منتديات الحقلة - ليست كل الغيابات مؤلمة

لم يستجب الله لدعائه المتكرر بأن يأخذه الى جواره قبل ابنه،
فعمره ضعف ما لولده، ضعف حزنه و اضعاف افراحه،
لطالما كان يقول أن هذا الجيل لم يدرك فن العيش ولم يخبر السعادة كما خبرها هو وأقرانه.
ذلك المعهود بقوة بأسه وصبره، ما إن غادرت روح من كانت روحه حتى انقلبت احواله و تدهورت صحته،
فهو تارة يضغط بيده على قلبه وكأنه يريد التقاطه ولفظه خارجا ،
كان يشعر بكل نبضة وبكل خفقة، و هي على خفة سمعه، كانت تضرب في أذنه كصوت دق طبل مقيت،
و تارة اخرى كان يمرر بيده على صدره وكأنه يلاحق الهواء المار في قصباته فتخرج انغاسه بصعوبة
وكأنها راحلة بلا عودة ، كان واع لكل شهيق و زفير أصبحا بالنسبة له عبئا ثقيلا ينتظر ما يزيحه .
ذلك المشهود بقوته،بدأ يشعر بثقل رجليه بعد كل خطوة قصيرة يخطيها ،
و كأنها لم تكن دوما جزءا من جسده ، وكأنها تبرأت منه نفسه ..
قال لطبيبه يوما :بعض الحضور موجع كما الغياب ، عندما تذكرك أعضاؤك بوجودها دائما
بما تنزله عليك من أوجاع ستدرك أنه ليست كل الغيابات مؤلمة .