الحمد لله رب العالمين الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسانَ ما لم يعلم .
والصلاة والسلام على المعلّم الأول ، سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام .
أمّا بعدُ :
فقد كان كتابي (
التربية النبوية ) على صغر حجمه ملفتاً للنظر ، استعرضت فيه بعض
أساليب الرسول
الكريم والمعلم العظيم في إيصال الفكرة وإبداء المعلومة واضحة مفهومة لأصحابه وتلاميذه رضوان الله عليهم .
ثم رأيت أن أُتِمّ الفائدة في استعراض بعض
أساليب القرآن الكريم في التعلّم والتعليم .
ولا يَخفى أن
القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه – لأنه كلام الله العظيم وحبلـُه المتين – بحر زاخر ما تزال العلماء على شواطئه ، تحاول الغوص في لُجَجِه ، وتشتار العلوم والمعارف من خِضَمّه ، وتستقي الفوائد من ثـَرّه المعطاء .
هذا
القرآن الكريمُ فيه من الأساليب التعليميّة ما نحن بحاجة ماسّة إليها .
وكنت قد طالعتُ عدداً من الكتب التي تتحدّث بعامّة عن العلم وفوائده ، وتغرف من
أساليب القرآن بعضَها ، لكنني لم أجد – على ما أظنّ – كتاباً يتحدّث عن طرائق التعليم في
القرآن الكريم بشكل خاص ، بل رأيت شذراتٍ في هذا الكتاب وذاك المؤلَّف .
فقلت لعلّي أكون الرائدَ في هذا المضمار ، فأفتح لإخواني المربين طريقاً واضحاً ، ثم يكملون بهمّتهم رصفه وتعبيده .
كنت أقرأ في صِغَري كل يوم جزءاً من
القرآن ، فما عدَوْتُ هذا ، ولكنْ بِتُّ أبحث عن
أساليب التعليم وطرائقه في كل جزء ، وأضع أرقامَ الآيات التي تشكّل حجَراتِ البناء لكل أسلوب مجتمعة ، حتى أنهيتُ ما فَقِهتُ منها في مجموعات تحت عنوانات محددة ، هي الأساليب التي هداني الله تعالى إليها .
واستنبطتُ أكثر من تسعين أسلوباً تربوياً ، ثم ضممتُ ما تقارب منها تحت عنوان واحد ، فصارتْ إلى اثنين وسبعين أسلوباً .. ولربما هداني المولى تعالى وأنا أنضّد الكتاب إلى
أساليب أخرى فهو الكنز الذي لا تُعَدّ ينابيعه ، ولا تُحَدّ .
وهكذا وجدْتُ نفسي في رياض بِكر ، حلوةِ المذاق لذيذة الجَنى .
وها أنذا أقدم إلى إخواني الكرام طاقة عبقةً وضُمّة نفـّاذة الشذا من
أساليب القرآن الكريم في
التربية .
وإني ألتمس منهم أن يُقوّموا عملي ، ويرفدوني بآرائهم الصائبة في سدّ نقص ، أو ترميم فكرة ، أو وضعِ لَبِنةٍ تقوّي هذا الصرح التربويّ الرائعَ ،
فإن أحسنتُ فلله الفضلُ والمِنّة ، وإلا فهو حسبي ، وللمجتهد أجرٌ إن أخطأ ، وأجران إن أصاب ، وأسأل الله التوفيقَ والسدادَ .
يتبع