منتديات الحقلة

منتديات الحقلة (http://www.alhaqlah.com/index.php)
-   منتدى القرآن الكريم والتفسير (http://www.alhaqlah.com/forumdisplay.php?f=89)
-   -   حجاب التقوى (http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=123985)

طالبة العلم 10-02-2019 11:30 AM

حجاب التقوى
 
حجاب التقوى


خاطب الله تعالى نساء النبي محمد صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين بعبارات لطيفة مناسبة، وحتى وهو يرشدهن إلى فعل أو ينهاهن عن أمر، يُبيِّن سبحانه وتعالى علة أمره ونهيه، وأنه ما أراد بهن إلا خير الدنيا وحسن ثواب الآخرة.

اشتملت سورة الأحزاب على خطابات بالغة اللطف تضمنت عناية الله عز وجل برسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبالمؤمنين به، وتعليمات جليلة لصيانة مقام النبوة؛ لذلك خصَّ نساء النبي صلى الله عليه وسلم بمزيد من التقوى حتى يحجبهن عمَّا لا يليق بمقامهن وبيوتهن رضي الله عنهن جميعًا؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 28 - 34].

"والأزواج المعنيات في هذه الآية هن أزواجه التسع اللاتي توفي عليهن، وهن: عائشة بنت أبي بكر الصديق، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم حبيبة بنت أبي سفيان، وأم سلمة بنت أمية المخزومية، وجويرية بنت الحارث الخزاعية، وميمونة بنت الحارث الهلالية من بني عامر بن صعصعة، وسودة بنت زمعة العامرية القرشية، وزينب بنت جحش الأسدية، وصفية بنت حيي النضيرية"؛ التحرير والتنوير.
قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ﴾ [الأحزاب: 28].

"إن الله سبحانه وتعالى بلَّغ نبيَّه أن يُخيِّر نساءه فيما يرغبن فيه؛ لأن الله غنيٌّ عن العالمين، وقادر على إغناء نبيِّه عليه الصلاة والسلام، وتخييرهن رفعةٌ لهنَّ وبيان أن محبة الله ورسوله ما كانت فرضًا على أحد إلا لمن ابتغاها، وسعى إليها حبًّا فيها، وتعظيمًا لها لما أدركه من فضل الله عليه وعلمه من صدق رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يجحد في ذلك، وهذا التوضيح جاء في مناسبة إنعام الله على رسوله والمؤمنين في غزوة الأحزاب؛ قال ابن عاشور: "وقد علمت أن أرض قريظة قسمت على المهاجرين بحكم سعد بن معاذ، فلعلَّ المهاجرين لما اتَّسَعت أرزاقهم على أزواجهم أمل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يكن كالمهاجرين، فأراد الله أن يعلمهن سيرة الصالحات في العيش وغيره، وقد روي أن بعضهن سألنه أشياء من زينة الدنيا، فأوحى إلى رسوله بهذه الآيات المتتابعات... وإذ قد كان شأن هذه السيرة أن يشق على غالب الناس وخاصة النساء أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن ينبِّئ أزواجه بها، ويُخيِّرهن عن السير عليها تبعًا لحاله، وبين أن يفارقهن"؛ (التحرير والتنوير؛ سورة الأحزاب، قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ﴾ [الأحزاب: 29]).

ولما اختارت نساء النبي عليه الصلاة والسلام الله ورسوله، خاطبهن الله تعالى، وقال: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا ﴾ [الأحزاب:30، 31]، قال ابن عاشور: "فخاطبهن ربهن خطابًا؛ لأنهن أصبحن على عهد مع الله تعالى، وقد سمَّاه عمر عهدًا، فإنه كان كثيرًا ما يقرأ في صلاة الصبح سورة الأحزاب، فإذا بلغ هذه الآية رفع بها صوته، فقيل له في ذلك، فقال: (أذكرهن العهد)؛ (التحرير والتنوير؛ سورة الأحزاب؛ قوله تعالى: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ﴾).

وبيَّن تعالى أن حرصهن على طاعة رسوله ومرضاته هو عمل مأجور عليه منه تعالى بالضعف؛ قال ابن عاشور: "ومضاعفة الأجر لهن على الطاعات كرامة لقدرهن، وهذه المضاعفة في الحالين، من خصائص أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لعظم قدرهن"؛ (التحرير والتنوير، سورة الأحزاب، قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾).

لقد انتقل الخطاب الرباني من الإرشاد العام في التزام طاعة الله ورسوله، وتوقي المنكرات إلى التفصيل فيها، وذلك بذكره تعالى لمجموعة من التدابير المناسبة لعلوِّ مقامهن عنده جل جلاله؛ قال تعالى: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ﴾ [الأحزاب: 32]، فما كان الله ليجعل لنبيِّه عليه الصلاة والسلام إلا الفاضلات من النساء رضوان الله عليهن جميعًا؛ لكن نبَّهَهُن إلى مزيد من التقوى؛ لأنه سيكون لهن دور هام فيما بعد في تبليغ الشريعة الإسلامية.

قال القرطبي فبيَّن أن الفضيلة إنما تتمُّ لهن بشرط التقوى، لما منحهن الله من صحبة الرسول وعظيم المحل منه، ونزول القرآن في حقهن (تفسير القرطبي، سورة الأحزاب، قوله تعالى: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ﴾).

وهذه التقوى بيَّن الله تعالى أنها تحصل لهن بالالتزام بما يُمليه عليهن ربهن وهو:
وقاية حديثهن من التذلُّل والريبة؛ قال ابن عاشور: فرع على تفضيلهن وترفيع قدرهن إرشادهن إلى دقائق من الأخلاق، قد تقع الغفلة عن مراعاتها لخفاء الشعور بآثارها، ولأنها ذرائع خفيَّة نادرة تفضي إلى ما لا يليق بحرمتهن في نفوس بعض ممن اشتملت عليه الأمة وفيها منافقوها؛ (التحرير والتنوير، سورة الأحزاب، قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ﴾ [الأحزاب: 32]).

ملازمة بيوتاتهن وحجراتهن رضوان الله عليهن إلا لضرورة مما لا حرج فيه؛ قال الطاهر ابن عاشور: "هذا أمر خصصن به، وهو وجوب ملازمتهن بيوتهن توقيرًا لهن وتقوية في حرمتهن، فقرارهن في بيوتهن عبادة، وأن نزول الوحي فيها وتردُّد النبي صلى الله عليه وسلم في خلالها يكسبها حرمة، وقد كان المسلمون لما ضاق عليهم المسجد النبوي يصلون الجمعة في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الموطأ.

وهذا الحكم وجوب على أمهات المؤمنين، وهو كمال لسائر النساء؛ (التحرير والتنوير، سورة الأحزاب، قوله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الأحزاب: 33]).

ترك التبرُّج وإقامة أركان الإسلام، قال ابن عاشور: "ترك التبرُّج كمال وتنزُّه عن الاشتغال بالسفاسف".

قال القاسمي رحمه الله "والتبرُّج، فسر بالتبختر والتكسُّر في المشي، وبإظهار الزينة وما يستدعى به شهوة الرجل، وبلبس رقيق الثياب التي لا تواري جسدها، وبإبداء محاسن الجيد والقلائد والقرط، وكل ذلك مما يشمله النهي؛ لما فيه من المفسدة والتعرُّض لكبيرة؛ (تفسير القاسمي، سورة الأحزاب، تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ ﴾ [الأحزاب: 31]).

إن الله تعالى لما أرشدهن إلى ما يعينهن على التقوى، زاد جل جلاله تعليلًا دقيقًا يفيد أن حصول هذه التقوى ضروري في حقهن؛ لأنهن سيتحملن مهمة التبليغ عن كل ما صدر عن زوجهن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بصدق وأمانة وورع؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33، 34].

قال ابن عاشور: "وفيما وجه إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم من الأمر والنهي ما هو صلاح لهن وإجراء للخير بواسطتهن، وكذلك في تيسيره إياهن لمعاشرة الرسول عليه الصلاة والسلام وجعلهن أهل بيوته، وفي إعدادهن لسماع القرآن وفهمه، ومشاهدة الهدي النبوي، كل ذلك لطف لهن هو الباعث إلى ما وجهه إليهن من الخطاب ليتلَّقين الخبر ويبلغنه، ولأن الخبير- أي العليم -إذا أراد أن يذهب عنهن الرجس ويطهرهن حصل مراده تامًّا لا خلل ولا غفلة، فمعنى الجملة أنه تعالى موصوف باللطف والعلم كما دلَّ عليه فعل (كان) فيشمل عموم لطفه بهن وعلمه لطفه بهن وعلمه بما فيه نفعهن)؛ (التحرير والتنوير، سورة الأحزاب، قوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 34]).

إن الله تعالى لم يقتصر على خطاب نساء النبي في هذه السورة الجليلة، إنما خاطب بنات النبي عليه الصلاة والسلام ونساء المؤمنين، وهن المؤمنات، بخطاب فيه لطف ولين وتأمُّل، يحتوي رحمة وعناية بالمؤمنة العفيفة الناعمة القانتة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59].

لقد اعتنى الله عز وجل بالمؤمنة وخاطبها خطابًا يُناسب مقامها عنده سبحانه؛ لذلك أحاطها بما يدلُّ عليها؛ ليحجبها عمَّن لا يليق بها؛ لتكون لمن هو كفؤ لها، وحتى إذا صار أن نالها سوء، فإن ذلك عظيم عند الله تعالى؛ قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58].




الألوكة

السموه 10-02-2019 07:10 PM

رد: حجاب التقوى
 
جزاك الله خير ويعطيك العافيه .

ابو يحيى 10-02-2019 08:52 PM

رد: حجاب التقوى
 
جزاك الله خير الجزاء
وجعلها في موازين حسناتك
وأثابك الله الجنة

أنشودة الأمل 11-02-2019 03:51 PM

رد: حجاب التقوى
 



وفيت وكفيت من خلال نقلك
اشكرك وبارك الله فيك
وربي يجعله في موازين حسناتك
تقبل طلتي
أنشودة الأمل
~




الساعة الآن 03:23 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant