عرض مشاركة واحدة
قديم 22-09-2015   #8


طالبة العلم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1561
 تاريخ التسجيل :  20 - 06 - 2014
 أخر زيارة : 15-06-2023 (11:13 AM)
 المشاركات : 24,997 [ + ]
 التقييم :  17
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Green
رد: هكذا حج الصالحون والصالحات



( 8 ) الصالحون... وماء زمزم
- قال ابن عيينة: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اللهم إني أشربه لظمأ يوم القيامة.
- وقال عكرمة: كان ابن عباس رضي الله عنهما إذا شرب من ماء زمزم قال: اللهم علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء.
- قال الحسن بن عيسى: رأيت ابن المبارك دخل زمزم فاستقى دلوا واستقبل البيت ثم قال: اللهم إن عبد الله بن المؤمل حدثني عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ماء زمزم لما شرب له» اللهم أني أشربه لعطش يوم القيامة فشرب.
- وقال أبو بكر محمد بن جعفر سمعت ابن خزيمة وسئل من أين أوتيت هذا العلم؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له» وإني لما شربت ماء زمزم سألت الله علما نافعا.
- وقال ابن عساكر: سمعت الحسين بن محمد يحدث عن أبي الفضل بن خيرون أو غيره أن الخطيب البغدادي ذكر أنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات وسأل الله ثلاث حاجات أخذا بالحديث «ماء زمزم لما شرب له» فالحاجة الأولى: أن يحدث بتاريخ بغداد بها، الثانية: أن يملي الحديث بجامع المنصور، الثالثة: أن يدفن عند بشر الحافي، فقضى الله له ذلك.
- قال أبو بكر ابن العربي: ولقد كنت بمكة مقيما في ذي الحجة سنة تسع وثمانين وأربعمائة، وكنت أشرب ماء زمزم كثيرا، وكلما شربته نويت به العلم والإيمان، حتى فتح الله لي بركته في المقدار الذي يسره لي من العلم، ونسيت أن أشربه للعمل، ويا ليتني شربته لهما حتى يفتح الله علي فيهما، ولم يقدر، فكان صغوي إلى العلم أكثر منه إلى العمل، ونسأل الله الحفظ والتوفيق برحمته.
- وقال الحافظ أبو حازم العبدويي: سمعت الحاكم أبا عبد الله – إمام أهل الحديث في عصره – يقول: شربت ماء زمزم، وسألت الله أن يرزقني حسن التصنيف. وقال أبو الفضل بن الفلكي الهمذاني: كان كتاب «تاريخ النيسابوريين» الذي صنفه الحاكم أبو عبد الله بن البيع أحد ما رحلت إلى نيسابور بسببه، وبلغني أنه شرب ماء زمزم بنية التصنيف والجمع، فرزق حسن التصنيف.
- وفي ترجمة الشيخ يحيى بن أحمد الأنصاري القرطبي أنه شرب ماء زمزم لحفظ القرآن، فتيسر عليه حفظه في أقرب مدة.
- وفي ترجمة الحافظ البلقيني: أنه لم يكن له تقدم اشتغال في العربية وأنه حج... فشرب ماء زمزم لفهمها فلما رجع أدمن النظر فيها فمهر فيها في مدة يسيرة.
- وقال ابن حجر: واشتهر عن الشافعي الإمام أنه شرب ماءا زمزم للرمي، فكان يصيب من كل عشرة تسعة، وشربه الحاكم أبو عبد الله لحسن التصنيف ولغير ذلك، فصار أحسن أهل عصره تصنيفا، ولا يحصى كم شربه من الأئمة لأمور نالوها، وقد ذكر لنا الحافظ زين الدين العراقي أنه شربه لشيء فحصل له.
ثم قال الحافظ ابن حجر: وأنا شربته مرة وسألت الله – وأنا حينئذ في بداية طلب الحديث – أن يرزقني حالة الذهبي في حفظ الحديث، ثم حججت بعد مدة تقرب من عشرين سنة، وأنا أجد من نفسي المزيد على تلك المرتبة، فسألته رتبة أعلى منها، فأرجو الله أن أنال ذلك. وقال السيوطي: حكي عن شيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر أنه قال: شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ، فبلغها وزاد عليها.
وأخبار العلماء والصالحين في هذا الباب كثيرة، ومن الممكن أن تفرد بجزء يجمعها ويحقق القول فيها.
التعليق: ثبت في «صحيح مسلم» في حديث إسلام أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: «متى كنت ها هنا؟» قال: قلت: قد كنت ها هنا منذ ثلاثين بين ليلة ويوم، قال: «فمن كان يطعمك؟» قال: قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عُكَنُ بطني وما أجد علي كبدي سخفة جوع قال: «إنها مباركة إنها طعام طعم».
قال أبو بكر ابن العربي: «وقد اجتزأ به أبو ذر ليالي أقام بمكة ينتظر لقاء النبي ليستمع منه قال: حتى سمنت وتكسرت عكن بطني، وكان لا يجترئ على السؤال، ولا يمكنه الظهور، ولا التكشف، فأغناه الله بماء زمزم عن الغذاء، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذا موجود فيه إلى يومه ذلك، وكذلك يكون إلى يوم القيامة لمن صحت نيته وسلمت طويته، ولم يكن به مُكذبا، ولا شربه مُجرِّبا، فإن الله مع المتوكلين وهو يفضح المجربين».
قال ابن القيم: «ماء زمزم: سيد المياه وأشرفها وأجلها قدرا، وأحبها إلى النفوس، وأغلاها ثمنا، وأنفسها عند الناس، وهو هزمة جبريل، وسقيا الله إسماعيل،... وفي «سنن ابن ماجه» من حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ماء زمزم لما شرب له».
وقد ضعف هذا الحديث طائفة بعبد الله بن المؤمل – راويه عن محمد بن المنكدر – وقد روينا عن عبد الله بن المبارك أنه لما حج أتى زمزم فقال: اللهم إن ابن أبي الموالي حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر صلى الله عليه وسلم عن نبيك أنه قال: «ماء زمزم لما شرب له» وإني أشربه لظمأ يوم القيامة.
وابن أبي الموالي ثقة، فالحديث إذا حسن، وقد صححه بعضهم، وجعله بعضهم موضوعا وكلا القولين فيه مجازفة، وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أمورا عجيبة واستشفيت به من عدة أمراض، فبرأت بإذن الله، وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريبا من نصف الشهر أو أكثر، ولا يجد جوعا، ويطوف مع الناس كأحدهم، وأخبرني أنه ربما بقي عليه أربعين يوما وكان له قوة يجامع بها أهله ويصوم ويطوف مرارا».
وقال أيضا: «ولقد أصابني أيام مقامي بمكة أسقام مختلفة، ولا طبيب هناك ولا أدوية كما في غيرها من المدن، فكنت أستشفي بالعسل وماء زمزم، ورأيت فيهما من الشفاء أمرا عجيبا..».
قال ابن حجر – تعليقا على قول البخاري «باب ما جاء في زمزم» -: «قوله: (باب ما جاء في زمزم) كأنه لم يثبت عنده في فضلها حديث على شرطه صريحا، وقد وقع في مسلم من حديث أبي ذر أنها طعام طعم، زاد الطيالسي من الوجه الذي أخرجه منه مسلم: وشفاء سقم، وفي المستدرك من حديث ابن عباس مرفوعا: ماء زمزم لما شرب له، رجاله موثقون إلا أنه اختلف في إرساله ووصله، وإرساله أصح، وله شاهد من حديث جابر، وهو أشهر منه أخرجه الشافعي وابن ماجه، ورجاله ثقات إلا عبد الله بن المؤمل المكي فذكر العقيلي أنه تفرد به، لكن ورد من رواية غيره عند البيهقي من طريق إبراهيم بن طهمان ومن طريق حمزة الزيات كلاهما عن أبي الزبير عن جابر، ووقع في فوائد ابن المقرئ من طريق سويد بن سعيد عن ابن المبارك عن ابن أبي الموالي عن ابن المنكدر عن جابر، وزعم الدمياطي أنه على رسم الصحيح وهو كما قال من حيث الرجال إلا أن سويدا وإن أخرج له مسلم فإنه خلط وطعنوا فيه، وقد شذ بإسناده، والمحفوظ عن ابن المبارك عن ابن المؤمل وقد جمعت في ذلك جزءا، والله أعلم».
وفي حديث جابر بن عبد الله في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم - وحديث جابر أطول حديث في صفة الحج وأصل في هذا الباب – قال: ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم، فقال: «انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم»، فناولوه دلوا فشرب منه؟ .
وبركة ماء زمزم لا تختص بشربه بل تشمل الاغتسال به طلبا للشفاء، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري عن أبي جمرة الضبعي قال: كنت أجالس ابن عباس بمكة فأخذتني الحمى فقال: أبردها عنك بماء زمزم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء» أو قال: «بماء زمزم» - شك همام -.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: ورأيته – رأى أباه – غير مرة يشرب من ماء زمزم يستشفي به، ويمسح به يديه ووجهه. ويقتصر في ذلك على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن السلف الصالح.
لطيفة: قال الحميدي: كنا عند سفيان بن عيينة فحدثنا بحديث «ماء زمزم لما شرب له» فقام رجل من المجلس ثم عاد فقال: يا أبا محمد! أليس الحديث الذي قد حدثتنا في زمزم صحيحا؟ فقال: بلى، فقال الرجل: فإني شربت الآن دلوا من زمزم على أن تحدثني بمائة حديث! فقال سفيان: اقعد. فقعد، فحدثه بمائة حديث.
تنبيه: يذكر على بعض الألسنة أن فضيلته ما دام في محله فإذا نقل يتغير وهو شيء لا أصل به، وقد وردت آثار عديدة عن السلف في نقل ماء زمزم، وأما ما ورد مرفوعا فلم يصح. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «من حمل شيئا من ماء زمزم جاز فقد كان السلف يحملونه».
فائدة: حديث لا يثبت: أخرج ابن ماجه (رقم (2061)، وعبد الرزاق (رقم: 9111) – ومن طريقه الطبراني في الكبير (رقم (11246) -، والدارقطني (رقم: 2736) تحقيق التركي) وغيرهم عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: كنت عند ابن عباس جالسا فجاءه رجل فقال: من أين جئت؟ قال: من زمزم. قال: فشربت منها كما ينبغي؟ قال: وكيف؟ قال: إذا شربت منها فاستقبل الكعبة، واذكر اسم الله، وتنفس ثلاثا، وتضلع منها، فإذا فرغت فاحمد الله عز وجل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم».
وهذا الحديث لا يصح لما فيه من الاضطراب والاختلاف، ولم يصب من صححه بتعدد طرقه، والله أعلم.