قال رحمه الله: قيل أول ما نزل للرسالة: ﴿ يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴾ [المدثر: 1] [2]، وللنبوة ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾، فإن العلماء قالوا: قوله تعالى ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾، دالٌّ على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبوة عبارة عن الوحي إلى الشخص على لسان المَلَك بتكليف خاص، وقوله تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ ﴾ [المدثر: 1، 2] [3]، دليل على رسالته صلى الله عليه وسلم؛ لأنها عبارة عن الوحي إلى الشخص على لسان الملك بتكليف عام[4].
﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ﴾ [العلق: 6]
قوله صلى الله عليه وسلم في مثل الدنيا: "إنَّ مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا"[5] في قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق: 6، 7] [6]، وقوله: ﴿ إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ ﴾ [محمد: 36] [7].
قال رحمه الله: تكون "كلّا" بمعنى "ألا" فيستفتح بها الكلام، وهي على هذا حرف، وهذا مذهب أبي حاتم[8]، واستدل على أنها للاستفتاح أنه روي أن جبريل نزل على النبي ع بخمس آيات من سورة العلق ولما قال: ﴿ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 5] [9]، طوى النمط، فهو وقف صحيح، ثم لما نزل بعد ذلك: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ﴾ [العلق: 6] فدل على أن الابتداء بـ "كلّا" من طريق الوحي، فهي في الابتداء بمعنى "أَلَا" عنده[10].
﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ﴾ [العلق: 9]
قال رحمه الله: إذا دخلت "الهمزة" على "رأيت" امتنع أن تكون من رؤية البصر أو القلب، وصارت بمعنى: أخبرني، كقولك: أرأيت زيدًا ما صنع! في المعنى تعدّى بحرف، وفي اللفظ تعدى بنفسه، ومنه قوله تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى ﴾ [العلق: 9، 10] [11].
[4] البرهان: معرفة أول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل 1/ 148.
[5] رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري ت، كتاب الزكاة - باب الصدقة على اليتامى، ص/ 356، رقم الحديث 1465، ومسلم، كتاب الزكاة- تخوف ما يخرج من زهرة الدنيا، ص/ 464، رقم الحديث 1052.