الحجات مصطلح اطلقه المكيون على النساء الافريقيات اللاتي يبعن ويعملن ويتجولن في الشوارع المكية وخاصة الكبيرات في السن واستمر هذا المصطلح حتى يومنا هذا وكانوا في الزمن السابق البعيد يطلقون عليها (الفقيها) وذلك لوجود بعض منهن يدرسن القران الكريم ما لبث ان اختفى هذا اللقب الشريف واستبدل بلقب شريف اخر وهو
( الحجة)
وقد وجدن تلك الحجات قبول لدى المكيين فيُعطف عليهن ويلاطفن قولا وفعلا ولم يجدن ما يسوئهن من سكان مكة المكرمة الكرام بل ووجدوا المحبة ورحابة الصدر
وقد كان الحجات في السابق متخصصات في بيع (الفصفص) وهو بزر الحبحب المصري والقرع والذي يطلق عليه (فصفص دبا) وكذلك بيع (اللوز )وهو الفول السوداني ويلحق بذلك بعض الامور (كالحبحبو )(والحمر الجاوي) وبعض الحلويات ( كاحلاوة باكوره ) وغيرها
وقد كان الحجات يتمركزن امام المدارس والمستشفيات الكبيرة والاسواق التجارية وفي الاماكن العامة وبجوار الحرم الشريف
وكان بعضهن يجبن الشوارع وينادين فصفص لوز واستمروا ردحا من الزمن ثم بدأن يختفين من هذه المهنة الشريفة العفيفة التي تامن لهن لقمة العيش الحلال
واتجهن في بيع (القورو) وهو ثمر مر الطعم يجلب من افريقيا يقال انه يصلح لمرضى السكر وكان زبائن هذا الثمر من الافارقة ما لبث ان اصبح مطلب لكل طبقات المجتمع من مواطنين ووافدين حتى ارتفع سعره و اصبح سعر الحبة يتجاوز العشرة ريالات في حين ان سعره كان لا يتعدى ريالا واحد
ثم قامت بعض الحجات ببيع الاقمشة وادوات النحاس ونحو ذلك وهن يجبن الشوارع والحارات المكية
وتمركز كثيرا منهن حول المسجد الحرام يبعن حب الحمام ويفترشن بسطات صغيرة تحتوي على بعض
هدايا الحجاج في غفلة من البلدية مجاهدين انفسهن لطلب الرزق
وقد عمل بعض تلك الحجات في خدمة البيوت في فترات متباعدة ولا تزال بعضهن مستمرات في ذلك العمل حتى وقتنا الحاضر كاسبين رزقهن من عملهن الشريف الحلال
وبعضهن عملن في جمع علب المشروبات الغازية الفارغة من الشوارع ولكن الان وجدوا منافسين اقويا
وهم عمال البلدية الذين تخصصوا بجمع كل ما يصلح جمعه من القمامة فارضين على الجميع احقيتهم في ذلك
ومن الاهمية بمكان ان نشير الى محافظة الحجات وخاصة القديمات منهن على اداء الصلوات في اوقاتها
وتعجب اشد العجب من وضوئهن في مقدار كاس ماء وضوء كاملا غير منقوص ضاربين اروع المثل في المحافظة على المياه من الهدر والضياع
وكذلك اتصاف الحجات بالامانة وعدم اخذ ما ليس لهن والصدق في المعاملة وخاصة القديمات منهن
وان المكيين يلاطفون الحجات بالكلام والمزاح الخفيف ويحيهن بلغتهن الجميلة (سنوا العافية ) فتجيب الحجة (لافيه لو) وبكلام مكسر جميل وعادة من يتكلم معهن يكلمهن بنفس تكسير كلامهم لذلك لم
تنصلح لغتهم المكسرة التي ينطقون بها لان الرد كالقول وتجد الحجة متقبله المزاح بضحكة بريئة
وقد كان الحجات ولا زلن وسيضلون مصدر احترام وتقدير لدى المكيين رابطهم في ذلك الدين الاسلامي الحاث على التاخي والعطف على الفقير والمسكين وذي الحاجة.
*منقول
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك