عرض مشاركة واحدة
قديم 11-08-2017   #5


هدوء الليل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2062
 تاريخ التسجيل :  25 - 08 - 2015
 أخر زيارة : 26-08-2019 (06:17 PM)
 المشاركات : 17,147 [ + ]
 التقييم :  159
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: أهمية التوحيد وثمراته





السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

تابع أهمية التوحيد وثمراته :

5- التوحيد من أجله أنزل الله الكتب:

قال تعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ﴾ [هود: 1- 2]، "يقول - تعالى -: هذا ﴿ كِتَابٌ ﴾ عظيم، ونُزُل كريم، ﴿ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ﴾؛ أي: أُتْقِنت وأُحْسِنَت، صادقة أخبارها، عادلة أوامرها ونواهيها، فصيحة ألفاظه بهية معانيه، ﴿ ثُمَّ فُصِّلَتْ ﴾؛ أي: ميزت، بينت بيانًا في أعلى أنواع البيان، ﴿ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ ﴾ يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها، لا يأمر ولا ينهى إلا بما تقتضيه حكمته، ﴿ خَبِيرٍ ﴾ مطَّلع على الظواهر والبواطن، فإذا كان إحكامه وتفصيله من عند الله الحكيم الخبير فلا تسأل بعد هذا عن عظمته وجلالته واشتماله على كمال الحكمة وسعة الرحمة، وإنما أنزل الله كتابه لأجل ﴿ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ ﴾؛ أي: لأجل إخلاص الدين كله لله، وألاّ يشرك به أحد من خلقه، ﴿ إِنَّنِي لَكُمْ ﴾ أيُّها الناس ﴿ مِنْهُ ﴾؛ أي: من الله ربكم ﴿ نَذِيرٌ ﴾ لِمَن تجرَّأ على المعاصي، بعقاب الدنيا والآخرة ﴿ وَبَشِيرٌ ﴾ للمطيعين لله، بثواب الدنيا والآخرة"[26].

"فهذه الآية الكريمة فيها الدلالة الواضحة على أن الحكمة العظمى التي أُنزل القرآن من أجلها هي: أن يُعبد الله - جلَّ وعلا - وحده، ولا يُشرك به في عبادته شيء؛ لأن قوله - جل وعلا -: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ﴾ - صريح في أن آيات هذا الكتاب فصِّلت من عند الحكيم الخبير؛ لأجل أن يُعبد الله وحده"[27].

"أي: نزل هذا القرآن المحكم المفصَّل لعبادة الله وحده لا شريك له؛ كقوله - تعالى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون ﴾ [الأنبياء: 25]، وقال: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36][28].
"وعبادة الله وحده هي أصل الدين، وهو التوحيد الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب"[29].


6- التوحيد هو أوَّل ما ندعو الناس إليه:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه -: ((إنك تقدم على قومٍ من أهل الكتاب، فليكن أوَّل ما تدعوهم إليه أن يوحِّدوا الله - تعالى...))[30].

"قوله: ((ستأتي قومًا أهل كتاب)) هي كالتوطئة للوصية لتستجمع همته عليها؛ لكون أهل الكتاب أهل علم في الجملة، فلا تكون العناية في مخاطبتهم كمخاطبة الجُهَّال من عَبَدَة الأوثان، وليس فيه أن جميع مَنْ يقدم عليهم من أهل الكتاب، بل يجوز أن يكون فيهم من غيرهم، وإنما خصَّهم بالذكر تفضيلاً لهم على غيرهم، قوله: ((فإذا جئتهم)) قيل: عبر بلفظ (إذا) تفاؤلاً بحصول الوصول إليهم، قوله: ((فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله))، كذا للأكثر وقد تقدَّم في أوَّل الزكاة بلفظ: ((وأنِّى رسول الله))، كذا في رواية زكريا بن إسحاق لم يختلف عليه فيها، وأمَّا إسماعيل بن أمية ففي رواية روح بن القاسم عنه: ((فأوَّل ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله...))، وفي رواية الفضل بن العلاء عنه: ((إلى أن يوحدوا الله، فإذا عرفوا ذلك...))، ويجمع بينها بأن المراد بعبادة الله توحيده، وبتوحيده الشهادة له بذلك ولنبيه بالرسالة، ووقعت البداءة بهما؛ لأنهما أصل الدين الذي لا يصحُّ شيءٌ غيرهما إلا بهما، فمَن كان منهم غير موحِّد فالمطالبة متوجِّهة إليه بكل واحدة من الشهادتين على التعيين، ومَن كان موحِّدًا فالمطالبة له بالجمع بين الإقرار بالوحدانية والإقرار بالرسالة وإن كانوا يعتقدون ما يقتضي الإشراك أو يستلزمه؛ كمَن يقول ببنوَّة عزير، أو يعتقد التشبيه، فتكون مطالبتهم بالتوحيد لنفي ما يلزم من عقائدهم"[31].

"وإذا أراد الدعوة إلى ذلك، فليبدأ بالدعوة إلى التوحيد الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله؛ إذ لا تصحُّ الأعمال إلا به، فهو أصلها الذي تبنى عليه، ومتى لم يوجد لم ينفع العمل، بل هو حابط، إذ لا تصحُّ العبادة مع الشرك؛ كما قال - تعالى -: ﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾ [التوبة: 17]، ولأن معرفة معنى هذه الشهادة هو أول واجب على العباد، فكان أوَّل ما يبدأ به في الدعوة"[32].

فالتوحيد هو أوَّل شيء أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة إليه، وهذا ليس خاصًّا بمعاذ - رضي الله عنه - بل هو عامٌّ لكل مَن يدعو إلى الله - عز وجل - أن يبدأ بهذا الأصل، فإن هم أطاعوه لذلك وشهدوا أن لا إله إلا الله واعترفوا بعقيدة التوحيد حينئذٍ، فمُرْهم بالصلاة والزكاة، أمَّا بدون ذلك فلا تأمرهم بالصلاة؛ لأنه لا فائدة للصلاة والزكاة ولسائر الأعمال - ولو كَثُرت - بدون توحيد.

وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وجعلنا من أهل التوحيد الخالص.




 

رد مع اقتباس