عرض مشاركة واحدة
قديم 03-08-2018   #1


ッ ѕмιℓє غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3599
 تاريخ التسجيل :  07 - 05 - 2018
 أخر زيارة : 13-04-2021 (12:36 PM)
 المشاركات : 3,346 [ + ]
 التقييم :  53
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Deeppink
ارفع رأسكَ فأنتَ مُسلم



مُسلم, ارفع, رأسكَ, فأنتَ

مُسلم, ارفع, رأسكَ, فأنتَ

ارفع رأسكَ فأنتَ مُسلم


الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُكَ اللَّهُمَّ يا مَنْ أَعَزَّ عِبَادَهُ بِإيمَانِهِمْ، وَخذلَ أَعَدَاءَهُمْ بِكُفْرِهِمْ وَعِصْيَانِهِمْ، نَحْمَدُكَ عَلَى نِعْمَةِ الإِسْلامِ، وَنَشْكُرُكَ إِذْ جَعَلْتَنَا مِنْ أُمَّةِ خَيْرِ الْأَنامِ، وَأَشْهَدُ أَن لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ اعْتَزَّ بِاللهِ تَعَالَى، وَفَاخَرَ بِالإِسْلامِ، وَعَلَّمَ أَصْحَابَهُ الْفَخْرَ بِهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ عَلَى أثَرِهِمْ سَارَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:



فَأُوصِيكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فاتَّقُوهُ فَإِنَّ مَنِ اتَّقاهُ وَرِثَ جَنَّتَهُ: ﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 63].



بَيْنَما حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ يَمْشِي فِي السُّوقِ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ وَجَدَ حُلَّةً تُبَاعُ، وَكَانَتْ حُلَّةً نَفِيسَةً جَمِيلَةً، فَقَالَ: حُلَّةُ مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: هَذِهِ حُلَّةُ ذِي يَزَنَ مَلِكِ الْيَمَنِ، فَاشْتَرَاهَا حَكِيمٌ بِخَمْسِينَ دِينارًا، ثُمَّ ذَهَبَ وَأَهْدَاهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَبِسَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَعَدَ بِهَا الْمِنْبَرَ، فَمَا رُئِيَتْ حُلَّةٌ أَجْمَلُ مِنْهَا وَهِيَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَزَلَ عَلَيه الصَّلاَةُ وَالسّلامُ وَأَلْبَسَهَا لِحُبِّهِ وَابْنِ حُبِّهِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّه عَلَيه الصَّلاَةُ وَالسّلامُ كَانَ عَازِفًا عَنِ الدُّنْيا، فَلَبِسَهَا أُسَامَةُ، وَكَانَ آنذَاكَ فَتَىً صَغِيرًا، وَكَانَ دَمِيمَ الْخِلْقَةِ، وَكَانَ أَبُوهُ مَوْلى، فَلَبِسَهَا وَنَزَلَ بِهَا السُّوقَ، فرَآهُ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ أَسْلَمَ بَعْدُ فَقَالَ لَهُ: حُلَّةُ مَنْ هَذِهِ؟ فَقَالَ: حُلَّةُ ذِي يَزَنَ مَلِكِ الْيَمَنِ، فَقَالَ لَهُ حَكِيمٌ: أَوَ تَلْبسُ أَنْتَ حُلَّةَ مَلِكِ الْيَمَنِ؟! قَالَ: نَعَمْ، أَنَا خَيْرٌ مِنْ ذِي يَزَنَ، وَأُمِّي خَيْرٌ مِنْ أُمِّهِ، وَأَبِي خَيْرٌ مِنْ أَبِيهِ. [رَوَاهُ الْحاكِمُ وقال: صَحِيحُ الإسنادِ].



الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ رِبْعِيُّ بْنُ عَامِرٍ، دَخَلَ عَلَى رُسْتُمَ، قَائِدِ الْفُرْسِ وَقَدْ زَيَّنُوا مَجْلِسَهُ بِالنَّمَارِقِ الْمُذَهَّبَةِ والْحَرِيرِ، وَأَظْهَرَ الْيَوَاقِيتَ وَاللَّآلِئَ الثَّمِينَةَ، وَالزِّينَةَ الْعَظِيمَةَ، وجَلَسَ رُسْتُمُ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَدَخَلَ رِبْعِيٌّ بِثِيَابٍ صَفِيقَةٍ وَسَيْفٍ وَفَرَسٍ قَصِيرَةٍ، وَلَمْ يَزَلْ رَاكِبَهَا حَتَّى دَاسَ بِهَا عَلَى طَرَفِ الْبُسَاطِ، ثُمَّ نَزَلَ وَرَبَطَهَا بِبَعْضِ تِلْكَ الْوَسَائِدِ، وَأَقْبَلَ وَعَلَيْهِ سِلَاحُهُ وَدِرْعُهُ، فَقَالُوا لَهُ: ضَعْ سِلَاحَكَ. فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِكُمْ، وَإِنَّمَا جِئْتُكُمْ حِينَ دَعَوْتُمُونِي، فَإِنْ تَرَكْتُمُونِي هَكَذَا وَإِلَّا رَجَعْتُ. فَقَالَ رُسْتُمُ: ائْذَنُوا لَهُ. فَأَقْبَلَ يَتَوَكَّأُ عَلَى رُمْحِهِ فَوْقَ النَّمَارِقِ فَخَرَّقَ عَامَّتَهَا، فَقَالُوا لَهُ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ فَقَالَ رِبْعِيُّ بْنُ عَامِرٍ في عِزَّةِ المسلِمِ: إنَّ اللَّهَ ابْتَعَثْنَا لِنُخْرِجَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ، وَمِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إِلَى سِعَتِهَا، وَمِنْ جَوْرِ الْأَدْيَانِ إِلَى عَدْلِ الْإِسْلَامِ، فَأَرْسَلَنَا بِدِينِهِ إِلَى خَلْقِهِ لِنَدْعُوَهُمْ إِلَيْهِ، فَمَنْ قَبِلَ ذَلِكَ قَبِلْنَا مِنْهُ وَرَجَعْنَا عَنْهُ، وَمَنْ أَبَى قَاتَلْنَاهُ أَبَدًا حَتَّى نُفْضِيَ إِلَى مَوْعُودِ اللَّهِ. قَالُوا: وَمَا مَوْعُودُ اللَّهِ؟ قَالَ: الْجَنَّةُ لِمَنْ مَاتَ مِنَّا، وَالظَّفَرُ لِمَنْ بَقِيَ.



وَهَذَا فَارِسٌ آخَرُ مِنْ فُرْسَانِ الْإِسْلامِ الْعِظَامِ، الَّذِينَ تَرَبَّوْا عَلَى يَدِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَقَدَّمُوا لِلْبَشَرِيَّةِ الشَّرَفَ الْعَظِيمَ فِي انْتِمَائِهِمْ لِلْإِسْلامِ وَتَشَرُّفِهِمْ بِهِ، إِنَّه جُلَيْبِيبٌ رَضِيَ اللهُ عَنْه، ذَلِكَ الصَّحَابِيُّ الَّذِي لَمْ يَكُنْ يَمْلِكُ مِنَ الدُّنْيا إلاَّ الْإيمَانَ الَّذِي مَلَأَ قَلْبَهُ فَأَضَاءَ لَهُ الدُّنْيا. جَاءَ جُلَيبِيبٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَبَسَّمَ عَلَيه الصَّلاَةَ وَالسّلامَ لمَا رَآهُ، وَقَالَ: "يَا جُلَيبِيبُ أَتُرِيدُ الزَّواجَ؟" فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ، مَنْ يُزَوِّجُنِي وليسَ عِندي شَيْءٌ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيا؟! فَقَالَ عَلِيهِ الصَّلاَةُ وَالسّلامُ: "اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ مِنْ بُيُوتِ الْأَنْصَارِ، فأَقرِئهُمْ مِنِّي السّلامَ، وَقُلْ لَهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُزَوِّجُونِي" فلمَّا أَخبَرَهُم تَشاوَرَ أَهلُ البَيتِ، ثُمَّ قَالُوا: مَا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا جُلَيْبِيبًا وَقَدْ مَنَعْنَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ؟ قَالَ: وَالْجَارِيَةُ فِي سِتْرِهَا تَسْتَمِعُ. فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برَفضِهِ لجُلَيْبِيبٍ، فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَرُدُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ؟ إِنْ كَانَ قَدْ رَضِيَهُ لَكُمْ، فَأَنْكِحُوهُ.



وَحَضَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةً مِنَ الْغَزَوَاتِ، فَلَمَّا كُتِبَ لَهُمُ النَّصْرُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: "هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟" قَالُوا: نَعَمْ، فُلَانًا، وَفُلَانًا، وَفُلَانًا، ثُمَّ قَالَ: "هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟" حتَّى قَالُوا: لَا، قَالَ: "لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فَاطْلُبُوهُ" فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَى، فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "قَتَلَ سَبْعَةً، ثُمَّ قَتَلُوهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ" قَالَ: فَوَضَعَهُ عَلَى سَاعِدَيْهِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا سَاعِدَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَحُفِرَ لَهُ وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.



وفِي غَزْوَةِ الْأحْزَابِ حَيْثُ زَاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ، وَظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ الظُّنونَا، وَابْتُلُوا وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيدًا، فِي هَذِهِ الظُّروفِ الْقَاسِيَةِ الْحَرِجَةِ، فَكَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَسِيلَةِ يُخَفِّفُ بها مِنْ مِحْنَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَهُوَ مِنَ الْأحْزَابِ قَائِلًا: أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ لَكُمْ ثُلُثَ تَمْرِ الْأَنْصَارِ، أَتَرْجِعُ بِمَنْ مَعَكَ مِنْ غَطَفَانَ وتُخَذِّلُ بَينَ الأَحزابِ؟ فَأَرسَلَ إِلَيه عُيَينَةُ: إِنْ جَعَلتَ ليَ الشَّطرَ فَعَلتُ، فَأَرسَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَعدِ بنِ عُبَادَةَ وسَعدِ بنِ مُعاذٍ فَأَخبَرَهُمَا بِذَلِكَ، فقالاَ: يا رَسُولُ اللهِ: أَمْرًا تُحِبُّهُ فَنَصْنَعُهُ، أَمْ شَيْئًا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ أَصْنَعُهُ لَكُمْ، فإنِّي رَأَيْتُ الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، وَكَالَبُوكُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ كُنَّا نَحْنُ وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ عَلَى الشِّرْكِ باللَّه وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، لَا نَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا نَعْرِفُهُ، وَهُمْ لَا يَطْمَعُونَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا تَمْرَةً إلَّا قِرًى أَوْ بَيْعًا، أَفَحِينَ أَكْرَمْنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَهَدَانَا لَهُ وَأَعَزَّنَا بِكَ وَبِهِ، نُعْطِيهِمْ أَمْوَالَنَا! وَاَللَّهِ لَا نُعْطِيهِمْ إلَّا السَّيْفَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ.



اللهُ أكْبَرُ!! هُمُ الرِّجَالُ وَعِيبٌ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُمْ: رَجُلٌ.



إِخْوَةَ الْإِسْلامِ: هَذِهِ نَمَاذِجٌ رَائِعَةٌ فِي التَّشَرُّفِ بِالْإِسْلامِ، وَالْاِعْتِزازِ بِهِ، وَالْاِعْتِمادِ عَلَى اللهِ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيهِ، وَالسَّيْرِ عَلَى نَهْجِهِ، وَالْاِلْتِزَامِ بِسُنَّةِ نَبِيهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَا أَتَبَاعَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم اعْتَزُّوا بَدِينِكُمْ؛ فَلَا عِزَّةَ لَكُمْ بسِوَاهُ، يَقُولُ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْه: "نَحْنُ قَوْمٌ أَذِلاءٌ أَعَزَّنَا اللهُ بِالْإِسْلامِ، فَمَتَى طَلَبْنَا الْعِزَّةَ بغَيْرِهِ أَذَلَّنَا اللهُ"، تَمَسَّكُوا بِالإِسْلامِ بِكُلِّ مَعَانِيهِ فَبِالْإِسْلامِ يُعِيدُ اللَّهُ لَكُمْ مَجْدَكُمْ وَعِزَّتَكُمْ، وَصَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ حَيْثُ يَقُولُ: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].



رَزَقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمُ الاِعْتِزازَ بِدِينِنَا، وَالدَّعْوَةَ إِلَيه عَلَى بَصيرَةٍ، وَالْوَفَاةَ عَلَيهِ. اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَانْفَعْنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الآياتِ وَالْحِكْمَةِ...



الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ.. أَمَرَ أَن لَا تَعْبُدُوا إلاَّ إِيَّاهُ.. وَجَعَلَ الْجَنَّةَ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَاتَّقَاهُ.. وَجَعَلَ النَّارَ لِمَنْ تَعَدَّى حُدُودَهُ وَعَصَاهُ، وَالصَّلاَةُ وَالسّلامُ عَلَى الرَّحْمَةِ المُهدَاةِ، وَالنِّعْمَةِ الْمُسْدَاةِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بهُدَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:



جَلَسَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْه وَقَدْ بَالَغَ فِي الْخُضُوعِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَلَسْتَ مُسْلِمًا؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَارْفَعْ رَأْسَكَ، فَإِنَّ الْإِسْلامَ عَزِيزٌ مَنِيعٌ.



نَعَمْ!! إِنَّ الْمُسْلِمَ عَزِيزٌ، بَلْ يَجِبُ عَلَيهِ أَنْ يَعْتَزَّ بِإِسْلامِهِ، وَأَنْ يَشْعُرَ بِهَذِهِ الْعِزَّةِ وَهَذِهِ الرِّفعَةِ فِي قَلْبِهِ، قَالَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8] فَبِمُجَرَّدِ أَنَّكَ مُسْلِمٌ هَذِهِ بمُفردِهَا كَافِيَةٌ لِتُكْسِبَكَ الْعِزَّةَ، فَلَا اعْتِزازَ بِجِنْسٍ، وَلَا اعْتِزازَ بِلَوْنٍ، وَلَا اِعْتِزازَ بِنَسَبٍ، وَلَا اعْتِزازَ بلُغَةٍ، فَهِي كُلُّهَا عِزَّةٌ جَوْفَاءُ، تَقُومُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ، تَقُومُ عَلَى تَصَوُّرَاتٍ خَاطِئَةٍ وَقِيَمٍ زائِلَةٍ، هَذَا الاِعْتِزازُ لَيْسَ شِعَارًا يُرْفَعُ أَوْ كَلِمَةً تُكْتَبُ بَلْ هُوَ اعْتِزازٌ بِشَرَائِعِهِ وَاعْتِزاز بِشَعَائِرِهِ، اعْتِزازٌ بِتَقْديمِهِ عَلَى شَهَوَاتِ النَّفْسِ وَعَلَى كُلِّ الْأَهْوَاءِ.



وَالْمُسْلِمُونَ - وَاللهِ - هُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِرَفْعِ الرُّؤُوسِ؛ لِأَنَّ دِينَهُمْ هُوَ الدِّينُ الْوَحِيدُ فِي الْعَالَمِ الَّذِي لَمْ يُحَرَّفْ كِتَابُهُ قَطُّ، وَهُوَ الآنِ كَيَوْمِ نَزَلَ! فَدِينُنَا أَعْظَمُ دِينٍ وَكِتَابُنَا أَعْظَمُ كِتَابٍ وَنَبِيُّنَا أَعْظَمُ نَبِيٍّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.



ولَعَلَّ مِنَ النَّاسِ مَن يَظُنُّ أنَّ الإِسلامَ آيِلٌ للأُفُولِ أو أنَّهُ حَانَ وَقتُ زَوالِهِ بسَببِ مَا نَراهُ مِن ضَعفِ التَّمكينِ وهَزيمةٍ هُنا أَو هُناكَ.. وهَذا ظَنٌّ خَاطِئٌ؛ فإنَّنا نَحنُ المُسلِمينَ نَغفُو ولا نَنَامُ، ونَمرَضُ ولا نَمُوتُ، ونَنحَنِي ولا ننكَسِرُ.. أينَ التَّتارُ والمَغُولُ؟ أينَ الصَّليبيُّونَ والحَاقِدونَ؟! اسأَلُوا التَّاريخَ عَن جَحافِلِ الكُفرِ التي جَاءتْ لتُبِيدَ الإسلامَ فأَبادَهُمُ اللهُ وأَبقَى الإِسلامَ شَامِخاً، وفي ذلك يَقُولُ ربُّنَا: ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47] وصَدقَ الحَبِيبُ صلى الله عليه وسلم حينَ قَالَ: "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ" رواهُ أحمدُ.



كَمْ أَنْتَ عَظِيمٌ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ، وَكَمْ أَنْتَ عَزِيزٌ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ، فَأَنْتَ الْأعْلَى وَالْأفْضَلُ وَالْأعَزُّ عَلَى كُلِّ الْأُمَمِ. هَذِهِ الْعِزَّةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَتْ تَفَاخُرًا وَخُيَلاَءَ وَلَا كِبَرًا وَتَعَالِيًا، إِنَّمَا هِي مِنْ بَابِ تَعْظِيمِ مَا عَظَّمَ اللهُ، وَإِظْهارِ عَظَمَةِ هَذَا الدِّينِ وَشمُوُخِهِ.



نَعَمْ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَأَنْتَ مُسْلِمٌ. ارْفَعْ رَأْسَكَ مُفْتَخِرًا بِهَذَا الدِّينِ الَّذِي شَرَّفَكَ اللهُ بِالاِنْتِسابِ إِلَيهِ وَرَدِّدْ دَائِمًا:

وَمِمَّا زَادَنِي شَرَفًا وَتِيهًا
وَكِدْتُ بِأَخْمُصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا
دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِكَ: يا عِبَادِي
وَأَنْ صَيَّرْتَ أَحْمَدَ لِي نَبِيَّا


أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مَنْ أهْلِ الْعِزَّةِ وَالْكَرَامَةِ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَعِزَّنَا بِطَاعَتِكَ وَلَا تُذِلَّنَا بِمَعْصِيَتِكَ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ الْمَهْمُومِينَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِينَ، وَاقْضِ الدَّيْنَ عَنِ الْمَدِينِينَ، وَارْحَمْ اللَّهُمَّ مَوْتَانَا وَموتَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَصْلِحْ اللَّهُمَّ وُلاَةَ أَمُورِنَا أجْمَعِينَ، اللَّهُمَّ اهْدِ وُلاَةَ أَمُورِنَا وَاجْمَعْ شَمْلَنَا وَعُلَمَاءَنَا وَحُكَّامَنَا وَدُعَاتَنَا عَلَى مَا يُرْضِيكَ يا رَبَّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ لَا تَنصُرْ عَلَينَا عَدوًّا وَلَا تُشْمِتْ بِنَا حَاسِدَا يا حَيُّ يا قَيُّومُ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَحمَّدٍ وآلِهِ وَصَحْبِهِ





ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك


الموضوع الأصلي: ارفع رأسكَ فأنتَ مُسلم || الكاتب: ッ ѕмιℓє || المصدر: منتديات الحقلة

منتديات الحقلة

منتديات الحقلة: منتديات عامة اسلامية ثقافية ادبية شعر خواطر اخبارية رياضية ترفيهية صحية اسرية كل مايتعلق بالمرأة والرجل والطفل وتهتم باخبار قرى الحقلة والقرى المجاوره لها





hvtu vHs;Q tHkjQ lEsgl hvtu vHs;Q




hvtu vHs;Q tHkjQ lEsgl hvtu vHs;Q hvtu vHs;Q tHkjQ lEsgl hvtu vHs;Q



 

رد مع اقتباس