وهو من أخطر الكبائر التي يعجل الله عليها العقوبة
قال تعالى : " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة
والله يعلم وأنتم لا تعلمون " ( النور : 19 )
فقوله سبحانه : " لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة "
دليل على أن قذف المسلم واتهامه بما هو بريء منه
أو إشاعة ما تاب منه من السيئات وكشفها ونشرها بين الناس
من أسباب نزول العذاب المؤلم الغليظ العنيف
والعاقل الذي يطلب السلامة في الدنيا والنجاة في الآخرة هم من كف لسانه عن خلق الله
فلا يتتبع عوراتهم ، ولا يجرؤ على اتهامهم بل يذود عن كل ما يسمع عنه من السوء بغير موجب
ولا دليل ليرد عنه موطن بحب أن ينصر هو فيه
كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم :
" من رد عرض أخيه رد الله عليه وجهه من النار يوم القيامة " ( رواه الترمذي وحسنه )
ولطالما أوقع إبليس الكثير من الناس في الوقوع في أعراض المسلمين
والنيل منهم في دينهم وعرضهم بل وحتى شكلهم وأحوال بيوتهم
وهذا لا يعجب منه من نوره الله بالفقه في دينه
فإن عامة أهل النار إنما دخلوها بغفلتهم عن خطورة اللسان وآفات الكلام والبهتان
وقد نهى الله جل وعلا عنه بقوله : ويل لكل همزة لمزة "
والهمز أيضا يطلق على الغيبة
والجامع بين الهمز والغيبة هو ذكر المعايب بينما يفترقان في طريقة عرض تلك المعايب
ولذلك فإن الهمز واللمز نوع من أنواع الغيبة ، وكلاهما في الويل يوم القيامة ، والويل واد في جهنم
والرجل الهمزة رجل مغرور بفطنة جوفاء يظل يتمرس على أسلوب الغيبة
بالإشارة وإدخال المعاني في قوالب المباني ويجهد نفسه في اختيار الأمثال ليظفر بإيذاء الناس
في المجالس مع طلب براءة الحال
وهو في كل ذلك يطلب لنفسه الشقاوة ويجلب لنفسه التعاسة والندامة
فهو الموعود بالويل ولا فطنة لمن يطرق أسباب الويل
ولذا أخي الكريم .. احذر من الغرور .. وتذكر أن الفطنة كل الفطنة في أن تكف عليك لسانك
وألا توظف رموش عينيك في إيذاء خلق الله ولا أطراف أصابعك في تعيبهم ولا صفحات وجهك في التنقيص من شأنهم .
فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منهم ،
كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها ، إذا أؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ،
وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر " ( متفق عليه )
وعن أبي بكر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ،
قلنا : بلى يا رسول الله ،
قال : " الإشراك بالله وعقوق الوالدين ،
وكان متكئا فجلس فقال : " ألا وقول الزور ! فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت " ( متفق عليه )
فاحذر أخي المسلم من الوقوع في براثنها وتذكر أن الله وهبك نعمة اللسان لكي تسخرها في عبادته
وطاعته وتستثمرها في أعمال الخير والبركة لتكون لك نجاة يوم القيامة
فكيف يتقي المسلم شر لسانه وكيف يوظفه لصالحه .
فهو من أفضل الأعمال وأزكاها عند الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن ، سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم " ( رواه البخاري ومسلم )
ولو تأملت أخي الكريم في كثير من الأذكار ومدى خفتها على اللسان
وما أعده الله لأهلها من الثواب
لعلمت أن توظيف اللسان في ذكر الله من أعظم النعم التي ينبغي للعاقل الحرص عليها
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة !
فسأله سائل من جلسائه : كيف يكسب ألف حسنة ؟
قال : " يسبح مائة تسبيحه ، فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة " ( رواه مسلم )