يا عباد الله! فباب التوبة مفتوح، والله غفور لمن تاب وآمن، ومن تاب تاب الله عليه، وقد استقرت حكمة أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين: أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وقد ضمن الله تعالى لمن تاب من الشرك، وقتل النفس، والزنا؛ أنه يبدل سيئاته حسنات، وهذا حكمٌ عامٌ لكل تائبٌ من ذنب إذا أقلع وتاب إلى الله، وعزم على عدم العودة إلى الذنوب فإن الله يتوب. أبشر أيها العاصي فإن باب التوبة مفتوح، وربك يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، وباب التوبة مفتوح ولن يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها أو يأتيك هادم اللذات.
فأنت أيها العاصي لا تدري متى يهجم عليك الموت، هل يهجم عليك وكأس الخمر في يدك؟! هل يهجم عليك وأنت راكبٌ على ذكرٍ مثلك؟! هل يهجم عليك وأنت تعاني من السكر؟! هل يهجم عليك وأنت تمارس جريمة الزنا؟! هل يهجم عليك وأن تتسلق بيوت المسلمين لتسرق منهم؟! أيها العاصي! فمتى تتوب؟! هل عندك من الموت إنذار؟! هل عندك صكٌ في طول حياتك؟! أو في عدد مدتك التي تعيشها في هذه الحياة؟! لا والله، ثم لا والله، بل ملك الموت يأتي من دون إنذار. أيها العاصي! احذار أن تضع نفسك في موضع من يندم حين لا ينفع الندم، واحمد اللَّه أن أمهلك وأحياك صحيحًا معافًى، واليوم لا يزال باب التوبة مفتوحًا، وقد يغلق غدًا (بغتة) أو بقيام الساعة، أو أن يختم اللَّه على قلبك والعياذ بالله فيحال بينك وبين التوبة وتموت مفتونًا. أيها العاصي! يا أخي المذنب سارع إلى التوبة؛ فأنت المنتفع الأول بها، ولا تنخدع بسراب اسمه طول الأمل: الأمل في أنك ما تزال شابًا وأنك ستتوب بعد حين: بعد أن تحج، أو بعد أن تتزوج، أو بعد أن تستمتع بشبابك؛ لأن الموت يأتي بغتة، والله تعالى يقول: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض [آل عمران: 133]، وقد عدَّ العلماء تأخير التوبة من الذنوب - عدُّوه ذنبًا جديدًا تجب التوبة منه.ولا تغتر يا أخي العاصي بحلم اللَّه؛ لأن اللَّه يمهل ولا يهمل، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «ويتوب اللَّه على من تاب». رواه البخاري
فتب إلى الله أيها العاصي، واسمع قول الله: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]. ويقول أيضاً في البشارة: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]
ويقول الرب جل وعلا: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً [الفرقان:70] فما تبدله يا ربنا؟ فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70] ثم زدنا يا ربنا من هذه البشارة! وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً [الفرقان:71] ورسول الهدى صلى الله عليه وسلم يقول: (التوبة تجب ما قبلها).
اللهم ارزقنا توبة نصوحاً.
اللهم ارزقنا توبة صادقة تطهر بها قلوبنا، وتمحص بها ذنوبنا.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك