عرض مشاركة واحدة
قديم 15-10-2017   #72
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب من أساليب التربية في القرآن الكريم




ما منا أحد إلا استمع إلى محاضرة ، أو خطبة ، أو قصة ، أو محاورة بين اثنين ، أو أكثر ، وخرج منها بفائدة تقل ، أو تكثر .
والفائدة القليلة قد يكون سببَها المحاضرُ أو المتلقي أو كلاهما ، وهذا ينطبق على تحصيل الفائدة الكثيرة كذلك .
فإن كان الأثر قليله وكثيره من المتلقي فلأنه واعٍ مدرك أو عاديٌّ بليد ، منتبهٌ مركّزٌ أو غافلٌ لاهٍ ، حريص على الفائدة أو زاهد فيها ، مضطر إليها أو راغب عنها .
وإن كان الأثر قليله وكثيره من المتحدث فلأنّه مرتبٌ أفكارَه منسِّقُها أو مبعثرها مخلخلُها ، متمكنٌ منها أو ضعيف فيها ، صادقٌ أو كاذب فيها . متابع للملتقي مركزٌ انتباهه عليه ، أو منشغل بأوراقه وتعابيره . يلوّن الخطاب تبعاً للأفكار ليجذب المتلقي أو يمشي على نسق واحد ممل . يقف عند آخر كل فكرة ملخصاً ومنبهاً ، ورابطاً الأفكار بعضها ببعض ، أو مازجاً فكرة بأخرى دون التنبيه إلى ذلك . . .
والقرآن الكريم مثال للإيجابيات كلها ، وحسبه أنه كلام الله تعالى . وسنقف من هذا كله على خواتم الأفكار والمقاطع ، نبرهن أنها جاءت منبهة إلى أهمية ما قيل قبلها ، تحمل العبرة
والعظة ، تلخص الفكرة وتدعو إلى التفكر والتدبر ، تؤكد كل صدق ، وتنفي كل ادعاء . وقد تكون الخاتمة هذه آية أو آيتين أو أكثرَ من ذلك وفق مقتضى الحال .

ففي سورة آل عمران نجد في الآيات [130 ـ 137] المعاني التالية :
1 ـ نداء الله الخالد للمؤمنين .
أ ـ أن يبتعدوا عن الربا .
ب ـ أن يتقوا الله تعالى ، ففيها الفلاح .
جـ ـ أن يتقوا النار المعدّة للكافرين .
د ـ أن يطيعوا الله سبحانه ورسوله الكريم .
هـ ـ أن يسارعوا إلى مغفرة الله .
و ـ أن ينفقوا أموالهم في حالتي اليسر والعسر .
ز ـ أن يكظموا غيظهم ، ويعفوا عن الناس .
ح ـ أن يتركوا الفواحش ، ويذكروا الله .
ط ـ أن يتوبوا عن المعاصي ، ويصروا على تركها .
2 ـ ومن يفعل ذلك فله عفو ربه وجنات تجري من تحتها الأنهار .
3 ـ من لم يفعل ذلك كانت نهايته سيئة كالأمم السابقة التي عوقبت ، وآثار دمارها واضحة في أماكن هلاكها .
ثم تأتي الخاتمة : { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)}(آل عمران)
وأنت ترى في اسم الإشارة ((هذا)) عودةً إلى المعاني التي ذكرناها ، وطريقاً واضحاً على المؤمنين أن يسلكوها ، وفي آثار الهالكين موعظةً تدفع المتقين أن يعتبروا بها .

ـ وفي سورة النساء نرى الآيتين [الحادية عشرة والثانية عشرة] تحملان :
1 ـ وصايا وقواعد في الميراث :
أ ـ فللذكر مثل حظ الأنثيين .
ب ـ الوريثة الوحيدة لها نصف الميراث .
جـ ـ اثنتان فما فوق لهما الثلثان .
د ـ يرث كل من الأبوين السدس مع وجود الأولاد .
هـ ـ للأم الثلث إن لم يكن للميت أولاد .
و ـ الوصية والدَّيْنُ مقدّمان على الورثة .
ز ـ للزوج نصف مال زوجته إن لم يكن لها ولد .
ح ـ إن كان لها ولد فللزوج الربع فقط .
ط ـ للزوجة الربع إن لم يكن للزوج ولد .
ي ـ إن كان له ولد فللزوجة الثمن .
ك ـ .....................................
ل ـ .....................................
2 ـ الخاتمة جاءت مشيرة إلى هذه القواعد بأنها حدود الله وعلى المؤمنين طاعته والعمل بها ليفوزوا بجنته ورضوانه فإن عصوه فلهم النار والعذاب المهين:
{ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)}(النساء) .

ـ فإذا توقفنا في سورة الأنعام أمام قصة سيدنا إبراهيم مع قومه :
ـ في الآيات [74 ـ 87]
1- وجدنا المعاني التالية :.
أ ـ إنكار إبراهيم على أبيه عبادة الأصنام .
ب ـ معرفة إبراهيم سلطان ربه الباهر .
جـ ـ تدرّج إبراهيم الذكي في إبطال عبادة الأصنام .
د ـ البراءة من قومه وشركهم .
هـ ـ تخويف قومه إياه من آلهتهم ، وإبطال إبراهيم حججهم ، ودحض افترائهم .
و ـ المؤمنون الموحدون آمنون .
ز ـ إكرام الله إبراهيم أن جعل الأنبياء في ذريته .
ح ـ إن الهدى من الله سبحانه وتعالى .
2 ـ ثم تأتي الخاتمة تشير إلى أن الطريق المستقيم من فضل الله ، وأن الشرك يبطل العمل، وإن يكفر مشركو مكة ومَنْ بعدَهم فإن لله عباداً يحملون رسالته ويحافظون عليها : { ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) أُولَئِكَ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89)}(الأنعام).
فكانت الخاتمة تنبيهاً إلى أهمية الدعوة إلى الله ، والتبرؤ من الشرك ، ومدح حاملي الرسالة إلى الناس .

ـ وتعال معي نتدبّر معاني الآيات التالية في سورة الأعراف [138 ـ 173] ، ففي هذه الآيات سرد لما فعله قوم موسى بعد أن أنقذهم الله سبحانه وتعالى من فرعون ، وصاروا آمنين .
1 ـ أ ـ رأوا قوماً يعبدون أصناماً ، فطلبوا من موسى أن يجعل لهم صنماً يعبدونه .
ب ـ خرج موسى للقاء ربّه ليعود بالشريعة في ألواحٍ إلى قومه وأمر هارون أن يخلفه فيهم ، وبعد خروجه بقليل رأيناهم اتخذوا من حليهم عجلاً جسداً له خوار إلهاً يعبدونه .
جـ ـ اختار موسى سبعين رجلاً لم يسجدوا للعجل يأتون إلى الجبل ليعتذروا عن قومهم بسبب اتخاذ العجل إلهاً ، فلما وصلوا الجبل قالوا : لن نؤمن لك يا موسى حتى نرى الله جهرة ، فماتوا من الصعقة . هؤلاء خيار بني إسرائيل فكيف شرارهم ؟.
د ـ أكرمهم الله كثيراً ، فقد قسمهم موسى اثني عشر قسماً ، وجعل لكل قسم منهم عين ماءٍ ، وأنزل الله عليهم المنّ والسلوى ، لكنهم رفضوا هذا ، وطلبوا القثاء والثوم والبصل ، وما شابه ذلك .
هـ ـ ولكي يغفر الله لهم أمرهم أن يدخلوا القدس ساجدين ويقولوا ((حطّة)) أي حطّ عنا يا ربنا ذنوبنا ، فبدّلوها إلى ((حنطة)) ولم يدخلوها ساجدين ، بل كانوا يزحفون على أستاههم ، فأرسل الله تعالى الطاعون عليهم بظلمهم .
و ـ نهاهم الله عن الصيد في السبت ، فتحايلوا على ذلك فمسخهم الله قردة وخنازير .
ز ـ أمرهم الله أن يحكِّموا شريعته فأبوا ، فاقتلع جبل الطور ورفعه فوقهم فلما أيقنوا أنهم ميتون لا محالة قبلوا حكم التوراة خائفين .
ح ـ وفي خلال هذه القصص عن بني يهود أحكام وتشريعات وتنبيهات فيها براهين وحجج دامغة .
2 ـ ثم تأتي الخاتمة : { وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174)}(الأعراف) .
وقد فصَّلَ الله تعالى الآيات ليتدبرها اليهودُ في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ويعتبروا بما حصل لأجدادهم فيرجعوا عن غيهم ، وفسادهم ، ولا يكونوا مثل أجدادهم ضلالاً وكفراً . . .
إذاً جاءت الخاتمة عِبرة وعِظة ودعوة إلى الإيمان .

ـ وإذا أمعنا النظر والتفكير في الآيات التالية من سورة الأعراف نفسها .
ـ الآيات [179 ـ 202] نجد المعاني التالية :
أ ـ إن الذين يكفرون بالله من الجن والإنس كالأنعام لا يعقلون وهم في جهنّم خالدون .
ب ـ لله الأسماء الحسنى ، ولا يجوز العدول عنها إلى دعاء غيره سبحانه .
جـ ـ من يكفر يستدرجه الله ثم يهلكه .
د ـ الرسول منذر وليس مجنوناً .
هـ ـ وجوب التفكير في ملكوت الله .
و ـ الضال متحير متردد ، لا يستقر على حال .
ز ـ قيام الساعة غيب لا يعلمه إلا الله .
ح ـ كل شيء بأمر الله ، والإنسان ضعيف عاجز .
ط ـ لا يرضى الله تعالى أن يكون له شركاء .
ي ـ هذه الآلهة المزعومة لا تضر ولا تنفع ، ولا تبصر ولا تسمع .
ك ـ الله تعالى وليُّ المؤمنين الصالحين .
ـ وهناك نصائح قيمة ووصايا ذهبية :
أ ـ اليسر في معاملة الناس .
ب ـ الأمر بالمعروف والعمل الحسن .
جـ ـ عدم مقابلة المسيء بإساءة .
د ـ الاستعانة بالله على نزغات الشيطان .
الخاتمة : {.. هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(203)}(الأعراف) .
فجاءت الخاتمة تؤكد أن هذا القرآن الكريم بما فيه من حججٌ بينة ، وبراهين نيّرة يغني عن غيره من المعجزات ، فهو بمنزلة البصائر للقلوب يُبصَرُ الحق به ويُدْرَكُ ، وبه يهدي الله
المؤمنين ، ويرحمهم من زيغ الضلالة وفساد العقيدة .

ـ وفي سورة هود عليه السلام قصة إغراق قوم نوح مصوّرة تصويراً رائعاً ، تبدأ بصنع السفينة فإذا ما اكتمل صنعها ركب فيها المؤمنون جميعاً وأهل نوح إلا من كفر ، ومن كل المخلوقات زوجان اثنان ، ذكرٌ وأنثى .
وسكبت السماء ماءها ، وارتفع الماء يملأ الوديان والهضاب ، ثم المرتفعات والجبال فلما غرقت المخلوقات .
أقلعت السماء وغاض الماء ، ووقفت السفينة فوق جبل الجودي ، . . لم يكن ابن نوح معه ، فقد غرق لأنه كفر ، لكن عاطفة الأب استنجزت وعد الله أن ابن نوح من أهله ، فنببهه سبحانه أنّه ممن سبق عليه القول ، وهو ليس من أهله وإن كان من صلبه لأنه كافر . . . قصة تأخذ بالألباب وتشدَهُ العقول ، وتقرر حقائق يتناساها الإنسان ، لم يكن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعرفها لكنَّ الله سبحانه وتعالى أخبره بها ليتأسى بصبر نوح وليعلم أن العاقبة للمتقين :
{ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49)}(هود) .
حملت هذه الخاتمة في طياتها :
1 ـ قصة نوح ، وقبل أن تُتلى كانت من الغيب .
2 ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نبي يوحى إليه ، حاشاه أن يفتري على الله كذباً ، فهو الصدوق الأمين .
3 ـ أن مَنْ صبر ظفر .

ـ كما نجد الخاتمة في سورة يوسف تركز على الفقرتين الأولى والثانية ، فقصة يوسف من الغيب والرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ نبيٌّ يوحى إليه :
{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)
وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104)}(يوسف) ،
ونلحظ أن الخاتمة في سورة يوسف كانت آيات متعددة بل إنها تستمر إلى الآية /108/ إلى قوله تعالى:
{ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} .

ـ وفي سورة إبراهيم نجد في الآيات [42 ـ 51] .
1ـ الأفكار التالية :
أ ـ النهيَ عن سوء الظن في الله ، والأمرَ في الاستمرار بالإنذار .
ب ـ توبيخ المشركين يوم القيامة ، وتذكيرهم بما فعلوا في الدنيا .
جـ ـ مكر الكفار بالرسل والدعاة .
د ـ إيفاء الله وعده لرسله بالانتصار لهم .
هـ ـ تغير الدنيا يوم القيامة .
و ـ ذل الكافرين من النار .
ز ـ وكلَّ ينال نصيبه يوم القيامة إن خيراً وإن شراً .
2 ـ الخاتمة : { هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)}(إبراهيم) .
إذاً تضمنت الخاتمة ملخصاً للأفكار :
أ ـ فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مبلّغ .
ب ـ وهناك إنذار ووعيد .
جـ ـ لا إله إلا الله وحده .
د ـ العاقل من يتعظ .

ـ وقد تتكر الخاتمة بعد كل فقرة كما ذكرنا ، ومثال ذلك ما جاء في سورة الشعراء :
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)}[ الآيات : (67 ـ 68) ، (103 ـ 104) ، (121 ـ 122) ، (139 ـ 140) ، (158 ـ 159) ، (174 ـ 175) ، (190ـ 191)] جاءت هاتان الآيتان مكررتين سبع مرّات ، بعد كل قصة من قصص الأنبياء الكرام ، تركزان على العبرة العظيمة من كل قصة ، وعلى تسلية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والتسرية عنه ، مع الوعيد للكفار المعاندين .
ـ والشيء نفسه نجده في سورة الصافات بعد كل قصة من قصص الأنبياء الكرام :
{ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (80) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (81)}[(الصافات)(79 ـ 81) ، (109 ـ 111) ، (120 ـ 122) ، (130 ـ 132)] جاءت هذه الآيات الكريمة أربع مرّات باللفظ نفسه إلا حين تحدث عن إبراهيم عليه السلام فقال تعالى: { كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } .
ففي هذه الخاتمة نجد التعظيم للأنبياء الكرام ، والمدح والثناء والثواب الوافي والدعوة إلى السير على طريقهم في الدعوة إلى الله ، والثبات على المبدأ .

ـ أما قصة قارون فقد كانت خاتمتها قوله تعالى :
{ تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)}(القصص) .
وقد جاءت قاعدة لمن يريد الجنة ورضى الله سبحانه وتعالى ، فيها :
أ ـ التنبيه إلى طلب الآخرة .
ب ـ الأمر بالتواضع .
جـ ـ العبرة بالعواقب .
فقد بغى قارون على قومه حين رزقه الله الأموال الطائلة ، فكفر نعمة الله ، وأمره قومه بما يلي :
أ ـ أن يكون متواضعاً لا متكبراً بطراً .
ب ـ أن يعمل للدار الآخرة فهناك النعيم المقيم .
جـ ـ أن ينال قسطه من الدنيا دون الانغماس فيها .
د ـ أن يشكر نعمة الله بالإحسان إلى عباده .
هـ ـ أن لا يطلب بهذا المال التطاول على عباد الله والفساد .
وكان خروجه الفاخر البطر فتنة لضعفاء الإيمان ، فلما خسفت الأرض به انتبه أولئك إلى أن نعيم الدنيا زائل .

ـ وأخيراً نقف في سورة القلم على خاتمة لقصة أصحاب الجنة حيث يقول الله تعالى :
{ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)}(القلم) .
فصاحب البستان المسلم كان يتصدق كثيراً على الفقراء والمساكين ، فلما مات ورثه أولاده الثلاثة وأبوا أن يعطوا الفقراء بخلاً وضناً ، فانطلقوا في الليل إلى البستان ليقطفوا ثمره دون أن يشعر بهم المساكين والفقراء ، لكنَّ الله عاجلهم فأرسل على بستانهم ناراً من السماء وهم نائمون ، فأحرقتِ البستان ، أرضَه ، وثمارَه ، وأشجارَه ، فلما استيقظوا ذهبوا إليه ، فما عرفوه ، ثم أحسوا بخطئهم ، وأنهم نالوا عقوبتهم فأنابوا إلى الله .
وينبهنا الله تعالى إلى أن هذه العقوبة وإن كانت كبيرة فهي عقوبة دنيوية ، أما عقوبة الآخرة فهي أشدّ وأنكى ، فتاب الأولاد إلى الله وأنابوا وقد وجدنا في الخاتمة تهويلاً في التهديد والوعيد .

يتبع




 

رد مع اقتباس