عرض مشاركة واحدة
قديم 06-12-2017   #12
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: زهرة من بستان الخير



بسم الله ..
والصلاة والسلام على رسول الله

إذا أقبل الظلام ،
ونام الأنام ،
وخيم السكون
وتوقف الكلام ،
وثقُلت الجوارحُ والعظام ،
وحل دور الرؤى والأحلام ،
حيينها يبرز الرجالُ الكِرام ،
الذين يقطعون سواد الليل بالقيام ،
يطلبون رحمة الواحد العلام .

وإن لله عباداً فطنا ****
تركوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا ****
أنها ليست لحي سكنا
جعلوها لجّة واتخذوا ****
صالح الأعمال فيها سفنا

قيام الليل من العبادات العظيمة
الخالصة بين العبد وربه ،
فهي عبادة جليلة ذكرها الله –
جل جلالة – في محكم تنزيله
وقال : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسْجُدْ لَهُ وَسَبّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً)
[ الإنسان 26 ]
وقال سبحانه :
( أمن هو قانتٌ آناء الليل ساجداً وقائماً
يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه
قل هل يستوي الذي يعلمون
والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب)
[الزمر 9]
وقال سبحانه أيضا :
( كانوا قَلِيلاً مّن اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ
وَبِالأَسْحَـرِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)
[الذاريات:17، 18]

ففي هذهِ الساعات النفيسة المباركة
من الليل ، ينزل ربُنا تبارك وتعالى
إلى السماء الدنيا ،
وروي في الصحيحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -
أن رسول الله , صلى الله عليه وسلم ,
قال : (( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة
إلى السماء الدنيا , حين يبقى ثلث الليل الآخر ،
فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له ))
فنزول الله – جل جلالة - أمرٌ ليس بالهين ،
واللحظات التي ينزل بها – سبحانه وتعالى -
ليست كبقية لحظات اليوم ،
فحري بالمرء أن يترصد ويقتنص
هذهِ اللحظات المباركة ، بالدعاء والاستغفار
والتضرع بين يدي الله عز وجل .

وفي حديث عمرو بن عبسة
رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليهِ وسلم :
((أقرب ما يكون الرب من العبد
في جوف الليل الآخر،
فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله
في تلك الساعة فكن)) رواه الترمذي .
وقال صلى الله عليهِ وسلم :
((إن في الليل ساعةً لا يوافقها عبدٌ مسلم
يسأل الله شيئاً إلا أعطاه الله إياه،
وذلك كل ليلة)) رواه مسلم .

وقيام الليل كان من دأب الصالحين ،
ومنهاج العُباد الزُهاد ، الذين تعلقت أرواحهم
ببارئهم يناجونه في سكون الليل ،
مقتدين برسولهم الكريم صلى الله عليهِ وسلم ،
الذي تفطرت قدماه من قيام الليل ،
كما جاء في الحديث الصحيح .

فكان عثمان بن عفان رضى الله عنه ،
يُحيي الليل كلَّه في ركعة واحدة
يجمع فيها القرآن

وكان ابن مسعود رضي الله عنه،
إذا هدأت العيون قام فيُسمع له
دويّ كدوي النحل حتى يصبح ،

وذُكِر عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله ،
أنَّه كان يُصلَّى الفجر بوضوء العشاء
بنيفٍ وثلاثين سنة

ويقول ابن عباس رضي الله عنهما:
( من أحب أن يهوِّن الله عليه طول الوقوف
يوم القيامة فليراه الله في ظلمة الليل
ساجداً وقائماً، يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه )

وقيل للحسن البصري ، رحمه الله :
ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوهاً؟
قال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره .

وقال ابن المنكدر ، رحمه الله :
( ما بقى من لذات الدنيا إلا ثلاث:
قيام الليل، ولقاء الإخوان، وصلاة الجماعة ).

يقول وهب بن منبه رحمه الله:
( قيام الليل يشرف به الوضيع،
ويعزُّ به الذليل، وصيام النهار يقطع
عن صاحبه الشهوات،
وليس للمؤمن راحة دون الجنة)

ولما حضرت ابن عمر رضي الله عنهما
الوفاة قال: (ما آسى على شيء
من الدنيا إلا عن ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل)

يقول أبو سليمان الداراني رحمه الله:
( أهل الليل في ليلهم ألذّ من أهل اللهو
في لهوهم، ولولا الليل لما أحببت البقاء في الدنيا )

يا رجال الليل جدوا ****
رب صوت لا يرد
مـا يـقـوم الـلـيل إلا ****
مـن لـه عـزمٌ وجِـدُّ

فاحرص أخي الكريم ،
أن تكون من رهبان الليل ،
الذين يبيتون لربهم سُجداً وقياماً ،
والذين هم تتجافى جنوبهم عن المضاجع
خوفاً وطمعاً ، والذين هم قليلاً من الليل يهجعون ،
الذين جعلوا ساعات الليل سجوداً لله
وتسبيحاً طويلا ، فأدركوا أن ناشئة الليل
هي أشدُ وطئاً وأقوم قيلا ،
فلا يضعون رؤوسهم على وسائدهم
إلا وهم يرجون مقعد الصدق الذي هو عند
مليكٍ مقتدر ، رافعين أكفهم
أن ينالوا تلك الغرفة المباركة ،
وما خفي لهم من قرة أعين لهو أكبرُ وأعظم ،
وإن أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون .

فيا أيها المؤمن أحْيِ ليلك ،
و أيقض أهلك ، وأسبغ الوضوء على المكارة ،
واتجه نحو البيت العتيق ، وجد واجتهد ، ورفع لله سبحانه وتعالى أكُف العبودية والخضوع ،
إن أردت ذلك الشرف العظيم
فعن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
(( أتاني جبريل فقال:
يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت،
وأحبب من شئت فإنك مفارقه،
واعمل ما شئت فإنك مجزي به ،
واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل ،
وعزه استغناؤه عن الناس )) رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني .

قلت لليل : كم بصدرك سر ****
أنبئني ما أروع الأسرار
قال : ما ضاء في ظلامي سر ****
كدموع المنيب في الأسحار



هذا والصلاة والسلام على رسول الله ،
صلى الله عليهِ وسلم .


 

رد مع اقتباس