جُملتينِ قصِيرتينِ، ليس فيهما إلا ستُّ كلماتٍ، لكنَّها حوت من المعاني مجلدات.. وهكذا هو أسلوبُ القرآنِ العظِيمِ: وتلك هي بلاغتهُ وروعتهُ، وجمالهُ وبراعتهُ.
﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾.. تعبيرٌ مُوجزٌ، وبيانٌ مُعجِز.. فيهِ من قوةِ المشاعِرِ المتبادَلةِ، وحميميةِ الوِصالِ والمغازلةِ، ما لا تجدهُ في روايةٍ غرامِيةٍ مُطولةٍ.. ودُونَ أن يستخدِمَ الفاظاً فاضِحةً، أو إيحاءاتٍ غراميةٍ خادِشةٍ.
﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾.. تصويرٌ بديعٌ بليغٌ، في غاية الرُّقيِ والعِفةِ، وفي مُنتهى الدِّقةِ والحِشمةِ.
وإذا كان كِلاهما للآخر لِباسٌ، فلا بُدَّ في اللباسِ من تناسُبِ المقاسِ.. ولا بُدَّ أن يكونَ تبادُلَ المسؤوليةِ هو الأساسُ.. ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ لِباس.