منتديات الحقلة

منتديات الحقلة (http://www.alhaqlah.com/index.php)
-   منتدى القرآن الكريم والتفسير (http://www.alhaqlah.com/forumdisplay.php?f=89)
-   -   تفسير قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْ (http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=126990)

طالبة العلم 26-09-2021 11:42 AM

تفسير قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْ
 
تفسير قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا..


قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 58 - 61].

قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [البقرة: 58، 59].

وقال في سورة الأعراف: ﴿ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف: 161، 162].

يذكِّر الله عز وجل بني إسرائيل بمنته ونعمته بأمر أسلافهم بدخول بيت المقدس، والأكل منها حيث شاؤوا رغدًا، ودخول الباب سجدًا وقول حِطَّة، ووعده لهم بمغفرة خطاياهم وزيادة المحسنين منهم.

وبما حصل من تبديل الذين ظلَموا منهم قولًا غير الذي قيل لهم، وعقوبة الله لهم بإنزاله على الذين ظلموا رجزًا من السماء بما كانوا يفسقون، وبما كانوا يظلمون.

وفي هذا موعظة للخلف منهم أن يقعوا فيما وقع فيه سلفهم.

قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ ﴾؛ أي: واذكروا حين قلنا لبني إسرائيل على لسان موسى عليه السلام: ﴿ ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ ﴾؛ أي: ادخلوها للسكن والعيش فيها، بدليل قوله تعالى في سورة الأعراف: ﴿ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ ﴾ [الأعراف: 161]، وهذا من نعمته عز وجل عليهم، والأمر في قوله: "ادْخُلُوا" للوجوب، وهو أمر شرعيٌّ؛ لقوله ﴿ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا ﴾ الآية [البقرة: 58]، وكونيٌّ؛ لأن الله فتحها لهم ودخلوها.

والمراد بالقرية بيتُ المقدس؛ لقول موسى فيما حكى الله عنه: ﴿ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [المائدة: 21].

والقرية مأخوذة من القرى، وهو الجمع؛ لاجتماع الناس وسكنهم فيها، ومنه سمي "القرو" مجمع الماء، فالقرية: البلد الذي يجتمع ويسكن فيه الناس صغيرًا كان أو كبيرًا، وقد سمى الله عز وجل مكة قرية وهي من أكبر البلدان آنذاك، فقال تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ ﴾ [محمد: 13].

كما سمى ما حولها من البلدان الصغيرة بالقرى، فقال تعالى: ﴿ لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾ [الشورى: 7].

﴿ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا، وفي الأعراف: ﴿ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ ﴾ [الأعراف: 161]، والأمر في قوله: ﴿ فَكُلُوا ﴾ للإباحة والامتنان، ﴿ حَيْثُ شِئْتُمْ؛ أي: في أي مكان من هذه القريةِ؛ في وسطها أو في أطرافها أو في أي جهة منها، ﴿ رَغَدًا؛ أي: أكلًا رغدًا هنيئًا واسعًا، من غير مكدِّر ولا معارض ولا ممانع.

﴿ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ ﴾وفي آية الأعراف: ﴿ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا ﴾ [الأعراف: 161].


﴿ وَادْخُلُوا الْبَابَ ﴾ أي: باب القرية؛ أي: باب بيت المقدس، أو أحد أبوابه؛ لأن القرى يوضع لها أبواب تُفتَح في النهار وحال الأمن، وتُغلَق في الليل وحال الخوف، ﴿ سُجَّدًا؛ أي: حال كونكم سجدًا؛ أي: ساجدين؛ أي: إذا دخلتم فاسجدوا شكرًا لله على ما أنعم به عليكم من الفتح والنصر.

قال الطبري[1]: "وأصل السجود: الانحناء لمن سُجِدَ له معظَّمًا بذلك، فكل منحنٍ لشيء تعظيمًا له وخشوعًا، فهو له ساجد".

﴿ وَقُولُوا حِطَّةٌ ﴾؛ أي: قولوا هذه الكلمة ﴿ حِطَّةٌ ﴾.

و﴿ حِطَّةٌ ﴾: خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: سؤالنا حطة، أو دعاؤنا حطة، أو حاجتنا حطة.

والمعنى: ربَّنا احطط عنا ذنوبنا وخطايانا واغفر لنا، فأُمِروا إذا دخلوا القرية وفتحها الله لهم أن يسجدوا لله شكرًا على ذلك، وأن يسألوه مغفرة ذنوبهم؛ أي: أن يدخلوها خاضعين لله عز وجل بالفعل والقول.

ولهذا لما فتح الله عز وجل على نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم مكةَ، دخلها خاضعًا لله عز وجل، وصلى ثماني ركعات في جوف الكعبة، وكذا صلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ثماني ركعات لما دخل إيوان كسرى.

ولما أتم الله عز وجل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم النصرَ والفتح لدِينِه، أمَرَه بالتسبيح بحمده واستغفاره، فقال تعالى: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 1 - 3].

﴿ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ: قرأ ابن عامر بالتأنيث: "تُغْفَر" بتاء مضمومة وفاء مفتوحة، وقرأ نافع وأبو جعفر بالتذكير "يُغْفَر" بياء مضمومة وفاء مفتوحة، وقرأ الباقون: ﴿ نَغْفِرْ ﴾ بنون مفتوحة وفاء مكسورة.

وقوله: ﴿ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ﴾ جواب الأمر في قوله: ﴿ وَقُولُوا حِطَّةٌ ﴾؛ أي: نمحو ونتجاوز عن خطاياكم ونسترها.

والخطايا: جمع خطيئة، تُجمَع على خطايا وعلى خطيئات كما في سورة الأعراف ﴿ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ [الأعراف: 161]، والخطايا والخطيئات هي: الذنوب والآثام.

﴿ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾الواو: استئنافية، وفي آية الأعراف: ﴿ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 161] بلا واو؛ أي: سنعطي المحسنين الذين أحسَنوا في عبادة الله، بإخلاص العمل لله، واتباع شرعه، وأحسَنوا إلى عباد الله بأداء حقوقهم الواجبة والمستحبة وكف الأذى عنهم؛ أي: سنزيدهم على مغفرة الخطايا والذنوب بمضاعفة الأجور لهم، وفي هذا ترغيب في الإحسان بنوعيه، كما قال الله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26].

[1] في "جامع البيان" (1/ 75).






الألوكة

ابو يحيى 30-09-2021 08:29 PM

رد: تفسير قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا
 
أحسنتِ بارك الله فيك وفي علمك


الساعة الآن 08:13 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant