عرض مشاركة واحدة
قديم 22-09-2015   #10


طالبة العلم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1561
 تاريخ التسجيل :  20 - 06 - 2014
 أخر زيارة : 15-06-2023 (11:13 AM)
 المشاركات : 24,997 [ + ]
 التقييم :  17
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Green
رد: هكذا حج الصالحون والصالحات



(10) الصالحون.. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة للمسلمين في الحج
- قال بشر بن الحارث: رأى فضيل بن عياض رجلا يسأل في الموقف فقال له: أفي هذا الموضع تسأل غير الله عز وجل؟ !!.
- وقال يعلى بن حرملة: تكلم الحجاج يوم عرفة بعرفات فأطال الكلام، فقال عبد الله بن عمر: ألا إن اليوم يوم ذكر فأمضى الحجاج قال فأعادها عبد الله مرتين أو ثلاثا ثم قال: يا نافع ناد بالصلاة فنزل الحجاج. قلت: وقد كان عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر في الحج.
- وقال أبو نعيم: قدم المهدي مكة وسفيان الثوري بمكة، فدعاه فقال له سفيان – وقد رأى ما قد هيأه للحج -: اتق الله واعلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حج فأنفق ستة عشر دينارا، وفي رواية: قال سفيان: ما هذه الفساطيط؟ ما هذه السرادقات؟ حج عمر بن الخطاب فسأل: كم أنفقنا في حجتنا هذه؟ فقيل: كذا وكذا دينارا – ذكر شيئا يسيرا – فقال: لقد أسرفنا.
- وقال سفيان الثوري: أدخلت على المهدي بمنى فقلت له: اتق الله فإنما أنزلت هذه المنزلة، وصرت في هذا الموضع بسيوف المهاجرين والأنصار؛ وأبناؤهم يموتون جوعا، حج عمر بن الخطاب فما أنفق إلا خمسة عشر دينارا، وكان ينزل تحت الشجر فقال لي: أتريد أن أكون مثلك؟ قلت: لا تكن مثلي، ولكن كن دون ما أنت فيه، وفوق ما أنا فيه! فقال لي: اخرج.
التعليق: قلت: ومن صور إنكار النبي صلى الله عليه وسلم للمنكر في الحج ما ثبت في «الصحيحين» عن عبد الله بن عباس قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله عز وجل على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: «نعم» وذلك في حجة الوداع.
وفي هذا الحديث العظيم فوائد:
- مشروعية تغيير المنكر بحسب ما يقدر عليه إذا رآه.
- الرفق في إنكار المنكر وسلوك الحكمة في ذلك، وهذا أمر ينبغي التنبه له والتنبيه عليه قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهنا يغلط فريقان من الناس: فريق يترك ما يجب من الأمر والنهي... والفريق الثاني: من يريد أن يأمر وينهى إما بلسانه وإما بيده مطلقا من غير فقه ولا حلم ولا صبر ولا نظر في ما يصلح من ذلك وما لا يصلح، وما يقدر عليه وما لا يقدر كما في حديث أبي ثعلبة الخشني سألت عنها – أي الآية – رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك – يعني بنفسك – ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر الصبر فيه مثل قبض على الجمر، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله»، فيأتي بالأمر والنهي معتقدا أنه مطيع في ذلك لله ورسوله، وهو معتد في حدوده، كما نصب كثير من أهل البدع والأهواء نفسه للأمر والنهي كالخوارج والمعتزلة والرافضة، وغيرهم ممن غلط فيما أتاه من الأمر والنهي والجهاد وغير ذلك، فكان فساده أعظم من صلاحه!، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على جور الأئمة ونهى عن قتالهم ما أقاموا الصلاة، وقال: «أدوا إليهم حقوقهم وسلوا الله حقوقكم».. ولهذا كان من أصول أهل السنة والجماعة لزوم الجماعة وترك قتال الأئمة وترك القتال في الفتنة».
- ومنها تحريم النظر إلى الأجنبية.
- وفيه دليل على أنه يجب على الإمام أن يحول بين الرجال والنساء اللواتي لا يؤمن عليهن ولا منهن الفتنة، ومن الخروج والمشي منهن في الحواضر والأسواق وحيث ينظرن إلى الرجال وينظر إليهن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء».
- وفيه إباحة الارتداف، وذلك من التواضع وأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها سنن مرغوب فيها بحسن التأسي بها على كل حال، وجميل الارتداف بالجليل من الرجال.
ومن صور إنكار النبي صلى الله عليه وسلم للمنكر ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان ربط يده إلى إنسان بسير أو بخيط أو بشيء غير ذلك فقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال: «قده بيده»، وفي لفظ: «مر برجل وهو يطوف بالكعبة يقوده إنسان بخزامة في أنفه فقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم أمره أن يقوده بيده»، بوب البخاري على هذا الحديث بقوله: «باب إذا رأى سيرا أو شيئا يكره في الطواف قطعه»، قال ابن بطال: «وإنما قطعه لأن القود بالأزمة إنما يفعل بالبهائم وهو مثله»، وقال ابن بطال أيضا: «في هذا الحديث: إنه يجوز للطائف فعل ما خف من الأفعال، وتغيير ما يراه الطائف من المنكر».
وقال النووي: «قطعه صلى الله عليه وسلم السير محمول على أنه لم يمكن إزالة هذا المنكر إلا يقطعه».
قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في نصيحة كتبها للحجاج جاء فيها: «ونصيحتي لنفسي ولإخواني الحجاج والمسلمين في كل مكان... أن يقوموا بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمر الله به المسلمين كل بحسب استطاعته كما قال سبحانه (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وجاء في الحديث الصحيح: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» فولاة الأمور يغيرون المنكر باليد ممن لهم عليهم ولاية، وهكذا كل من له قدرة على الإنكار باليد، كرب البيت، ورئيس الحسبة حسب ما لديه من الصلاحيات ونحوهم».
قلت: لا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة للمسلمين هي سفينة النجاة لهذه الأمة الوسط، والعقلاء يعلمون أن من أعظم أسباب الفتن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان، فقد يذنب الرجل أو الطائفة، ويسكت آخرون عن الأمر والنهي، فيكون ذلك من ذنوبهم، و ينكر عليهم آخرون إنكارا منهيا عنه، فيكون ذلك من ذنوبهم، فيحصل التفرق والاختلاف والشر، وهذا من أعظم الفتن والشرور قديما وحديثا... ومن تدبر الفتن الواقعة رأى سببها ذلك، ورأى أن ما وقع بين أمراء الأمة وعلمائها، ومن دخل في ذلك من ملوكها ومشايخها ومن تبعهم من العامة من الفتن هذا أصلها».
ومجالات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة في موسم الحج وأهمها وأعظمها:
- التحذير من الشرك والبدع! وكم من شخص جاء إلى الحج وهو متلبس بالشرك وواقع في البدع، ثم رجع إلى بلده وهو داعية إلى التوحيد، ونبذ الشرك.
- ومنها كذلك النهي عن المحرمات العامة من الفسوق بجميع أنواعه من كذب وغش وخيانة وغيبة ونميمة واستهزاء، واستماع إلى المعازف والأغاني المحرمة، وشرب الدخان والتصوير وحلق اللحى، وكذلك يأمر بالحجاب ويحذر من السفور.
فيا حجاج بيت الله حجوا كما حج الصالحون، ومروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، واصبروا فإن الله مع الصابرين.