه الآيات الخمس 120 كلمة!
والآية الأخيرة رقمها 120 أيضًا!
وعدد آيات سورة المائدة 120 آية!
تأمّلوا اسم (عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) في الآية الأولى!
احسبوا عدد الكلمات من الاسم الثالث (مَرْيَمَ) حتى نهاية السورة.. إنها 114 كلمة!
114 هو عدد سور القرآن!
لم تقتلوه!
ما زلنا في رحاب سورة المائدة ولكن هذه المرّة مع 5 آيات أخرى، فتأمّلوا:
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيْسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِيْ عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُّكَ بِرُوْحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِيْ الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيْلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّيْنِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِيْ فَتَنْفُخُ فِيْهَا فَتَكُوْنُ طَيْرًا بِإِذْنِيْ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِيْ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِيْ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِيْ إِسْرَائِيْلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِيْنٌ (110) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّيْنَ أَنْ آمِنُوْا بِيْ وَبِرَسُوْلِيْ قَالُوْا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُوْنَ (111) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّوْنَ يَا عِيْسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيْعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوْا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ (112) قَالُوْا نُرِيْدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوْبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُوْنَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِيْنَ (113) قَالَ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُوْنُ لَنَا عِيْدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِيْنَ (114)
تأمّلوا اسم (عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) في الآيتين الأولى والأخيرة!
ابدؤوا اسم عيسى في الآية الأولى وأكملوه في الآية الأخيرة!
إذا بدأتم العدّ من اسم (عِيسَى) في الآية الأولى، فإن اسم أمه (مَرْيَمَ) في الآية الأخيرة هو الكلمة رقم 114
ولا يفوتكم تأمّل رقم الآية الأخيرة! إنه العدد 114 نفسه! عدد سور القرآن!
هذا هو القرآن الكريم كلمة وعددًا يؤكد لكم أن (عِيسَى) هو ابن (مَرْيَمَ) وليس ابن اللَّه!
عودوا إلى آيات المائدة الخمس مرّة أخرى وتأمّلوا!
لقد ورد اسم (عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ) في هذه الآيات ثلاث مرّات!
من بعد (عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ) في الموضع الأوَّل حتى اسم عيسى في الموضع الثاني 75 كلمة!
وهذا العدد يساوي 25 × 3
لقد ورد اسم عيسى في القرآن 25 مرّة وورد في هذه الآيات الخمس 3 مرّات! فتأمّلوا!
ما بين اسم عيسى في الموضع الثاني واسم عيسى في الموضع الأخير 33 كلمة!
أنتم النصارى تزعمون بأن عيسى -عليه السلام- (قُتل وصلب) وعمره 33 عامًا!
ونحن المسلمون نؤمن بأن عيسى -عليه السلام- رُفع إلى السماء وعمره 33 عامًا!
وفي جميع الحالات، فإن العدد 33 متفق عليه!
تأمّلوا..
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيْحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُوْلَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوْهُ وَمَا صَلَبُوْهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِيْنَ اخْتَلَفُوْا فِيْهِ لَفِيْ شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوْهُ يَقِيْنًا (157) النساء
ترتيب كلمة (قَتَلُوهُ) من بداية الآية هو رقم 33
عدد حروف كلمات (إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ) 33 حرفًا!
إذًا يؤكد لنا القرآن بالكلمة والإحصاء: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ!
هذه الآية عدد كلماتها 34 كلمة بعدد تكرار اسم "مريم" في القرآن!
عيسى هو ابن مريم وليس إله كما يفتري النصارى!! هكذا تقول الأرقام بوضوح!!
فما هو إذًا مصيره -عليه السلام-؟! إليكم الإجابة..
بَل رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيْزًا حَكِيْمًا (158) النساء
هذه الآية التي أمامكم ترتيبها من بداية المصحف رقم 651
تأمّلوا هذا العدد جيّدًا، فهو يساوي 611 + 40
فماذا تعني هذه الأعداد؟
لقد أُوحي إلى النبي -عليه السلام- وعمره 40 عامًا، وكان ذلك في عام 611 ميلادية!
تأمّلوا العدد 651 مرّة أخرى، فهو يساوي 114 × 5 + 114 – 33
114 هو عدد سور القرآن!
5 هو عدد أركان الإسلام!
33 هو عدد الأعوام التي عاشها عيسى -عليه السلام- قبل أن يرفعه اللَّه إليه!
وهذه الآية تتحدّث عن ذلك صراحة (بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ)!
هذه الآية نفسها ترتيبها من نهاية المصحف رقم 5586
تأمّلوا جيّدًا العدد 5586 فهو يساوي 114 × 7 × 7
إذا كان 114 هو عدد سور القرآن فإلى ماذا يشير الرقم 7 وما هي علاقته بعيسى -عليه السلام-؟!
الرقم 7 الذي تجلَّى إلى جانب العدد 114 هنا يشير إلى حقيقة في غاية الأهمية!! فانتبهوا جيّدًا!
إن المسيح عيسى -عليه السلام- سوف ينزل في آخر الزمان ويحكم بشريعة القرآن 7 أعوام ثم يموت بعدها!
تفكَّروا في هذا المعنى جيّدًا وتأمّلوا ماذا تقول لكم الأرقام: 114 × 7 × 7
وأقرأوا إن شئتم ما رواه أبو هريرة -عليه السلام- في الحديث المتفق عليه في الصحيحين عن النبي -عليه السلام-: والَّذي نفسي بِيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلًا، فيكسر الصَّليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتّى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها. ثم يقول أبو هريرة وأقرأوا إن شئتم: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُوْنُ عَلَيْهِمْ شَهِيْدًا).
وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن النبي -عليه السلام- أنه قال: (فيبعث اللَّه عيسى ابن مريم.. ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل اللَّه ريحًا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته). أما ما يتناقله بعضهم بأن عيسى -عليه السلام- سيمكث في الأرض أربعين سنة، فيبدو أنهم خلطوا بين عمر عيسى في الأرض، ومدة بقائه بعد نزوله في آخر الزمان، إذ إن عيسى رُفع إلى السماء وعمره ثلاثة وثلاثين عامًا، ثم يعود إلى الأرض ليعيش سبعة أعوام أخرى يموت بعدها ويصلي عليه المسلمون، وهذه أربعون عامًا مجمل بقائه في الأرض، واللَّه أعلم.
أما الحكمة من نزول عيسى -عليه السلام- دون غيره من الأنبياء، فهناك أوجه أربعة، أصحها ما قاله ابن حجر العسقلاني -رحمه اللَّه- في الفتح: "أنه ينزل ليدفع حجّة اليهود الذين قالوا بأنهم قتلوه وصلبوه، فينزل عيسى ابن مريم فيقتلهم ويقتل رئيسهم". ومن رئيسهم؟! إنه المسيح الدجّال، لأن أكثر أتباعه هم اليهود، وهم الذين يسمونه "ملك اليهود الأعظم" وقد جاء ذكره في البروتوكول الثالث والعشرين من بروتوكولات حكماء صهيون. إن نبي اللَّه المسيح عيسى -عليه السلام- هو مسيح الهدى والمسيح الدجّال عليه لعنة اللَّه هو مسيح الضلال! وهناك رواية أخرى تقول إن عيسى ابن مريم لما علم بصفة أمة مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- في الإنجيل، وأن لهم فضلًا وقدرًا بين الأمم، كما جاء ذلك في الآية الأخيرة من سورة الفتح، دعا عيسى -عليه السلام- ربه عزّ وجلّ أن يجعله منهم، ولذلك ذهب الإمام الذهبي -رحمه اللَّه- في كتابه "تجريد الصحابة" إلى القول: إن "عيسى نبي وصحابي"! أما كونه نبيًّا فهذا شيء معلوم، وأما كونه صحابيًّا لأنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلّم- وصلّى خلفه ليلة أسري به.
أما مكان نزوله، فقد جاء في صحيح مسلم (أنه ينزل عند المنارة البيضاء شرق دمشق)، وليس بدمشق منارة تعرف بالشرقية سوى التي إلى شرق الجامع الأموي. ومن هنا يمكننا أن نفهم أن ما يجري في سوريا حاليًّا من فتن ما هو إلا لتهيئة المسرح لنزول المسيح -عليه السلام-، فنحن الآن نكاد نرى ملامح السيناريو الأخير يتشكّل أمامنا!
اسمحوا لي بعد هذا السرد المطوَّل أن أعود بكم إلى الآية السابقة مرّة أخرى:
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيْحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُوْلَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوْهُ وَمَا صَلَبُوْهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوْا فِيْهِ لَفِيْ شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوْهُ يَقِينًا (157) النساء
تأمّلوا جيّدًا قول النصارى: إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيْحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ!
هذا القول فيه حقّ وفيه باطل!!
الباطل في قولهم: (إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيْحَ) إذ إنهم لم يقتلوه بل قتلوا شبيهه!
أما الحق ففي قولهم: (الْمَسِيْحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُوْلَ اللَّهِ) إذ إنه حقًا ابن مريم ورسول اللَّه!
إذًا فالمسيح ليس إلهًا وليس ابن اللَّه كما يزعم النصارى اليوم، بل هو (ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ)!
تأمّلوا جيّدًا أوّل كلمة جاءت بعد قول النصارى: (الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ)، فإنها كلمة (وَمَا)!
هذه الكلمة (وَمَا) ترتيبها من بداية سورة النساء رقم 3362، وهذا العدد = 41 × 41 + 41 × 41
العدد 41 هو مجموع تكرار أحرف اسم اللَّه ضمن الحروف المقطَّعة!!
هذه الكلمة نفسها ترتيبها من نهاية سورة النساء رقم 401
تأمّلوا وجه الشبه بين العددين 41 و401 وكلاهما عدد أوّليّ!
تابعوا إكمال الآية..
قالت النصارى: إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ!
ردّ عليهم القرآن: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ!
فماذا حدث لعيسى -عليه السلام- حتى جعل النصارى يتوهمون ذلك؟
يجيب القرآن: (وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ)!
أي أنهم قتلوا شخصًا آخر وصلبوه صوَّره اللَّه عزّ وجلّ على صورة عيسى -عليه السلام-!
أما عيسى -عليه السلام- فقد رفعه اللَّه إليه كما تنصّ على ذلك الآية التالية لهذه الآية مباشرة.
توقفوا كثيرًا عند أوّل كلمة في قوله تعالى: (وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ)!
هذه الكلمة مفصلية (وَلَكِن) حيث جاء بعدها الرد على توهمات النصارى!
هذه الكلمة المفصلية هي الكلمة رقم 3366 من بداية سورة النساء، وهذا العدد = 33 × 102
هذه الكلمة المفصلية تأتي قبل 396 كلمة من نهاية سورة النساء، وهذا العدد = 33 × 12
مجموع العددين 3366 و396 هو 3762، وهذا العدد = 33 × 114
الآن تأمّلوا هذه الأعداد جيّدًا..
114 هو عدد سور القرآن!
33 هو عدد الأعوام التي عاشها عيسى -عليه السلام- قبل أن يرفعه اللَّه إليه!
نعود إلى قول النصارى: إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ!
هذه الحقيقة التي يجب أن يعيها كل نصراني هي إن عيسى -عليه السلام- هو ابن مريم ورسول اللَّه.
ولم يقل عيسى -عليه السلام- إنه إله، ولم يقل إنه ابن اللَّه!
تأمّلوا هذه الآية من سورة مريم:
ذلِكَ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِيْ فِيْهِ يَمْتَرُوْنَ (34)
هذه الآية رقمها 34، وعدد حروفها 34 حرفًا بعدد تكرار اسم "مريم" في القرآن!
هذه الآية تشير إلى أن ما قاله القرآن بشأن عيسى -عليه السلام- هو قول الحق!
عيسى هو ابن مريم، وليس إلهًا كما يفتري النصارى!! هكذا تقول الأرقام بوضوح!
هذا قول الأرقام في عيسى -عليه السلام- فماذا يقول القسيس سيلي عن ذلك؟!
القسيس سيلي من أقارب المناضل نيلسون مانديلا، كان يهتم بالنصرانية كثيرًا ويروِّج لها بشتى السبل، وكان نشطًا للغاية في خدمة الكنيسة، ولذلك اختارته الفاتيكان وقدَّمت له الدعم اللازم ليكون من كبار المنصِّرين في جنوب أفريقيا، وكانت الكنيسة تغدق عليه الأموال حتى أصبح غنيًّا وله مكانته المرموقة بين القساوسة.
نستمع إليه في المحطّة الأخيرة من هذا المشهد يروي جانبًا من قصّته..
يروي سيلي قصته فيقول: ذهبت يومًا لأشتري بعض الهدايا من المركز التجاري في بلدتي وفي السوق قابلت تاجرًا يبيع الهدايا، وبعد أن اشتريت ما أريد من هدايا فإذا بالتاجر يسألني: أنت قسيس.. أليس كذلك؟ فقلت له: نعم! فسألني: من هو إلهك؟ فقلت له: المسيح هو الإله! فقال لي: إنني أتحداك أن تأتيني بآية واحدة في (الإنجيل) تقول على لسان المسيح -عيسى عليه السلام- شخصيًّا إنه قال: (أنا اللَّه، أو أنا ابن اللَّه) فاعبدوني! فإذا بكلمات هذا الرجل تسقط على رأسي كالصاعقة، فلم أستطع أن أجيبه وحاولت أن أعود بذاكرتي وأغوص بها في كتب الأناجيل وكتب النصرانية لأجد جوابًا شافيًا فلم أجد!! وبالفعل لم تكن هناك آية واحدة تتحدث على لسان المسيح وتقول إنه هو اللَّه أو إنه ابن اللَّه! وأسقط في يدي وأحرجني الرجل! كيف غاب عني مثل هذه التساؤلات؟ ثم صمَّمت على البحث عن مثل هذه الآيات مهما كلَّفني الأمر، ولكنني عجزت وهُزمت! فذهبت للمجلس الكنسي وطلبت أن أجتمع بأعضائه، وفي الاجتماع أخبرتهم بما سمعت وطلبت منهم أن يردّوا على تساؤله فلم يُجب أحد!
ومن هنا يبدأ القسيس سيلي مسيرته في البحث عن الحقيقة حتى يدلّه اللَّه عزّ وجلّ ويرشده في النهاية إلى دين الحق، ولكن من طريق عجيب لم يكن متوقَّعا أبدًا! يا ترى ما هو هذا الطريق؟! نعتذر عن عدم سردنا بقية قصة هذا الرجل هنا، ولكن يمكن الاطلاع على هذه القصة الواقعية كاملة وعلى لسان القسيس سيلي نفسه في قسم "دين الحق".
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك