منتديات الحقلة

منتديات الحقلة (http://www.alhaqlah.com/index.php)
-   المنتدى الاسلامي العام (http://www.alhaqlah.com/forumdisplay.php?f=2)
-   -   شواطئ البكائين (http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=121268)

ابو يحيى 12-05-2018 01:34 PM

شواطئ البكائين
 


سلآم من الله العلي القدير لـِ أنفـآسِكُم النقية
الأحبة جميعهم هنــا , وفي أماكن أخرى .,
صبـآحُكم حتى مسـآئُكم ينّبِضٌ بـِ الضوء , وَ يرفُل بـِ الجمـآل ,
وَ مـآبينهُما زُمراٌ مِن الطُهر ,.

شــواطئ البكـائين

شواطئ عبر ومواعظ .. شواطئٌ بحارها الإيمان
وأمواجُها الذكرى والعبَـر .. تُحيي القُلوب وتوقظ الهمَـم !
لننطلق ونبحـر معاً ، نجمع نفيس الدُّرر .. نُحيي موَات الأفئدة
ونُسبل الدّمُوع .. دموعٌ تزيدنا رفعةً وأجراً ، وترفعنا في الجنانِ
منزلاً و مستقـراً ..

يقول الله جل في عُلاه : " وفي الأرضِ آياتٌ للمُوقنين*وفي أنفُسِكُم أفَلَا
تُبصَرُون " ويقول سبحانه : " سنُريهم آياتنا في الآفَاقِ وفي أنفُسِهم
حتّى يتبيّن لهُم أنّه الحَق "

ما أودعه الله في بني البشر من نعمه نعمتين عظيمتين، نعمتي الضّحكِ
والبكاء .. ضَحكٌ وبُكاء أودعهما الله في النّفس الإنسانية والنفس البشرية لتعبر
به عن فرحها المرغوب ورضاها به ، وأُنسها بما يسُـر ..

وبُكَـاء .. أودعه الله في التّفس تعبر به عما يعتريها من الخوف والخشية
والوجل ، وربّما زاد السرور على النّفس فكان من فرط ماقد سرّها أبكاها ..
فهي تبكي في الأفـراح والأحزان !

إنّ الله عـزّ وجل أنشَأ دواعي الضَّحك ودواعي البُكاء وجعلها وفق أسرارٍ
أودعها في البشر .. يضحك لهذا ويبكي لذاك ، وقد يضحكُ غـداً
مما أبكاه اليـوم ، ويبكي غـداً مما أضحكه بالأمس من غير ذُهولٍ ولا
جُنـون ، إنّما هي حالات جِبِليّة خلقها الله فيه "
" وفي أنفُسكم أفلا تُبصرُون "

إنّ الله عزّ وجل أنعم علينا بنعمة البكاء انشكره عليها ، إذ كيف يعيش
من لايبكي ! كيف يتوب التوبة النصوح إن لم تخالطها دموع الخشية
والرجاء ! وقد كان يدعو عليه الصّلاة والسلام :
"اللهم إني أعوذُ بك من
علمٍ لا ينفع ، ومن نفسٍ لاتشبع ، ومن قلبٍ لا يخشع ، ومن عينٍ لا تدمع ،
ومن دعاءٍ لا يُستجاب له "


دُرّتنـا المصُونة :
إن البكاء قافلةٌ ضخمة ، حطّت ركابها في سُوقٍ رحبة ، ما ابتـاع الناس
منها على ثـلاثة أضرب :

1/ ضربٌ من النّاسِ اشتروا بُكاء العُشّـاقِ والمعشُوقين ، أصحاب الهوى
المتيّمين ، أهل الصّبابة والغـرام ، الذين هربوا من الرّق الذي خُلِقوا له
إلى رقِّ الهـوى والشّيطان ، أعاذنا الله وإياكِ من هذه الحـال ومن أهل النار.


2/ وضربٌ من النّـاسِ اتاعوا بكاءَ أهل الحُزن على مصائبهم و رزاياهم
وعلى هذا الضرب جُلّ الناسِ ، فاقتصـروا على سلعةٍ وافقت جبلّتهم
التي جبلهم الله عليها ، فاصبحوا لا لهم .. ولا عليهم !


3/ وضربٌ ثالث اشتروا بكاء الخشية من الله عـزّ وجل ..
تلكم البضاعة التي زهد فيهـا كثيـرٌ من النّاس إلا من رحـم الله ..

آيَـاتٌ تُتلى ، وأحاديثٌ تُروى ، و مواعـظٌ تُلقى ، ولكن تدخل من اليُمنى
وتخـرج من اليُسـرى ، لا يخشع لها قلب ولا تهتـزّ لها نفس ،
ولا يسيـلُ على إثرها دمـع

لقد أثنى الله عـزّ وجل في كتابه على البكّائين من خشية الله ،
وفي طاعة الله .. الأنقيَـاء الأتقياء الذين لاتُسغفهم الكلمات للتعبير
عمّـا يُخالج مشاعرهم من حب ربهم وتعظيمهم له ، وخشية و إجلال
فتفيض دموعهم قربة إلى الله وزُلفى :
" وإذا سمعوا ما أُنزل إلى الرسول ترى أعيُنهم تفيضُ من الدّمعِ ممّا
عرفـوا من الحق "

وقال سبحانه جلّ في عُـلاه : " أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون
ولاتبكـون * وأنتم سامدون * فاسجُدوا لله واعبدوا "

إنّ من السبعة الذين يظلهُم الله في ظله يوم لا ظـلّ إلا ظله :
" ورجـلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" .. وخصّ البكاء في الخلوة
لأن الخـلوة مدعاةً إلى قسـوة القلب ، والجرأة على المعصية ، فإذا ما جاهد
الإنسان نفسه ومنعها عن المعصية ، واستشعر عظمة الله وفاضت
عينـاه رهبة ورغبة استحق أن يُظلّه الله تحت ظله يـوم لا ظلّ
إلا ظلـه

وقد قال عليه الصلاة والسلام : "عينان لا تمسهما النار عينٌ بكت من
خشية الله ، وعينٌ باتت تحرُس في سبيل الله " صحيح الترمذي.

وقال ذلك صلوات الله وسلامه عليه ، وهو أتقى الناس لله ، وأخشاهم
سـراً وعلناً لله ، وأكثر الناس بكاءً من الله .. ونحن !!

مِنْ أَحْــوَالِ البَكَّـائِينْ ..

ثبت في الصّحيحينِ عن أبي مسعُود رضي الله عنه ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم
قال له : " اقرأ عليّ القرآن " فقال :أقرؤه عليك وعليك أُنزل ؟ قال : " إنّي أحبّ
أن اسمعه من غَيري "، فقرأ من سورة النّساء حتى بلَغَ قوله تعالى : " فكيف إّذا
جئنا من كل أمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً " فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " حَسْبُـك " فإذا عيناه تذرفان !

وثبت عنه صلى الله عليه وسلّم : أنّه كان إذا صلى سُمع لصدره أزيـز كأزيـز
المِرجَـل من البكاء ، اي كصوتِ القـدر إذا اشتدّ غليَانه..

إنّ هذه الدذموع الزكيّة النقية التي سـالت من رسول الله صلى الله عليه وسـلم
تُمثل إحساساً نبيـلاً ومشَـاركةً أسيفة للمحزونين والمكروبين ، وهي لا تتعارض
أبـداً مع كونه عليه الصّلاة والسّلام مثـلاً للشّجاعة ورباطَـةِ الجَأش
والرّضَـا بقضَـاء الله وقـدره

ولكـنّ بُكـاء المُصطفى الكريم في مواطـن الرحمة والإشفاق ، ومن لايرحـم
لايُرحـم ، " مُحمّدٌ رسُـولُ اللهِ والذينَ معه أشـدّاءُ علَى الكُفّارِ رُحَمَـاءُ بينهم "
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قلت يارسول الله مالنّجاة ؟ مالنجاة؟
قال : " أمسك عليك لسَـانك ، وليسَعـك بيتُك ، وابـكِ على خطيئتكِ "

ياغالية .. هذه حالُ الرسول صلى الله عليه وسلم أخذها عنه الصحابة رضوان
الله عليهم ، فقد كان الربيعُ بن خيثـم يبكي بُكـاءً شديداً ، فلمّا رأت أمه
مايلقاه ولدها من البكاء نادته فقالت : ( يابنيّ ، لعلّك قتلتَ قتيـلاً ؟ فقال :
نعم ياوالده ، قتلت قتيـلاً ، فقالت : ومن هذا القتيل يابُنيّ نتحمّل إلى أهله
فيعفُونك ، والله لو علموا ماتلقى من البكاء والسّهر لرحموك ، فقال الربيـع :
هي نفسـي ياوالدتي .. هي نفسي !

في خاتمه المطاف :
لنتقِ الله في أنفُسنا ، ولنعلـم أنّه لا بُـد من القلق والبُكاء إمّا في
زاويَة التعبّد والطّاعة ، أو في هاوية الطّـرد والإبعاد ، فإمّا أن
يُحرق قلبُكِ بنار الدّمـعِ على التّقصير ، والشّـوق إلى لقاء العليّ
القـدير ، وإلا فاعلمي : " فليضحكُوا قليـلاً وليبكُوا كثيراً جزاءً بما
كانوا يكسِبُون " ..
فانظـري أخية إلى البكّائين الخاشعين ترينهم على عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] أنهار
الدّموع نزول ، فلو سِـرتِ عن هَـواكِ خطَوات ، لاحت لكِ الخيَام.

تذكروا أن هذا الدين وسـطٌ بين الغالي فيه والجافي عنه ، ولا يُفهم
من الحث على البكاء والتباكي خشيةً لله أنه دعوة إلى الكـدر ، ولا إلى
االرهبة ، ولا إلى مايقول أحدهم : ( ماضحكتُ أربعين سنة )..

فرسول الله إمام الأمة وقائد الملة كلن يضحك ويبتسم ، ولكنّه لا يُسمع
ضاحكاً ولامفرطاً في الضّحك وثبت عنه أنه قال : " لا تُكثروا الضحك
فإن كثرةالضحك تُميتُ القلب " ..

فلا يضحك ويقهقه ويستلقي على قفاه من شدة الضحك إلا الذي
قسَـا قلبه ، وغفل عن الموت ومابعده ، حتى أنه لايلين قلبه ولا تبكي
عينه، ولو تُليت عليه آيات القرآن ، بل يطرب لسماع أصوات المظلومين
وأصوات المنكوبين ، قد جُرّد قلبه من الرحمة والخوف والرجاء..
فشتّـان بين الحالين !



فمن يكثر البكاء هنا كان من الضاحكين المستبشرين هناك
ومن يكثر الضحك واللهو والمزاح هنا كان من الباكين على حاله يجر
أسبال الندم أعاذنا الله وإياكن من ذلك ..

رزقنا الله وإياكن خشيته في السـرّ والعلن ، وفتح على قلوبنا
علماً به وتعظيمـاً له.

دمتم في حفظ الله ورعايته

ッ ѕмιℓє 12-05-2018 02:54 PM

رد: شواطئ البكائين
 
جزاك الله خير ابو يحيي
طرح مميز وراقي
ودي

ابو يحيى 12-05-2018 09:25 PM

رد: شواطئ البكائين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة smile (المشاركة 861122)
جزاك الله خير ابو يحيي
طرح مميز وراقي
ودي

شكرا لك على هذا المرور الرائع

ولا حرمنا الله من طلتك
وبارك الله فيك

عسولة 12-05-2018 11:28 PM

رد: شواطئ البكائين
 
تسلمم هالانامل يارب
ماننحرم "

ابو يحيى 13-05-2018 11:04 PM

رد: شواطئ البكائين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عسولة (المشاركة 861349)
تسلمم هالانامل يارب
ماننحرم "

شكرا على مرورك المميزِ ..
سعــدت بـ توآجدكـ هنــآ ..
كــل آلوِد لك ..

أنشودة الأمل 14-05-2018 12:45 PM

رد: شواطئ البكائين
 



عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]






اشكرك على طرحك القيم
لاحرمنا ربي من عطائك

كنت هنا وراق لي موضوعك وجاز لي مضمونه
بوركت جهودك المميزة
لك مني ارق التحايا والاعجاب بما قدمت


تقـديري وآحترآمي لشخصك
أنشــودة الأمــل ~




عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]




ابو يحيى 14-05-2018 01:24 PM

رد: شواطئ البكائين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أنشودة الأمل (المشاركة 861728)



عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]






اشكرك على طرحك القيم
لاحرمنا ربي من عطائك

كنت هنا وراق لي موضوعك وجاز لي مضمونه
بوركت جهودك المميزة
لك مني ارق التحايا والاعجاب بما قدمت


تقـديري وآحترآمي لشخصك
أنشــودة الأمــل ~




عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]




شكرا لمرورك الذي عطر المكان
ونشر بشذاه أركان موضوعي
فبارك الله فيك

أسماء 15-05-2018 08:33 PM

رد: شواطئ البكائين
 
جزاك الله خيراً

ابو يحيى 15-05-2018 09:30 PM

رد: شواطئ البكائين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منيتي قربك (المشاركة 861879)
جزاك الله خيراً

كل الشكر لك ولهذا المرور الجميل
الله يعطيك العافية

جريح الروح 25-05-2018 10:02 AM

رد: شواطئ البكائين
 
موضوع في قمة الروعه
جزاك الله خير على موضوعك الرائع
لا عدمنا التميز و روعة الاختيار
دمت لنا ودام تالقك الدائم
تحياتي لك


الساعة الآن 11:16 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant