هو حـسـين بن أحمد بن حسـين ( قحم ) بن محمد ( فقيه ) بن أحمد بن عبده بن أحمد بن النجم بن علي بن محمد بن عبدالله آل الأسدي ... ينتهي _ كما يروي سلفنا _ إلى الصحابي الجليل " عُكّاشةَ بن مِحصَنَ بن حُرثان الأسـدي " حليف بني عبد شمس من قريش رضي الله عنه .
وُلِدَ في قرية ( النَجَامِيَة ) بمنطقةجازان عام 1343هـ ، ونـشأ في حِجرأبوين كريمين ، كان والده الذي هو شيخ القبيلة يُزاول الحَرث والزراعة وتربية الماشية كعادة أهل البَلَد - المنطقة - الذين يعيشون على استصلاح الارض وزراعتها وإسـتثمارها وكذلك رَعي وتربية الماشـية التي كانت شِـريان الحياة وقُوام الاقتصاد .
أدخله وَالِده مِنذ الصِغرمدرسـة الكتاتيب بمسجد القرية ، ختم فيها القرآن الكريم وجَوّدَه ، بعد أن تلقّى مبادئ القراءة والكتابة ، ثم أخذ الأصول الثلاثة مع فقه الصلاة والاربعين النووية ، وشـيء من علم الحسـاب وغيره ،
وَاصَل بعدها دِرَاسَـة حُرّة دينية ولُغة عربية على طريقة المشايخ التقليدية في الكُتّاب وحَلقات الذِكر في المسـاجد ومجالس العلماء لا تخضع للخُطط والمناهج الحديثة ولا تَتَقيّد بزَمَن مُحَدّد على بعض الفقهاء والمشـايخ الموجودين في القرية و منهم عبده بن محمد بن عقيل بن أحمد النجمي و عبده (الفقيه) بن إبراهيم بن أحمد بن حسـن النجمي وغيرهما .
وكان في رَيْعَان شَـبابه إضافة إلى اهتمامه بطلب العلم والاقبال عليه قد اشـتغل كغيره ممن هم في مثل سِـنّه من أقاربه ورِفاقه بالرَعي والزراعة مع التجوّل في الأسـواق الشعبية الاسبوعية والحَمل على الجِمال ونقل وبيع وشـراء المحاصيل الزراعية (الحبوب والثماروالأعلاف) والمواشي وغيرها، والتكسُّـب فيها، وامتلاك الاراضي الزراعية واستصلاحها واستثمارها .
إلا أنه عند قُدوم الدَاعِية الشـهيروالمُصـلِح الكبير الشـيخ عبدالله بن محمد القرعاوي رحمه الله إلى المنطـقة عام 1358هـ ، واقامته بمدينة صامطة ومباشـرته الدعوة إلى الله تعالى ، وقيامه بنشر العقيدة السَلَفِيّة الصحيحة ، ونشـاطه لتصحيح العقائد المنحرفة ، والقضاء على المعتقدات والأفكار الضالّة وإزالة البِدَع والمُنكَرَات ومحو الجَهل والخرافات ، وجلوسـه لتفقيه الناس وتعليمهم ، وتوعية المجتمع و نُصحِهم وارشـادهم وتوجيههم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المساجد وأماكن العمل ومواقع التجمّع والاسـواق وبِدُكان صغير افتتحه بمدينة صامطة ، ثم انشـاؤه المدرسـة السَـلَفِيّة في صامطة عام 1359هـ، فرّغه وَالِده مع عدد من النابهين من أبناء القبيلة في مُقدّمتهم ابني خالته الشيخ حسن بن محمد بن شبير النجمي والشيخ حسين بن محمد بن شبير النجمي وابن اخيهما الشيخ أحمد بن يحي بن محمد بن شبير النجمي ، وكذا ابن عَمّه علي بن علي بن حسين النجمي وغيرهم ، و وَجّهه للمُسـارعة في الاتصال بالشيخ القرعاوي والالتحاق بمدرسـته والجلوس إليه والانتظام في حَلَقاته والاسـتماع لدروسـه فأخذ عنه في العقيدة والقرآن الكريم وعلومه والتفسـير وأصوله والسُـنّة النبوية وعلومها والفقه وأصوله والفرائض والسيرة النبوية والتاريخ والعربيّة وغيرها مِن العُلُوم والفنون والمعارف المختلفة أصولاً وفروعاً بَين مَتن وشـرح وحاشـية وتعليق ومُختَصَر ومُطَوّل نثراً ونَظماً دِرَاسَـة ومُناقَشَـة وضَبْطاً وتَقْيِيداً ، بَدْءً من عام 1359هـ ، و فتح الله عليه في عِلم الفَرَائِض (التركات والمواريث) فَبَرَعَ وتَقَدَّمَ فِيه حتى فَاق الأقران .
وكان قد قَام مع وَالِده و رِفَاقه وزملائه من كِبَار طَلَبة الشيخ مِن أبناء القرية وأعيانها بدعوة الشيخ القرعاوي لزيارتهم في القرية فاجَاب دعوتهم ، وسـاهموا معه في افتتاح المدرسـة السَـلَفِيّة بقرية النَجَامِيَة عام 1360هـ ودَعموا نشاطه فيها فيما بعد .
شَـارَك بعد التخرّج في المدرسـة عام 1365هـ بالتدريس تَطَوُّعاً في المدارس السَـلَفِيّة بصامطة والقُرى التابعة لها ، التي كان الشـيخ القرعاوي قد إفتتحها آنَذَاك ، إضافة إلىالمشـاركة في الدعوة إلى الله تعالى و المسـاهمة في التوجيه والإرشـاد وإصلاح وتوعية المجتمع ، والأمر بالمعرُوف والنَهي عَن المُنكَر ، مع اسـتمراره في الأخذ عن الشـيخ عبدالله القرعاوي والشـيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمهما الله .
ثُمّ عُيِّنَ رَسـميّاً في هذه المدارس بناءًعلى إيعاز مِن الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ضِمن مجموعة مِن أوائل خِرّيجِي المدارس السَـلَفِيّة ( مَدَارِس الجنوب ) رَشّـحَهم شـيخهم عبدالله بن محمد القرعاوي للعمل في الوظائف الحكُومِيّة في مجال القضاء والتعليم والدعوة إلى الله والوَعظ الإرشـاد وإمامة المساجد والخطابة في الجوامع والأمر بالمعرُوف والنَهي عَن المُنكَر فأتى تعيينه على وظيفة مُعّلَم بمدرسـة قرية المَجَنّة اعتباراً من 1/ 2 / 1367هـ بالأمر رقم 644 وتاريخ 1 / 7 / 1367هـ في عهد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سُـعُود ، برَاتِب قَدرُه ثمانمائة وثمانون قِرشـاً - أي ما يساوي ثمانون ريالاً - ثُمّ كُلِّفَ بالعمل كعُضو في مركز هيئة الأمر بالمعرُوف والنَهي عَن المُنكَر بالمُوَسَّـم في عام 1372هـ ، وأُسـنِدَت إليه بَعدها الإمَامَة والخَطَابَة في جَامِع قرية الحَورَانِي بقِطاع المَسَـارِحَة في عام 1373هـ ، اشـتغَل اضافة إلى التدريس بالمراقبة والتجوّل على تلك المدارس بِصُحبَة الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله، واسـتمرّ في ذلك حتى 30/1/1373هـ.
و في مُستَهَلّ عام 1374هـ إفتـتحت الإدارة العامة للكُليات والمعاهد العلمية – التي كان رئيسها العام آنَذَاك المُفتِي العام للمملكة الشـيخ محمد بن إبراهيم آل الشـيخ رحمه الله - أَوَل مَعهد عِلمي بالمنطقة الجنوبية (المعهد العلمي في صامطة) إلتحق بِه و بصحبة مَدِيره الشيخ حافظ بن أحمد بن علي الحكمي ، مع مجموعة مِن زملائه كالشيخ محمد عثمان نجار مباركي والشيخ ناصر خلوفة طياش مباركي رحمهم الله ، والشيخ أحمد بن يحي بن محمد النجمي ، مِن 1 / 1 / 1374هـ ، مُرَاقِباً برَاتِب قَدرُه ( 310 ) ثلاثمائة وعشـرة ريالات ، ثم صُنِّفَ في 18 / 2 / 1376هـ على وظيفة مُدَرّس برَاتِب قَدرُه ( 525 ) خمسمائة وخمسـة وعشرون ريالاً ، ثُم عُدّلَت وظيفته إلى رئيس مراقبين براتب قدره ( 650 ) سـتمائة وخـمسون ريالا مِن 20/7/1381هـ ، ثُم مأمـور ملفات مِن 4 / 5 / 1384هـ براتب قدره ( 700 ) سـبعمائة ريال ، ثم صُنّفَ أخيراً على وظيفة مُدَرّس اعتباراً مِن 15/ 8 / 1385هـ براتب قدره (800) ثمانمائة ريال ، واسـتَمَرّ مُتَرَقِّياً ، فَدَرّس القرآن الكريم تِلاوَةً وحِفظاً والتجويد والفقه والفرائض والسيرة النبوية وتاريخ الخُلفاء وغير ذلك ، إضافة إلى تكليفه ببعض الأعمال الإدارية والإشـرافية وكذا المشاركة في لجان الاختبارات ونحوها . ومع إختلاف مُسَـمّى الوظيفة إلاّ أنه لم يُفَارِق التدريس طُوَال فترة عَمله بالمعهد خاصة تدريس علم الفرائض الذي أتقنه و بَرَعَ فيه حتى وُصِفَ بالضُلُوع والتَبَحُّر فيه واشتُهِر به ، والقرآن الكريم الذي عُرِفَ عنه إجَادة تِلاوته والمهارة في تدريسـه مع تَمَكُّنِه في عِلم التجويد وتحقيقه له في التلاوة وإتقان أحكام الغُنّة والمُدُود وتطبيقاتها ، اسـتفاد مِنه كثير مِن طُلاّب العِلم في المعهد وخارجه .
وبقي يَعمل جَاهِداً في ذلك تحت إدارة الشيخ حافظ الحكمي في حياته إلى أن انتقل الشيخ حافظ إلى جِوار رَبّه وخَلَفَه في إدارة المعهد شـقيقه الشيخ محمد بن أحمد الحكمي الذي استمر في عمله بالمعهد حتى أُحيل إلى التقاعد في 1 / 7 / 1406هـ بعد أن أُعفِي من إدارة المعهد بناءاً على رغبته .
ووَاصَل الشيخ حسـين العمل بالمعهد تحت إدارة الشيخ إسـماعيل بن محمد الشعبي ، مٌلتزمَاً التبكير في الحضور إلى العمل ولم يُذكر عنه أن تَخَلّفَ أو تأخر أو خَرَج أثناء الدوام الرسـمي في غير مصلحة العمل إلا لِعَارِض ، مُجتهِداً في مُتابَعة طُلابه وتوجيههم . إلى أن أُحِيلَ إلى التَقَاعُد في 1 / 7 / 1408هـ عِند بُلوغه السِـن النظامية ، بَعدَ أن مُـدِّدَت خِدَماته خَمس سـنوات مِن 1 / 7 / 1403هـ .
وقـد أمضى في حقـل التعـليم أكـثرمن إثنتين وأربعين سـنة ، حَافِلَة بالجِدّ والاجتهاد مليئة بالنشاط والمثابرة عَامِرَة بالتعاون والتفاهم مُتَوّجَة بالمآثِر والإنجازات ، مَتَحَلّياً بالحَزم مُتجَمّلاً بالصَبر حَرِيصاً على الدِقّة والضَبط مُعتَمِداً على التخطيط السليم والتنظيم الجَيّد والمتابعة الجادّة والتقويم المستمِر . تخَرّج على يَدَيه فِيها آلاف الطُلاّب الكثير منهم وَاصَلَ الدِراسَـة وتَابَع التعليم فيما بعد وتَرَقّى فِيه حتى حَصَلَ على شِـهادات عُليا في تخصصات مختلفة ، وعملوا في خِدمَة الوَطَن والأُمّة ، وتَقلّدُوا مَنَاصِب مَرمُوقَة ومواقع هامة ومراكز متقدّمة في مختلف قطاعات الدولة منهم وكيل الوزارة وعضو مجلس الشُـورى، وعضو هيئة التحقيق والإدعاء العام ، وعضو هيئة الرقابة والتحقيق ، وعضو هيئة تمييز الأحكام الشرعية ورئيس المحكمة والقاضي وكاتب العدل والضبط ، وعضو ديوان المظالم ، والداعية والمُرشِـد والواعِظ ، وعضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأسـتاذ الجامعة ومديرالتعليم و مدير و وكيل المدرسـة أوالمعهد و المشرف التربوي و المدرّس والمربّي ، والمدير العام ورئيس القسـم والاداري والموظف ، والضابط والعسـكري ، وعضو مجلس المنطقة ، والأديب والكاتب والاعلامي والمثقف وغيرهم في المنطقة وخارجها ، كُلهم يَشـهد له بالفَضل ويذكُره بالطِيب ويُثني عليه بالخَير ، ويُشِـير إليه بالتقدّم و يُقدّره ويحترمه ، و لا زالوا يزُورُنه ويتصلون به ويسألون عنه في كل مُناسَبة ، مُقدّمِين له خدماتهم كُلّ في مجال عمله وَفاءً ، ويَدعُون له بالأجر والثواب مِن الله ويتمنون له دَوَام الصِحّة وطُول الأجَل .
وكان طُوال فترة عمله محل إعجاب وتقديرالمسئولين في جامعة الإمام محمدبن سعودالإسلامية (المعاهد العلمية) وغيرها ، وقد دعته الجامعة لحضورالحفل السنوي الأول لتكريم المتقاعدين من منسوبيها الذي أقيم في رِحَاب المدينة الجامعية بمدينة الرياض يوم الاثنين 17/10/ 1409هـ برعاية معالي مديرها الاستاذ الدكتور/ عبدالله بن عبدالمحـسن التركي ، وتم مَنحُه شِـهادة شـكر وتقدير على إنجازاته وجهوده وخدماته ، كما جرى تكريمه أيضاً بالمعهد العلمي في صامطة أثناء الاحتفال الذي أقيم يوم الاثنين 8 / 8 / 1418هـ لتكريم المتقاعدين من منسوبي المعهد على شرف سعادة وكيل جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية لشئون المعاهد العلمية وبحضور سعادة وكيل أمارة منطقة جازان و رؤساء ومديري الإدارات والأجهزة والمصالح والمؤسسات الحكومية وكِبار المثقفين وأعضاء مجلس المنطقة ورجال التربية والتعليم فيها .
ويعتبرالشـيخ اسـتاذاً في القرآن الكريم تِلاوَةً وتجويداً ، وهو فَرَائضِيٌّ مِن الطراز الأول ، كواحد مِن العلماء المشهورين في علم الفرائض (التركات والمواريث) والمشهود لهم بالبراعة والتقدّم والنبوغ في هذا الفن على مسـتوىالمنطقة ، وله فيه املاءات ، ومجلسه العامر مفتوح للسائلين والمستفتين في مسائل الفرائض وحساب المواريث وتفريضها وقسمة التركات وتوزيعها ، وحَلَقَته الدِرَاسِيّة قائمة في مسجده جوار داره في مسقط رأسـه بقرية النجامية يرتادها كثير من طَلَبة العلم ويقعد إليه فيها المهتمين والمستفيدين من عِلمه وخِبرته في الفرائض ، وما زال مرجعاً لبعض القضاة والمدَرّسين وطالبي العلم الذين يُسعدونه بالمطالعة والاستذكار والمناقشة في هذا الفن .
والشيخ بعد إحالته إلى التقاعد رَغِب عن كل ما عُرِض عليه من الأعمال والمناصب مع أنه من القلائل المشهورين في تقسيم الفرائض وحساب المواريث وتوزيع التركات ، وأحد الأعضاء الذين يتم اختيارهم من قِبَل الجهات الرسمية للنظر في بعض القضايا والمشكلات التي تقع بين الناس وتسوية خصوماتهم والإصلاح بينهم و فَضّ المنازعات حول حدود الأراضي ومَسَاقَي السُيول لخبرته في قِياس وذَرع الأراضي وتقسيمها ، وكذا مشاركته في خَرص وتقدير زكوات الحبوب والثمار ، ونَظرُه في ذلك دقيق ورأيه صائب وقوله مقبول ، مع رِفعة في الأدب وطِيب في التعامل وصِدق في الحديث وحُسن في الخُلُق حتى أنه قد يُرافق الشخص الذي يختلف معه في أمر من الأمور إلى المحكمة لمقاضاته ثم بعد انتهاء الجلسة يصطحبه معه إلى البيت لتناول الطعام ويُصِرّ على ذلك دُون نظر إلى نتيجة الحُكم .
و الآن لا عَمل له مع قِيامه في إمامة مَسجده الذي بَنَاه في القرية ، سِـوى فِعل الخير والدِلالة عليه السَعي فيه، والصُلح بين الناس ، اضافة إلى تكليفه باجراء عُقُود النِكَاح في القرية وما حولها ، ولا هَمّ له اليوم إلاّ العمل لما فيه مصلحة قبيلة النجامية التي أُسنِد إليه أمرها كعريفة لقرية النجامية بأمر من وزارة الداخلية بُني على توصية أمارة منطقة جازان التي اعتمدت على ترشيح واختيار من وُجهاء وأعيان القبيلة وإجماع أفرادها على تقديمه بَعد وَفَاة وَالِده رحمه الله في 27/ 5 / 1407هـ ، فقام بدَوره خير قِيام ، وكان عَوناً لوُلاة الأمر على الاستقرار واسـتتباب الأمن في القرية .
وهو مَحَلّ تقدير وثناء كُلّ مَن عَرَفَه أو التقى به أو أخذ على يديه ..
أطَال الله في عُمره على طاعته ومَتّعَه بالصِحّة والعافية ...
منقول
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك