■ سِـلْـسِلَـةُ الْـمُـلَـخَّص الْـفِـقْـهِـي ■ لِمَعَالِي شَيْخِنَا العَلَّامَة الدُّكْـتُور/ صَالِح بن فَوْزَان الفَوْزَان حَفِظَهُ اللهُ وَرَعَاهُ وأَمَدَّهُ بِالعَافِيَةِ
*- كِـتَـابُ الــــحَــــجِّ - الــعَــدَد:( 25 )*
____________________________
قَالَ شَيْخُنَا عَفَا اللهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ:
*بَــــــابٌ*
*فِي أَحْـكَــامِ الـحَـجِّ الَّـتِـي تُـفْــعَــلُ فِي أَيَّــامِ الـتَّـشْـرِيـقِ وَطَـوَافِ الــوَدَاعِ*
■ وَبَعْدَ طَوَافِ الإِفَاضَةِ يَوْمَ العِيدِ يَرْجِعُ إِلَىٰ مِنَىً، فَيَبِيتُ بِهَا وُجُوبًا؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ:(لَمْ يُرَخِّصْ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِأَحَدٍ يَبِيتُ بِمَكَّةَ؛ إِلَّا لِلْعَبَّاسِ مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ)
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه.
■ فَيَبِيتُ بِمِنَىً ثَـلَاثَ لَيَالٍ إِنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ، وَإِنْ تَعَجَّلَ؛ بَاتَ لَيْلَتَيْنِ: لَيْلَةَ الحَادِيَ عَشَرَ، وَلَيْلْةَ الثَّانِيَ عَشَرَ.
■ وَيُصَلِّي الصَّلَوَاتِ فِيهَا قَصْرًا بِـلَا جَمْعٍ، بَلْ كُـلُّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا.
*■ وَيَرْمِي الجَمَرَاتِ الثَّلَاث كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الزَّوَالِ؛ لِحَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّٰهُ عَنْهُ:(رَمَىٰ رَسُولُ اللهِ ﷺ الجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحَىً، وَأَمَّا بَعْدُ؛ فَـإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ) رَوَاهُ الجَمَاعَةُ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:(كُنَّا نَتَحَيَّنُ، فَـإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ، وَقَوْلُهُ:(نَتَحَيَّنُ) أي: نُرَاقِبُ الوَقْتَ المَطْلُوبَ، وَلِقَوْلِهِ ﷺ:«لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ».*
*■ فَـالـرَّمْـيُ فِي اليَوْمِ الحَادِيَ عَشَرَ وَمَا بَعْدَهُ؛ يَـبْـدَأُ وَقْتُهُ بَـعْـدَ الـزَّوَالِ، وَقَبْلَهُ لَا يُجْزِئُ؛ لِـهَـذِهِ الأَحَـادِيثِ؛ حَيْثُ وَقَّتَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِذَلِكَ بِفِعْلِهِ، وَقَالَ:«خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» فَكَمَا لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ قَبْلَ وَقْتِهَا؛ فَإِنَّ الرَّمْيَ لَا يَجُوزُ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَلِأَنَّ العِبَادَاتِ تَوْقِيفِيَّةٌ.*
■ قَالَ الإِمَامُ العَلَّامَةُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ وَهُوَ يَصِفُ رَمْيَ النَّبِيِّ ﷺ كَمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ المُطَهَّرَةُ؛ قَـالَ:(ثُمَّ رَجَعَ ﷺ إِلَىٰ مِنَىً مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، فَبَاتَ بِهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ، انْتَظَرَ زَوَالَ الشَّمْسِ، فَلَمَّا زَالَتْ، مَشَىٰ مِنْ رَحْلِهِ إِلَى الْجِمَارِ، وَلَمْ يَرْكَبْ، فَبَدَأَ بِالْجَمْرَةِ الْأُولَى الَّتِي تَلِيَ مَسْجِدَ الْخَيْفِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ، يَقُولُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ عَلَى الْجَمْرَةِ أَمَامَهَا حَتَّىٰ أَسْهَلَ، فَقَامَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَدَعَا دُعَاءً طَوِيلًا بِقَدْرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ أَتَىٰ إِلَى الْجَمْرَةِ الْوُسْطَىٰ، فَرَمَاهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ انْحَدَرَ ذَاتَ الْيَسَارِ مِمَّا يَلِي الْوَادِيَ، فَوَقَفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ، يَدْعُو قَرِيبًا مِنْ وُقُوفِهِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ أَتَى الْجَمْرَةَ الثَّالِثَةَ وَهِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ، فَاسْتَبْطَنَ الْوَادِيَ وَاسْتَعْرَضَ الْجَمْرَةَ، فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنَىً عَنْ يَمِينِهِ،
فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ كَذَلِكَ...)
إِلَىٰ أَنْ قَـالَ:(فَلَمَّا أَكْمَلَ الرَّمْيَ، رَجَعَ مِنْ فَوْرِهِ، وَلَمْ يَقِفْ عِنْدَهَا - يَعْنِي: جَمْرَةَ العَقَبَةِ -
فَقِيلَ: لِضِيقِ الْمَكَانِ بِالْجَبَلِ، وَقِيلَ - وَهُوَ أَصَحُّ: إِنَّ دُعَاءَهُ كَانَ فِي نَفْسِ الْعِبَادَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، فَلَمَّا رَمَىٰ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَرَغَ الرَّمْيُ، وَالدُّعَاءُ فِي صُلْبِ الْعِبَادَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَفْضَلُ مِنْهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا،
وَهَذَا كَمَا كَانَتْ سُنَّتُّهُ فِي دُعَائِهِ فِي الصَّلَاةِ؛
إِذْ كَانَ يَدْعُو فِي صُلْبِهَا) انْتَهَىٰ.
- نَكْتَفِي بِهَذَا الْقَدْرِ، وَنُكْمِلُ فِي الْعَدَدِ الْقَادِمِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ -
____________________________
[ صَـــفْــــحَــــة: 254 - 255 ].
____________________________