السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسمـ الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين
من مات وعليه صومٌ واجبٌ سواء كان عن نذرٍ أو كفارةٍ أو عن صوم رمضان، وقد تمكن من القضاء، ولم يقض حتى مات، فلوليه (1) أن يصوم عنه، فإن لم يفعل أطعم عنه لكل يوم مسكيناً، وهذا قول الشافعي في القديم (2) ، واختاره النووي (3) ، وابن باز (4) ، وابن عثيمين (5) .
الأدلة:
1- عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من مات وعليه صيام، صام عنه وليُّه)) (6) .
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الدارقطني | المصدر : سنن الدارقطني
الصفحة أو الرقم: 2/419 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
وجه الدلالة:
أن قوله: ((صام عنه وليه)). خبر بمعنى الأمر، لكنه ليس للوجوب (7) .
و(صيام) هنا نكرة غير مقيدة بصيام معين.
2- عن ابن عباس رضي الله عنهما ((أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنه كان على أمها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ فقال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحق أن يقضى)) (8) .
عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ الله عَنْهَا- أَنّ رسول اللهِ -صَلّىٰ الله عَلَيْهِ وَسَلّم- قال : « مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ » .
الذي عليه الصوم إما أن يكون :
1- قضاء من رمضان .
2- أو نذر نذره .
3- أو كفّارة مثل كفارة الجماع أو الظهار أو قتل خطأ .
فهذه الثلاثة أنواع من أنواع الصوم .
قوله : « مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ »
قوله : « مَنْ » اسم شرط يفيد العموم ،سواء كان الميت رجلًا او امرأة .
وقوله : « مَاتَ » يخرج الحي فلا يصوم الحي عن الحي وانما يصام عن الميت وهذا الذي اختلف العلم هل يصام عنه او لا يصام عنه
قوله : « وَعَلَيْهِ صَوْمٌ » نكره منهم من يقول في سياق الشرط وتفيد العموم سواء كان هذا الصوم قضاء أو نذراً أو كفارة ،فمن مات وعليه صوم واجب «صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ » .
مسألة :- متى يكون عليه الصوم ؟
بالنسبة للنّذر والكفّارة واضح ،اما القضاء ففيه تفصيل :
الحالة الأولى: إذا مات الذي عليه صوم قبل أن يتمكن من القضاء فليس عليه شيء .
مثال : رجل أوامرأة حائض افطرفي العشر الآواخرمنرمضان لعذر مرض او المرأة حاضت فانصرم رمضان ولما كان اليوم الثاني من شوال مات ؛ فليس عليه شيء ، ولا على أولياءه شيء لأنّ الله يقول:﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾سورة البقرة الآية 184
من تمكّن من القضاء فعليه أن يقضي ،لكن من لم يتمكن فهذا لم يجب عليه الصوم ،لأنه لم يتمكن من الأيام الأخر لكن من كان مرضه مرضاً طارئاً ثم عافه الله من المرض ، أو مسافر ثمّ أقام ، وبقي فترة كان فيها متمكناً بعد قيامه من مرضه ، أو بعد أقامته من بعدسفره ،كان قادراً على القضاء لكنّه أخر القضاء ، لأنّ قضاء رمضان على التراخي على الراجح من أقوال أهل العلم وليس على الفور ؛ تمادى به المرض فمات في محرّم أو في ذي الحجّة ،تمكّن من القضاء ولم يقضي فهذا الذي يقال مات وعليه صوم .
الحالة الثانية: لو كان مرضه مزمناً واتصل به المرض حتى مات هذا ليس عليه صوم وإنما عليه اطعام عن كل يوم مسكيناً لقوله تعالى : ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾سورة البقرة الآية 184 لقراءة ابن عباس : ﴿ وَعَلَى الذين يَطوّقونه ﴾ بالتشديد .
وأما من المراد بقوله «صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ » صام معناه أي ليصم صام ظاهره الخبر ومعناه الأمر أي ليصم عنه وليّه
مسألة : من هو الولي ؟
بعض العلماء يقول الوارث ،لقول النبي « أَلْحِقوا الفَرائِضَ بِأهْلِهَا فَما بَقي فَلأولى رَجُلٍ ذَكَرٍ » ،ومنهم من يقول هو القريب سواء كان وارثاً أو من العصبة وهذا هو الأقرب ؛ والقول بأنه الوارث قولُُ قوي ؛ لأنّ مسألة القريب مسألة واسعة لا يدرى من المخاطب بالأمر بالصوم .
مسألة : وهل الأمر على سبيل الوجوب أم على سبيل الاستحباب ؟
بعض العلماء ذهب إلى الوجوب وكثير من فقهاء الحديث ذهب إلى الاستحباب والقول بالاستحباب قول قوي ، والذي قال بالوجوب أخذ بظاهر السياق ، لأنّه إذا كان وارثاً فأنه يستفيد من مورثه فعليه أن يقضي ما عليه من صوم ولكن على حسب القواعد العامّة بقوله تعالى : ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ فاطر:18 أنّه للاستحباب والخلاف حاصل بين العلماء هل الولي يصوم جميع أنواع الصوم سواء كان نذراً أو كفارة أو قضاء والذي عليه فقهاء الحديث أنه جميع أنواع الصوم ، لعموم الحديث وهذا هو الراجح ، وهناك أقوال ومناقشات أخرى بالإطعام وغيره ويستدلون بقوله تعالى﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ وقوله ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ النجم:39
وقول النبي « إذا مات الأنسان انقطع عمله إلا من ثلاث ...» الحديث.
لكن ممكن الرد على هذه الأدلة بأنها ادلة عامة وجاء ما يخصصها في هذه الصور ؛ ولأنّ الذي أخبرنا بما تقدم أيضاً أخبرنا بالثاني وهو أن من مات وعليه صوم صام عنه وليّه فلا تعارض ولا إشكال وأن هذا الحديث يستثنى من عموم القاعدة التي يستدل عليها بالأدلة المتقدمة .
مسألة : هل ممكن أن يصوم عنه الأجنبي ؟
الجواب : إذا صام الأجنبي بالتنسيق والإذن يجزئ .
فائدة : «صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ » الراجح أنّه ممكن أن يصام عنه في يوم واحد ، مثلاً مات وعليه عشرة أيام ، فلا بأس أذا كان الأقارب عشرة أن يصوموا يوماً واحداً ، إلا اذا كان الصوم مما يشترط فيه التتابع ، عليه كفّارة قتل أو ظهار أو جماع ، فلا يجزئ أن يصوموا في يوم واحد بل لابدّ أن ينسقوا على أن يكون الصيام متتابعاً .
من شريط / " شرح صَحيحُ مَسْلِمٍ ليلة الثاني من ربيع الثاني ١٤٣٥ هـ "
المصادر:الدرر السنية
مصدر معروف لدينا وموثوق
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك