﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ﴾: وفي آية الأعراف: ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ﴾ [الأعراف: 162]؛ أي: فبدَّل الذين ظلموا بمخالفتهم ومعصيتهم، والتبديل: جعل شيء مكان شيء؛ أي: فجعلوا مكان القول الذي أُمِروا أن يقولوه بقوله: ﴿ وَقُولُوا حِطَّةٌ ﴾ [البقرة: 58]، جعلوا مكانه قولًا غيره، فقالوا: "حبة" أو "حبة في شعرة"؛ مخالفةً واستهانة بأمر الله، ودخلوا يزحفون على أستاههم؛ أي: على أدبارهم؛ استكبارًا منهم واستهزاء.
فبدَّلوا القول والفعل؛ ولهذا استحَقوا الحكم عليهم بالظلم ووصفهم به.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة، نغفر لكم خطاياكم، فبدَّلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم، وقالوا: حبة في شعرة))[1].
وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون: ((إن هذا الوجع أو السقم رجزٌ عذِّب به بعض الأمم قبلكم))[2].
﴿ مِنَ السَّمَاءِ ﴾: المراد بالسماء العلو؛ أي: من فوقهم، كالصاعقة والبرد والريح والحجارة، وغير ذلك، وقيل: الطاعون، وكل ذلك نازل من السماء إما واقعًا وتقديرًا، وإما تقديرًا، كما قال عز وجل: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22].
﴿ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾: الباء للسببية، و"ما": مصدرية؛ أي: بسبب فسقهم، والفسق: الخروج عن طاعة الله تعالى؛ أي: بسبب خروجهم عن طاعة الله تعالى وظلمهم عوقبوا بما ذكر، كما قال تعالى في سورة الأعراف: ﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف: 162]، فوصَفَهم الله عز وجل بالفسق والظلم، وحكم عليهم بذلك بسبب تبديلهم قولَ الله عز وجل.
[1] أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء (3403)، ومسلم في التفسير (3015).
[2] أخرجه البخاري في الحيل (6974)، ومسلم في السلام (2218)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه.
الألوكة
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك