عرض مشاركة واحدة
قديم 22-09-2015   #5


طالبة العلم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1561
 تاريخ التسجيل :  20 - 06 - 2014
 أخر زيارة : 15-06-2023 (11:13 AM)
 المشاركات : 24,997 [ + ]
 التقييم :  17
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Green
رد: هكذا حج الصالحون والصالحات



( 5 ) الصالحون... وقلة الكلام في الحج إلا من ذكر الله عز وجل
- قال الجريري: أحرم أنس بن مالك من ذات عرق قال: فما سمعناه متكلما إلا بذكر الله حتى حلّ، فقال: يا ابن أخي هكذا الإحرام.
- قال منصور بن المعتمر: كان شريح – هو: ابن الحارث القاضي – إذا أحرم كأنه حية صماء.
- وقال نافع مولى ابن عمر: لقد أدركت أقواما يطوفون بهذا البيت كأن على رءوسهم الطير خشعا.
- وقال عطاء بن أبي رباح: رأيت عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما يطوفان بالبيت جميعا كأن على رءوسهما الطير تخشعا.
- وقال عطاء: طفت وراء ابن عمر وابن عباس فلم أسمع أحدا منهما يتكلم في الطواف.
- وقال عروة بن الزبير: خطبت إلى عبد الله بن عمر ابنته ونحن في الطواف فسكت ولم يجبني بكلمة! فقلت: لو رضي لأجابني والله لا أراجعه فيها بكلمة أبدا، فقدر له أن صدر إلى المدينة قبلي، ثم قدمت فدخلت مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وأديت إليه من حقه ما هو أهله فأتيته ورحب بي، وقال: متى قدمت؟ فقلت: هذا حين قدومي، فقال: أكنت ذكرت لي سودة بنت عبد الله ونحن في الطواف نتخايل الله عز وجل بين أعيننا، وكنت قادرا أن تلقاني في غير ذلك الموطن، فقلت: كان أمرا قدر! قال: فما رأيك اليوم؟ قلت: أحرص ما كنت عليه قط! فدعا ابنيه سالما وعبد الله فزوجني.
- وقال خلّاد بن عبد الرحمن: سألت سعيد بن جبير: أي الحاج أفضل؟ قال: من أطعم الطعام وكف لسانه. قال الثوري: سمعنا أنه من بر الحج. قلت: ويروى هذا مرفوعا ولا يصح.
التعليق: قال ابن قدامة – تعليقا على قول أبي القاسم الخرقي: «ويستحب له قلة الكلام إلا فيما ينفع وقد روي عن شريح أنه كان إذا أحرم كأنه حية صماء» -: «وجملة ذلك أن قلة الكلام فيما لا ينفع مستحبة في كل حال، صيانة لنفسه عن اللغو والوقوع في الكذب وما لا يحل، فإن من كثر كلامه كثر سقطه... وهذا في حال الإحرام أشد استحبابا، لأنه حال عبادة واستشعار بطاعة الله عز وجل فيشبه الاعتكاف، وقد احتج أحمد على ذلك بأن شريحا رحمه الله كان إذا أحرم كأنه حية صماء، فيستحب للمحرم أن يشتغل بالتلبية وذكر الله تعالى، أو قراءة القرآن، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر، أو تعليم لجاهل، أو يأمر بحاجته، أو يسكت، وإن تكلم بما لا مأثم فيه، أو أنشد شعرا لا يقبح، فهو مباح ولا يكثر».
قلت: وقد قال تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [الحج: 197] قال العلامة السعدي في تفسيره (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) أي: يجب أن تعظموا الإحرام بالحج، وخصوصا الواقع في أشهره، وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه من الرفث وهو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية، خصوصا عند النساء بحضرتهن، والفسوق وهو جميع المعاصي ومنها محظورات الإحرام، والجدال وهو المماراة والمنازعة والمخاصمة لكونها تثير الشر وتوقع العداوة، والمقصود من الحج الذل والانكسار لله والتقرب إليه بما أمكن من القربات والتنزه عن مقارفة السيئات، فإنه بذلك يكون مبرورا، والمبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان فإنها يتغلظ المنع عنها في الحج».
أخي الحاج... غفل بعض الحجاج عن هذا الهدي العظيم لسلفنا الصالح فأخذ يطلق لسانه في كل شيء، وربما لم يتورع عن السباب والمراء والخصومات، فضلا عن فضول الكلام، فتراه يشتم هذا، ويسب هذا، ويخاصم ذاك، وبقية نهاره في قيل وقال وكثرة الكلام!! فقل بربك: متى يقرأ هذا الصنف من الحجاج كتاب الله؟ ! ومتى يعيش مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت هذه حاله؟ !.
إن هذا النوع من الحجاج لم يستشعر حرمة الزمان والمكان والحال التي هو عليها، فالله المستعان.
إن على الحاج أن يجعل له برنامجا علميا وعمليا في الحج فيختم القرآن، ويحافظ على الأوراد والأذكار، ويلزم الدعاء في الليل والنهار، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويعلم الجاهل، ويساعد المحتاج. ويجاهد نفسه على ذلك، خاصة إذا كان في حملة من حملات الحج والتي يكون لفضول الكلام فيها لذة حيث إن الناس مجتمعون في مكان واحد، وليس عندهم شغل، والوضع مهيأ!.
ومن المهم التنبه إلى ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: «فالسكوت بلا قراءة ولا ذكر ولا دعاء ليس عبادة ولا مأمورا به، بل يفتح باب الوسوسة، فالاشتغال بذكر الله أفضل من السكوت، وقراءة القرآن من أفضل الخير وإذا كان كذلك فالذكر بالقرآن أفضل من غيره...».
فيا حجاج بيت الله حجوا كما حج الصالحون، واحذروا الجدال والمراء، وإياكم وفضول الكلام، واشتغلوا بالذكر وقراءة القرآن والعلم والتعليم.. فأيام الحج قليلة يوشك أن تنقضي.