الموضوع: قصة عجيبة
عرض مشاركة واحدة
قديم 26-12-2021   #1
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


الصورة الرمزية ابو يحيى
ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 2 أسابيع (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
قصة عجيبة



عجيبة, قصة

عجيبة, قصة

*🪶 يَقولُ اﻷصمعي رحمه الله تعالى :*

كُنتُ بالبصرةِ أطلُبُ العِلمَ، وأنا فَقير .
وكانَ على بابِ زِقاقِنا بَقّال، إذا خَرجْتُ باكرًا يَقولُ لي إلى أين؟
فأقولُ إلى فُﻼنٍ المُحدّث .
وإذا عُدت مساءً يقولُ لي: مِن أين؟
فأقول مِن عِندِ فُﻼنٍ اﻹخباريّ أو اللُّغَويّ .
فيقولُ البقالُ: يا هذا، اِقبَل وَصيّتي، أنتَ شاب فﻼ تُضَيِّعْ نَفسَكَ في هذا الهُراء واطلُبْ عَمﻼ يَعودُ عَليكَ نَفعُهُ وأعطني جَميعَ ما عِندِك مِن الكُتب 📚 فأحرِقُها فواللهِ لَو طَلبتَ مِني بجميعِ كُتُبِكَ
جَزَرَةً 🥕، ما أعطيتُك!
فلمّا ضاقَ صَدري بِمُداوَمَتِهِ هذا الكﻼم صِرتُ أخرجُ مِن بَيتي ليﻼً وأَدْخُلْهُ لَيﻼً وحالي في خﻼلِ ذَلكَ تَزدادُ ضيقًا حتى اضُطررتُ إلى بَيعِ ثيابٍ لي وبَقيتُ ﻻ أهتدي إلى نَفَقَةِ يَومي وطالَ شَعري، وأُخلِقَ ثَوبي، واتّسَخَ بَدني .
فبينما أنا كذلك، متحيّرا في أمري، إذْ جاءَني خادِمٌ لﻸميرِ مُحمدٍ بنُ سُليمانَ الهاشمي فقالَ لي: أجبْ اﻷميرَ .
فَقُلتُ: ما يَصنَعُ اﻷميرُ بِرَجُلٍ بَلَغَ بِهِ الفَقرُ إلى ما تَرى؟
فَلَمّا رَأى سُوءَ حالي وقُبحَ مَنظَري، رَجَعَ فأخبرَ محمدا بن سليمان بِخَبَري، ثُمَّ عادَ إليّ ومَعَهُ تُخوتُ ثيابٍ، ودُرجٌ فيهِ بَخور، وكيسٌ فيه ألفُ دينار، وقال: قَدْ أمَرَني اﻷميرُ أنْ أُدخِلَكَ الحَمّامَ، وأُلبِسَكَ مِن هذهِ الثيابِ وأَدَعَ باقيَها عِندَك، وأُطعِمَكَ مِن هذا الطعامِ، وأُبخّرَكَ، لِتَرجِعَ إليكَ نَفسُك، ثُمّ أَحمِلكُ إليه
فسُررتُ سُرورًا شَديدًا، ودَعوتُ له، وعَملتُ ما قالَ، ومَضيتُ مَعَهُ حَتّى دَخلتُ على محمدٍ بن سليمان
فلما سَلّمتُ عَليهِ، قرّبني ورَفَعني، ثم قال: يا عبدَ الملك، قَد سَمِعتُ عَنكَ، واختَرتُكَ لِتأديبِ ابنِ أميرِ المؤمنين، فتجَهّزْ للخُروجِ إلى بغدادَ
فَشَكَرتُهُ ودَعَوتُ له، وقلتُ: سَمعًا وطاعًة
سآخُذُ شيئًا من كُتُبي وأتوجّه إليه غدًا
وعُدتُ إلى داري فأخذتُ ما احتَجتُ إليه من الكُتب، وجَعَلتُ باقيها في حُجرَةٍ سَدَدتُ بابَها، وأقعَدتُ في الدارِ عَجوزًا من أهلِنا تَحفَظُها
فلمّا وصلتُ إلى بغدادَ دخلتُ على أميرِ المؤمنينَ هارونَ الرشيد قال: أنتَ عبدُ الملكِ اﻷصمعي؟ قلت: نعم، أنا عبدُ أميرِ المؤمنينَ اﻷصمعي .
قال اعلمْ أنَّ ولدَ الرَّجُلِ مُهجةُ قَلبِهِ، وها أنا أُسَلِّمُ إليكَ ابني مُحمدًا بأمانةِ اللهِ فﻼ تُعَلِّمُه ما يُفسدُ عليه دينَهُ، فلعلَّهُ أنْ يَكونَ للمسلمينَ إمامًا .
قُلتُ: السمعُ والطاعة .
فأخرَجَهُ إليّ، وحُوِّلْتُ مَعَهُ إلى دارٍ قَدْ أُخليَتْ لتأديِبه، وأجرى عليّ في كل شهرٍ عَشرَةُ آﻻفِ درهم .
فأَقمتُ معَهُ حتى قَرأ القُرآنَ، وتفقّهَ في الدينِ، وروى الشِعرَ واللغة، وعَلِمَ أيامَ الناسِ وأخبارِهِم .
واستعرَضَه الرشيدُ فأُعجبَ بِهِ وقال: أريدُ أنْ يُصلّيَ بالناسِ في يَومِ الجُمُعَة، فاخترْ لهُ خُطبَةً فحفِّظْه إياها .
فحفّظتُه عشرًا، وخرجَ فصلّى بالناسِ وأنا مَعَهُ، فأُعجبَ الرشيدُ بِهِ وأتَتني الجوائزُ والصِﻼت مِن كُلِّ ناحية، فَجَمَعتُ ماﻻ عَظيمًا اشتريتُ به عقارًا وضياعًا وبَنيتُ لِنَفسي دارًا بالبصرة .
فلمّا عَمُرَتِ الدارُ وكَثُرتِ الضياعُ، استأذنتُ الرشيدَ في اﻻنحدارِ إلى البصرة، فأَذِنَ لي .
فلما جِئتُها أقبلّ عليّ أهلُها للتحيةِ وقد فَشَتْ فيهم أخبار نِعمتي .
وتأمّلتُ مَن جاءَني، فإذا بينهمُ البقالُ وعليه عِمامَةٌ وَسِخةٌ، وجُبّةٌ قَصيرة، فلما رآني صاحَ: عَبدَ الملك! فضحكتُ من حماقَتِهِ ومخاطبَتِهِ إيّايَ بما كان يُخاطِبُني به الرشيدُ
ثُمّ قُلتُ له: يا هذا! قد واللهِ جاءَتني كُتُبي بِما هُوَ خَيرٌ مِن الجَزَرَة!

*📗 المصدر : كتاب "الفرج بعد الشدة" للتنوخي*

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك


الموضوع الأصلي: قصة عجيبة || الكاتب: ابو يحيى || المصدر: منتديات الحقلة

منتديات الحقلة

منتديات الحقلة: منتديات عامة اسلامية ثقافية ادبية شعر خواطر اخبارية رياضية ترفيهية صحية اسرية كل مايتعلق بالمرأة والرجل والطفل وتهتم باخبار قرى الحقلة والقرى المجاوره لها





rwm u[dfm




rwm u[dfm rwm u[dfm



 
 توقيع : ابو يحيى



رد مع اقتباس