عرض مشاركة واحدة
قديم 20-03-2023   #1


طالبة العلم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1561
 تاريخ التسجيل :  20 - 06 - 2014
 أخر زيارة : 15-06-2023 (11:13 AM)
 المشاركات : 24,997 [ + ]
 التقييم :  17
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Green
﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ... ﴾



﴾, ﴿, لصنع, لِجِبْرِيلَ..., عَدُوًّا, كَانَ

﴾, ﴿, لصنع, لِجِبْرِيلَ..., عَدُوًّا, كَانَ

﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ...


﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ * وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ * أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [البقرة: 97 - 100].

﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا العدوُّ المبغض، وهو مشتق من عدا عليه يعدو بمعنى وثب؛ لأن المبغض يثب على المبغوض لينتقم منه.

﴿ لِجِبْرِيلَ روح القدس الموكل بالوحي، وعداوة اليهود لجبريل نشأت من وقت نزوله بالقرآن على الحبيب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقيل: لأنه ينزل على الأمم التي كذبت رسلها بالعذاب والوعيد.

وفي البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَلَامٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي أَرْضٍ يَخْتَرِفُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ، فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟ قَالَ: ((أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا))، قَالَ: جِبْرِيلُ، قَالَ: ((نَعَمْ))، قَالَ: ((ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ)) فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾.

قال ابن عاشور: ومن عجيب تهافت اعتقادهم أنهم يثبتون أنه ملك مرسل من الله ويبغضونه، وهذا من أحطِّ دركات الانحطاط في العقل والعقيدة، ولا شك أن اضطراب العقيدة من أكبر مظاهر انحطاط الأمة؛ لأنه ينبئ عن تضافر آرائهم على الخطأ والأوهام.

﴿ فَإِنَّهُ ﴾؛ أي: جبريل، ﴿ نَزَّلَهُ ﴾؛ أي: القرآن، ﴿ عَلَى قَلْبِكَ وهذه الجملة قائمة مقام جواب الشرط ﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ﴾؛ لظهور أن المراد ألَّا موجب لعداوته؛ لأنه واسطة أذنه الله تعالى بالنزول بالقرآن، فهم بمعاداته إنما يعادون الله تعالى، فالتقدير: من كان عدوًّا لجبريل فلا يعادِه، وليُعادِ الله تعالى، وهذا الوجه أحسن وأسعد بقوله تعالى: ﴿ بِإِذْنِ اللَّهِ وأظهر ارتباطًا بقوله بعد: ﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ ﴾.

ويجوز أن يكون التقدير: فإنه قد نزله عليك سواء أحبُّوه أم عادوه، فيكون في معنى الإغاظة من باب ﴿ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ [آل عمران: 119].

ودلَّت الآية على تعظيم جبريل والتنويه بقدره؛ حيث جعله الواسطة بينه تعالى وبين أشرف خلقه، والمنزل بالكِتاب الجامع للأوصاف المذكورة.

والقلب هنا بمعنى النفس وما به الحفظ والفهم، والعرب تطلق القلب على هذا الأمر المعنوي نحو: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ [ق: 37] كما يطلقونه أيضًا على العضو الباطني الصَّنَوْبَرِيِّ.

وظاهر هذه الآية أن جبريل ألقى القرآن في قلب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير سماع قراءة، ونظيرها في ذلك قوله تعالى: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ [الشعراء: 193، 194]؛ ولكنه بيَّن في مواضع أخرى أن معنى ذلك أن الملك يقرؤه عليه حتى يسمعه منه، فتصل معانيه إلى قلبه بعد سماعه؛ وذلك هو معنى تنزيله على قلبه، وذلك كما في قوله تعالى: ﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ [القيامة: 16 - 19]، وقوله: ﴿ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه: 114].

والتنزيل على القلب للإشارة إلى أن القرآن ينزل على القلب ليحفظ في الصدور؛ لَا أن يُكتفى فيه بالسطور.

وعبَّر سبحانه وتعالى بكاف الخطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: ﴿ عَلَى قَلْبِكَ دون أن يقول: قلبي، لبيان أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحكي قول ربِّه، ولتأكيد معنى قوله تعالى بإذنه.

﴿ بِإِذْنِ اللَّهِ والإذن هنا كوني؛ وقد ذكر العلماء أن إذن الله تعالى نوعان:
كوني: وهو المتعلق بالخلق والتكوين، ولا بد من وقوع ما أذِن الله تعالى فيه بهذا المعنى؛ مثاله قوله تعالى: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة: 255]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [البقرة: 102]، وقوله تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [التغابن: 11].

والثاني شرعي: وهو ما يتعلَّق بالشرع والعبادة؛ مثاله قوله تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ [يونس: 59]، وقوله تعالى: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى: 21].

والفرق بينهما أن المأذون به شرعًا قد يقع وقد لا يقع؛ وأما المأذون به قدرًا فواقعٌ لا محالة؛ ومن جهة أخرى: أن المأذون به شرعًا محبوب إلى الله عزَّ وجلَّ، والمأذون به قدرًا قد يكون محبوبًا، وقد يكون غير محبوب.

﴿ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ فالقرآن مصدق لما في الكتب السابقة من نعت الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والبشارة به، ومن التوحيد ووجوب الإسلام لله تعالى.

كما أن القرآن نوَّه بالتوراة والإنجيل ووصف كلًّا بأنه هُدًى ونورٌ كما في سورة المائدة في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة: 44].

وقوله جل شأنه: ﴿ وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ [المائدة: 46].

﴿ وَهُدًى وَبُشْرَى وهدى إلى الحق، وبشرى بالجنة ﴿ لِلْمُؤْمِنِينَ خَصَّ الهدى والبشرى بالمؤمنين؛ لأن غير المؤمنين لا يكون لهم هدى به ولا بُشْرى، كما قال: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى [فصلت: 44]، ولأن المؤمنين هم المبشرون ﴿ فَبَشِّرْ عِبَادِ [الزمر: 17] ﴿ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ [التوبة: 21].

وقيل: القرآن بُشْرى للمؤمنين، وعلامة ذلك أنك تنتفع به، فإذا وجدت نفسك منتفعًا به، حريصًا عليه، تاليًا له حقَّ تلاوته، فهذا دليل على الإيمان، فتناله البشرى، وكلما رأى الإنسان من نفسه كراهة القرآن، أو كراهة العمل به، أو التثاقل في تطبيقه فليعلم أنه إنما فاقدٌ للإيمان بالكلية، أو أن إيمانه ناقص.

فقد حصل من الأوصاف الخمسة للقرآن، وهي: أنه منزل من عند الله بإذن الله، وأنه منزل على قلب الرسول، وأنه مصدق لما سبقه من الكتب، وأنه هادٍ أبلغ هدى، وأنه بُشْرى للمؤمنين.. الثناء على القرآن بكرم الأصل، وكرم المقر، وكرم الفئة، ومفيض الخير على أتباعه الأخيار خيرًا عاجلًا، وواعد لهم بعاقبة الخير، وهذه خصال الرجل الكريم مَحْتِدُهُ [أصله ونسبه] وَبَيْتُهُ وَقَوْمُهُ، السخي بالبذل الواعد به.

﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ فابتدأ سبحانه بلفظ الجلالة الكبير في ذاته خالق الوجود، وخالق الملائكة والجن والإنس، والشمس والقمر والسماوات والأرض.. ابتدأ بذكره جل جلاله لبيان أن مَن عاداه فقد تعرَّض لأعظم نقمة، وأشد ضلال وخروج عن الحق، فالابتداء به سبحانه وتعالى لبيان عظم الخطورة التي يتعرضون لها بجهلهم وفساد نفوسهم وضلال فكرهم.

والعداوة بين الله والعبد لا تكون حقيقة، وعداوة العبد لله تعالى مجاز، ومعناها: مخالفة الأمر، وعداوة الله للعبد: مجازاته على مخالفته.

﴿ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ قراءة أبي عمرو وحفص وهي لغة أهل الحجاز، وهو ميكائيل، ملك من أعاظم الملائكة، وقيل: معناه عبدالله، قالوا: وجبريل أفضل من ميكائيل؛ لأنه قُدِّم في الذكر، ولأنه ينزل بالوحي والعلم، وهو مادة الأرواح، وميكال ينزل بالخصب والمطر، وهي مادة الأبدان، وغذاءُ الأرواح أشرفُ من غذاء الأشباح.

﴿ فَإِنَّ اللَّهَ ولم يأت بالضمير بأنه عدوٌّ للتعظيم والتفخيم؛ لأن العرب إذا فخمت شيئًا كررته بالاسم الذي تقدم له منه: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ [الحج: 60] ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج: 74].

﴿ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ أراد عدوٌّ لهم، وجاء باسم الجلالة بلفظه الظاهر، ولم يقل: فإني عدوٌّ أو فإنه عدوٌّ، لما يشعر به الظاهر هنا من القدرة العظيمة، وليدل على أن الله عاداهم لكفرهم، وأن عداوة الملائكة كفر.. والعدو مستعمل في معناه المجازي وهو ما يستلزمه من الانتقام والهلاك، وأنه لا يفلته.

فرد عليهم في الآية السابقة، بأن جبريل أتى بأصل الخيور كلها، وهو القرآن الجامع لتلك الصفات الشريفة، من موافقته لكتبهم، وكونه هُدًى وبُشْرى، فكانت تجب محبته.

وردَّ عليهم في هذه الآية، بأن قرنه باسمه تعالى مندرجًا تحت عموم ملائكته، ثم ثانيًا تحت عموم رسله؛ لأن الرسل تشمل الملائكة وغيرهم ممن أرسل من بني آدم، ثم ثالثًا بالتنصيص على ذكره مجردًا مع من يدَّعون أنهم يحبونه، وهو ميكال، فصار مذكورًا في هذه الآية ثلاث مرار، كل ذلك ردٌّ على اليهود وذمٌّ لهم، وتنويه بجبريل.

ودلَّت الآية على أن الله تعالى عدوٌّ لمن عادى الله وملائكته ورسله وجبريل وميكال، ولا يدل ذلك على أن المراد من جمع عداوة الجميع، فالله تعالى عدوُّه، وإنما المعنى أنَّ من عادى واحدًا ممن ذكر، فالله عدوُّه، إذ معاداة واحد ممن ذكر معاداة للجميع.

فقال بعض الناس: الواو هنا بمعنى «أو» وليست للجمع، وقال بعضهم: الواو للتفصيل، ولا يراد أيضًا أن يكون عدوًّا لجميع الملائكة، ولا لجميع الرسل؛ بل هذا من باب التعليق على الجنس بصورة الجمع؛ كقول: "إن كلمتِ الرجال فأنت طالق"، لا يريد بذلك إن كلمت كل الرجال، ولا أقل ما ينطلق عليه الجمع، وإنما علق بالجنس، وإن كان بصورة الجمع، فلو كلمت رجلًا واحدًا طلقت، فكذلك هذا الجمع في الملائكة والرسل.

وفيه إثبات صفة العداوة من الله تعالى؛ أي: إن الله يعادي؛ وهي صفة فعلية؛ كالرِّضا، والغضب، والسخط، والكراهة؛ و"المعاداة" ضدها الموالاة الثابتة للمؤمنين؛ كما قال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة: 257].

﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فيه إثبات صفة العلوِّ لله تعالى، وعلوُّ الله سبحانه وتعالى من صفاته الذاتية اللازمة له التي لم يزل ولا يزال مُتَّصِفًا بها؛ وأما استواؤه على العرش فإنه من الصفات الفعلية؛ لأنه يتعلق بمشيئته.

﴿ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ آيات القرآن الكريم الواضحة فيما تدل عليه من معانٍ، فهي واضحة في ذاتها ودلالتها.

ووصف القرآن بأنه آيات بينات لا ينافي قوله تعالى: ﴿ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ [آل عمران: 7]؛ لأن هذا التشابُه يكون متشابهًا على بعض الناس دون بعض؛ ولأنه يُحمل على المحكم، فيكون الجميع محكمًا، كما قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [آل عمران: 7].

وفي الانتقال إلى خطاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إقبال عليه وتسلية له عما لقي منهم، وأن ما أنزل إليه لا يكذب به إلا من لا يؤبه بتكذيبه؛ لكون هذا المنزل دلائل واضحة لا تقصر عن إقناعهم بأحقيتها ولكنهم يظهرون أنفسهم أنهم لم يوقنوا بحقيتها.

﴿ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا يجحد بكونها كتاب الله ووحيه إلى رسوله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والإخبار وقع بالمضارع الدال على التجدُّد.

﴿ إِلَّا الْفَاسِقُونَ الخارجون عمَّا يجب أن يكونوا عليه من الإِيمان بالله والإِسلام له ظاهرًا وباطنًا، وقال الحسن: "إذا استعمل الفسق في شيء من المعاصي، وقع على أعظمه من كفر أو غيره".

وهذا كقوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ [السجدة: 20].

وناسب قوله: ﴿ بَيِّنَاتٍ لفظ الكفر، وهو التغطية؛ لأن البين لا يقع فيه إلباس، فعدم الإيمان به ليس لشبهة؛ لأنه بيِّن، وإنما هو تغطية وستر لما هو واضح بيِّن، وستر الواضح لا يقع إلا من متمرد في فسقه، وكنى بالفسق هنا عن الكفر؛ لأن الفسق: خروج الإنسان عما حُدَّ له.

﴿ أَوَكُلَّمَا استفهام استنكاري وفيه أيضًا إعظام ما يقدمون عليه من تكرر عهودهم ونقضها، فصار ذلك عادة لهم وسجية ﴿ عَاهَدُواْ عَهْدًا الوعد الملزم ﴿ نَبَذَهُ طرحه وألقاه غير آبه به ولا ملتفت إليه ﴿ فَرِيقٌ مِنْهُم فينبغي ألَّا يكترث بأمرهم، وألَّا يصعب ذلك، فهي تسلية للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذ كفروا بما أنزل عليه؛ لأن ما كان ديدنًا للشخص وخلقًا لا ينبغي أن يحتفل بأمره.

والمراد بالعهد: «عهد التوراة»؛ أي: ما اشتملت عليه من أخذ العهد على بني إسرائيل بالعمل بما أمروا به أخذًا مكررًا حتى سميت التوراة بالعهد، وقد تكرر منهم نقض العهد مع أنبيائهم، ومن جملة العهد الذي أخذ عليهم أن يؤمنوا بالرسول المصدق للتوراة، وأسند النبذ إلى فريق إما باعتبار العصور التي نقضوا فيها العهود كما تؤذن به "كُلَّما"، أو احتراسًا من شمول الذم للذين آمنوا منهم.

وليس المراد أن ذلك الفريق قليل منهم، فنبَّه على أنه أكثرهم بقوله: ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ فلما كان الفريق ينطلق على القليل والكثير، وأسند النبذ إليه، كان فيما يتبادر إليه الذهن أنه يحتمل أن يكون النابذون قليلًا، فبيَّن أن النابذين هم الأكثر، وصار ذكر الأكثر دليلًا على أن الفريق هنا لا يراد به اليسير منهم، فكان هذا إضرابًا عما يحتمله لفظ الفريق من دلالته على القليل.

وقيل: هذا الإضراب للانتقال من وصف إلى وصف: من وصف نقض العهد ونبذه، إلى وصف عدم الإيمان؛ فعليه يكون هذا الإضراب إثباتًا لما قبله، وزيادة وصف، وهو انتفاء الإيمان عن أكثرهم.

ومن أهل الكتاب من لم ينبذ كتاب الله وراء ظهره؛ بل آمن به؛ كالنجاشي من النصارى، وعبدالله بن سلام من اليهود.





الألوكة

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك



منتديات الحقلة

منتديات الحقلة: منتديات عامة اسلامية ثقافية ادبية شعر خواطر اخبارية رياضية ترفيهية صحية اسرية كل مايتعلق بالمرأة والرجل والطفل وتهتم باخبار قرى الحقلة والقرى المجاوره لها





﴿ lQkX ;QhkQ uQ]E,~Wh gA[AfXvAdgQ>>> ﴿ gwku gA[AfXvAdgQ>>> uQ]E,~Wh




﴿ lQkX ;QhkQ uQ]E,~Wh gA[AfXvAdgQ>>> ﴾ ﴿ gwku gA[AfXvAdgQ>>> uQ]E,~Wh ﴿ lQkX ;QhkQ uQ]E,~Wh gA[AfXvAdgQ>>> ﴾ ﴿ gwku gA[AfXvAdgQ>>> uQ]E,~Wh



 

رد مع اقتباس