عرض مشاركة واحدة
قديم 12-09-2018   #39126
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 2 أسابيع (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كل يوم حديث (( الموضوع متجدد ))



عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: ((لا تغضب))، فردد مرارًا، قال: ((لا تغضب))؛ رواه البخاري.

منزلة الحديث:
قال الجرداني - رحمه الله -: إن هذا الحديث حديث عظيم، وهو من جوامع الكلم؛ لأنه جمع بين خيري الدنيا والآخرة[1].

قال ابن التين - رحمه الله -: جمع في قوله: ((لا تغضب)) خير الدنيا والآخرة؛ لأن الغضب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق، وربما آل إلى أن يؤذي المغضوب عليه، فينقص ذلك من الدين[2].

قال ابن حجر الهيتمي - رحمه الله -: هذا الحديث من بدائع جوامع كلمه التي خص بها صلى الله عليه وسلم[3].

قال الفشني - رحمه الله -: هذا الحديث عظيم يتضمن دفع أكثر شرور الإنسان؛ لأن الشخص في حال حياته بين لذة وألم؛ فاللذة سببها ثوران الشهوة أكلًا وشربًا وجماعًا ونحو ذلك، والألم سببه ثوران الغضب، فإذا اجتنبه يدفع عنه نصف الشر، بل أكثر[4].

قال المناوي - رحمه الله -: حديث الغضب هذا ربع الإسلام؛ لأن الأعمال خير وشر، والشر ينشأ عن شهوة أو غضب، والخير يتضمن نفي الغضب، فتضمن نفي الشر، وهو ربع المجموع[5].

ونقل ابن حجر - رحمه الله - عن بعضهم قال: تفكرت فيما قال - أي قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تغضب)) - فإذا الغضب يجمع الشر كله[6].

غريب الحديث:
رجلًا: قيل: هو أبو الدرداء، فقد خرَّج الطبراني من حديث أبي الدرداء قال: قلت: يا رسول الله، دلني على عمل يدخلني الجنة، فقال: ((لا تغضب ولك الجنة))[7].

وقيل: هو جارية بن قدامة رضي الله عنه، وقد روى الأحنف بن قيس عن عمه جارية بن قدامة: أن رجلًا قال: يا رسول الله، قل لي قولًا وأقلِلْ عليَّ؛ لعلِّي أعقِله، قال: ((لا تغضب))، فأعاد عليه مرارًا كل ذلك يقول: ((لا تغضب))[8].

أوصني: دلني على عمل ينفعني.
لا تغضب: تجنَّبْ أسباب الغضب.

شرح الحديث:
((أوصني)) فهذا الرجل طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصيه وصية وجيزة جامعة لخصال الخير؛ ليحفظها عنه، خشية ألا يحفظها لكثرتها.

((لا تغضب)) وصاه النبي صلى الله عليه وسلم ألا يغضب، ثم ردد هذه المسألة عليه مرارًا والنبي صلى الله عليه وسلم يردد عليه هذا الجواب، فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير.

قال العيني: لعل الرجل كان غَضُوبًا فوصاه بتركه[9].

وقال الخطابي: معنى ((لا تغضب)): لا تتعرض لأسباب الغضب والأمور التي تجلب الغضب، أو: لا تفعل ما يأمرك به الغضب، ويحملك عليه من الأقوال والأفعال[10].

وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الذي يملك نفسه عند الغضب، فقال من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((ليس الشديدُ بالصُّرَعةِ، إنما الشديد الذي يملِكُ نفسه عند الغضب))[11].

وقال تعالى: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 134].

وعن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كظم غيظًا - وهو يستطيع أن ينفذه - دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيره من أي الحور العِين شاء))[12].

علاج الغضب:
أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
أن يتذكر الإنسان ما جاء في فضل الحِلْم وكَظْم الغيظ.
أن يتذكر الإنسان ما يترتب عليه من مفاسد.
يغير الحالة التي هو عليها، فيجلس إن كان واقفًا، ويضطجع إن كان جالسًا، ليهدأ عنه الغضب.
يغتسل أو يتوضأ؛ إذ الغضب من الشيطان، والشيطان خُلق من نار، والماء يطفئ النار.
يتذكر الإنسان قدرة الله عليه.
يتذكر الإنسان حِلْمَ الله على عباده.

الفوائد من الحديث:
1 - حرص المسلم على النصح والسؤال عن أبواب الخير.
2 - تكرار الكلام حتى يعيه السامع ويدرك أهميته.
3 - الحديث يحذر من آفات اللسان.
4 - الحديث يحث على اجتناب أسباب الغضب ونتائجه من الأقوال والأفعال.
5 - يجب على المسلم أن يتحلى بمكارم الأخلاق.

[1] الجواهر اللؤلؤية شرح الأربعين النووية (154).

[2] فتح الباري (10/ 536 ح 6116).

[3] فتح المبين (138).

[4] المجالس السنية (96).

[5] فيض القدير (6/ 537 ح 9837).

[6] فتح الباري (10/ 536 ح 6116).

[7] رواه الطبراني بإسنادين أحدهما صحيح (الترغيب والترهيب 3/ 446، الترهيب عن الغضب).

[8] رواه الإمام أحمد في المسند (3/ 484 ح 15964)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أن جارية بن قدامة لم يخرج له الشيخان ولا أحدهما.

[9] عمدة القاري شرح البخاري (22/ 256 ح 6116).

[10] فتح الباري (10/ 536 ح 6116).

[11] رواه البخاري (4/ 112 ح 6114)، مسلم (2609).

[12] رواه أبو داود (4/ 248 ح 4777)، الترمذي (2021)، ابن ماجه (4186).



 

رد مع اقتباس