عرض مشاركة واحدة
قديم 11-08-2017   #3


هدوء الليل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2062
 تاريخ التسجيل :  25 - 08 - 2015
 أخر زيارة : 26-08-2019 (06:17 PM)
 المشاركات : 17,147 [ + ]
 التقييم :  159
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: أهمية التوحيد وثمراته






السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

تابع أهمية التوحيد وثمراته :

3- التوحيد من أجله أخذ الله الميثاق على بني آدم:
قال - تعالى -: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172]، "يخبر - تعالى - أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم، وأنه لا إله إلا هو، كما أنه - تعالى - فطرهم على ذلك وجَبَلهم عليه؛ قال - تعالى -: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾ [الروم: 30]، وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كل مولود يُولَد على الفطرة - وفي رواية: على هذه الملة - فأبواه يهوِّدانه وينصِّرانه ويمجِّسانه، كما تولد بهيمة جمعاء، هل تحسُّون فيها من جدعاء))، وفي "صحيح مسلم" عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يقول الله: إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرَّمت عليهم ما أحللت لهم))، وقال الإمام أبو جعفر بن جرير - رحمه الله -: "حدثنا يونس بن عبدالأعلى، حدثنا ابن وهب، أخبرني السَّرِيُّ بن يحيى: أن الحسن بن أبي الحسن حدثهم، عن الأسود بن سريع من بني سعد قال: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع غزوات، قال: فتناول القوم الذرية بعد ما قتلوا المقاتلة، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاشتدَّ عليه، ثم قال: ((ما بال أقوام يتناولون الذريَّة؟))، فقال رجل: يا رسول الله، أليسوا أبناء المشركين؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن خياركم أبناء المشركين، ألا إنَّها ليست نسمة تولد إلا وُلِدَت على الفطرة، فما تزال عليها حتى يبين عنها لسانها؛ فأبواها يهوِّدانها، وينصِّرانها))، قال الحسن: والله لقد قال الله في كتابه: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ [الأعراف: 172] الآية، وقد رواه الإمام أحمد، عن إسماعيل بن علية، عن يونس بن عبيد، عن الحسن البصري به، وأخرجه النسائي في "سننه" من حديث هُشَيم، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، قال: حدثني الأسود بن سريع فذكره ولم يذكر قول الحسن البصري واستحضاره الآية عند ذلك، وقد وردت أحاديث في أخذ الذريَّة من صلب آدم - عليه السلام - وتمييزهم إلى أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، وفي بعضها الاستشهاد عليهم بأنَّ الله ربهم.

قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، حدثنا شعبة، عن أبي عمران الجوني، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء، أكنت مفتديًا به؟ قال: فيقول: نعم، فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك؛ قد أخذت عليك في ظهر آدم ألاّ تشرك بي شيئًا، فأبيت إلاَّ أن تشرك بي))؛ أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة به.

حديث آخر:
قال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا جرير - يعني: ابن حازم - عن كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((أخذ الله الميثاق من ظهر آدم - عليه السلام - بنعمان يوم عرفة، فأخرج من صلبه كلَّ ذرية ذرأها فنثرها بين يديه، ثم كلَّمهم قبلاً؛ قال: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [الأعراف: 172- 173]، وقد روى هذا الحديث النسائي في كتاب التفسير من "سننه" عن محمد بن عبدالرحيم صاعقة، عن حسين بن محمد المروزي به، ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث حسين بن محمد به، إلاَّ أن ابن أبي حاتم جعله موقوفًا، وأخرجه الحاكم في "مستدركه" من حديث حسين بن محمد وغيره، عن جرير بن حازم، عن كلثوم بن جبر به، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد احتجَّ مسلمٌ بكلثوم بن جبر، هكذا قال، وقد رواه عبدالوارث، عن كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فوقفه، وكذا رواه إسماعيل بن عُلَيَّة ووكيع، عن ربيعة بن كلثوم، عن جبر، عن أبيه به، وكذا رواه عطاء بن السائب وحبيب بن أبي ثابت وعلي بن بذيمة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وكذا رواه العوفي وعلي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، فهذا أكثر وأثبت - والله أعلم.

وقال ابن جرير:
حدثنا ابن وكيع، حدثنا أبي، عن أبي هلال، عن أبي حمزة الضُّبَعي، عن ابن عباس قال: أخرج الله ذرية آدم من ظهره كهيئة الذَّرِّ وهو في أذًى من الماء، وقال أيضًا: حدثنا علي بن سهل، حدثنا ضمرة بن ربيعة، حدثنا أبو مسعود، عن جرير، قال: مات ابن الضحاك بن مزاحم ابن ستة أيام، قال: فقال: يا جابر، إذا أنت وضعت ابني في لحده فأبرز وجهه، وحلَّ عنه عُقَدَه، فإن ابني مُجْلَس ومسؤول، ففعلت به الذي أمر، فلما فرغت قلت: يرحمك الله، عمَّ يسأل ابنك؟ مَنْ يسأله إياه؟ قال: يسأل عن الميثاق الذي أقرَّ به في صلب آدم، قلت: يا أبا القاسم، وما هذا الميثاق الذي أقرَّ به في صلب آدم؟ قال: حدثني ابن عباس: إن الله مسح صلب آدم، فاستخرج منه كلَّ نسمة هو خلقها إلى يوم القيامة، فأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وتكفَّل لهم بالأرزاق، ثم أعادهم في صلبه، فلن تقوم الساعة حتى يولد مَن أعطى الميثاق يومئذ، فمَن أدرك منهم الميثاق الآخر فَوَفَى به نفعه الميثاق الأول، ومَن أدرك الميثاق الآخر فلم يقرَّ به لم ينفعه الميثاق الأوَّل، ومَن مات صغيرًا قبل أن يدرك الميثاق الآخر مات على الميثاق الأول - على الفطرة - فهذه الطرق كلها مما تقوِّي وقف هذا على ابن عباس، والله أعلم.

فهذه الأحاديث دالَّة على أن الله - عز وجل - استخرج ذرية آدم من صلبه وميَّز بين أهل الجنة وأهل النار، وأمَّا الإشهاد عليهم هناك بأنه ربُّهم فما هو إلا في حديث كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وفي حديث عبدالله بن عمرو، وقد بيَّنَّا أنهما موقوفان لا مرفوعان كما تقدَّم، ومن ثمَّ قال قائلون من السلف والخلف: إن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد كما تقدَّم في حديث أبي هريرة وعياض بن حمار المجاشعي، ومن رواية الحسن البصري، عن الأسود بن سريع، وقد فسَّر الحسن الآية بذلك قالوا: ولهذا قال: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ ﴾، ولم يقل: من آدم، ﴿ مِنْ ظُهُورِهِمْ ﴾ ولم يقل: من ظهره ﴿ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾؛ أي: جعل نسلهم جيلاً بعد جيل، وقرنًا بعد قرن؛ كقوله - تعالى -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الْأَرْضِ ﴾ [الأنعام: 165]، وقال: ﴿ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ﴾ [النمل: 62]، وقال: ﴿ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آَخَرِينَ ﴾ [الأنعام: 133]، ثم قال: ﴿ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾؛ أي: أوجدهم شاهدين بذلك قائلين له حالاً وقالاً، والشهادة تارة تكون بالقول؛ كقوله: ﴿ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ﴾ الآية، وتارة تكون حالاً كقوله - تعالى -: ﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ ﴾ [التوبة : 17]؛ أي: حالهم شاهد عليهم بذلك لا أنهم قائلون ذلك، وكذا قوله - تعالى -: ﴿ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ﴾ [العاديات: 7]، كما أن السؤال تارةً يكون بالقال وتارة يكون بالحال كقوله: ﴿ وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ﴾ [إبراهيم: 34]، قالوا: ومما يدلُّ على أن المراد بهذا هذا أن جعل هذا الإشهاد حُجَّة عليهم في الإشراك، فلو كان قد وقع هذا كما قال مَن قاله، لكان كلُّ أحد يذكره ليكون حُجَّةً عليه، فإن قيل: إخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - به كافٍ في وجوده، فالجواب أن المكذِّبين من المشركين يكذِّبون بجميع ما جاءتهم به الرسل من هذا وغيره، وهذا جُعِل حجة مستقلَّة عليهم، فدلَّ على أنَّه الفطرة التي فُطِروا عليها من الإقرار بالتوحيد، ولهذا قال: ﴿ أَنْ تَقُولُوا ﴾؛ أي: لئلاَّ تقولوا يوم القيامة: ﴿ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾؛ أي: التوحيد ﴿ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا ﴾" الآية[12].

"﴿ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾؛ أي: أقررهم بإثبات ربوبيته، بما أودعه في فِطَرِهم من الإقرار بأنَّه ربهم وخالقهم، ومليكهم، ﴿ قَالُوا بَلَى ﴾ قد أقررنا بذلك، فإن الله - تعالى - فطر عباده على الدين الحنيف القيم، فكلُّ أحدٍ فهو مفطورٌ على ذلك، ولكن الفطرة قد تتغيَّر وتتبدَّل، بما يطرأ على العقول من العقائد الفاسدة، ولهذا؛ ﴿ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾؛ أي: إنما امتحناكم، حتى أقررتم بما تقرَّر عندكم من أن الله - تعالى - ربكم خشية أن تنكروا يوم القيامة، فلا تقرُّوا بشيءٍ من ذلك، وتزعمون أنَّ حجَّة الله ما قامت عليكم، ولا عندكم بها علم، بل أنتم غافلون عنها لاهون، فاليوم قد انقطعت حُجَّتكم، وثبتت الحجة البالغة لله عليكم، أو تحتجُّون أيضًا بحُجَّة أخرى فتقولون: ﴿ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ﴾ فحذونا حذوهم، وتبعناهم في باطلهم، ﴿ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾، فقد أَوْدَع الله في فِطَرِكم ما يدلُّكم على أن ما مع آبائكم باطل، وأنَّ الحقَّ ما جاءت به الرسل، وهذا يقاوم ما وجدتم عليه آباءَكم ويعلو عليه، نعم، قد يعرض للعبد من أقوال آبائه الضالِّين، ومذاهبهم الفاسدة ما يظنُّه هو الحق، وما ذاك إلا لإعراضه عن حُجَجِ الله وبيِّناته، وآياته الأُفُقية والنفسية، فإعراضه ذلك وإقباله على ما قاله المبطلون ربما صيَّره بحالةٍ يفضِّل بها الباطل على الحق، هذا هو الصواب في تفسير هذه الآيات، وقد قيل: إن هذا يومٌ أخذ الله الميثاق على ذرية آدم، حين استخرجهم من ظهره وأشهدهم على أنفسهم، فشهدوا بذلك، فاحتجَّ عليهم بما أمرهم به في ذلك الوقت على ظلمهم، في كفرهم وعنادهم في الدنيا والآخرة، ولكن ليس في الآية ما يدلُّ على هذا، ولا له مناسبة، ولا تقتضيه حكمة الله - تعالى - والواقع شاهدٌ بذلك، فإنَّ هذا العهد والميثاق الذي ذكروا أنَّه حين أخرج الله ذرية آدم من ظهره حين كانوا في عالم الذَّرِّ، لا يذكره أحدٌ ولا يخطر ببال آدمي، فكيف يحتجُّ الله عليهم بأمر ليس عندهم به خبر، ولا له عين ولا أثر؟! ولهذا لما كان هذا أمرًا واضحًا جليًّا قال - تعالى -: ﴿ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ ﴾ [الأعراف: 174]؛ أي: نبيِّنها ونوضِّحها، ﴿ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾، إلى ما أَوْدَع الله في فطرهم، وإلى ما عاهدوا الله عليه، فيرتدعوا عن القبائح"[13].

"﴿ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾ أن يقولوا؛ أي: لئلاَّ يقولوا، أو كراهية أن يقولوا، ومَن قرأ بالتاء فتقدير الكلام: أخاطبكم: ألست بربكم لئلاَّ تقولوا، ﴿ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾؛ أي: عن هذا الميثاق والإقرار، فإن قيل: كيف تلزم الحُجَّة على أحدٍ لا يذكر الميثاق؟ قيل: قد أوضح الله الدلائل على وحدانيته، وصدق رسله فيما أخبروا، فمَن أنكره كان معاندًا ناقضًا للعهد ولَزِمَتْه الحُجَّة، وبنسيانهم وعدم حفظهم لا يسقط الاحتجاج بعد إخبار المخبر الصادق صاحب المعجزة.

قوله - تعالى -: ﴿ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ﴾، يقول: إنما أُخِذ الميثاق عليكم لئلاَّ تقولوا - أيها المشركون -: ﴿ إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ ﴾ ونقضوا العهد ﴿ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ﴾؛ أي: كنَّا أتباعًا لهم فاقتدينا بهم، فتجعلوا هذا عُذْرًا لأنفسكم وتقولوا: ﴿ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾؛ أفتعذِّبنا بجناية آبائنا المبطلين، فلا يمكنهم أن يحتجُّوا بمثل هذا الكلام بعد تذكير الله - تعالى - بأَخْذ الميثاق على التوحيد، ﴿ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ ﴾؛ أي: نبين الآيات ليتدبرها العباد، ﴿ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ من الكفر إلى التوحيد"[14].

"فهذه الآية تدلُّ على أن الإنسان مجبولٌ بفطرته على شهادته بوجود الله وربوبيته، وسواء أقلنا: إن الله استخرجهم من ظهر آدم واستشهدهم، أم قلنا: إن هذا هو ما ركب الله - تعالى - في فِطَرِهم من الإقرار به؛ فإنَّ الآية تدلُّ على أن الإنسان يعرف ربه بفطرته"[15].


وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وجعلنا من أهل التوحيد الخالص.



 

رد مع اقتباس