عرض مشاركة واحدة
قديم 13-01-2019   #40316
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 2 أسابيع (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كل يوم حديث (( الموضوع متجدد ))



‏حدثنا ‏ ‏معاذ بن فضالة ‏ ‏حدثنا ‏ ‏هشام ‏ ‏عن ‏ ‏يحيى ‏ ‏عن ‏ ‏أبي سلمة ‏ ‏قال سألت ‏ ‏أبا سعيد ‏ ‏وكان لي صديقا ‏ ‏فقال ‏
‏اعتكفنا مع النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏العشر الأوسط من رمضان فخرج صبيحة عشرين فخطبنا وقال ‏ ‏إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها ‏ ‏أو نسيتها ‏ ‏فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر وإني رأيت أني أسجد في ماء وطين فمن كان اعتكف مع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فليرجع فرجعنا وما نرى في السماء ‏ ‏قزعة ‏ ‏فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد وكان من جريد النخل وأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته ‏



فتح الباري بشرح صحيح البخاري

‏قوله : ( حدثنا هشام ) ‏
‏هو الدستوائي ويحيى هو ابن أبي كثير , ويأتي في الاعتكاف عن طريق علي ابن المبارك عن يحيى " سمعت أبا سلمة " . ‏

‏قوله : ( سألت أبا سعيد وكان لي صديقا فقال اعتكفنا ) ‏
‏لم يذكر المسئول عنه في هذه الطريق , وفي رواية علي المذكورة " سألت أبا سعيد : هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ليلة القدر ؟ فقال : نعم " فذكر الحديث . ولمسلم من طريق معمر عن يحيى " تذاكرنا ليلة القدر في نفر من قريش , فأتيت أبا سعيد " فذكره , وفي رواية همام عن يحيى في " باب السجود في الماء والطين ) من صفة الصلاة " انطلقت إلى أبي سعيد فقلت : ألا تخرج بنا إلى النخل فنتحدث ؟ فخرج , فقلت : حدثني ما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر , فأفاد بيان سبب السؤال , وفيه تأنيس الطالب للشيخ في طلب الاختلاء به ليتمكن مما يريد من مسألته . ‏

‏قوله : ( اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط ) ‏
‏هكذا وقع في أكثر الروايات , والمراد بالعشر الليالي وكان من حقها أن توصف بلفظ التأنيث لكن وصفت بالمذكر على إرادة الوقت أو الزمان أو التقدير الثلث كأنه قال : الليالي العشر التي هي الثلث الأوسط من الشهر , ووقع في " الموطأ " العشر الوسط بضم الواو والسين جمع وسطى ويروى بفتح السين مثل كبر وكبرى ورواه الباجي في " الموطأ " بإسكانها على أنه جمع واسط كبازل وبزل وهذا يوافق رواية الأوسط , ووقع في رواية محمد بن إبراهيم في الباب الذي يليه " كان يجاور العشر التي في وسط الشهر " وفي رواية مالك الآتية في أول الاعتكاف " كان يعتكف " والاعتكاف مجاورة مخصوصة , ولمسلم من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد " اعتكف العشر الأوسط من رمضان يلتمس ليلة القدر قبل أن تبان له , فلما انقضين أمر بالبناء فقوض , ثم أبينت له أنها في العشر الأواخر فأمر بالبناء فأعيد " وزاد في رواية عمارة بن غزية عن محمد إبراهيم أنه " اعتكف العشر الأول ثم اعتكف العشر الأوسط ثم اعتكف العشر الأواخر " , ومثله في رواية همام المذكورة وزاد فيها " إن جبريل أتاه في المرتين فقال له : إن الذي تطلب أمامك " وهو بفتح الهمزة والميم أي قدامك , قال الطيبي : وصف الأول والأوسط بالمفرد والأخير بالجمع إشارة إلى تصوير ليلة القدر في كل ليلة من ليالي العشر الأخير دون الأولين . ‏

‏قوله : ( فخرج صبيحة عشرين فخطبنا ) ‏
‏في رواية مالك المذكورة " حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه " وظاهره يخالف رواية الباب , ومقتضاه أن خطبته وقعت في أول اليوم الحادي والعشرين , وعلى هذا يكون أول ليالي اعتكافه الأخير ليلة اثنتين وعشرين , وهو مغاير لقوله في آخر الحديث " فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين " فإنه ظاهر في أن الخطبة كانت في صبح اليوم العشرين , ووقوع المطر كان في ليلة إحدى وعشرين وهو الموافق لبقية الطرق , وعلى هذا فكأن قوله في رواية مالك المذكورة " وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها " أي من الصبح الذي قبلها , ويكون في إضافة الصبح إليها تجوز . وقد أطال ابن دحية في تقرير أن الليلة تضاف لليوم الذي قبلها , ورد على من منع ذلك ولكن لم يوافق على ذلك فقال ابن حزم رواية ابن أبي حازم والدراوردي - يعني رواية حديث الباب - مستقيمة ورواية مالك مشكلة , وأشار إلى تأويلها بنحو مما ذكرته . ويؤيده أن في رواية الباب الذي يليه " فإذا كان حين يمسي من عشرين ليلة تمضي ويستقبل إحدى وعشرين رجع إلى مسكنه " وهذا في غاية الإيضاح , وأفاد ابن عبد البر في " الاستذكار " أن الرواة عن مالك اختلفوا عليه في لفظ الحديث فقال بعد ذكر الحديث : هكذا رواه يحيى بن يحيى بن بكير والشافعي عن مالك " يخرج في صبيحتها من اعتكافه " ورواه ابن القاسم وابن وهب والقعنبي وجماعة عن مالك فقالوا " وهي الليلة التي يخرج فيها من اعتكافه " قال : وقد روى ابن وهب وابن عبد الحكم عن مالك فقال من اعتكف أول الشهر أو وسطه فإنه يخرج إذا غابت الشمس من آخر يوم من اعتكافه , ومن اعتكف في آخر الشهر فلا ينصرف إلى بيته حتى يشهد العيد . قال ابن عبد البر : ولا خلاف في الأول , وإنما الخلاف فيمن اعتكف العشر الأخير هل يخرج إذا غابت الشمس أو لا يخرج حتى يصبح ؟ قال : وأظن الوهم دخل من وقت خروج المعتكف . قلت : وهو بعيد لما قرره هو من بيان محل الاختلاف . وقد وجه شيخنا الإمام البلقيني رواية الباب بأن معنى قوله " حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين " أي حتى إذا كان المستقبل من الليالي ليلة إحدى وعشرين , وقوله " وهي الليلة التي يخرج " الضمير يعود على الليلة الماضية , ويؤيد هذا قوله " من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر " لأنه لا يتم ذلك إلا بإدخال الليلة الأولى . ‏

‏قوله : ( أريت ) ‏
‏بضم أوله على البناء لغير معين , وهي من الرؤيا أي أعلمت بها , أو من الرؤية أي أبصرتها , وإنما أري علامتها وهو السجود في الماء والطين كما وقع في رواية همام المشار إليها بلفظ " حتى رأيت أثر الماء والطين على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم تصديق رؤياه " . ‏

‏قوله : ( ثم أنسيتها أو نسيتها ) ‏
‏شك من الراوي هل أنساه غيره إياها أو نسيها هو من غير واسطة , ومنهم من ضبط نسيتها بضم أوله والتشديد فهو بمعنى أنسيتها والمراد أنه أنسي علم تعيينها في تلك السنة , وسيأتي سبب النسيان في هذه القصة في حديث عبادة بن الصامت بعد باب . ‏

‏قوله : ( إني أسجد ) ‏
‏في رواية الكشميهني " أن أسجد " . ‏

‏قوله : ( فمن كان اعتكف معي فليرجع ) ‏
‏في رواية همام المذكورة " من اعتكف مع النبي " وفيه التفات . ‏

‏قوله : ( قزعة ) ‏
‏بفتح القاف والزاي أي قطعة من سحاب رقيقة . ‏

‏قوله : ( فمطرت ) ‏
‏بفتحتين , في الباب الذي يليه من وجه آخر " فاستهلت السماء فأمطرت " . ‏

‏قوله : ( حتى سال سقف المسجد ) ‏
‏في رواية مالك " فوكف المسجد " أي قطر الماء من سقفه , وكان على عريش أي مثل العريش وإلا فالعريش هو نفس سقفه , والمراد أنه كان مظللا بالجريد والخوص , ولم يكن محكم البناء بحيث يكف من المطر الكثير . ‏

‏قوله : ( يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته ) ‏
‏وفي رواية مالك " على جبهته أثر الماء والطين " وفي رواية ابن أبي حازم في الباب الذي يليه " انصرف من الصبح ووجهه ممتلئ طينا وماء " وهذا يشعر بأن قوله " أثر الماء والطين " لم يرد به محض الأثر وهو ما يبقى بعد إزالة العين , وقد مضى البحث في ذلك في صفة الصلاة . وفي حديث أبي سعيد من الفوائد ترك مسح جبهة المصلي , والسجود على الحائل , وحمله الجمهور على الأثر الخفيف لكن يعكر عليه قوله في بعض طرقه " ووجهه ممتلئ طينا وماء " وأجاب النووي بأن الامتلاء المذكور لا يستلزم ستر جميع الجبهة . وفيه جواز السجود في الطين , وقد تقدم أكثر ذلك في أبواب الصلاة . وفيه الأمر بطلب الأولى والإرشاد إلى تحصيل الأفضل , وأن النسيان جائز على النبي صلى الله عليه وسلم ولا نقص عليه في ذلك لا سيما فيما لم يؤذن له في تبليغه , وقد يكون في ذلك مصلحة تتعلق بالتشريع كما في السهو في الصلاة , أو بالاجتهاد في العبادة كما في هذه القصة , لأن ليلة القدر لو عينت في ليلة بعينها حصل الاقتصار عليها ففاتت العبادة في غيرها , وكان هذا هو المراد بقوله " عسى أن يكون خيرا لكم " كما سيأتي في حديث عبادة . وفيه استعمال رمضان بدون شهر , واستحباب الاعتكاف فيه , وترجيح اعتكاف العشر الأخير , وأن من الرؤيا ما يقع تعبيره مطابقا , وترتب الأحكام على رؤيا الأنبياء . وفي أول قصة أبي سلمة مع أبي سعيد المشي في طلب العلم , وإيثار المواضع الخالية للسؤال , وإجابة السائل لذلك واجتناب المشقة في الاستفادة , وابتداء الطالب بالسؤال , وتقدم الخطبة على التعليم وتقريب البعيد في الطاعة وتسهيل المشقة فيها بحسن التلطف والتدريج إليها , قيل ويستنبط منه جواز تغيير مادة البناء من الأوقاف بما هو أقوى منها وأنفع .


 

رد مع اقتباس