عرض مشاركة واحدة
قديم 22-09-2015   #11


طالبة العلم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1561
 تاريخ التسجيل :  20 - 06 - 2014
 أخر زيارة : 15-06-2023 (11:13 AM)
 المشاركات : 24,997 [ + ]
 التقييم :  17
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Green
رد: هكذا حج الصالحون والصالحات



(11) الصالحون... وتمني أن يكون ختام حياتهم حجا
- قال خيثمة بن عبد الرحمن: كان يعجبهم أن يموت الرجل عند خير يعمله إما حج، وإما عمرة، وإما غزوة، وإما صيام رمضان.
- وقال طلحة اليامي: كنا نتحدث أنه من ختم له بإحدى ثلاث إما قال: وجبت له الجنة وإما قال: برئ من النار: من صام شهر رمضان فإذا انقضى الشهر مات، ومن خرج حاجا فإذا قدم من حجته مات، ومن خرج معتمرا فإذا قدم من عمرته مات.
- وكتب محمد بن يوسف إلى الحكم بن بردة: يا أخي اتق الله الذي لا يطاق انتقامه، وكتب في آخر كتابه: إن استطعت أن تختم عمرك بحجة فافعل فإن أدنى ما يروى في الحاج أنه يرجع كيوم ولدته أمه.
- وقال ابن رجب: «كان السلف يرون أن من مات عقيب عمل صالح كصيام رمضان، أو عقيب حج أو عمرة، أنه يرجى له أن يدخل الجنة، وكانوا مع اجتهادهم في الصحة في الأعمال الصالحة يجددون التوبة والاستغفار عند الموت، ويختمون أعمالهم بالاستغفار وكلمة التوحيد».
التعليق: حسن الخاتمة هو أن يوفق العبد قبل موته فيعمل عملا صالحا ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة، وقد كان السلف الصالح يسألون الله حسن الخاتمة، ويستعيذون من سوء الخاتمة وهم بذلك يستشعرون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم»، وفي روية: «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وإنه لمن أهل النار، ويعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة».
قال ابن رجب: «وقوله (فيما يبدو للناس) إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك، وإن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد، لا يطلع عليها الناس؛ إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خفية من خصال الخير فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره فتوجب له حسن الخاتمة، قال عبد العزيز بن أبي رواد: حضرت رجلا عند الموت يلقن الشهادة لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول، ومات على ذلك، قال: فسألت عنه فإذا هو مدمن خمر، وكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته، وفي الجملة فالخواتيم ميراث السوابق فكل ذلك سبق في الكتاب السابق، ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم، ومنهم من كان يقلق من ذكر السوابق، وقد قيل: إن قلوب الأبرار معلقة بالخواتيم يقولون: بماذا يختم لنا، وقلوب المقربين معلقة بالسوابق يقولون: ماذا سبق لنا».
قال ابن القيم رحمه الله: «وإذا نظرت إلى حال كثير من المحتضرين وجدتهم يُحال بينهم وبين حسن الخاتمة عقوبة لهم على أعمال السيئة، قال الحافظ أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأشبيلي رحمه الله: وأعلم أن لسوء الخاتمة – أعاذنا الله منها – أسبابا، ولها طرقا وأبوابا أعظمها الإنكباب على الدنيا وطلبها والحرص عليها، والإعراض عن الأخرى، والإقدام والجرأة على معاصي الله عز وجل، وربما غلب على الإنسان ضرب من الخطيئة، ونوع من المعصية، وجانب من الإعراض، ونصيب من الجرأة والإقدام، فملك قلبه وسبي عقله وأطفأ نوره وأرسل عليه حجبه فلم تنفع فيه تذكرة، ولا نجعت فيه موعظة، فربما جاءه الموت على ذلك فسمع النداء من مكان بعيد فلم يتبين له المراد، ولا علم ما أراد، وإن كرر عليه الداعي وأعاد!».
قلت: وأخبار حسن خاتمة الصالحين، وسوء خاتمة المعرضين كثيرة، ليس هذا موضوع ذكرها، وقد أفردت فيها مؤلفات، غير أنه مما يجب التنبه له والتنبيه عليه أنه ما سمع ولا علم – ولله الحمد – بأن صاحب السريرة الصالحة والقلب السليم قد ختم له بسوء؛ وإنما يكون ذلك لمن فسدت سريرته وباغته الموت قبل إصلاح الطوية كما تقدم في كلام ابن رجب.
فيا حجاج بيت الله حجوا كما حج الصالحون، وسلوا الله القبول وحسن الختام، وإياكم وذنوب الخلوات فهي سبب من أسباب الانتكاسات، وعليكم بطاعة الخلوات فهي طريق للثبات حتى الممات بإذن الله..